فرانكفورت، واشنطن، باريس - أ ف ب، رويترز – فاقم تهديد وكالة «ستاندرد أند بورز» بخفض التصنيف الائتماني ل15 دولة من منطقة اليورو الضغوط على القادة الأوروبيين عشية القمة المرتقبة في بروكسيل، لتُضاف إلى ضغوط تمارسها الإدارة الأميركية لاتخاذ إجراءات فاعلة تبعد الخطر عن الاقتصاد الأميركي. وصدر هذا الإعلان في وقت غير مناسب للرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي والمستشارة الألمانية انغيلا مركل، اللذين اعتبرا أنهما حققا خطوة كبيرة بإعلان «معاهدة جديدة» أوروبية. ووضعت الوكالة تصنيف 15 دولة من أصل 17 قيد «المراقبة السلبية» مهددة بخفض تصنيفها، مميّزة فرنسا من بينها إذ كانت الوحيدة بين الدول الست التي تحظى بتصنيف «ايه ايه ايه» والمهدّدة بخفض تصنيفها درجتين إلى «ايه ايه». وحددت الوكالة مهلة قصيرة إذ تعتزم على «إنجاز مراقبتها» في أسرع وقت بعد القمة الأوروبية في التاسع من كانون الأول (ديسمبر)». ولطالما حظيت فرنسا منذ بدء تحديد تصنيفات الدول، بتصنيف «ايه ايه ايه» من الوكالات الثلاث الكبرى «ستاندرد اند بورز» و «موديز» و «فيتش»، وهو التصنيف الذي يمنح للجهات المقترضة الافضل ملاءة، وبقي تصنيفها ثابتاً لدى «ستاندرد اند بورز» منذ أن منحتها إياه للمرة الأولى عام 1989. لكن رأت الوكالة أن أزمة الدين في منطقة اليورو، «أضعفت وضع المالية العامة الفرنسية». يُضاف إلى ذلك، وجود «تباين بين الوكالة وحكومة ساركوزي حول التوقعات الاقتصادية لفرنسا، إذ رجحت الأولى نمواً ب 0.5 في المئة عام 2012، فيما قدرته الحكومة بالضعف. وأكد وزير الاقتصاد الفرنسي فرنسوا باروان في حديث إلى شبكة «فرنسا 3»، أن الحكومة «تبذل جهداً لحماية مدخرات الفرنسيين، والسماح للمصارف بالاستمرار في تمويل النشاط الاقتصادي». وانتقد الإعلان ل«اعتباره مبكراً ولا يأخذ في الاعتبار توافق» ساركوزي ومركل، على «معاهدة جديدة أوروبية». وبعيد إعلان التوافق على المعاهدة الجديدة وتحذير «ستاندرد أند بورز»، أكدت فرنساوألمانيا في بيان مشترك نشرته الرئاسة الفرنسية مساء أول من أمس، «تضامنهما في شكل كامل، ورغبتهما في اتخاذ كل القرارات الضرورية لضمان استقرار منطقة اليورو». وأوضحتا أنهما «تأخذان في الاعتبار احتمال مراجعة «ستاندرد اند بورز» تصنيف عدد من دول منطقة اليورو». وشددتا في البيان على، أن «الاقتراحات التي وضعت ستسمح بتعزيز الحوكمة في منطقة اليورو بهدف استعادة الاستقرار والتنافسية والنمو». ورد رئيس منطقة اليورو جان كلود يونكر بحدة أمس، على إعلان الوكالة، مندداً بتهديد «مبالغ به وغير عادل». وفوجئ «كثيراً بصدور هذا النبأ من دون سابق إنذار قبيل القمة الأوروبية»، معتبراً أن ذلك «لا يمكن أن يكون مجرد صدفة». ورأى حاكم المصرف المركزي الفرنسي كريستيان نواييه، أن هذا التهديد «ناتج من اعتبارات سياسية أكثر منها اقتصادية». وسعى وزير المال الألماني فولفغانغ شويبله إلى إظهار إيجابية، لافتاً إلى أن تحذير الوكالة يشكل «أفضل دفع ممكن» قبل القمة الأوروبية». وإلى التهديد بخفض التصنيف يُضاف الضغط الأميركي، إذ وصل وزير الخزانة الأميركي تيموثي غايتنر إلى ألمانيا أمس، للاجتماع مع مسؤولين في منطقة اليورو على مدار ثلاثة أيام لحضّهم على اتخاذ إجراء حاسم لدعم الوحدة النقدية وحل أزمة الدين. وسيضغط على ساركوزي والإدارتين الجديدتين في اسبانيا وايطاليا ووزير المال الألماني، للاتفاق خلال قمة الاتحاد الأوروبي المرتقبة بعد غد، على خطوات تمنح الأسواق ثقة في أن دول منطقة اليورو «لن تتخلف عن تسديد ديونها، كما ستظل مصارف المنطقة تتمتع بالسيولة». ورأى الخبير الاقتصادي في مصرف «كوميرتس بنك» راينر غونترمان، أن إعلان وكالة التصنيف «يؤجج الأزمة ويثبت عدم وجود مَن هو في مأمن حتى أفضل المقرضين في منطقة اليورو». ولفت المحللون في «باركليز كابيتال»، إلى أن خفض التصنيف سيكون له «وقع كبير على الاقتصاد، وربما يؤدي إلى خفض تصنيف مقرضين آخرين مثل المصارف والمؤسسات العامة، وحمل عدد متزايد من المستثمرين على تفادي التعامل مع منطقة اليورو». وأشار خبراء اقتصاديون، إلى أن خفض التصنيف «سيشكل خطراً على قدرة الصندوق الأوروبي للاستقرار المالي على الإقراض، في وقت يساعد إرلندا والبرتغال على التصدي لأزمتهما».