تحول معرض أقامته مدرسة ابتدائية، في الدمام إلى فرصة لاكتشاف مواهب الطالبات، ونمط تفكيرهن من الناحية التجارية، واستعدادهن لخوض مجال المشاريع الصغيرة والمتوسطة. وتوافدت الطالبات على المعرض الذي حمل عنوان «المركز التجاري»، بحماس منقطع النظير، بهدف التعرف على كيفية الحصول على لقب «سيدة أعمال». وعلى رغم حداثة أعمارهن، إلا أن الإصرار على الحصول على اللقب، كان كبيراً، وتجلى في محاولة خطف الأضواء من جانب المشاركات، للدخول في مرحلة التقييم من قِبل المشرفات على المعرض. واستحدثت المدرسة الابتدائية ال52 التي نظمت المعرض، ضمن الأنشطة التي ينفذها مكتب التربية والتعليم في غرب الدمام، فكرة من واقع المجتمع، الذي ينْصبُّ اهتمامه حالياً على المشاريع الصغيرة والمتوسطة. واعتمدت الفكرة على تحويل الطالبات من باحثات عن عمل، إلى صانعات فرص عمل، من خلال تدريبهن على تأسيس مشروعاتهن الصغيرة، «لتشجعيهن على الكسب الحلال، وحب العمل وتنمية مواهبهن ومهاراتهن». وتنوعت أركان المعرض، الذي ضمن مشغولات أبدعتها أنامل طالبات، بلغ عددهن 35 طالبة، لم تتعد أعمارهن 10 سنوات، منها منتجات يدوية، كغزل الصوف ونسجه، ونقوش الحناء، والخياطة والتطريز. وعرضت أركاناً أخرى في جانب أصبحت المرأة «رائدة» فيه، وهو قطاع المأكولات، الذي اقتحمته خلال السنوات الماضية. واحتلت طالبات أركاناً مخصصة لعمل البهارات والتوابل. ولم يكن المعرض بمعزل عن تجارب من هن أكبر منهن سناً، فأمهاتهن حضرن إلى المعرض، ما أضاف قيمة له. فإحدى الأمهات كانت منهمكة في تعليم ابنتها كيفية غزل الصوف، والحصول على قطع تراثية تباع بمبلغ جيد. ولم تكتف الطالبات بالتراث، فالتطورات التي يشهدها سوق العمل والقرارات التي صدرت أخيراً، وتصب في صالح المرأة كانت حاضرة، فبعضهن فضل العمل في مجال بيع الملابس ومستلزمات النساء، مثل العطور الإكسسوارات، وتغليف الهدايا النسائية، ما جذب انتباه زائرات المعرض، اللاتي أبدين إعجابهن بعمل الطالبات وأمهاتهن. وكرست الطالبة منى عطا (الصف الخامس)، جهودها، ليكون ركنها هو «الأميز» من بين الأركان، لاعتقادها بأن «التصميم له تأثير على عملية البيع والشراء، ويعتبر أسلوباً حديثاً في التسويق، فعرض التراث بطريقة حديثة، أي مزح عبق الماضي بحداثة الحاضر، يمنح تناغماً تراثياً أصيلاً» كما تقول معلمتها. وفي غمرة الاهتمام في الحِرف والمشغولات اليدوية، لم تنس الطالبات متطلبات الحياة العصرية الحديثة، إذ خصصت أركاناً لتصميم المواقع الإلكترونية، وكيفية تسويق المنتجات من خلالها، وإبرازها في شكل تقني حديث، يتماشى مع وتيرة الحياة المتسارعة، بحسب تعبير المشرفات على المعرض. بدورها، أوضحت مديرة المدرسة فاطمة البراك، أن «المشروع تم التخطيط له من قبل المعلمات، اللاتي سعين إلى ترسيخ ثقافة العمل الحر بين الطالبات، ابتداءً من مراحل تعليمية مبكرة. واخترن ساحة المدرسة لإقامة المعرض، ليخدم أكبر شريحة من المستفيدات في المدرسة». فيما أكدت مديرة مكتب التربية والتعليم في غرب الدمام الجوهرة أبو غانم، على أهمية دور المدرسة في «تطوير فكر الطالبات، لأن الطالبة هي الفاعل الحقيقي في العملية التربوية والتعليمية، فهي المخطط والمنفذ والمقيم»، مضيفة أن «الأنامل السعودية قادرة على تقديم منتجات عالية الجودة. ويوجد لدينا نماذج أبدعت في مجال العمل التجاري، وتمكنت من خوض تجارب كبيرة، بنجاح وثبات».