ما هي الأعمال التطوعية التي شاركت فيها في حياتك؟ هذا أول سؤال يوجه في المجتمعات الغربية، لمن يبحث عن وظيفة، أثناء إجراء المقابلة معه. هذا السؤال يعبر عن عمق الوعي الحضاري، وعلو الحس الإنساني داخل هذه المجتمعات الغربية مقارنة مع غيرها من المجتمعات الأخرى. وانتشار مؤسسات العمل التطوعي داخل مجتمع ما، يعتبر علامة من علامات التقدم والرقي الذي يتمتع به المجتمع، ويعطي انطباعاً جيداً عن درجة الوعي، وكمية حضور الإحساس الإنساني. ويحافظ على مسار التوازن للحياة الاجتماعية. مفردة متطوع مهمشة لدينا لا تحظى بحضور مثل ما تحظى في المجتمعات الأخرى، ومن بحث عبر الانترنت كلمة «تطوع» «Volunteer» أو نزل على أرض الواقع لعرف حجم الفجوة التي بيننا وبينهم، على رغم أنها جزء أساسي من ثقافتنا الإسلامية، ومن عاداتنا. وهذا يعبر عن غياب الوعي الكافي لمفهوم العمل التطوعي، والتعاريف في ذلك كثيرة منها على سبيل المثال لا الحصر: يعرف التطوع بأنه «الجهد الذي يبذله أي إنسان بلا مقابل لمجتمعه بدافع منه للإسهام في تحمل مسؤولية المؤسسة التي تعمل على تقديم الرعاية الاجتماعية». أصبح الواقع الآن يختلف كثيراً عن أية فترة مضت من ناحية المتغيرات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وبسبب ذلك من الطبيعي أن تحدث ظروف طارئة، من الصعب احتوائها بالشكل المطلوب من جهة واحدة، وهذا يتطلب استعداد واع وفعال من أجل التغلب عليها، وذلك يكون في خلق مجموعات من المتطوعين وتدريبهم بالشكل الاحترافي لمواجهة الظروف بشكل مناسب قدر الإمكان والقضاء على أكبر قدر من الأضرار لا سمح الله. من دون شك، العمل التطوعي يفوق أي عمل آخر، بحكم أنه نابع من ذات الشخص فيكون فيه نسبة الإخلاص والمبادرة أعلى مقارنة بالذي يؤدي الواجب لأنه مجبر على ذلك. وهذا شيء معروف حتى على مستوى الهيئات التطوعية فهي تفوق الهيئات الرسمية من نواحٍ كثيرة كل ذلك يعود لغياب تعقيدات الإجراءات، والبيروقراطية، والمتطوع أكثر إقبال وهمة من الذي يؤدي الواجب الرسمي، وهذا أثبته لنا الواقع كثيراً في ظروف مختلفة. والإسهام بالعمل التطوعي اما يكون بإنفاق المال وهذه فئة قليلة تعتبر قادرة على ذلك. واما يكون من خلال التبرع المجاني بالخبرة والمشاركة بالميدان وتقديم الخدمة وبذل الجهد والوقت والغالب قادرين على ذلك. الأعمال التطوعية الاجتهادية بدأت تنتشر بشكل غير مسبوق داخل المجتمع السعودي، كل ذلك يدل عن أن هناك وعياً ناضجاً من الشباب والفتيات. ومن يشاهد النشاط الاجتماعي الغير معهود يجد هناك أعمالاً لا بأس بها منتشر خلفها شباب لديهم حس إنساني عال يدفعهم الهم الوطني. ليس هناك أجمل وأرقى من العطاء بحرية حينما يكون نابع من النفس. من الواجب الإنساني والديني والأخلاقي والقانوني تشجيع ثقافة التطوع ومساعدة الآخرين. خصوصاً في مجتمع شاب كالمجتمع السعودي. لم يعد بناء المؤسسات التطوعية في كل مدينة وقرية أمراً خيارياً بل ضرورياً من ضرورات استقرار المجتمع ونمائه، ويكون من أدوارها نشر ثقافة التطوع وأثرها على المجتمع، وكذلك إعطاء دورات في مختلف التخصصات من أجل تدريب وتهيئة المتطوعين لمواجهة الظروف الطارئة. [email protected] Twitter | @alzghaibi