قال وزير الخارجية السورية وليد المعلم إن سورية لم توقع بروتوكول الجامعة العربية المتعلق بإرسال مراقبين إلى البلاد إلا بعد أن أخذت الجامعة بالتعديلات السورية المقترحة، لاسيما المتعلق منها بموضوع السيادة السورية والتنسيق مع الحكومة في دمشق. وتمنى المعلم «ان يساهموا (العرب) في حل الأزمة لا أن يكونوا عبئاً عليها»، منتقداً «مساعي أطراف عربية لتدويل الأزمة السورية». وأوضح المعلم في مؤتمر صحفي عقده بدمشق بعد التوقيع على البروتوكول في مقر الجامعة العربية، ان المراقبين العرب «مرحَّب بهم» في سورية، مؤكداً ان دمشق وقعت البروتوكول «بعد ادخال تعديلات عليه أخذاً بمطالب» دمشق. وتابع: «لنبدأ هذه الصفحة بالتعاون مع الامين العام للجامعة العربية وبعثة المراقبين، الذين نرحب بهم في وطنهم الثاني سورية». وأكد المعلم أنه «لو لم تُدخَل تعديلاتنا على مشروع البروتوكول لم نكن لنوقع مهما كانت الظروف»، مؤكداً ان «السيادة السورية اصبحت مصانة في صلب البروتوكول، والتنسيق مع الحكومة السورية سيكون تاماً». وتابع «سنتعامل مع بعثة المراقبين بحِرَفِيّة وجِدّية، والتنسيق بيني وبين الامين العام للجامعة العربية سيكون بشكل يومي»، موضحاً ان «تقارير بعثة الجامعة سترسل في آن معاً» الى الامين العام للجامعة العربية نبيل العربي «وإليّ، وسنناقشها أنا والامين العام قبل اي طرف آخر». وجاء توقيع البروتوكول بعدما تقدمت روسيا قبل ايام بمشروع قرار الى مجلس الامن الدولي يدين اعمال العنف في سورية، في خطوة مفاجئة، نظراً لعرقلتها تبني أي نص ضد دمشق في المجلس منذ اندلاع الاحتجاجات منتصف آذار (مارس). وأكد المعلم انه ليس هناك اي تغيير في موقف روسيا المساند لسورية، مؤكداً ان دمشق وقعت البروتوكول مع الجامعة العربية «بناء على نصيحتها». وقال إن «التنسيق مع الروس يتم بشكل يومي. لا يوجد اي تغير في موقف روسيا». وأضاف ان روسيا «موقفها واضح، وهم كانوا ينصحون سورية بالتوقيع على البروتوكول ونحن لبينا هذه النصيحة ايضاً». وأعلن المعلم أنه تم اعتماد «صديق مشترك بين الأمين العام للجامعة وبيني، وهو خبير قانوني (علي الغتيت) ليتواصل بينننا، ووافق الأمين العام على إدخال تعديلات على مشروع البروتوكول. وقد لمسنا منها (الجامعة) الحرص على سيادتنا الوطنية والحرص على تنسيق عمل بعثة الجامعة العربية مع الحكومة السورية». وكشف الوزير السوري عن السجال الذي دار بينه وبين الامين العام للجامعة قبل التوقيع على البروتوكول حول مساعي اللجنة الوزارية لإضافة كلمة رفضت سورية اضافتها، مشيراً الى انه ابدى للامين العام شكوكه من «نوايا» بعض الدول العربية. وقال: «سأعطيك شكوكي على هذه النوايا سلفاً: اذا لم نوقع سنذهب الى مجلس الامن، واذا وقعنا سنذهب الى مجلس الامن. في الحالة الثانية بعد شهر أو شهرين، وكلا الامرين سيان. لذلك أرفض اضافة اي كلمة على البروتوكول، لأنه تهمني النوايا». وتابع: «بعد ساعات اتصل العربي وقال: هل الرفض قرار نهائي؟ فقلت له نهائي. وعلى إثرها صدر بيان اللجنة الوزارية العربية، وكان بالفعل بيان سيئ، لأنه لا يستند إلى وقائع حقيقية، وينظر للأمور من طرف واحد، وعقب ذلك البيان عقد مؤتمر صحفي باسم اللجنة الوزارية في الدوحة، وهذا المؤتمر الصحفي حمل في طياته تهديداً وتبريراً ومغالطة». وعقّب المعلم على ما جاء في المؤتمر الصحفي للجنة الوزارية قائلا: «بالفعل اننا متشككون في النوايا، لا نستطيع ان نفكر ان هناك أطرافاً عربية تريد تدويل الوضع في سورية، ونحن حريصون على العمل العربي المشترك». وانتقد المعلم موقف اللجنة الوزارية العربية بقوله: «تحدث البيان عن أن الخلاف حول كلمة واحدة، وهذا غير صحيح. هذه الكلمة يهمنا ما وراءها من نوايا، والتي اتضحت جلياً في المؤتمر الصحفي. لا نستطيع أن نفكر أن هناك أطراف عربية تريد تدويل الوضع في سورية، ونحن حريصون على العمل في إطار المظلة العربية... ولا أحد من الشعب السوري يقبل الإذعان... من يريد مصلحة الشعب السوري لا يفرض عقوبات اقتصادية على الشعب ويسعى الى التدويل عبر مجلس الأمن الدولي». وتابع الوزير السوري: «لو كانوا جادين ولا يريدون اضاعة الوقت لسمعوا باقتراحنا بإيفاد بعثة قانونية تدرس معنا نقاط القلق. هم لم يفعلوا ذلك إلا مؤخراً وبمبادرة مشكورة من الأمين العام، الذي اعتمد الصديق المشترك، وأدخلنا التعديلات المطلوبة واستغرق هذا الجهد يومين فقط». وكانت مصادر قد كشفت ان دمشق طلبت من الجامعة العربية تغيير كلمة «المدنيين» الواردة في النص الاصلي للبروتوكول، إلى كلمة «المواطنين». ورداً على سؤال حول ما إذا كانت سورية تسعى لكسب الوقت في خلال إغراق البعثة بالتفاصيل، قال الوزير السوري: «إذا كنا سنُغرق البعثة بالتفاصيل فعليهم أن يتعلموا السباحة»، مشيراً إلى ان مدة البروتوكول شهر قابلة للتمديد شهر آخر باتفاق الطرفين. وتابع: «سنتعامل بحِرَفِيّة وموضوعية مع هذه البعثة العربية». وفي رده على سؤال حول الكيفية التي يحمي بها البروتوكول السيادة الوطنية، أوضح المعلم «أن السيادة تحمى من خلال نص البروتوكول ومن خلال المستند القانوني، وهو المادة الأولى من خطة العمل العربية التي اتُّفق عليها بالدوحة... نحن ملتزمون بهذه الخطة والمادة الثامنة من ميثاق الجامعة تحفظ الأنظمة القائمة وتمنع الدول من التدخل بشؤونها. ونحن هنا نتحدث عن جماعات ارهابية مسلحة في مواجهة قوى الأمن». وأعلن المعلم ان السلطات السورية ستسمح بدخول إعلاميين إلى سورية «على أن يخدموا مهنتهم». وشدد: «نحن حريصون على إنهاء الوضع الحالي، ولكن لا أستطيع تحديد فترة زمنية. نحن نريد أن نخرج من هذه الأزمة ببناء سورية آمنة... كي تكون نموذجاً للديموقراطية والتعددية. لذلك قلت إننا نريد حلاًّ سياسياً لهذا الوضع، وعندي يقين أننا سنخرج بصورة افضل لبناء سورية الحديثة ويجب أن ننتقل من مرحلة الشكوك إلى مرحلة اليقين، والقيادة لا يمكن إلا أن تكون مع الشعب السوري وهي تتخذ القرار الذي يرعى ويصون مصلحة الشعب». وحول التفاصيل التي تستند إليها الرؤية السورية للحل السياسي، قال الوزير المعلم: «الحل السياسي يقوم على الحوار الوطني والمصالحة الوطنية، وهو مفتوح لمشاركة كل فصيل وطني يحرص على بلده وعلى بناء مستقبله ولا يلبي أجندات خارجية، وهناك مسعى للإسراع في ذلك لكن هناك فصائل من المعارضة خارج سورية ترفض هذا الحوار». وعن العلاقات مع تركيا قال: «لا توجد اتصالات رسمية بيننا وبين تركيا، والسبب هو سياسة حزب العدالة والتنمية التي تنظر للوضع في سورية بعين واحدة أوصلتهم لاتخاذ عقوبات بحق سورية واحتضان مجموعات لا تنوي الخير لسورية، وما فرضناه من إجراءات اقتصادية كان رداً على العقوبات التركية، وأعتقد أنها حالة مؤقتة، نحن حريصون كل الحرص على الشعب التركي الجار والشقيق، ويهمنا مصالح الشعب. وعندما يقرر حزب العدالة والتنمية إعادة النظر في موقفه سيكون لذلك شأن آخر». وتابع: «لقد بنينا علاقات طيلة عشر سنوات، وهم من بدؤوا بتخريبها».