أكد عدد من خريجي المعاهد الصحية والمختصين، أن قرار هيئة التخصصات الصحية بإغلاق المعاهد الصحية ليس مجديا، في ظل الحاجة الماسة لفنيين صحيين لتغطية التوسع الكبير في عدد المستشفيات بالمملكة، فيما رأى بعض المستثمرين، أن تحويل المعاهد إلى كليات لتخريج حملة البكالوريوس لن يكون مفيدا، لأن الحاجة للدبلومات تظل قائمة في ظل انخفاض رواتبهم. التوظيف الإجباري وقد وجد الخريجون أنفسهم فجأة أنهم ضحية بين المعاهد التجارية والجهات الحكومية التي ترفض توظيفهم بحجة عدم كفاءتهم، إلا أنهم رفعوا سقف مطالبهم بالتوظيف الإجباري، بعد أن دفع كل منهم ما يزيد على 60 ألف ريال للحصول على شهادات التدريب من المعاهد، إضافة إلى اجتيازهم اختبارات الهيئة ولم يحصلوا على وظيفة تمكنهم من بدء حياتهم المهنية وتكوين الأسرة. ووصف مشاري الحربي "خريج أشعة"، قرار الإغلاق بأنه خطأ في ظل التوسع في إنشاء مستشفيات سنويا، متهماً وزارة الصحة بالسعي إلى فتح باب الاستقدام للفنيين غير السعوديين على حساب أبناء البلد الذين ينتظرون هذه الوظيفة بفارغ الصبر. وأكد الحربي، أن هيئة التخصصات لاهم لها سوى جمع الرسوم وتحصيلها من الطلاب، وقال إنها تأخذ 10 آلاف ريال رسم الالتحاق بالتدريب ثم رسوم تجديد البطاقة ورسوم الاختبارات، متسائلا عن دورها في الإشراف على المعاهد وتصحيح مسارها. واستغرب سعد العتيبي أحد الخريجين، من عدم الاستعانة بأبناء الوطن رغم أنهم درسوا على حسابهم الخاص في المعاهد والأكاديميات الصحية التي تشرف عليها هيئة التخصصات الصحية، واجتازوا الاختبار بعد الدراسة وحصلوا على بطاقة التصنيف لمزاولة العمل، مشيراً إلى أنهم كانوا يأملون إيجاد وظائف حكومية وتفاجؤوا بتحويل الغالبية منهم إلى القطاع الخاص وأن 14 ألفاً منهم لا يزال مصيرهم مجهولاً. سجلات طبية وقال حمد الحارثي خريج منذ خمس سنوات تخصص سجلات طبية، إنه عمل في القطاع الخاص أربع سنوات براتب 3600 ريال، مشيراً إلى أنه لم يغب يوماً واحداً، إلى أنه اكتشف أن إدارة المستشفى تفضل الأجانب على السعوديين مهما كان انتظامهم، وقال: إن زيادة الرواتب لغير السعوديين هو أحد أسباب تسرب الموظفين السعوديين من العمل في المستشفيات. ودخل دحام الرويلي - تخصص فني سجلات طبية - عامه الخامس منذ أن تخرج دون وظيفة، مشيرا إلى أنه عمل في عدد من الأماكن فقط للحصول على شهادة خبرة قد تشفع له بأن يكون ضمن المعينين في القطاع الحكومي الذي طال انتظاره رغم تخوفه من أن يكون مصيره في القطاع الخاص. مستثمرون يرفضون الإغلاق من جانبة قال مدير الإدارة الطبية بالغرفة التجارية في الرياض على بن عطية الغامدي، إنه لا يتفق مع قرار إغلاق المعاهد الصحية لأن تحويلها إلى كليات لن يكون مجدياً، خصوصا مع استمرار المشكلة ذاتها بعدم وجود إشراف أدق يؤدي لتطويرها، وأنه يتوقع أيضاً إغلاق هذه الكليات بعد ثمان سنوات من الآن، وقال "ليس من المعقول أن يكون كل الخريجين من حملة البكالوريوس فالحاجة للدبلومات تظل قائمة .. لأن خريجي البكالوريوس لن يقبل براتب متدن". واضاف الغامدي أنه كان يجب على هيئة التخصصات القيام بدورها في مراقبة هذه المعاهد وأن تتدخل جهات كوزارة العمل لتوظيف الخريجين في القطاع الخاص بدعم الموارد البشرية حتى لا يتسربوا من العمل وأن يضمنوا الثبات في وظائفهم براتب مجزٍ. إلى ذلك، يرى الرئيس السابق للجنة المعاهد الصحية بالغرفة التجارية بالرياض الدكتور زيد الزامل، أن عدد الفنيين السعوديين في المستشفيات لا يزيد على5%، مما يؤكد أن قرار إغلاق المعاهد ، لا يحل المشكلة بل سيضر بالمستثمرين في المجال، وتابع " إن تطوير المعاهد يوفر كادراً من الفنيين السعوديين والسعوديات يغطي احتياج المملكة، خصوصا أن الحاجة قائمة ولن تنتهي حتى لو حولت المعاهد لكليات كما حدث". وأكد الزامل، أن عدد المنشآت الخاصة بلغ 4500 منشأة في المملكة وأن توظيف ثلاثة سعوديين سنويا في كل منشأة ينتج عنه استيعاب 15 ألف سعودي سنوياً في القطاع الخاص فقط، هذا غير مستشفيات الدولة، مبيناً أن وزارة الصحة وقعت مؤخراً عقود مستشفيات تسع ل27 ألف سرير جديد وهي تحتاج إلى طواقم من الأخصائيين والفنيين، وتساءل "هذا الاحتياج إن لم يسده أبناء البلد ستضطر الوزارة للاستقدام من الخارج. ضعف المخرجات وأشار الزامل إلى أن الحاجة قائمة لأكثر من 23 تخصصاً فنياً في المستشفيات والمراكز الصحية والواقع التمريضي، وربما يكون هناك اكتفاء في المدن الرئيسية لكن الحاجة ستظل قائمة في المدن الأخرى وستزداد خلال المستقبل. وحول الاتهام بضعف المخرجات المعاهد، قال الزامل الذي يشغل أيضاً منصب رئيس مجلس إدارة المعهد الفني للتدريب إنه يصعب الحكم على الطالب من بداية التدريب ويجب إعطاؤه الوقت الكافي ليثبت كفاءته ويتعرف على بيئة العمل. وأضاف أن خريجي المعاهد يخضعون لتقييم من هيئة التخصصات الطبية وهو ما يطبق أيضاً على غير السعوديين، فلماذا يقال على الطالب السعودي أنه غير مؤهل رغم اجتيازه اختبارات هيئة التخصصات، في حين لا يقال ذلك لغير السعودي، مبيناً أن مستوى الضعف يوجد حتى في خريجي الجامعات وليس كل خريج مؤهلاً. وختم الزامل بالقول "للهيئة سلطة قوية على المعاهد وكان يمكنها إيقاف أي ممارسات لا تخدم هدف إنشاء المعاهد وأن دعمها كان سيطورها أكثر". الهيئة والمعاهد وكان مدير الإعلام والنشر بهيئة التخصصات الصحية عبدالله الزهيان أكد في تصريحات سابقة على أن الهيئة لم تكن راضية عن مستوى الدراسة والتأهيل المهني للعديد من المعاهد التي لم تكن تطبق لائحة الاشتراطات، بل أوقفت نشاط العديد منها وجمدت أو سحبت تصاريح أخرى، مضيفاً أن الهيئة عقدت اجتماعات عاجلة للتعامل مع ما صدر من قرارات ملكية ومن ذلك الإيقاف التدريجي للمعاهد الصحية المهنية ومتابعة التقييم والإشراف عليها إلى حين إيقافها نهائيا.