اقتربت «معركة» انتخابات مجلس الشعب المصري (الغرفة الأولى في البرلمان) من أن تضع أوزارها مع بدء الاقتراع في المرحلة الثالثة والأخيرة أمس، وسط تصاعد الاتهامات المتبادلة بين كل القوى السياسية بارتكاب تجاوزات تمثّل أغلبها في خرق قواعد «الصمت الانتخابي»، فضلاً عن رصد مراقبين «خروقاً» شبيهة بما كان يحدث في العملية الانتخابية قبل ثورة 25 يناير. وواصلت قوى سياسية اتهام قضاة بالتأثير على الناخبين والانحياز لمنافسين، وهو أمر دأبت اللجنة القضائية العليا للانتخابات على نفيه. وتستمر اليوم عملية الاقتراع في محافظات المرحلة الثالثة، بعد انتهاء المرحلتين الأولى والثانية بجولتيهما والتي أسفرت عن فوز كبير للقوى الإسلامية ممثلة في حزب «الحرية والعدالة»، الذراع السياسية لجماعة «الإخوان المسلمين»، وحزب «النور» السلفي بالنسبة إلى المقاعد الفردية أو القوائم الحزبية. وتجري انتخابات المرحلة الأخيرة في محافظات القليوبية والدقهلية والغربية والمنيا وقنا ومرسى مطروح والوادي الجديد وشمال سيناء وجنوب سيناء على أن تجري جولة الإعادة على المقاعد الفردية في 10 و11 كانون الثاني (يناير). ويتنافس في المرحلة الثالثة 2754 مرشحاً لاختيار 150 نائباً، إذ يتنافس1213 مرشحاً على 100 مقعد مخصصة للقوائم الحزبية، و1541 على 50 مقعداً في النظام الفردي. ولوحظ تكثيف قوات الشرطة والجيش من وجودها أمام لجان الاقتراع، فيما قامت بنزع لافتات الدعاية من أمام بعض اللجان، ومنعت أنصاراً لمرشحين أو أحزاب من توزيع دعاية انتخابية، وفضت خياماً أقامها بعض الأحزاب لإرشاد الناخبين إلى لجانهم. وقام قضاة بمنع دخول ناخبين إلى مقار الاقتراع وبحوزتهم أوراق مسجل عليها أسماء مرشحين وأحزاب لاختيارها. وكان لافتاً أن منظمات حقوقية رصدت عودة ظاهرة «البلطجة» لكن في عدد محدود من الدوائر، وكذلك تضمين كشوف الناخبين أسماء متوفين. وتحدثت تقارير حقوقية عن إبلاغ عدد من الناخبين عن اكتشافهم تضمين كشوف الناخبين أسماء آبائهم المتوفين منذ سنوات، فيما رصدت تقارير أخرى تواجد «بلطجية» أمام عدد من الدوائر لترويع الناخبين ومنعهم من الإدلاء بأصواتهم رغم الوجود الكثيف لقوات الشرطة والجيش. ومر اليوم الأول من الاقتراع أمس بهدوء ومن دون حوادث أمنية لافتة تكدر صفو العملية الانتخابية، لكن الاتهامات المتبادلة بين القوى السياسية التي كانت سمة المرحلتين السابقتين علت نبرتها، إذ تبادلت القوى السياسية خصوصاً «الحرية والعدالة» و «النور» وتحالف «الكتلة المصرية»، الذي يضم أحزاب «التجمع» و «المصريين الأحرار» و «المصري الديموقراطي»، الاتهامات بتجاوز القواعد المنظمة لعملية الاقتراع، واتهموا قضاة ب «الانحياز» للمنافسين. وانتقد حزب «الحرية والعدالة»، في بيان، «التوجيه القسري لإرادة وأصوات الناخبين». وذكر أن قضاة منعوا مندوبيه من دخول بعض اللجان، فيما تأخر آخرون في فتح اللجان. واتهم الحزب قضاة بتوجيه الناخبين للتصويت لمصلحة المنافسين في أكثر من دائرة وإبطال أصوات كبار السن في دوائر أخرى. وقال نائب رئيس حزب «الحرية والعدالة» الدكتور عصام العريان ل «الحياة» إن «اتهام الحزب بعض القضاة بالانحياز عبارة عن ملاحظات ومخالفات موجودة تؤثر بصورة عامة على المشهد الحر للانتخابات ولكنها لا ترقى إلى أن تمس شفافية العملية ولا تؤثر في النتائج». الاتهامات ذاتها رددتها أحزاب «النور» و «الوفد» و «الكتلة المصرية». وقال الناطق باسم حزب «النور» السلفي الدكتور يسري حماد ل «الحياة»: «تردنا بعض المخالفات خصوصاً في محافظتي المنيا والوادي الجديد ... هناك لجان يوجه فيها القضاة الناخبين لاختيار أحزاب بعينها وآخرون يمنعون مندوبي الأحزاب والمرشحين من متابعة عملية الاقتراع»، مشيراً إلى أن «الحرية والعدالة» يروج إشاعات عن تحالف مع «النور» في دوائر يتمتع فيها الأخير بنفوذ، وهذا الأمر غير حقيقي. وقالت المسؤولة الإعلامية في تحالف «الكتلة» هالة مصطفى ل «الحياة» إن «الحرية والعدالة» و «النور» يمارسان انتهاكات شديدة، أقلها خرق قواعد الصمت الانتخابي والترويج لمرشحيهم من خلال مكبرات الصوت أمام اللجان، متهمة قاضياً بدعوة الناخبين إلى التصويت لمصلحة «الحرية والعدالة». أما حزب «الوسط»، فاتهم «الحرية والعدالة» و «النور» بخرق قواعد الصمت الانتخابي. وانتقد «انحياز» قاض وتوجيهه الناخبين لاختيار المنافسين. لكن رئيس اللجنة العليا للانتخابات المستشار عبد المعز إبراهيم رفض هذه الاتهامات. وأكد أن «عمليات الاقتراع تسير في مناخ يتسم بالديموقراطية والحيدة والانتظام».