إذا كان مسلمو فرنسا قد دانوا باجماع وبحزم الحريق الإجرامي الذي أتى على مقر أسبوعية "شارلي ايبدو" التي نشرت الاربعاء رسما كاريكاتوريا للنبي محمد والذي نسب الى متطرفين مسلمين او ربما غير مسلمين الا انهم يشعرون بالقلق من مناخ "معادي للاسلام". فرغم الادانة الصارمة لهذا الحادث يقول مسلمو فرنسا ان هناك "مناخا معاديا للاسلام" يسود اوروبا منذ بعض الوقت ولا بد ان يزداد تفاقما مع اي استفزاز بشان موضوع الديانة الشديد الحساسية. وقد دمر مقر "شارلي ايبدو" الفرنسية الساخرة التي نشرت على صفحتها الاولى رسما كاريكاتوريا للنبي محمد، ليل الثلاثاء الاربعاء في حريق بفعل فاعل استنكرته السلطات التي لم تستبعد وقوف اسلاميين متطرفين وراءه. وكانت الصحيفة التي تبيع حوالى 60 الف نسخة، قررت جعل النبي محمد "رئيس تحريرها" لعدد الاربعاء "احتفالا بفوز" حزب النهضة الاسلامي في تونس والاعلان ان "الشريعة ستكون مصدر التشريع في ليبيا". ونشرت على صفحتها الاولى صورة للنبي محمد يبدو فيها مسرورا مع عبارة "100 جلدة اذا لم تموتوا من الضحك!". وندد وزير الخارجية الفرنسي كلود غيان ب"الاعتداء" الذي نسبه الى مسلمين متطرفين. وقال خبير في الوزارة ان "الاحتمال الاول ان يكون من فعل مجموعة صغيرة من المتطرفين تكونت لهذا الظرف لكن من المبكر جدا تحديد عناصرها". في المقابل فان محمد موسوي رئيس المجلس الفرنسي للدين الاسلامي، وهو هيئة استشارية بشان القضايا المتعلقة بالاسلام، والذي دان الحريق "باشد العبارات صرامة"، كان له راي مخالف بشان احتمال تورط متطرفين اسلاميين في الحادث. وقال "على صفحة موقع شارلي ايبدو الالكتروني التي تعرضت للقرصنة كتب "نبي الاسلام القدير" وهذا ينم على ان القراصنة الذين سطوا على الموقع ليسوا على دراية بمعتقدات المسلمين الذين يؤمنون بان القدرة لله وحده وليس لنبيه". وقد تبنت مجموعة من "قراصنة المعلوماتية" الاتراك اختراق الموقع الالكتروني لشارلي ايبدو في باريس، كما اعلن موقع حافي الخميس. وبررت هذه المجموعة التي تطلق على نفسها اسم اكينجسيلار هذا العمل بانه تعبير عن "الاحتجاج على منشورة تهاجم معتقداتنا وقيمنا الاخلاقية". وتعرضت صفحة الصحيفة على موقع فايسبوك لسيل من التعليقات التي يتسم بعضها بالتطرف، لمسلمين عبروا عن استيائهم من هذه الصحيفة او عن ارتياحهم لاحراق مقرها او شددوا على مبادىء الاسلام. اما الموقع الالكتروني للصحيفة فقد عطلته الخميس شركة "بلوفيجن" التي تستضيفه، ومقرها في بلجيكا، بعد تلقيه "تهديدات بالقتل"، كما ذكرت الصحافية المسؤولة عن الموقع فاليري مانتو. من جهته اعرب المجلس الفرنسي للدين الاسلامي عن "الاسف الشديد للهجة الساخرة التي اتبعتها الصحيفة حيال الاسلام ونبيه رغم دعوته الدائمة الى حوار هادىء يحترم تنوع الاراء وذلك لمحاربة الجهل والاحكام المسبقة والخلط الذي يتعرض له الاسلام والمسلمون". وهذا ما ذهب اليه ايضا امام مسجد باريس الكبير دليل بوبكر الذي "دان هذا العمل" لكنه ذكر بان "المناخ الاوروبي المشبع بالخوف من الاسلام يؤدي الى الخلط" معتبرا ان "الانتقادات الساخرة للدين الاسلامي والمسلمين تدعو للاسف الشديد وتسيء الى القيم العلمانية والى العيش المشترك الذي يؤمن به مسلمو فرنسا كليا". وقال ايضا بشير بوخضير نائب رئيس اتحاد المنظمات الاسلامية الذي يضم 250 جمعية دينية وثقافية معروفة بقربها من جماعة الاخوان المسلمين "ندين بدون تحفظ هذا العمل العدواني". واضاف "لكن اذا كنا نؤمن بحرية التعبير واذا كنا ندرك ان السخرية جزء من المجتمع فاننا ايضا مع احترام الرموز الدينية. المسلمون يعانون بشدة ويرون في السخرية من معتقداتهم تعديا عليهم وظلما معنويا لهم".