أشغل إعلان تسبب خمس طالبات بالحريق الذي نشب في مدرسة براعم الوطن الأهلية في جدة السبت الماضي القانونيين والمحامين، حول استحقاقهن للعقوبة من عدمه، وحول إيقاعها عليهن بالنظر إلى المرحلة العمرية لهن. وأوضح عضو هيئة التحقيق والادعاء العام سابقاً المحامي والمستشار القانوني الدكتور إبراهيم الأبادي ل «الحياة» أن المشرّع في السعودية اهتم بالجنايات التي يرتكبها الأحداث، محيلاً إلى نص نظام الإجراءات الجزائية الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/39 بتاريخ 28/7/1422 في المادة الأولى منه على أنه: «تطبق المحاكم على القضايا المعروضة أمامها أحكام الشريعة الإسلامية، وفقاً لما دل عليه الكتاب والسنة، وما يصدره ولي الأمر من أنظمة لا تتعارض مع الكتاب والسنة، وتتقيد في إجراءات نظرها بما ورد في هذا النظام». وأشار الأبادي إلى أن الشريعة الإسلامية جعلت سن المسؤولية الجنائية الكاملة في الفقه الإسلامي هي سن البلوغ، لافتاً إلى أن الفقه الإسلامي لم يحددها بسن معينة، بل بعلامات البلوغ، التي تتحقق عادة ببلوغ الصبي أو الصبية 15 سنة، والتي ببلوغها يصبح الصبي والفتاة مسؤولين مسؤولية كاملة، فيمكن توقيع الحد عليهما أو القصاص. وأضاف: «من ارتكب الجناية أياً كان نوعها، إن كان قبل البلوغ فإن كانت حدًا لا يقام عليه، وإن كانت غير ذلك فيؤدبه وليه المباشر، وإن كانت هناك ديات مستحقة فعلى العاقلة دفعها، ووليه يضمن ما أتلفه للقاعدة الشرعية وهي عمد الصبي خطأ». وفصل عضو هيئة التحقيق والادعاء العام سابقاً أحكام الأحداث في الشريعة التي يستمد منها نظام القضاء السعودي أحكامه، فقال: «إن الأحداث صغار السن لهم أحكام خاصة منصوص عليها في الشريعة الإسلامية، منها العقوبات التي يتحملها الصبي لقاء ما يرتكبه من جنايات من حين انفصاله عن أمه إلى قبيل بلوغه، والتي يعبر عنها بالمسؤولية الجنائية، تختلف باختلاف حال العقوبة، فإن كانت حقاً لله كحدِّ السرقة، والزنا، وشرب الخمر، واللواط، فإنها لا تقام عليه، وهذا محل اتفاق بين الفقهاء، وإن كانت حقوقاً للعباد، فما كان منها حقاً مالياً كضمان المتلفات، وأجرة الأجير، ونفقة الزوجة والأقارب، ونحو ذلك فإنها تجب في ماله، لأن المقصود منه هو المال، وأداؤه يحتمل النيابة، فيصح للصبي المميز أداؤه، فإن لم يؤده أداه وليه». وخلص إلى أن عقوبة القصاص لا تطبق عليه، لأن فعل الصبي لا يوصف بالتقصير، فلا يصلح سبباً للعقوبة لقصور معنى الجناية في فعله، ولكن تجب في فعله الدية، لأنها وجبت لعصمة المحل، والصبا لا ينفي عصمة المحل، ولأن المقصود من وجوبها المال، وأداءها قابل للنيابة. وتجب الدية على عاقلته عند المالكية والحنابلة، وقال: «إن المقصود الأهلية الجنائية عندما يتوافر في الجاني شروط التمييز والإدراك والاختيار، إذ يمر الحدث الصغير في التشريع بمراحل حتى يبلغ سن الأهلية الجنائية، وهي أن يكون الجاني مميزاً عند بلوغه سن سبع سنوات، فلا يحكم عليه بأي عقوبة أو تدبير، وفي المرحلة التي تليها إلى سن 15 عاماً لا حكم على الحدث بعقوبة ولكن بتدبير كالإنذار أو الوضع في إصلاحية». من جانبه، أوضح المحامي والمستشار القانوني خالد الدقاس ل «الحياة» أن المتسببات في كارثة حريق مدارس براعم الوطن ستطبق عليهن النصوص القانونية في ما إن كن في سن البلوغ، وتعمدن إشعال الحريق. وأشار إلى أنه إن كان فعلهن غير متعمد، وإنما فقدن السيطرة على افتعال الحريق فالأمر يصنف على أنه قتل «شبه عمد» أو «قتل خطأ، ولا يحاكمن محاكمةً كاملة، وإذا لم يتنازل أولياء أمور المعلمات المتوفيات والطالبات المتضررات فتستمر القضية في مسارها القانوني والشرعي الذي يتقاسم حكمه جميع الأطراف المشتركة في حال تبرئتهن جزئياً إن أبلغن إدارة المدرسة عن اشتعال الحريق.