فيما كانت القوى السياسية في مصر تسارع إلى إعلان تلبيتها الدعوات إلى المشاركة في تأمين الكنائس أثناء الاحتفال بأعياد رأس السنة الميلادية، لم تفلح قوات الأمن ولا وساطات نواب البرلمان الجديد في السيطرة على الاشتباكات بين مسلمين وأقباط في قرى بمحافظة أسيوط (في الصعيد)، على خلفية نشر شاب قبطي (18 سنة) رسوماً مسيئة للرسول محمد (صلى الله عليه وسلم)، على صفحته على موقع «فايسبوك». وامتدت الاشتباكات من قريتي «العدر» و «بهيج» إلى «منقباد» و «سلام»، والأخيرة مسقط رأس بابا الأقباط في مصر شنودة الثالث. وحلَّت أمس الذكرى الأولى لأحداث كنيسة القديسين في الإسكندرية (شمال مصر) التي راح ضحيتها عشرات القتلى والجرحى من الأقباط إثر انفجار مروّع ضرب الكنيسة الشهيرة في أولى ساعات العام المنصرم، وسط أجواء من الشحن الطائفي انتقل هذا العام من الشمال إلى الجنوب. وروى شهود من قرية «العدر» ل «الحياة» أن عدداً من شباب القرية ظلوا طوال الأسبوع الماضي يتحدثون عن نشر طالب قبطي يدعى جمال مسعود رسوماً مسيئة للرسول الكريم على موقع «فايسبوك» وتداولها بين عدد من الشباب القبطي في القرية. وأوضحت أن هذا الحديث أثار غضب الشباب المسلم الذين أكدوا ضرورة إجباره على حذف هذه الرسوم المسيئة، لكن الأمر تطوّر إلى حد التراشق بالحجارة بين عدد من الشباب المسلم والقبطي مساء الخميس الماضي، قبل أن تتوجه مجموعات من الغاضبين المسلمين إلى منازل تمتلكها عائلة مسعود وأحرقوا 3 منها. وبعد صلاة الجمعة تجددت الاشتباكات مرة أخرى وانتقلت إلى قرية «بهيج» على رغم تمركز وحدات من الشرطة والجيش التي كثفت من وجودها للسيطرة على الموقف، وأغلقت مداخل ومخارج القريتين بالآليات العسكرية وانتشرت في شوارعهما، وفرضت ما يشبه حظر التجول على السكان. وبموازاة ذلك اجتمعت قيادات أمنية ومحافظ أسيوط السيد برعي مع عدد من نواب البرلمان الجديد من حزبي «الحرية والعدالة» ، الذراع السياسية لجماعة «الإخوان المسلمين»، و «النور» السلفي في محافظة أسيوط للطلب منهم التدخل من أجل تهدئة الأوضاع، خصوصاً في ظل إصرار بعض شيوخ السلفية على تقديم اعتذار من الكنيسة عن هذه الرسوم المسيئة. لكن قيادات قبطية أكدت أن الكنيسة ليست مسؤولة عن تصرف صبي مسيحي، وبالتالي اعتذارها ليس واجباً. ومع تواتر الأنباء عن رفض الكنيسة الاعتذار وفرض الحصار على أهالي قريتي «بهيج» و «العدر»، نظَّم عشرات الشباب المسلمين من قرى مجاورة مسيرة اتجهت مساء أول من أمس إلى قريتي «منقباد» و «سلام» وأشعلوا النيران في منازل يمتلكها أقباط هناك، وتبادل الطرفان الرشق بالحجارة قبل أن تصل قوات الشرطة والجيش إلى موقع الأحداث وفرضت طوقاً أمنياً على القريتين الأخيرتين. وجدد مسلمو قرية «العدر» محاولة حرق منزل أسرة الشاب المتهم بنشر الرسوم المسيئة على رغم مغادرتها القرية واشتبكوا مع قوات الأمن ما أسفر عن إصابة 5 من جنود الأمن المركزي. واضطرت قوات الشرطة إلى استخدام قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق الحشود. وشددت القوات الأمنية من حراستها أمام الكنائس والأديرة في كل قرى ومدن محافظة أسيوط لتأمين احتفالات الأقباط بأعياد الميلاد. وأغلقت قوات الشرطة الشوارع التي توجد بها كنائس وأديرة لمنع مرور السيارات فيها وعينت خدمات أمنية لتفتيش المارة المشتبه فيهم. وكان المحامي العام لنيابات شمال أسيوط أمر بحبس الشاب القبطي جمال مسعود 4 أيام على ذمة التحقيق، بتهمة ازدراء الأديان ما ترتب عليها إثارة فتنة طائفية وأحداث شغب. ونفى مسعود في أقواله أمام النيابة نشره أي رسم مسيء للرسول على صفحته على موقع «فايسبوك». وقال إن هذه الصور تم وضعها على صفحته من دون علمه. من ناحية أخرى، أقامت قوى سياسية مساء أمس حفلاً لتأبين شهداء الثورة في ميدان التحرير. وتم نصب مسرح كبير في أحد أركان الميدان لإقامة احتفالات رأس السنة.