في العام 2006 ترددت أنباء عن أن السعودية ستموّل اقامة مقر دائم لاجتماعات القمم العربية، يُقام في مدينة شرم الشيخ المصرية على البحر الأحمر، وتتولى مصر تقديم الأرض، وان السعودية ومصر اتفقتا، وبموافقة العديد من الدول العربية، على عقد القمم العربية العادية والتشاورية في مدينة شرم الشيخ المصرية. لم يتم تأكيد هذا الخبر، وطواه النسيان، لكن تجربة العرب مع الانعقاد الدوري للقمة العربية، وغياب اي تقنين لصلاحية الدولة التي يحل عليها الدور لاستضافة القمة العربية، لجهة التأجيل والإلغاء، ودعوة من تريد، وكيفية التعامل مع المواقف الطارئة والاستثنائية، الى غير ذلك من حدود مسؤولية الدولة المضيفة، يفرض على الدول العربية معاودة النظر في قضية تداول الانعقاد حسب ترتيب الحروف الأبجدية للدول الأعضاء بالجامعة العربية، والعودة الى مصر كمقر دائم لعقد القمم، وعدم التفكير في منازعتها هذا الحق التاريخي. لقد تحولت القمة العربية في السنوات الاخيرة الى مناسبة للدولة المضيفة، وصارت الاجتماعات تتلوّن بتوجهات وسياسة هذه الدولة او تلك، واصبح بعض الدول يتعامل مع المسألة لفرض دوره وموقعه في القرار العربي، في حين لم تكن مصر، خلال السنوات الماضية، تدير المسألة على هذا النحو، او تتصرف مع مجلس القمة كملكية خاصة، وهي كانت، على الدوام، تنظر الى القضية من زاوية الجامعة العربية، ومكانة مصر كدولة كبيرة، ومحورية في القرار السياسي العربي يغنيانها عن استخدام القمة لتعزيز دورها، وتحقيق مكاسب دعائية كما يفعل غيرها، فضلاً عن أن غياب القمة عن مصر همّش دور الجامعة العربية، وبات تأثيرها برتوكولياً مع بدء نظام تناوب الدول باستضافة القمم. ان العودة الى مصر تعني تكريس دور الجامعة العربية، والمحافظة على الاعتدال. فضلاً عن ان خفض مصر لمستوى تمثيلها، وغيابها عملياً، عن قمتي دمشق والدوحة، هو نتيجة للتعدي على دورها المحوري والتقليدي في السياسة العربية. وهو تعد لا ينبغي التماهي معه وقبوله، فمصر هي نصف العرب، والواقع اثبت على الدوام ان إضعاف مصر، والقفز على مكانتها خلقا واقعاً سياسياً لم نحصد منه سوى التشرذم، وتنامي دور التطرف والشعارات والمنظمات على حساب المنطقة ومصالح العرب العليا، ولهذا فإن الدعوة الى قرار عربي بعودة مجلس القمة الى مصر اصبح حاجة ماسة.