كشف المستشار في الديوان الملكي وعضو هيئة كبار العلماء الدكتور عبدالله بن سليمان بن منيع عن فتوى قديمة لمفتي المملكة الأسبق الشيخ محمد بن إبراهيم تجيز تداول أسهم شركة الكهرباء قبل ما يزيد على 45 سنة لافتاً إلى أن ذلك يدلّ على بُعد نظره وخبرته الواسعة في الفتوى وإلمامه بضوابطها، وهو ما يؤكد أهمية إنشاء كرسي علميّ باسمه لضوابط الفتوى. جاء ذلك لدى مشاركة الشيخ ابن منيع في حلقة نقاش لإعداد الخطة الإستراتيجية لكرسيّ الشيخ محمد بن إبراهيم لضوابط الفتوى بالجامعة الإسلامية برعاية مدير الجامعة الدكتور محمد بن علي العقلا، وحضور أكثر من 30 مختصًّا من العلماء والأكاديميين والباحثين من مختلف مناطق المملكة بهدف وضع الخطة الإستراتيجية للكرسي تمهيداً لانطلاق أعماله. وفي كلمة له في افتتاح الحلقة قال الشيخ ابن منيع: «إن الاجتماع لإعداد الخطة الإستراتيجية لكرسي ابن إبراهيم لضوابط الفتوى تجديد لذكرى شيخ قدّم للبلاد خدمات علمية جليلة كما أنه كان أول باعث للحركة العلمية التي كان من ثمارها تأسيس الجامعة الإسلامية في المدينة فقد كان أول رئيس لها، وكذلك إنشاء المعاهد العلمية، فهو يستحق أن يكون له كرسي للإفتاء، كما أن إسهاماته في تعليم البنات ارتفعت بهذا النوع من التعليم إلى أعلى مستوياته». وأضاف: «عشت مع ابن إبراهيم 14 سنة شكّلت المِداد الدراسي الأكبر لي، كما كانت له مبادئ في ضوابط الفتوى يعلمها طلابه، فكان يسلك أحد طريقين إما التيسير على السائل إذا كان سؤاله عن حادثة قد وقعت، أو الأخذ بالاحتياط والتوقّي إن كان السؤال عن الأمور المستقبلية، كما كان يركّز على السائل ويراعي حاله ويرى أن لكل حال اعتباراً خاصًّا». وأكّد ابن منيع بُعد نظر الشيخ ابن إبراهيم في الفتوى، حيث أفتى قبل 45 عاماً بجواز تداول أسهم شركة الكهرباء، «وكان يُجيب عمّن اعترض عليه بمسألة ديون الشركة والجهالة بأن الديون ليست مقصودة لذاتها والجهالة مغتفرة، بل كان يذهب إلى أبعد من ذلك بقوله إن للشركة قيمة معنوية لا بدّ أن تُعتبر في التداول». من جانبه، أكد مدير الجامعة الإسلامية الدكتور محمد العقلا على أهمية الكراسي العلمية في خدمة البحث العلميّ وتنظيم الجهود العلمية المبذولة وفق ضوابط منهجية وأكاديمية مدروسة، مضيفاً أن اختيار اسم الشيخ ابن إبراهيم لكرسي ضوابط الفتوى بالجامعة يأتي تكريماً للجهود التي بذلها الشيخ ابن إبراهيم رحمه الله في خدمة دينه ووطنه، وما قدّمه من أعمال عظيمة نفع الله بها العباد والبلاد، إضافة إلى ما عرف عنه من تأصيل الفتوى وضبطها بضوابطها الشرعية. فيما قال المسؤول عن الكرسي الدكتور سليمان الرحيلي: «إن الكراسي العلمية تعدّ من وسائل نشر العلم في هذا الزمان، وهو ما دعا الجامعة للالتفات إلى إنشاء الكراسي والعناية باختيار مواضيعها»، مؤكداً أن كرسي الشيخ ابن إبراهيم لضوابط الفتوى حظي بشرف الاسم والمكان، مشيراً إلى تأسيس الجامعة على يد الشيخين ابن إبراهيم وابن باز رحمهما الله بإشراف ولاة أمر البلاد. وأضاف الرحيلي: «إن إنشاء كرسي لضوابط الفتوى أمرٌ ملحٌّ، خاصة وأن الناس لم تعُد تطلب العلم الشرعي بل تأخذه من الفتاوى، والتي تمسّ حياة المسلمين في جوانبها كافة، فمتى استقامت وضُبطت بضوابطها استقام حال الأمة وصلح أمر دينها ودنياها». وأشار إلى أن الكرسي هو برنامج بحثي علميّ يُضاف إلى الكراسي العلمية في الجامعة ويُعنى بدراسات أصول الفتوى وضوابطها وما يتعلق بها من أحكام، ويهدف إلى القيام بالأبحاث والدراسات العلمية المتميزة المتعلقة بالفتوى تأصيلاً وتطبيقاً وبيان المنهج الشرعي للمفتي والمستفتي، واستقطاب الباحثين المتميّزين في مجاله، إضافة إلى توثيق الصلة بالجهات العلمية المعنية بالفتوى في العالم، ورصد الفتاوى الشاذة والمنحرفة والتعرّف على أسبابها ومعالجتها بالبحث العلمي الرصين، وإعداد منهجية علمية منضبطة في مجال الفتوى في النوازل والمشكلات المعاصرة، وإيجاد موسوعة معلمة علمية بحثية في ما يتعلق بالفتوى قديماً وحديثاً.