تمثل محافظة الإسماعيلية في مصر أهمية استثنائية لحزب «الحرية والعدالة»، الذراع السياسية لجماعة «الإخوان المسلمين»، في معركة الانتخابات البرلمانية التي تنطلق مرحلتها الثانية غداً في تسع محافظات. فالمحافظة الساحلية انطلقت منها رسالة مؤسس الجماعة الشيخ حسن البنا، وفيها هُزِم في الانتخابات النيابية في العام 1945، وهي الواقعة التي ما إن تُذكر أمام أي من أعضاء الجماعة، إلا ويرد مدافعاً بكل من أوتي من قوة بأن التزوير وحده وتدخل الاحتلال الانكليزي هو الذي أسقط البنا. تحولت مقاهي الإسماعيلية العتيقة وشوارعها الواسعة النظيفة إلى ما يشبه سرداقاً كبيراً للدعاية لحزب «الحرية والعدالة». ورغم انتشار الدعايات وكثافتها في الشوارع إلا أن عبارة «نحمل الخير لمصر»، وهي شعار حزب «الإخوان»، لا تكاد تختفي عن الأبصار. هنا دعاية حزب «النور» السلفي وصيف «الإخوان» في المرحلة الأولى قليلة نسبياً. ولا ينازع الميزان رمز «الحرية والعدالة» إلا السنبلة رمز حزب «المصريين الأحرار» الذي يقود تحالف «الكتلة المصرية» التي تضم أيضاً حزبي «المصري الديموقراطي الاجتماعي»، و «التجمع»، وكذلك الفنار شعار حزب «الوعي» الذي شكله أحد أعضاء «ائتلاف شباب الثورة». ومحافظة الإسماعيلية دائرة واحدة مخصص لها 6 مقاعد في البرلمان لنظامي الفردي والقوائم، إذ ينتخب نحو 700 ألف من سكانها قائمة حزبية واحدة تضم أربعة مرشحين، ونائبين بالنظام الفردي. وتتنافس في المحافظة 14 قائمة و 160 مرشحاً. وبدت مظاهر الانتخابات واضحة في تمركز وحدات من الجيش أمام المدارس التي تحولت لجاناً انتخابية. ويصعب على الزائر إيجاد غرفة في أحد فنادق أو نوادي القوات المسلحة المنتشرة في المحافظة بسبب تخصيصها كلها تقريباً للقضاة المشرفين على العملية الانتخابية. معضلة الناخبين في المحافظة كما نظرائهم في مختلف المحافظات «كثرة المرشحين»، إذ يقول ياسر محمود: «في كل شارع في الإسماعيلية هناك مرشح فردي، فمحافظتنا ليست كبيرة ومترامية الأطراف لكن عدد المرشحين كبير جداً... أعرف صاحب معرض أدوات منزلية ترشح في الانتخابات ولا يقوم بالدعاية لنفسه إلا في حدود منطقته». ولاحظت «الحياة» كثافة الدعاية الانتخابية لعدد كبير من المرشحين على المقاعد الفردية في مناطق محددة، واختفاءها تماماً في مناطق أخرى، ما يشير إلى أنهم اكتفوا بالفعل بالدعاية لأنفسهم في حدود مناطقهم السكنية فقط. ويُستثنى من هذه القاعدة مرشحو الأحزاب، خصوصاً «الحرية والعدالة» و «الوعي» و «الكتلة المصرية». اللافت أن حزب «النور» السلفي لا يبدو منافساً ل «الإخوان» في الإسماعيلية، فدعاية حزب «الوعي» تنتشر في شوارع المحافظة بما يوحي بأنه منافس قوي في الانتخابات رغم تحقيقه نتائج متواضعة للغاية في المرحلة الأولى، إذ أشاد مواطنون تحدثت إليهم «الحياة» باختيار الحزب مرشحيه من الشباب الذين لم يزد عمرهم على 35 سنة، ومنهم مرشح عمره 26 سنة. لكن التنسيق الانتخابي بين الليبراليين لمواجهة صعود الإسلاميين يبدو أنه فشل في الإسماعيلية، إذ يوزِّع صبية بيانات على المارة تؤكد أن ائتلاف شباب الثورة في الإسماعيلية سيقاضي تحالف «الكتلة المصرية» بسبب توزيعه بيانات عن دعم الائتلاف وحزب «الوعي» تحالف «الكتلة»، وهو أمر نفاه البيان. وأكد أن مرشحي «الوعي» لم يتنازلوا لمصلحة أحد.