دعا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إلى محاسبة المسؤولين عن «جرائم انتهاكات حقوق الإنسان في ليبيا». وجاء ذلك في وقت أعلنت قناة «العربية» أن النيجر منحت اللجوء السياسي للساعدي القذافي، نجل العقيد الليبي السابق. كما بثت مواقع على شبكة الإنترنت مشاهد لاشتباكات عنيفة وقعت قرب طرابلس، من دون أن يتضح هل أدت إلى وقوع ضحايا. وأشارت المواقع إلى أن الاشتباكات وقعت بين الزاوية وورشفانة، غرب العاصمة الليبية. وذكر موقع «المنارة» أنه سُمعت أصوات انفجارات عنيفة بدأت بعد صلاة المغرب (الخميس) واستمرت حتى فجر الجمعة. ونقل عن شهود أنها ناتجة عن «تبادل كثيف لإطلاق النار من الأسلحة الثقيلة والمتوسطة»، مشيراً إلى أن المواجهات كانت «بين عدد من مواطني مدينة الزاوية ومنطقة ورشفانة» و «أدت إلى اشتعال النيران في معسكر 27 بمدينة طرابلس». ونقل الموقع عن شهود تحدثهم عن ضلوع «أفراد من الطابور الخامس وبقايا كتائب القذافي من الزاوية وبني وليد» في هذه الاشتباكات. وفي نيويورك، أثنى بان كي مون على التزامات الليبيين «الديموقراطية وحقوق الإنسان وحكم القانون والمحاسبة واحترام حقوق الإقليات وتمكين النساء والشباب». وقال إنه شدد للقادة الليبيين على ضرورة إجراء المصالحة الوطنية بالترافق مع العدالة والمحاسبة «لأولئك الذين انتهكوا حقوق الإنسان تحت النظام السابق». أما رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة ناصر عبدالعزيز النصر فأكد، من جهته، وقوف الأممالمتحدة إلى جانب الشعب الليبي. وشدد في كلمة بعد عودته من زيارة مشتركة الى ليبيا مع الأمين العام للأمم المتحدة، على أهمية الاستقرار الأمني وسير العملية السياسية الانتقالية والتحضير للانتخابات وإعادة الإعمار. ودعا القيادة الليبية ورئيس الوزراء المعين عبدالرحيم الكيب إلى «التحلي بروح القيادة المثلى ومواصلة جهود المصالحة الوطنية». وأكد النصر أهمية استرشاد مبادئ الشمول والوحدة وسيادة القانون في ليبيا الجديدة لضمان حقوق الإنسان لكل الليبيين والأفراد الموجودين في الأراضي الليبية «بما يشمل العاملين من مواطني دول أفريقيا ما وراء الصحراء (الكبرى)». وقال النصر إن ثمة حاجة إلى ممارسة السلطة الانتقالية سيادتها كاملة عبر بسط السيطرة على كل الأراضي الليبية «بهدف منع أي استخدام غير مشروع للأسلحة». وفي بروكسيل (أ ب)، قال ديبلوماسيون معتمدون في مقر حلف شمال الأطلسي (الناتو) في بروكسيل إن بعض أعضاء الحلف يشعر بالقلق من أن المحكمة الجنائية الدولية قد تفتح تحقيقاً في شأن ما وصفه مدعي المحكمة لويس مورينو أوكامبو بأنه مزاعم عن جرائم ارتكبها الحلف في ليبيا وسيتم التحقيق فيها «بحيادية وفي شكل مستقل». ونقلت وكالة أسوشييتد برس عن ديبلوماسيين أن إجراءات لاستباق حصول تحقيق في جرائم الحرب ستتضمن على الأرجح مراجعة قانونية داخلية فورية لكل عمليات القصف التي قام «الناتو» أو العمليات التي أوقعت ضحايا مدنيين. وتحدث الديبلوماسيون شرط عدم كشف هوياتهم لحساسية الموضوع. وتمسك حلف «الناتو» على الدوام بأن عملياته في ليبيا تم القيام بها في شكل صارم ضمن ما يسمح به قرار مجلس الأمن الذي رخّص للدول الأعضاء «اتخاذ كل الإجراءات الضرورية لحماية المدنيين والمناطق المأهولة بالسكان المهددة بهجمات». وأشاد قادة الحلف تكراراً بدقة الأهداف التي تم استهدافها في عمليات القصف، مشيرين إلى أن العدد القليل من الضحايا المدنيين الذين سقطوا في عمليات القصف يؤكد نجاح المهمة التي قام بها «الناتو» في ليبيا. لكن مدعي المحكمة الجنائية مورينو أوكاميو أبلغ مجلس الأمن في 2 تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري أن «هناك مزاعم بجرائم ارتكبتها قوات الناتو، وهذه المزاعم سيتم فحصها بحيادية واستقلالية». ولم يوضح مدعي المحكمة مزيداً من التفاصيل عن هذه المزاعم ومن هي الجهة التي أثارتها. وقال مكتبه إنه يركّز حالياً على الجرائم التي ارتكبتها قوات نظام معمر القذافي وإنه ينتظر تقريراً من لجنة تحقيق تابعة للأمم المتحدة في ليبيا من المنتظر أن يصدر في آذار (مارس) المقبل، قبل أن يقرر ما إذا كان يريد أن يواصل عمله بفتح تحقيق رسمي في الجرائم المزعومة ل «الناتو». وقال حلف «الناتو» إنه واثق من أن أعماله تتوافق مع القوانين الدولية وإنه ليس قلقاً من إمكان فتح تحقيق ضده بجرائم حرب. وقال مسؤول في الحلف: «في حال تلقينا طلباً للحصول على معلومات، فإن الناتو مستعد للمساعدة بأي طريقة يمكنه ذلك». ويقول مسؤولون في الحلف إن طائراته قامت بين آذار (مارس) وتشرين الأول (اكتوبر) ب 26 ألف طلعة بينها 9600 غارة، ودمّرت أكثر من ألف دبابة وعربة وقطعة سلاح ثقيل، إضافة إلى تدمير مبان تحوي مراكز «قيادة وتحكّم». وبين المواقع التي تعرضت للقصف مركز القذافي المحصن في باب العزيزية في طرابلس، إضافة إلى بيوت سكنية لمؤيديه، وهي أهداف قد تكون خارج التفويض الممنوح من الأممالمتحدة. و «الناتو» يواجه أصلاً دعوى مدنية في بلجيكا بزعم تورطه في قتل 13 مدنياً في قصف مجمع مدني في العاصمة الليبية طرابلس. ويقول المدعون إن على رغم أن منظمة «الناتو» ومنظمات أخرى دولية تتمتع بحصانة ديبلوماسية في قضايا جنائية، إلا أنها غير محمية في الدعاوى المدنية أمام القضاء البلجيكي. والحصانة تنطبق فقط على الذين يحملون صفة ديبلوماسيين. وتعريف جرائم الحرب في المعاهدات الدولية الخاصة بقوانين الحروب يشمل تدمير أهداف مدنية لا تبررها الحاجة العسكرية. وقد تم اللجوء إليها في عدد من المحاكمات الخاصة بالنزاعات في البوسنة وكرواتيا وكوسوفو ومناطق أخرى. ويقول مسؤولون إن احتمال فتح تحقيق من المحكمة الجنائية الدولية تسبب في خلافات داخل «الناتو». ففي اجتماع عُقد الأسبوع الماضي لسفراء الحلف مع نظرائهم من «دول شريكة» ل «الناتو»، لفت سفير روسيا ديمتري روغوزين إلى عدد من الضربات الجوية التي يمكن اعتبارها جرائم حرب محتملة. وردّ عدد من سفراء الحلف ممن شاركت بلدانهم في القصف بغضب شديد وقالوا إن كلام السفير يمكن أن يُعتبر «تشهيراً». ويُقال إن طائرة «رافال» قاذفة - مقاتلة فرنسية قصفت الشهر الماضي موكباً من العربات كان يستقله القذافي خلال محاولته الفرار من مدينة سرت الشهر الماضي، مما أدى إلى اعتقال العقيد الليبي وقتله على يد قوات الثوار. وهذه الحادثة مثيرة للجدل على وجه خاص لأنه خلال الحصار - الذي تميّز بقصف شديد من الثوار السابقين لقلب مدينة سرت - لم تهاجم طائرات «الناتو» أبداً المهاجمين، بل قصفت موكب سيارات مدنية كان يحاول الفرار. وأوضح الجنرال الكندي تشارلز بوتشارد الذي قاد عمليات الحلف في ليبيا أن القادة العسكريين أعطوا الأمر بشن الغارة لأنهم اعتقدوا أن الموكب يمكن أن يلتحق بمناطق أخرى كانت ما زالت موالية للنظام السابق في غرب ليبيا. على صعيد آخر (أ ف ب)، طلب رئيس الوزراء الليبي السابق البغدادي المحمودي الجمعة من المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة منحه صفة لاجئ سياسي وذلك لتفادي تسليمه إلى سلطات بلاده، كما أعلن محاموه لوكالة «فرانس برس». وقال المحامي توفيق وناس: «إذا منحت المفوضة العليا للاجئين المحمودي صفة اللاجئ، فإن تسليمه يصبح متعذراً» للسلطات الليبية. وأكد المحامي المبروك كرشيد منسق هيئة الدفاع أن الدفاع قدّم طلب المحمودي أمس إلى المفوضية.