قال إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ صالح آل طالب «إن هناك قيمة نبيلة تحتضن كثيراً من القيم، وتنتج كثيراً من المكاسب هي الوحدة والاتحاد، إذ هي قوة إضافية للفرد والجماعة تعزز الثقة بالنفس وبالقيم وبالدين لئلا تبتلع متغيرات السياسة والأخلاق الكيانات المتفرقة فالوحدة مطلب شرعي ومكسب سياسي وقوة اقتصادية وحصانة أمنية». وأضاف آل طالب في خطبة الجمعة في المسجد الحرام بمكة المكرمة أمس «قد وفق الله خادم الحرمين الشريفين للدعوة إليه، ووفق قادة الدول الخليجية للترحيب به، سائلين الله عز وجل أن ييسر تمامه وقيامه، إذ هي رغبة لشعوب تلك الدول وأمنية من أمانيهم، وهي خطوة مهمة في درب المجد الطويل، وغصة في حلق كل متربص وشانئ، وإنها لدعوة مباركة ونداء مخلص وبادرة موفقة ينبغي لكل مسؤول بحسبه أن يساهم في تحقيقها، ويذلل من عقباتها ويبني ما استطاع من صرحها، فمن رأى فرحة تلك الشعوب بمشروع الاتحاد لم يهن عليه التخاذل في تحقيقه فشكر الله لخادم الحرمين الشريفين تلك الدعوة، وشكر لقادة الخليج ذلك الترحيب وأجرى الله الخير على أيديهم لشعوبهم وجعلهم حراساً للقيم والنفوس والأوطان». وتابع «هناءة الحياة لدى الأمم والأفراد، وكريم العاقبة للدول والشعوب، تكمن في ظلال قيمها وتحت وافر أخلاقها وفخر كل أمة بعد صلاح دينها سمو قيمها وتسامي فضائلها، بل إن النبي محمد صلى الله عليه وسلم حصر بعثته في تتميم مكارم الأخلاق، ولئن كانت الأديان روح الأمم فإن القيم أجسادها، فلا جسد بلا روح ولا روح بلا جسد، ولئن كانت الأديان غيث السماء فإن القيم نبت الفطر، فإذا التقى فيض السماء بكريم الفطر كملت الخلال وحصلت الخيرية، فالقيم نبتة في الإنسان تحتضنها الفطرة وترويها، فإذا فسدت وغاب نبع الدين لدى البشر ذبلت تلك النبتة، واستحال زهرها شوكاً وغصنها حطباً». وزاد «إن حضارات الأمم تنهض بنهضة الأخلاق وتنهار بانهيارها، فكم من أمة كانت قوية فدبت مساوئ الأخلاق بين إفرادها يدب فيها الضعف، وصلاح أمر الأمم مرجعه إلى الأخلاق المبنية على المبادئ والقيم، ولا تحيا أمة بلا قيم، وإذا أصيب القوم في أخلاقهم فأقم عليهم مأتماً وعويلاً»، لافتاً النظر إلى أن القيم هي الخصائص والصفات النابعة من عقيدة الأمة التي توجه سلوك الجماعة، وهي أساس للحفاظ على النظام والاستقرار في المجتمع، ووازع بين الحلال والحرام والخطأ والصواب، وأن القيم التي تسود أي مجتمع تعد مؤشراً على نضجه وإدراكه لدوره في الحياة، وطريقاً إلى الإبداع والنجاح الذي يمر عبر القيم والمبادئ، إذ إن ديننا الإسلامي هو دين القيم السامية المستقاة من السماء ومن رسول السماء.