بين مد المتغيرات الثقافية محليا وعالميا، وبين حركة جزر اجتماعية يكون منشأ بعضها العادات والتقاليد الاجتماعية.. تأتي ثقافة العمل التطوعي للمرأة ومدى إسهامها عبر منظومة من المتغيرات على مستوى الثقافة تارة، وعلى مستوى الوعي الاجتماعي تارة أخرى. الإعلامية دلال عزيز ضياء إحدى الناشطات في الأعمال التطوعية أشارت إلى جانب تاريخي لمشاركة المرأة في العمل التطوعي منذ تبني سمو الأميرة عفت الثنيان - رحمها الله - حرم صاحب الجلالة الملك فيصل بن عبد العزيز - رحمه الله - تأسيس الجمعية الخيرية النسائية بجدة حوالي عام 1384ه وقالت ضياء: شهدت هذه الجمعية العريقة جهود مجموعة من السيدات المتطوعات في العمل الخيري، وهن ثلة من سيدات المجتمع في جدة، ولازالت هذه الجمعية تؤدي دورها من خلال العمل الخيري والمساهمة في عقد الندوات وأخذ المبادرات بالتعرف على مشكلات المجتمع الاجتماعية والاقتصادية والتوعوية. وأكدت على تزايد المتطوعات بشكل مستمر، ومن مختلف المراحل العمرية، مشيرة إلى ما تسهم به المرأة من خلال حضورها الفاعل عبر قناة العمل التطوعي. وأوضحت ضياء بأن ثقافة العمل التطوعي لدى المرأة قوافل تنوير، ومشروع تحلم به لتوعية المرأة في المدن الصغيرة والقرى وغيرها من التجمعات السكانية بدورها شريكا فاعلا في الأسرة لمواجهة كافة الآفات الاجتماعية وفي مقدمتها آفة الإرهاب. وعن مدى الحاجة إلى نشر ثقافة العمل التطوعي لدى المرأة اليوم فقالت دلال: أحلم بالمزيد من التفعيل لدور المرأة في قوافل التوعية والتنوير، حتى تسهم المرأة بحق في حماية أبناء الوطن من التحول إلى قنابل موقوتة ومبرمجة لصالح الفئة الضالة فهل يتحقق ذلك للمرأة. أما الصحفية والروائية سمر المقرن المتطوعة في لجنة السلامة البحرية التابعة لقيادة حرس الحدود بالمنطقة الشرقية، فترى بأن العمل التطوعي من الناحية الثقافية، لا فرق في مفهومه سواء أكان المتطوع امرأة أو رجلا. سمر المقرن وقالت المقرن: نفتقد إلى كثير من الأمور التي تلزم لبناء شخصية تطوعية. فلو نظرنا للمدارس مثلا فلن نجد أي برامج تقوم ببناء اللبنات الأولى للعمل التطوعي، الأنشطة اللاصفية منذ أن كنت طالبة بالمدرسة قبل عشرين عاماً وحتى الآن لم تتغير، الصورة تتكرر، حيث لازالت الطالبة تشعر بالملل من هذه الأنشطة غير المثمرة. كما أن المواد الأخرى التي تُدرس للطالبات كما هي منذ أن بدأ تعليم البنات، (تدبير منزلي- رسم- أشغال يدوية) ما الذي أخذناه منها؟ صارت هذه المواد مجرد عادات دراسية. من جانب آخر أكدت المقرن على أهمية خلق حراك قوي داخل المدارس، وأن تقوم الطالبات والطلبة بأعمال تطوعية على أرض الواقع، وأن يكون العمل التطوعي ممارسة منذ المراحل الدراسية الأولى. ومضت سمر قائلة: بنظري، فإن المرأة لديها ميل للعمل التطوعي أكثر من الرجل، وأقيس هذا بناء على المعطيات التي أمامي، لو نظرنا للجمعيات الخيرية في المملكة التي تديرها النساء، والجمعيات الخيرية التي يديرها الرجال، فحتما سنرى النتائج وأن الأولى تفوقت على الثانية. سوزان باعقيل أما الأستاذة سوزان باعقيل المتطوعة في عدد من المناشط الاجتماعية، فقد اعتبرت أن العمل التطوعي ثقافة شائعة في الإنسانية بوجه عام، باعتبار أن التطوع رسالة إنسانية موجهة إلى قلوب الآخرين.. مشيرة إلى ان المرأة في مشهدنا المحلي سجلت حضورا تطوعيا متميزا فيما يتعلق بالعمل التطوعي مقارنة بالفترات الماضية. وقالت سوزان: لقد أصبحت ثقافة العمل التطوعي في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز – حفظه الله – من الجوانب المشرقة لحضور المرأة الفاعل، في ظل ما أتيح للمرأة من فرص في مجالات مختلفة، وما تحظى به المرأة من دعم من ولاة الأمر، هذا إلى جانب تغير كبير في نظرة المجتمع إلى المرأة التي تسهم في الأعمال التطوعية مقارنة بفترات مضت. كما أكدت باعقيل على أن المرأة أصبحت أنشط من ذي قبل بكثير، نتيجة لمجموعة من العوامل التي ساعدت المرأة على تشرب ثقافة العمل التطوعي وممارستها بشكل أكبر وأرحب وخاصة في ظل ما يعزز هذه الثقافة على المستوى الأسري. من جانب آخر وصفت المقرن معوقات ثقافة العمل التطوعي لدى المرأة في مشهدنا المحلي باللبس بين العمل التطوعي والعمل المأجور، مشيرة سمر إلى أن الظروف الاقتصادية الحالية قد تكون أحد أسباب العزوف عن العمل التطوعي، موضحة بأنه لا يمنع من حصول المتطوعة على أجر مادي وإن كان رمزياً، كسد لبعض التكاليف المادية التي تتكبدها المتطوعة. وقالت سمر: مسألة ثقافة العمل التطوعي، لا يمكن أن تأتي هكذا دون بناء منذ مراحل الطفولة الأولى لتكون هذه الثقافة سلوكاً على أرض الواقع، وغرس مبادئ العمل التطوعي من النماذج النسائية التي هي قدوة لنا، كذات النطاقين وغيرها من النساء اللاتي كان لهن مساهمات تطوعية عظيمة على مر التاريخ. واختتمت المقرن حديثها مقترحة إقامة رحلات مدرسية للبنات لزيارة الجمعيات الخيرية النسائية، وإشراك الطالبات للإسهام بالعمل مع هذه الجمعيات.