باريس - أ ف ب - أجمع مسلمو فرنسا بحزم على إدانة الحريق الإجرامي الذي أتى على مقر أسبوعية «شارلي ايبدو» التي نشرت رسماً كاريكاتورياً مسيئاً للإسلام وهو الهجوم الذي نسب إلى متشددين أو ربما غير مسلمين. إلا أن مسلمي فرنسا نددوا أيضاً بما وصفوه بمناخ «معاد للإسلام». وعلى رغم الإدانة الصارمة لهذا الحادث، قال مسلمو فرنسا إن هناك «مناخاً معادياً للإسلام» يسود أوروبا منذ بعض الوقت ولا بد أن يزداد تفاقماً مع أي استفزاز في شأن موضوع الديانة الشديد الحساسية. ودمر مقر «شارلي ايبدو» الفرنسية الساخرة التي نشرت على صفحتها الأولى رسماً كاريكاتورياً مسيئاً، ليل الثلثاء الأربعاء، في حريق مفتعل استنكرته السلطات التي لم تستبعد وقوف إسلاميين متطرفين وراءه. وكانت الصحيفة التي تبيع حوالى 60 ألف نسخة، قررت نشر الكاريكاتور لمناسبة فوز حزب النهضة الإسلامي في تونس والإعلان أن «الشريعة ستكون مصدر التشريع في ليبيا». وندد وزير الخارجية الفرنسي كلود غيان ب «الاعتداء» الذي نسبه إلى مسلمين متطرفين. وقال خبير في الوزارة إن «الاحتمال الأول أن يكون من فعل مجموعة صغيرة من المتطرفين تكونت لهذا الظرف لكن من المبكر جداً تحديد عناصرها». في المقابل فان محمد موسوي رئيس المجلس الفرنسي للدين الإسلامي، وهو هيئة استشارية في شأن القضايا المتعلقة بالإسلام، والذي دان الحريق «بأشد العبارات صرامة»، كان له رأي مخالف في شأن احتمال تورط متطرفين إسلاميين في الحادث. وتبنت مجموعة من «قراصنة المعلوماتية» الأتراك اختراق الموقع الإلكتروني ل «شارلي ايبدو». وبررت هذه المجموعة هذا العمل بأنه تعبير عن «الاحتجاج على منشورة تهاجم معتقداتنا وقيمنا الأخلاقية». وتعرضت صفحة الصحيفة على موقع «فايسبوك» إلى سيل من التعليقات التي يتسم بعضها بالتطرف، لمسلمين عبروا عن استيائهم من هذه الصحيفة أو عن ارتياحهم لإحراق مقرها أو شددوا على مبادئ الإسلام. أما الموقع الإلكتروني للصحيفة فعطلته شركة «بلوفيجن» التي تستضيفه، ومقرها في بلجيكا، بعد تلقيه «تهديدات بالقتل»، كما ذكرت الصحافية المسؤولة عن الموقع فاليري مانتو. وأعرب المجلس الفرنسي للدين الإسلامي عن «الأسف الشديد للهجة الساخرة التي اتبعتها الصحيفة حيال الإسلام على رغم دعوته الدائمة إلى حوار هادئ يحترم تنوع الآراء وذلك لمحاربة الجهل والأحكام المسبقة والخلط الذي يتعرض له الإسلام والمسلمون». وهذا ما ذهب إليه أيضاً إمام مسجد باريس الكبير دليل بوبكر الذي «دان هذا العمل» لكنه ذكر بأن «المناخ الأوروبي المشبع بالخوف من الإسلام يؤدي إلى الخلط»، معتبراً أن «الانتقادات الساخرة للدين الإسلامي والمسلمين تدعو للأسف الشديد وتسيء إلى القيم العلمانية والى العيش المشترك الذي يؤمن به مسلمو فرنسا كلياً». وقال أيضاً بشير بوخضير نائب رئيس اتحاد المنظمات الإسلامية الذي يضم 250 جمعية دينية وثقافية معروفة بقربها من جماعة الإخوان المسلمين: «ندين من دون تحفظ هذا العمل العدواني». وأضاف: «لكن إذا كنا نؤمن بحرية التعبير وإذا كنا ندرك أن السخرية جزء من المجتمع فإننا أيضاً مع احترام الرموز الدينية. المسلمون يعانون بشدة ويرون في السخرية من معتقداتهم تعدياً عليهم وظلماً معنوياً لهم».