تناقضت اشتراطات الحماية والسلامة التي وضعتها المديرية العامة للدفاع المدني ووزارة الشؤون البلدية والقروية، لمزاولة نشاط بيع وتوزيع الغاز، بما هو معمول به حالياً على أرض الواقع، إذ حددت الوزارة على موقعها الإلكتروني حزمة من الاشتراطات لإنشاء محال بيع الغاز يأتي أبرزها عدم التصريح بإقامة هذه المحال داخل مواقع سكنية وهو ما يدفع للتساؤل عن أسباب خرق هذا الشرط المهم، وتعمدها مزاولة نشاطها داخل الأحياء في كثير من المدن السعودية، الأمر الذي يضع النظام أمام تناقض تنفيذه من دون مبرر. فيما شددت اشتراطات الدفاع المدني بحسب موقعها على الإنترنت أن تأتي مواقع محال الغاز وفق الشروط الإنشائية وبحسب المواصفات والمقاييس نظراً لخطورة هذه المحال على الإنسان والبيئة، إلا أن مزاولة هذا النشاط داخل الأحياء لا يزال قائماً ليخرج مجدداً من دائرة هذه الاشتراطات الرسمية. واعتبر عبدالعزيز حسن (مواطن)، أن وجود محال استبدال أنابيب الغاز من دون حراسات أمنية أمر في غاية الخطر، إذ من أبسط العواقب المحتملة افتعال أي معاد أو عابث حادثة لإشعالها عمداً لرغبة في أي تصرفات كيدية، لاسيما أن حيطانها وأسوارها ليست بالشاهقة أو تتمتع بأدنى وسائل الحماية من حواجز شوكية، وقال ل «الحياة»: «من المفترض وجود عامل مناوب للتعامل من أي تسربات غاز ربما تحصل نتيجة تغيرات الأجواء أو انفراط الجلود المطاطية لمحابس الأسطوانات». وأضاف: «في ما لو كان لا مفر من وجود تلك المحال قريبة من الأحياء السكنية ومجاورة للمنازل المأهولة فإنه لا بد من إحاطة جدرانها بصبات جانبية وذلك بمضاعفة الرصف الأسمنتي الممتن بالحديد، أو وضع مصدات فولاذية وليس بلوكاً وشبك حديد خفيف الحجب في حال حدوث مكروه (لا سمح الله)، أو أن تُفصل لها غرف مستودعية تحتمل الاصطدامات من مواد مطاطية مبطنة بالإسفنج وخلافه من الاحترازات الاصطناعية» . وبحسب مواطن آخر، ضيف الله العسيري فإن أرضيات تلك المحال ليست سليمة لآلية وضع ونقل الأنابيب عليها كونها مالحة ورطبة في غالبية الأحياء، فضلاً عن عدم فعالية طفايات الحريق في معظمها، إذ يختلف الأمر في حال إنشائها على منطقة مرتفعة يكون فيها ضغط الهواء أشد على الأسطوانة، كما أن لتساقط الأمطار في فصل الشتاء دوراً في خلق تسربات من محابس الأنابيب، وأردف: «الخطر ربما يكون أكبر من تسرب الغاز فيما لو انفجرت تلك القذيفة الفولاذية، حتماً ستخترق ما يكون قريباً منها من السيارات سواء العابرة أو منتظرة الاستبدال» . وعلى نقيضهما، خالف مواطن يسكن قريباً من أحد محال الغاز في أحد الأحياء في جدة، لا يملك سيارة، سابقيْه متسائلاً، ماذا لو ابتعدت عن مجاورتي محال بيع الغاز؟ «بالطبع سيكون ذلك أمراً عصياً علي وعلى الغالبية في الوصول إليها لاستبدال الأنابيب في الوقت الذي نعتمد أحياناً على حارس العمارة الذي يحملها على دراجته». ولم يصر المتحدث على رأيه هذا من دون تأمينه على مسلمات فرض الضوابط التي تتحقق معها السلامة لجيران ما وصفت ب «القنابل الموقوتة»، واستدرك: «لا أخالف في أن بقاءها بالقرب من الناس بحاجة إلى إيجاد حلول تنظيمية وتجهيز تلك المحال بالصورة التي تلائم بيئة الحي السكني وفق ضوابط ومواصفات عالية الأمان، مقاومة للمخاطر التي ربما تلحق الضرر بالسكان». في مقابل ذلك، اعترف عدد من العاملين في محال استبدال أدوات غاز في جدة خلال جولة نفذتها «الحياة» بأن «ليس لديهم أدنى توجيهات بوسائل السلامة أو إرشادات بكيفية التعامل مع حالات تسرب الغاز، إنما كل ما يعرفونه هو عمل يشغلونه فقط من أجل نيل مرتب شهري، وهو ما صادق عليه ضمنياً العامل غفران الذي لم ينف هذا الاتهام، بيد أنه أبدى استغرابه لتمركز مكان عمله منطقة مأهولة بالسكان، وقال: «أعلم أن هذا العمل خطر جداً، واستغربت في بداية الأمر أن يكون الموقع الذي أعمل فيه مجاوراً بنايات سكنية وليس له إلا جهة واحدة مفتوحة تتنفس على الشارع الذي لا يتوقف من حركة مرور السيارات». خبير يصف انفجارها ب«الهائل»... ويحذّر من «دحرجته