لماذا يرفض طلاب المعاهد الصحية الوظائف في القطاع الخاص؟ بينما في قطاعات أخرى يفضل الشباب الخاص على العام، في القطاع المالي، الاتصالات، النفط والطاقة، البتروكيماويات، التقنية، بعض التخصصات الهندسية. ومع القطاع الصحي هناك القطاع التعليمي، يكاد يكون هذان القطاعان العملاقان أكثر القطاعات في عدم الجاذبية العملية إذا كانت منشآت خاصة. المنطق يقول إنه لا يمكن أن يتوظف كل من يتخرج من أي جهة أو تخصص في الحكومة، كما أنه لا يمكن أن يكون الجميع في القطاع الخاص، والواقع يقول إن المستشفيات والمدارس الأهلية ليست بالاحترافية والمهنية المفترضة، وغالبية المستثمرين فيها - إلا من رحم ربي - يدخلون المجال لضمان ربحيته العالية، ووجود إعانات وقروض حكومية، وهم يتعاملون معها ليس كأنها منشآت لصيانة أجساد وعقول الناس، بل كأي مشروع تجاري آخر يبحث عن أي طريق لتعظيم الربح وتقليص التكاليف، وبالتالي لا يهمه مستوى منسوبيه المهني، لأن المحدد الأساس هو مستويات أجورهم. وإذا ظهر في ذهنك اسم منشأة طبية محترمة الأداء والأطباء وبقية العاملين فتذكر فقط مستوى تكاليفها، وهو مستوى لا يصله إلا فئة أصحاب الدخل العالي، أو منسوبو الشركات العملاقة التي توفّر لموظفيها تأميناً طبياً لائقاً. أيضاً وللإنصاف فإن بعض الشباب ربما يبحث عن وظيفة حكومية صحية حتى ينتج أقل، أو يتحول مع الزمن إلى خانة البطالة المقنّعة، حيث يجد لنفسه مكاناً بعيداً عن الجمهور والممارسة المهنية الفنية، فيثقل كاهل بند الرواتب ويظل الطلب على الخدمات أعلى بكثير من العرض. أقترح على وزارة الصحة إجبار المنشآت الصحية الأهلية على توظيف الشباب الخريجين وتقوم هي بدفع نسبة من رواتبهم كما يفعل صندوق الموارد مع الشركات، ثم تعطي الأولوية للتوظيف في مستشفياتها ومدنها الطبية لصاحب الأقدمية في القطاع الخاص. ربما بهذه الطريقة يجد بعض الشباب أنفسهم في هذه المنشآت ويواصلون التألق ويحصلون على أجور وتدريب أفضل من الحكومة، أو على الأقل يعرف بعضهم اللعبة وتتحد مجموعة منهم في إنشاء مستوصف يكبر مع الزمن وتزداد قنوات التوظيف. أعرف أن الأمر ليس بالبساطة التي أصورها، لكنني أعرف أيضاً أن تخطيط الموارد البشرية لكثير من الجهات الحكومية يعاني خللاً كبيراً بدأت تظهر نتائجه على السطح، وأصبح تجمع بعض الخريجين أو الشباب على أبواب الوزارات منتظرين الوزير أمراً مألوفاً. أخيراً تأملوا جيداً ومعظم من يستطيع يراجع مستشفيات ومستوصفات أهلية، كم مرة رأيتم مفتشاً من الوزارة يباغتهم؟ شخصياً لم يمر عليَّ ذلك طوال حياتي، وربما المدارس الوضع فيها أفضل، لأن مديريها يتم تعيينهم عن طريق الوزارة، يمكن للوزارة أيضاً توظيف بعض منهم مراقبين أو مفتشين على المستشفيات الأهلية. [email protected] twitter | @mohamdalyami