تزداد النصوص الشعرية المكتوبة هذه الأيام بتقنية قصيدة النثر التي تتناول الحب والاروتيك او لنقل العلاقة العشقية بين الرجل والمرأة ، وتكاد هذه النصوص تتشابه في طريقة تناول الموضوعة الشعرية في اللغة والمفاهيم. غير إن المرأة الشاعرة تكون في هذه الحالة أكثر شفافية واقل تعقيدا من لغة اوصفات الرجل الشاعر. الديوان الثالث للشاعرة المغربية فاطمة الزهراء بنيس «طيف بني» الصادر عن دار الغاوون 2011 يمكن إن تنطبق عليه هذه الإشارات لولا أنها تتنقل بين التصريح والتلميح وكأنها تخاف إن تنقل التجربة كامل. القضية الثانية في هذا الديوان هو إن الشاعرة تحاول إن تمزج بين الاروتيك والميتافيزيك، ويبدو إن تجربة مثل هذه لا يمكن إن تكتمل بغير هذا المزج الذي لا بد منه . القضية الثالثة هي تقنية الكتابة المكثفة التي لا تتفق كثيراً أو دائماً مع مثل هذه الثيمات التي تحتاج إلى سرد او وصف. لكن الشاعرة بنيس تنجح في أحيان كثيرة من خلال هذا التكثيف الى اختصار مشهد معين بصورة شعرية تشبه ضربة فرشاة الرسام الجريء. « انه الشغب العذري / يسربل فحواي / رغبات تراق / صمتا». أما عن المزج بين الاروتك والميتافيزيك فأن الشاعرة هنا تضفي على لغتها بلاغة تقترب من لغة الماورائية كما في هذا المقطع الذي تقول فيه « ارتل غوايتي ... الم تروني في كل حرف أهيم ؟» ترتل الشاعرة غوايتها كما يفعل الشعراء الغاوون الذين يهيمون في كل واد، غير أنها هنا تحاول إن تتعالى حين تهيم في كل حرف ، وبذلك يكون شغفها أكثر إيغالاً. تكتب الشاعرة بتقنية الهايكو لكنها لا تفعل ذلك بالطريقة نفسها وأحيانا تنحاز إلى تقنية قصيدة النثر ولا تلتفت الى هذا التنقل ولا يهمها ذلك لانها تريد إن تحصل قبل كل شيء على الصورة الشعرية التي تلبي حاجة المناخ الذي تتمخض عنه هذه التجربة الشعرية . في تقنية الهايكو نجد هذا المقطع: « لا آبه بالأرض / كي تثمر أجنحتي / نبضا». في تقنية قصيدة النثر الفرنسية نجد هذا المقطع « لم تكترث قدماي / وأنا أراقص / سريرة الغيب / حين حملت / على / قدم مستعارة». يحفل الديوان بنصوص كثيرة تشبه هذه النماذج التي اخترناها . اما في شأن التصريح والتلميح الذي ذكرناه في البداية فأن الشاعرة تمس موضوعتها الاروتيكية أحيانا مسا خفيفا خوفا من إن تتمزق الشرنقة ، وأحيانا أخرى تقترب أكثر حتى يشعر المرء وكأنها تريد إن تغور إلى الأعماق لكن الواقع يقف في طريقها ويشدها بخيوطه غير المرئية. « كم من سماء / تينع في رؤاي / كم من غيمة / تروضني / لذئب مجهول». أو في هذا المقطع القصير الأخر: « طوبى / للخدر الذي تسربني / لوهجه البدائي / لشريعته الجديرة بي « . ينقسم الكتاب إلى قسمين، القسم الأول ضم النصوص العربية التي ترجمت الى الفرنسية وضمها القسم الثاني منه. وقد قام بالترجمة إلى الفرنسية عبدالرحمن تنكول وهذا الديوان هو الثالث لهذه الشاعرة وسبق إن صدر لها «لوعة الهروب» و «بين ذراعي قمر» في المغرب.