فجع الوسط الثقافي والأدبي السعودي والعربي مساء الجمعة الماضي 10 صفر 1432ه الموافق 14 يناير 2100م برحيل الشاعر السعودي محمّد الثبيتي، بعد معاناة طويلة مع المرض، حيث تعرض الثبيتي لجلطة دماغية فرضت عليه غيبوبة امتدت لفترة ليست بالقصيرة، ليسلم الروح إلى بارئها. وقد استقبلت الساحة الثقافية نبأ رحيل الثبيتي بمشاعر الحزن والأسى، حيث اعتبره الأدباء والمثقفون رائدًا للحداثة الشعرية ليس في المملكة العربية السعودية وحدها، بل في الشعر العربي، مؤكدين أن رحيله يعد خسارة كبيرة، لشاعر استطاع أن يقدم تجربة شعرية حرية بالدارسة، وقمينة بأن توضع في مصاف التجارب الشعرية الإنسانية، واصفين المعاناة التي عاشها الثبيتي في حياته، داعين المسؤولين المعنين بضرورة نشر إنتاجه الشعري، وتعميق الدراسات حول في مقبل الأيام.. أشعلته القصيدة د. عبدالله الغذامي رحمه الله وغفر له وجعل الله ما مرّ عليه من معاناة سببًا للغفران والرحمة. وفي موقف مثل هذا نتذكّر هذا الرجل الذي اشتعل بالقصيدة وأشعلته القصيدة وقدم لثقافتنا نموذجًا شعريًا متميزًا بحيث أن محمد الثبيتي صار علامة على أسلوب خاص ومعنى خاص في تجربته الشعرية، وستظل هذه التجربة تحمل علامتها الخاصة في ثقافتنا وتمتد بتأثيراتها إلى الساحة العربية كلها وهو وإن مرّ مرورًا كريمًا وعابرًا إلا أن تجربته ليست عابرة فهي تجربة عميقة وقوية وستبقى ثابتة ليس في ذاكرتنا الخاصة وإنما في ذاكرة الثقافة العربية عمومًا، وسيظل اسم محمد الثبيتي تجربة شعرية إبداعية لها خصائصها ولها تميّزها كما أن لها موحياتها عند الآخرين مؤثرةً فيهم ومتفاعلة معهم. فقد مضى محمد الثبيتي إلى رب رحيم غفور. ولا شك أن قلوبنا جميعًا كانت معه أثناء مرضه بالدعاء والمحبة وهي معه الآن في رحلته الأبدية إلى رب الرحمة ورب العالمين ولم يبقَ إلا أن ندعو له ونظل نعيد أذهاننا إلى ذكريات معه كانت لها تأثيرها في حياتنا كلها. علامة بارزة د.سهيل قاضي يعد محمد الثبيتي من الشعراء المبرزين في الساحة الشعرية السعودية، فقد استطاع أن يلفت الأنظار نحو تجربته الشعرية الثرية في لغتها وموضوعاتها وخروجها عن النمطية المعهودة، وهذا ما جعل قرّاء الأدب السعودي ونقّاده يشيدون بتجربة الثبيتي التي تعد علامة بارزة في حركة التجديد الشعري، وهو عندما يرحل عن الدنيا فإنه قد سجل اسمه وتجربته بقوة تجعلها حاضرة فى الساحة الأدبية السعودية والعربية، ولا نملك إلا تقديم العزاء لذويه ولكل من فُجع برحيله، ولمتذوقي الشعر المتجدد بطابع التراث. * رئيس مجلس إدارة نادي مكة الثقافي الأدبي صاحب التطلعات الجديدة د. محمد بن مريسي الحارثي يعد الراحل محمد الثبيتي من طليعة شعراء الجيل الحالي في المملكة، وهو صاحب تطلعات تجديدية متطورة في القصيدة العربية من جانبي الرؤية المعرفية والتشكيلية، إلاّ أن الرؤية المعرفية أعمق؛ لإنها تتفق مع شعراء جيله في محاولة البحث عن الوطن الجديد والإنسان الجديد والحياة الجديدة، ودأبه هذا دأب أقرانه من شعراء جيله، وأمّا الرؤية التشكيلية فهي رؤية بيانية واضحة لا لبس فيها؛ لأنه ليس من الذين استبطنوا الغموض لتمرير الغاية بالوسيلة كما هي عادة الذين يشار إليهم بأنهم حداثيون فاعتمدوا الغموض لأنهم أصحاب دعوات حرة لتمرير رؤيتهم، ولكن الثبيتي -رحمه الله- ليس من هؤلاء الغامضين، إنما هو واضح في رؤيته ورؤياه، الأمر الذي جعل شعره من السلاسة والعذوبة والرقة ما يتسلل إلى ذائقة المتلقي، فهو يجيد صنعته ويجتهد في إتقانها، وهذا هو الشعر ولذلك نحن نودّع شاعرًا متميزًا له رؤيته التي شارك فيها جيله، وله أدواته المستقلة، وهذه الأداة البيانية قد تحيلك إلى أدوات غيره من الشعراء في العصر الحديث كنزار قباني وغيره. (*) الأستاذ بكلية اللغة العربية جامعة أم القرى شاعر عظيم ظلمته أمته د. عبدالله المناع الثبيتي مات شابًا إذ لم يتجاوز الستين عامًا، وهذا الخبر صاعق لشاعر متميز صادف موجة كبيرة من الإنكار. والشيء الذي استغربه من أوساطنا الثقافية أنها لم توفيه حقه رغم شاعريته وكأنه يتحدث لغة مستهجنة عن السائد والمألوف. ويكفيه أنه قدّم نماذج من شعره فريدة ولكن الأمة أو الناس أو بعضهم أو صانعي القرار المتنفذين منهم لا يريدون إلا اللغة والكلمات التي اعتادوها فقاوموا الشاعر. ولازلت أتذكّر تكريم نادي جدة الأدبي للثبيتي إذ كان شيئًا مخجلاً. وأنا أعتقد أن الثبيتي شاعر عظيم ظلمته أمته. وأنا أرى أن الثقافة تدخل في عملية بيروقراطية شديدة وتتحول الأندية والمراكز الثقافية إلى دوائر حكومية تتقيّد بنظم البيروقراطية وليس لها صلة بالإبداع وبحقيقته، وهنا تكمن المشكلة؛ فلابد للأندية الأدبية أن تكون أندية مستقلة تعبّر عن فئاتها من أدباء وشعراء والكتّاب والمبدعين بصورة عامة والحاصل ليس كذلك أنها مثل أي إدارة حكومية لا تقدم الجديد وتخضع لكل المعايير البيروقراطية ولابد أن نفصلها عن ذلك.. رحم الله الثبيتي وعوضّنا الله خيرًا ولكن كيف نُعوض خيرًا ونحن نقف هذه المواقف السلبية من مبدعينا أمثال الشاعر الثبيتي. نموذج لتجربة متفرّدة د.عالي القرشي أولاً نقول رحم الله محمد الثبيتي وغفر له وأسكنه فسيح جناته وألهم أهله وذويه الصبر والسلوان، وفقده بالطبع ليس فقد أسرة أو أبناء يفتقدونه وإنما هو فقد ثقافة تتعلق بمحمد الثبيتي فيها بصمة واضحة سواء كانت هذه البصمة في تحوّل الرؤية الشعرية والتحوّل في بنية القصيدة على مستوى المملكة، فقد استطاع الثبيتي أن يقدّم هذه التجربة على مستوى العالم العربي ووجدت الاحتفاء في العالم العربي؛ فكان الثبيتي بذلك نموذجًا لتجربة متفرّدة، وكانت في هذه التجربة آليات متميزة عن غيرها من التجارب ممكن أن أشير إليها في عجالة في أمور ثل?ثة: كثافة اللغة الشعرية وامتزاج الذات بالنص الشعري وكون القصيدة لديه مستمر عن الرؤية وعن الأفق المنشود. اجتماع الفن والهم د.عبدالمحسن القحطاني لا شك أن محمد الثبيتي رحمه الله يمثّل منعطفًا كبيرًا في المسيرة الشعرية للمملكة؛ فهو رجل موهوب ومهموم، وإذا اجتمع الفن مع الهم أعطت نجاحًا كبيرًا؛ فأي قارئ يشعر بلذة ومفاجأة اللذة في النص والمفاجأة باستحضار التراث وتوظيفه توظيفًا جديدًا، فقد استطاع محمد الثبيتي أن يستثمر الماضي الذي أصبح كرموز في حياة الناس وأخرجه بلغة راقية وموهبة منقادة، فالشعر تراكمي ومزحوم وقد خرج به الثبيتي وكوكبة معه من الشعراء إلى مسارات جديدة وهذا يعد إنجازًا يُحسب له، ولا شك أن هذا العمل سبقته إرهاصات عديدة لكن قمته تمثّلت في جيل ?حمد الثبيتي، وكان هو على رأس هذه القمة فقد خرج من التراكمات الكثيرة والنصوص التي كانت تسير في خندق واحد ليخرج بها في شكل جديد في لغته بعيدًا عن التناظرية في النصوص الشعرية، وهذا يعكس موهبة الثبيتي، فلولا الموهبة القوية لما استطاع أن يخرج من نمط مألوف إلى نمط يعشقه القراء. فرحم الله محمد الثبيتي وهو وإن رحل بجسده إلا أن أعماله حاضرة في الساحة الأدبية. (*) رئيس مجلس إدارة نادي جدة الأدبي مبدع متألق د.عبد الله عسيلان الثبيتي شاعر مبدع متألق أجمع النقاد على مكانته الرفيعة في عالم الشعر وشعره يلامس شغاف القلوب ويستجلي ما في أعماق النفس من أحاسيس ومشاعر وبوفاته فقدت المملكة أحد شعرائها اللامعين.. تغمّده الله بواسع رحمته وألهم أهله وذويه الصبر والسلوان. (*) رئيس نادي المدينةالمنورة الأدبي رائد التجديد الشعري د.ظافر بن عبدالله الشهري رحل محمد الثبيتي بعدما أثرى الساحة الشعرية بنماذج رائعة من شعره الذي نفض عنه غبار التقليدية والتبعية ليبقى هذا النتاج الشعري نخلة لا تموت وعندما نعيش مع شعر الثبيتي نجد الرجل -رحمه الله- يمتلك أدواته امتلاكًا جيدًا يعادل ويوازي امتلاك شعراء التجديد الكبار في الوطن العربي من أقصاه إلى أقصاه أمثال السياب ونازك الملائكة ولويس عوض وعلي أحمد باكثير وأحمد زكي أبوشادي ونسيب عريضة. والثبيتي يذكّرنا في أشعاره وبداياته بأشعار وبدايات نسيب عريضة في قصيدة “النهاية” التي نظمها في العشرينيات من هذا القرن. والشاعر الثبيت? ينتمي إلى مدرسة التجديد في الشعر السعودي وإذا كان العواد أول من نادى بالتجديد الشعري في المملكة -كما يرى أغلب النقاد- فإن الثبيتي من جيل الشباب الذين أتوا بعد العواد وخاضو غمار التجربة الشعرية ووقفوا في وجه الرافضين للتجديد في الشعر السعودي وثبتوا لأنهم يمتلكون أدواتهم الفنية الجيدة.. نعم محمد الثبيتي -رحمه الله- رائد من رواد الحركة التجديدية في الشعر السعودي الحديث مع جيل الشباب الذين كانت لهم بصماتهم الواضحة من أمثال الثبيتي. (*) الأستاذ بجامعة الملك فيصل وعضو نادي الأحساء الأدبي الإلتزام والإبداع سليمان بن عواض الزايدي لقد فقدت المملكة أحد أبنائها الذين أبدعوا في مجال الأدب والشعر والثقافة والتربية وهو الشاعر والأديب محمد الثبيتي رحمه الله وإنني أتقدم بأحر التعازي لأسرة الفقيد وابنه يوسف وأعزي أسرة الأدب والثقافة في فقد الثبيتي الذي لاشك بأنه يعد أحد المعالم الشعرية والأدبية ليس فى بلادنا فقط بل في العالم العربي فلقد ذاع صيته شعريًا ونال العديد من الجوائز وتناول الكثير من النقاد والأدباء شعره بالدراسة والبحث والتأمل فرحم الله شاعرنا.. ولقد عرفته عندما تزاملنا في العمل بإدارة تعليم العاصمة المقدسة وكان موظفًا مخلصًا ومبدع?ا وتربويًا على مستوى كبير من الخلق والإلتزام بالعمل والإبداع والحرص على خدمة وطنه ودينه ومليكه.. غفر الله لصاحب «التضاريس» وعوّض الله أسرته والوسط الأدبي عنه خيرًا. (*) عضو مجلس الشوري لغة محكمة د.عبدالرحمن الوهابي أدعو الله أن يتقبّل الشاعر محمد الثبيتي برحمته ومن هنا أقدم تعزيتي لأسرته ومحبيه وللثقافة في بلادنا فهو شاعر من أبرز الشعراء العرب وصاحب لغة محكمة يجيد بحرفية صناعة المعاني البعيدة والتصاوير المتزاحمة بخيال عال وإيقاع يملكه لتكون المعاني كيفما يريد.. سوف يزول الكثير من الشعراء ولكن الثبيتي وأمثاله من صنّاع الجمل الشعرية لن يزولوا ولا يمكن ذلك وفقًا لموادهم الشعرية وخيالهم الصانع. كم هو إنسان هذا الثبيتي سعد بن سعيد الرفاعي رحم الله شاعرنا الثبيتي رحمة واسعة و أنزله منزلاً حسنًا في جنان الخلد بإذن الله.. رحم الله شاعر البيد الذي أغرانا لتلمّس تضاريس إبداعه.. مسجلاً لنا موقف الرمال في ذاكرة الشعر عبر لغة عاشقة للزمن الوردي.. رحم الله شاعرنا الذي حكى لنا تغريبة القوافل والمطر.. وقف متهجيًا الحلم قبل تهجي الوهم.. عندما جاءني خبر وفاته استعدت لحظة أن جاءنا إلى ينبع ملبّيًا دعوة لإحياء أمسية ضمن فعاليات مهرجان ينبع السياحي لعام 1420ه بصحبة عبدالله باهيثم رحمه الله والصديق سعد الحامدي الثقفي لا زلت أذكر تلك الليلة وأصداءها أتذكّر ?حكاته وقفشاته ونحن نجتمع في مقر سكنه المعدّ له.. في ذلك المساء ناغم بعذوبة شعره عذوبة نسائم البحر الينبعي على شرم ينبع.. كان الحضور فارهًا كقامته -رحمه الله- مكتظًا اكتظاظ المعاني البكر في شعره.. لم يعيقه تتويجه القريب جدًا بجائزة البابطين من الحضور إلى ينبع وإسعاد أبنائها ومثقفيها ومحبي الشعر فيها.. في تلك اللحظات لمسنا عن كثب كم هو إنسان هذا الثبيتي.. رحم الله الشاعر الثبيتي رحمة واسعة. معاني لا تموت د. صالح زيّاد الشاعر محمّد الثبيتي أحد الذين حملوا القصيدة إلى فضاءات جديدة وعمّقوا فيها معاني الانفتاح على الحياة وصاغوا رموزها بطريقة مبتكرة ونابعة من وعي شديد الحساسية لواقعه ودواوينه الشعرية وقصائده ثروة أمام الأجيال المقبلة وأمام الدارسين وهي ليست على درجة عالية من الكثرة لكنها على درجة ممتازة من الخصوصية والتقطير والرؤى المستبصرة للرمل والحي والسفر الذي نامت عنه القافلة. وأنا حزين لمعاناة الثبيتي المرضية في الفترة الأخيرة، وحزين الآن لخبر وفاته، ولكنني مغتبط بما تركه الثبيتي من معانٍ؛ فالمعنى لا يموت، ومعاني الثبي?ي التي صنعها في شعره هي معاني تؤشر على البعيد والبهيج والحيوي. أسأل الله له الرحمة والمغفرة ولأهله وأبنائه الصبر والسلوان. هناك من قتل الإنسان في الثبيتي د. معجب الزهراني لعل شروط الحياة الصعبة حد القسوة لم تسعف الشاعر محمّد الثبيتي، ولم تسعف آخرين من قبله ومعه ومن بعده، فلم ينجز من الوعد سوى القليل القليل.. نعم هناك قضية خطرة تطرحها سيرة محمد الحياتية على سيرته الشعرية، وهي متصلة بالعنف الذي يتعرض له المرهف الهش المبدع؛ فيحطم روحه، ويدفعه دفعًا إلى شكل من أشكال تمرّد المحبطين الذي كثيرًا ما يكون ارتدادًا على الذات وتبديدها حتى تتحوّل إلى شهادة على رداءة الوقت، وقبح العلاقات.. قلت للصديق قاسم حداد إن شاعرنا الكبير غاب منذ فترة طويلة، وسيظل شعره حيًّا إلى الأبد.. ولي الآن أن?أضيف إن هناك مَن قتل الإنسان في محمد الثبيتي قبل موته الطبيعي بوقت طويل.. رحم الله هذا الشاعر الاستثنائي. صاحب المفاجآت المستمرة يوسف المحيميد لا شك أن خسارة شاعر حقيقي ومؤثر ورائد في القصيدة الجديدة مثل الشاعر محمد الثبيتي هو خسارة للمشهد الشعري والأدبي عمومًا في المملكة، ولعل التطورات التي حدثت في تجربة محمد الثبيتي بدءً من القصيدة العامودية وانتهاءً بقصيدة التفعيلة التي بناها بعمق ورؤية، واستطاع أن يجدّد ويبتكر في اللغة وفي أسلوب الإبداع الشعري هي لم تتوفر في شاعر سعودي آخر، فكما نعرف أن معظم الشعراء الذين بدأوا كتابة الشعر وأصدروا أكثر من عمل لم تتغيّر تجاربهم إن لم تكن خبت بينما محمد الثبيتي هو الشاعر الوحيد الذي يفاجأنا من عمل إلى آخر. ولا شك أننا في هذه اللحظة الحزينة ونحن نودع شاعرًا بحجم وأهمية الثبيتي نتقدم بالعزاء إلى جميع المبدعين في الوطن، وأتقدم بصفة شخصية بالعزاء إلى أسرة الشاعر الثبيتي وأبناءه يوسف ونزار وأقول رحمه الله رحمة واسعة وغفر له وأسكنه فسيح جناته، ورغم أهمية دعم صندوق الأدباء لكنني دائمًا ما أنظر إلى المسألة الإنسانية بشكل عام بصرف النظر عن أي مثقف أو أديب بحاجة إلى رعاية واهتمام وطموحنا جميعًا أن يكون الوضع الصحي في البلاد بشكل عام في وضع متطور وأن يجد أي إنسان ودون استثناء سريرًا في حالة حاجته إليه. عاما الفجيعة جمعان الكرت هذان العامان هما عاما فجيعة الشعر بفقدان شاعرين بارزين متألقين هما محمد الثبيتي وغازي القصيبي، فبعد رحيلهما ماذا بقي للشعر والشعراء؟.. سؤال حارق وموجع كنصل حاد.. والشاعر الراحل محمد الثبيتي عرفته عن قرب عند زيارة الوفد الثقافي السعودي لدولة اليمن الشقيق وشارك مع عدد من الشعراء السعوديين في إحياء أمسية شعرية في جامعة صنعاء وأخرى في مدينة المكلا وأذكر ساعة وصوله باحة الجامعة على مقربة من القاعة التي أقيمت فيها الأمسية استقبله عدد من أبرز مثقفي اليمن مرددين مطلع قصيدته الشهيرة: أدر مهج الصبح وصب لنا وطنًا في الكؤوس يدير الرؤوس، وزدنا من الشاذلية حتى تضئ السحابة وكان احتفاءً مبهجًا بالثبيتي فألقى قصائده الشعرية (تغريبه القوافل والمطر والتضاريس وموقف الرمال موقف الجناس وغيرها) وحلّق في فضاء الإبداع جودة في الشعر ورصانة في المعنى وبراعة في الإلقاء وفخامة في الصوت ويعد الثبيتي بحسب شهادة كبار النقاد أبرز الشعراء المعاصرين وتميّز بالمفردة المنتقاة والرؤية العميقة ومراوغة المعنى واختزال الماضي. وتشطي الأسئلة حول المعاني البعيدة والجميلة. وها هو شراع الثبيتي يمضي دون اشتهاء.. وها هو الثبيتي يترك صداقته للبلابل والمدائن والحرائق، ليتركنا نحدق لنبحث عنه ولم نر إلا شميما م? أراك، لم تعد الشمس تقطر من شفتيه، أما صمته الشاهق لم يعد أيضًا يبوح بأسارير البلاد، وها هي النخلة تنفصل عن الثبيتي، لينشطر تاركًا لها البوح بما أفضى لها من أسرار، ليس بمقدورنا أن نقبض على جمرة الشعر فهي حارقة.. حارقة.. بعد رحيل الثبيتي.. (*) نائب رئيس نادي الباحة الأدبي الخبر أحرقني محمد العلي الكلمات لا تسعفني في هذه اللحظة فمحمد الثبيتي أكبر من أي كلمة وأنا فوجئت بهذا الخبر المحزن بل وأحرقني حرقًا وإن أردنا أن نتحدث عن منجز الشاعر الثبيتي فنحن بحاجة إلى صفحات طوال ولا تكفيه كلمة أو كلمتين أو ثلاثا فعلاقتي بمحمد علاقة لها سنين عديدة وإعجابي به إعجاب ليس له حدود لذلك لا أستطيع الآن التحدث. الرحيل المؤسف د. ثريا العريض فقدنا شاعرًا مميزًا متفردًا، ارتبط اسمه بالشعر العربي السعودي الحديث بصورة جميلة جدًّا، ومن المؤسف أنه غادرنا بهذه السرعة إذ كان ممكنا له أن يضيف للمشهد الشعري السعودي إضافات أكثر، ومن المؤسف أيضًا أنه غادرنا وهو متألم، ومن المؤسف أيضًا أنه غادرنا ولم نستطع أن نقدّم له الشيء الكثير الذي يستحق. ولقد علمت بالخبر بمجرد وفاته لأن أحد الأصدقاء كان دائمًا يزوره ويوافيني بحالته. رحمه الله رحمة واسعة وألهم أهله ومحبينه الصبر والسلوان وأنا هنا أطالب بتفعيل صندوق الأديب لمثل حالة الثبيتي وغيره من الأدباء والمثقفين ا?ذين يمرون بنفس الحالة التي تعرض لها الثبيتي. إيه يا سيد البيد حسن الزهراني إيه يا سيد البيد: كيف رحلت؟ وخلفتنا في جحيم المعاناة نندب (شمسًا تهاوت وبدرًا هلك).. إيه يا سيد البيد: من أين للشعر بعدك ثغرٌ وقيثارة ونجومٌ تزين صدر الفلك ؟.. إيه يا سيد البيد: غادرتنا بأرق القوافي وأرقى المعاني وأنقى الأغاني وأوقعتنا في الشرك!!.. فاسأل السبت: هل كفن الشعر أم كفنك؟؟.. *** (يا ثبيتي) لادمعنا بات يجدي ولا حزننا سوف يجدي فكل المراثي تعود لتستلهم البوح من ناظريك. (فسلامٌ سلامٌ سلامٌ عليك) *** إيه يا من: أدرت لنا مهجة الشعري قل لي: بربك كيف رحلت؟؟ ونحن (نصبناك فوق الجراح العظيمة حتى تكون سمانا وصحراءنا وهوانا الذي يستبد ولا تحتويه النعوت).. إيه يا من أدرت لنا مهجة الحب قل لي: بربك كيف رحلت ونحن (نصبناك في دمنا نغمًا لا يموت ).. (أنت والنخل صنوان) ياراحلاً بأماني القوافي وقد قال وضاح : إن الدموع التي جف ينبوعها حملتنا إلى بيدر من سكوت .. ومصاب الجزيرة يا صاحبي فيك مهما نحاول لا لن تحيط بأوجاعه الحمر كل النعوت أنت والشعر صنوان ياسيد البيد: إن مت جسما فروحك والشعر والضوء لا لن تموت لا لن تموت.. إيه يا سيد البيد قد قلت والحق ما قلت في ليلية من تراويح روحك : الكون يمٌ زاخرٌ ينسى به من شاد صرحًا أو أنار سبيلا وأنت النقي الذي شيد النور للشعر في تيه صحرائنا في عجاف السنين.. فنم في هدوء فشمسك تتلو الصباحات في كوننا كل حين: ونم حيث أبحرت ثم انتبذت من الأرض أطهرها في مدى الخافقين .. وأنشدت يا سيد الشعر هذا اليقين: أبحرت تهوي إلى الأعماق قافيتي ويرتقي في حبال الريح تسبيحي مزملٌ في ثياب النور منتبذٌ تلقاء مكة أتلو آية الروحِ (*) رئيس أدبي الباحة دراسة أعماله د.سعاد المانع أسفت أننا نخسر شاعرًا مثل محمد الثبيتي ولا يملك الإنسان أمام إرادة الله تعالى إلا أن يقول رحمه الله رحمة واسعة وتغمّده بواسع المغفرة وفي تصوري لابد أن تكون هناك دراسة لأعماله غير المنشورة وإصدارها في مؤلف وأنا لست على صلة مباشرة بعائلته ولكنني أفترض أن هناك أعمالاً لم تُنشر بعد ونحن متعطشون لذلك. إنسان وشاعر فاطمة رجب كنت استمع لبرنامج يتحدث عن المبدعون في الشعر وأصالة الأدب السعودي وكان الحديث عن الشاعر محمد الثبيتي وانه لازال يرقد على السريرا الأبيض يصارع المرض ولم نكن نعلم أن أكفانه البيضاء تُنسج في سماء الله وقد أذنت الأقدار بأن يُودع الثبيتي في دار الحق بعد أن كان وديعة لدى من أحبوه وعاشوا معه تفاصيل حياته وقد غادرنا -رحمه الله- إنسانًا وشاعرًا لن تجود القوافي بعده بالفضل فهو سيّد البيد حيًا وميتًا. (*) عضوة اللجنة النسائية بأدبي المدينةالمنورة عرّاب الحداثة زينب غاصب الأستاذ محمد الثبيتي قامة شعرية كبيرة ويعتبر عرّاب الحداثة للشعر الحديث بالمملكة وهو عرّاف الرمل الذي قال عن نفسه في أشهر قصائده الشعرية قصيدة التضاريس “جئتُ عرافًا لهذا الرملِ” وخسارة الوسط السعودي الثقافي بوفاته خسارة كبيرة ولا تعوض فقد كان مدرسة كبيرة للشعر الحديث الذي وضع منهجيته لجميع الشعراء الذين جاءوا بعده واعتقد أن موهبة شعرية كموهبة الثبيتي من المستحيل أن يجود الزمان مثلها، ولقد كنت أنا أحد الأفراد الذين شاركوه آخر أمسية شعرية شارك فيها ضمن فعاليات الأيام الثقافية السعودية التي استضافتها اليمن في?صنعاء وكنت ألاحظ عليه بعض الألم لكنه كان مغردًا صامتًا وكان في أمسيته يلقى القصائد والأشعار التي تفاعل بها الجمهور خاصة لدى إلقائه قَصِيدة تغربية القوافل والمطر التي ضجت القاعة بحرارة تصفيق الحضور. العقوق والإهمال أمل بنت عبدالله زاهد إن الساحة الثقافية فقدت اليوم وللأبد فارس الشعر والقصيدة الشاعر محمد الثبيتي رحمه الله وأسكنه فسيح جناته.. ذلك الشاعر الذي امتشق صهوة القصيد يغني الصحراء والبيد والأرض والنجم والقمر والربابة والحب والجمال والوطن مصبوبًا في الكؤوس وفي عيون الصبايا.. ترجّل الفارس اليوم عن صهوة كلماته وترك الحصان وحيدًا بينما ستبقى كلماته ولغته الشعرية المتفردة ولمعاته الإبداعية أبدًا محفورة ليس فقط في الذاكرة السعودية ولكن في ذاكرة كل من قرأ شعره ولامس وجدانه وقلبه.. يملؤني الحزن اليوم والثبيتي يغادرنا بعد رحلة مرض طويلة عصف? به فيها رياح العقوق والإهمال لتؤكد أننا لا نقدّر مبدعينا حق قدرهم ولا نكرّمهم إلا بعد أن تُطوى صفحات حياتهم. (*) رئيسة اللجنة النسائية بنادي المدينةالمنورة الأدبي أصدق بوح د.خديجة الصبان أُذيعَ الخبر فسكنتْ نفحات الأمل الذي ظلَّ يراود المحبين، ويعاود أحلامهم في أنْ يُشفى محمد الثبيتي (سيِّد البيد)، ويعود إلى الصدح والتغريد، لكنَّه الأجل قد حلَّ مصحوبًا بالحزن، وألم الفقد الكبير للشاعر الكبير والجدير، فإليه تعالى ترتفع الأكف ضارعة تسأله الرحمة والغفران، وأن يُسكنه فسيح الجِنان، وعزاؤنا للأهل والمحبين ولوطن المبدعين. أمَّا الشعر فعزاؤه أنَّ قيثارة ابنه البار ستظلُّ تنشر، وتُسْمِعُ أروع نبض، وأصدق بوْح، وإنْ أنسى فلا يمكن أنْ أنسى أمسية ملتقى أبها الثقافي (29ه) التي كنتُ وإيَّاه من المُشاركي?َ فيها بدعوة من صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن خالد بن عبدالعزيز أمير منطقة عسير، فقد كانت من أجمل الأمسيات التي أقمتها، فرحمك الله يا شاعرنا، ثمَّ رحمك، ثمَّ رحمك. سفير الشعر حليمة مظفر الوسط الأدبي خسر خسارة كبيرة بوفاته فقد فقدنا رمزًا من أهم رموز الشعر الحداثي ليس في الوطن فقط بل في الوطن العربي والشعر العربي ككل فمحمد الثبيتي كان من التجارب الشعرية الهامة الزاخرة بالتجربة والثراء الأدبي وليتنا أوفيناه حقه، وأنا أعتبر أن السؤال الأهم هو هل أوفى المثقفون والمؤسسات الثقافية حق هذا الشاعر، فقد تمنيت أن لا يهدر الكثير من الوقت ويضيع بعدم الوفاء لهذا الشاعر وغيره من القامات الشعرية والأدبية المبدعة، فيجب أن نوفي هذه القامات حقها الثقافي والمعنوي والتقديري كمجتمع وكمؤسسات ثقافية بتكريمها على?مستوى الوطن، والثبيتي كان تجربة شعرية معروفه ليس في الوسط المحلي فقط بل في الأوساط الشعرية العربية فهو سفير من سفراء الشعر السعودي ولا يمكن أن يعوض أحد مكانه فقد ترك الوسط الأدبي وسيبقى مكانه فارغًا. الشعر الخالد أحمد البوق محمد الثبيتي شاعر من الصعب أن تختصر تاريخه الشعري في عدد من الكلمات، فالثبيتي كانت له وهج التجربة الشعرية لديه أعلى بكثير من أن يصنفياته وشعره بالدراسة والتوثيق وتسليط الأضواء عليها خدمة للأجيال المقبلة ليعرفوا قيمة شاعرنا العملاق رحمه الله.. كما أدعو نادي الطائف الأدبي خاصة والأندية الأدبية عامة إلى تكريم الراحل وإطلاق اسمه على بعض القاعات وعمل ملتقيات باسمه وهذا أقل ما يمكن تقديمه له. (*) مدير عام المركز الوطني لأبحاث الحياة الفطرية في الطائف فاجعة كبرى محمد عابس الشاعر الثبيتي يمثّل أحد رموز الشعر ليس في المملكة وإنما في العالم العربي ويشكّل رحيله المر فاجعة كبرى لمحبيه ومتابعي المشهد الثقافي بعامة والشعري بخاصة ومنذ تعرّضه للمرض ومحبوه مُكلمون لذلك المصاب الجلل الذي أصاب الشاعر الكبير في وقت مبكر من عمره وإنني أدعو الباحثين والمؤرخين إلى تناول حياته وشعره بالدراسة والتوثيق وتسليط الأضواء عليها خدمة للأجيال المقبلة ليعرفوا قيمة شاعرنا العملاق رحمه الله.. كما أدعو نادي الطائف الأدبي خاصة والأندية الأدبية عامة إلى تكريم الراحل وإطلاق اسمه على بعض القاعات وعمل ملتقيا? باسمه وهذا أقل ما يمكن تقديمه له. علم وبصمة. لن نرثيه حسن الصلهبي إن المشهد الشعري السعودي خسر أحد أهم رموزه وهو الشاعر الكبير محمد الثبيتي ولكنه قبل أن يودّع هذه الحياة الفانية كان قد أسّس لجيل شعري مبدع يحمل الراية من بعده لا على مستوى الحداثة فحسب وإنما على كافة المستويات الإبداعية والشعرية وما يخص قصيدة الشعر الجديدة التي تنطلق من أعماق الحداثة ولكنها لا تتنصّل من جذورها الغائرة في التراث.. ومحمد الثبيتي ليس الشاعر الذي ننعيه لأنه خالدًا في قلوبنا وفي شعرنا حتى وإن ضمه الثرى -رحمه الله- إلا أننا نتنفس من هواء شعره ونستضيء بقناديل إبداعه ولا يجب أن تترك هذه الفرصة دون?مناشدة أبناء الثبيتي البررة من الشعراء على المواصلة في حمل الراية والإصرار على التقدم والأخذ بيد القصيدة السعودية إلى آفاقها العربية والعالمية لأن هذا هو خير ما يمكن أن يبر به هذا الفقيد العزيز. قوافيه من بحر النبوغ ماجد الغامدي رحم الله الشاعر الكبير محمد الثبيتي فقيد الأدب رحم الله أبا يوسف فقد كان شاعرًا نادرًا يكتب من بحر النبوغ وينظم على أوزان التفرّد و يصورُ في قوالب الدهشة ويعزف على أوتار التلقائية المُنتقاة التي تشعرك بقرب النص ودماثة الأسلوب وحميمية الشاعر رغم عمق الفكرة ودقة المعنى وبراعة السبك رحمه الله فقد كان يقبض على جمرِ قصائده ويُذيبُ الجوارحَ في خمرِها !! وماذا نقول عن القصيدة بعد غروبِ المُنى .. واغتراب الشموس !؟ كلنا أمل في كرم خادم الحرمين وولي عهده بتخفيف معاناة أسرته بسداد ديونِه وتأمين المنزل والحياة الكريمة ونسأل الله أن يجعله في ثياب النور و بَرْدِ الأجر ونهر العفو مثلما كان يقول مزملُ في ثيابِ النورِ منتبذٌ تلقاءَ مكةَ أتلو آيةَ الروحِ ومضى عاشق الريح والرمل يحيى الحسن الطاهر ولأنه تغنى بالريح وهو المتهيج حلمًا ووهمًا، اصطفته الريح في أوديتها القصية عاشقًا للرمل، وهي التي خط في ذاكرتها المثقوبة الخوؤنة مخايل طفولته البعيدة بمكةالمكرمة، توفي عاشق الرمل، الشاعر محمد الثبيتي، الذي يمكن اعتباره بحق أحد مجددي الشعر السعودي المعاصر، إذ مع بواكير موجة الحداثة التي هبت على ساكن القصيد في عكاظه ومنبت فحوله في بداية ثمانينيات القرن الماضي، بدأت مفردة شعرية جسورة تشق طريقًا للحداثة مزهوة بصبا مغامر وفتنة رشيقة، لا تخلو من شقاوة وإغاظة لأسلافها من قصيد البكاء على الطلول، برز صوت الثبيتي ض?جًا بثورة جمالية في نصه، ورنين قصي للأساطير وجنيات كهوف الروح وأزقتها البعيدة، دعا الثبيتي مفردته للتنزه في دروب المعنى الكلي للحياة، جوهرها الفلسفي، لم ترتعش الحروف وترتعد من المغامرة، بل تزيت بأبهى حللها، وغادرت في معية هذا العاشق للفرادة، الفرادة في زمن دمغ القصيدة بمفاهيم قارة في الوعي الجمعي كمفهمة ثابتة وراسخة لما هو شعري وما هو غير ذلك، كانت قصيدته تقهقه جزلى بهذا الحبور وهذا البهاء: أليست هي يخضور الحداثة الشعرية في بيئة ما زال صهيل خيول الأقدمين في سهوبها، يرسم مسارًا لصوت الشعر، مسارًا إن حاد عنه القصيد، فقد صار طنينا مموسقًا وليس بشعر! أسهمت قصيدة الثبيتي في تشكيل ذائقة شعرية جديدة، إذ احتشدت في مغامرتها بالكثير من الرؤى، التي كشفت أقاليم جديدة في اللغة، تضاريس بهية تكاد تسمع في منعرجاتها مسامرات عراف الرمل إذ يرسل تنبؤاته طي غمامة عبر بوابة الريح إلى عاشقة بعيدة أرقتها طيوف زمن وردي لم يجيء بعد، وإن تخالست وقع أقدامه الحافية على مرمر نعاسها، من خلل شقوق مساء هادئ. احتفى النص الشعري للثبيتي، بألق ساحر، بالحداثة نصًّا وغرضًا ومغامرة، وأشاح بوجهه في إباء سعيد عن صخب سدنة الشعرية السائدة وخطابهم الجمعي الذي يسور القصيدة في محابس تاريخ المخيلة المكرورة نصًّا وغرضًا ومغامرة! في دواوينه (عاشقة الزمن الوردي)، (تهيجت حلمًا.. تهيجت وهمًا)، (التضاريس)، (موقف الرمال.. موقف الجناس) نلمح أن الشاعر قد عقد حلفًا سريًّا مع مفردته: أن لا يكلفها رهقًا ويلزمها ما لا يلزم: أن يطلقها في فضاء هوسها الخاص وفوضاها الحميمة، وما شعره سوى تقص لرعشة النص بهذه الرحابة: بكونه نصًّا يستجن المستقبل?. مستقبل الشعرية ووعيها المفارق عن المكان، الزمان ومعجم صحرائها، فمفرداته تستقصي احتمالات السواد، وتتوسل بموسيقاها الباطنة أن يشتري الباعة أساطيرها المجنحة في فضاءات الرماد. وبدلاً من احتفاء النقاد بهذه الفتوح المعرفية والجمالية لنص الثبيتي، حورب الشاعر من سدنة السائد الجمعي، مثلما حورب قبلاً (أدونيس) الذي كان يشعر أنه (آت من المستقبل). رأى النقاد في مفردات الثبيتي خروجًا عن السائد الشعري، وقذفًا للغة في ثقوب سوداء خارج مدار (الجمعي) المطمئن ليقينه المركزي، ولكن الشاعر يعرض صفحًا عن كل ضجيج وصخب ما تحدثه مفرداته في فوضاها الحميمة وهوسها بالغناء الطليق على بوابة الريح، فهو يشكل من زراري الرمل وحباته شكلاً جديدًا لنصه، يفاجئ المخبوء من الشعور، ويحتفي بموسيقاه الباطنة التي لا تجي? من عصاب القافية، بل من همس كائنات المخيلة وهي تتسرنم في فضاء الامكان الشعري الجديد، تتمشي في بهو الصيرورة خارجة من انحباسها زمانا في زي القافية الضيق. (*) كاتب وشاعر سوداني أخلص للقصيدة سعد الثقفي بوفاة الثبيتي -رحمه الله- نكون قد فقدنا واحدًا من أهم شعراء مرحلة الثمانينات فالثبيتي أخلص للقصيدة وضحّى من أجلها كثيرًا وحياته كانت مرهونة للشعر وبالشعر وظل طوال عمره مخلصًا لتجربته الشعرية وملبيًّا نداء الوطن في تمثيله في مهرجانات وأيام الشعر في الداخل والخارج ومن مفارقات القدر أن تكون آخر أمسية لمحمد الثبيتي في مدينة المكلا باليمن الشقيق.. والحقيقة. إن الكلمات تعجز عن وصف ما يعتريني من حزن وألم وأنا الذي افتقدته كثيرا وها هو الموت اليوم يستلّه من بيننا مع العلم أنه لم يغادرنا إلا جسدًا بينما بقيت روحه وضحكته المجلجلة.. بقي محمد الثبيتي في قلوب محبيه وأصدقائه.. وكل الذي يمكن أن أقوله عن محمد الثبيتي قاله هو عن نفسه في قصيدته «موقف الرمال.. موقف الجناس» التي تحدّث فيها رحمه الله عن نفسه وكأنه أراد أن يختم بها مسيرته الشعرية.