باريس- أ ف ب - يرى خبراء اقتصاد ومحللون أن الاتفاق الأوروبي الذي أعلن بعد جهود كبيرة ومتواصلة، يشكل خطوة مهمة على المدى القريب، لكن يستبعد أن يسمح في شكل كامل ودائم، باحتواء أخطار تهدد بانتشار أزمة الديون. وأصبح الاتفاق معروفاً في خطوطه العريضة، لكن تبقى تفاصيل عدة في شأنه تنتظر التوضيح. وأشار المحلل في «ميديوبانكا» كريس ويلر إلى أن الخطة بوضعها الحالي «ليست المدفع الذي أعلنوا عنه، بل بالأحرى رشاشاً خفيفاً». وتوصل القادة الأوروبيون المجتمعون في بروكسيل إلى اتفاق على تعزيز «الصندوق الأوروبي للاستقرار المالي» وإعادة رسملة المصارف الأوروبية، وأعلنوا اتفاقاً مع المصارف على شطب قسم كبير من الديون اليونانية. وستعزز إمكانات الصندوق لتقفز من 440 بليون دولار إلى تريليون دولار. وسيترتب على المصارف الأوروبية زيادة حقوق المساهمين لديها بمقدار 106 بلايين يورو، للتخفيف من المخاوف في شأن انكشافها على سندات دول منطقة اليورو التي تعتبر أوضاعها الاقتصادية هشّة. ويلزم الاتفاق الجهات الدائنة الخاصة لليونان، بشطب 50 في المئة من ديونها المتوجبة، ما يوازي مئة بليون يورو. ورأى مدير «باركليز بورس» فرانكلين بيتشارد «الخطة ترسي إطاراً على المستوى الأوروبي قد لا يسمح بتسوية أزمة الدين، لكن على الأقل بطمأنة الأسواق المالية وإقناعها بالإرادة المشتركة لدى أوروبا على بناء نفسها». وارتفعت مؤشرات البورصات الأوروبية بشدة بعد إعلان الخطة، لا سيما في باريس وفرانكفورت وميلانو. وقال المحلل في بنك «ناتيكسيس» رونيه دوفوسي: «لو كانت السوق واثقة من أن الاتفاق الأخير هو الحل النهائي لأزمة الدين الأوروبية، لكانت نسب الفوائد على سندات الدولة تراجعت إلى المستوى الذي توحي به الأسس الاقتصادية للبلد. وفي هذه الحال كانت معدلات الفائدة بالنسبة لإيطاليا التي تعتبر مهددة في شكل مباشر، تراجعت نقاطاً عدة دفعة واحدة، وهو ما لم يحصل بعد». وأعلن مدير البحوث في «المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي»، العضو في «مجلس التحليل الاقتصادي» ايلي كوهن، أن الخطة في أجزائها الثلاثة غير مقنعة، منتقداً بخاصة شطب قسم من الدين اليوناني. وأوضح أن شطب الديون «يعني أن مستوى الدين اليوناني بعد عشر سنوات سيكون في أفضل الأحوال بنسبة 120 في المئة من ناتجها الداخلي، وهو المستوى الذي يطرح مشكلة لإيطاليا». ولفت إلى أن «الحلول الحقيقية معروفة منذ زمن بعيد» وهي تقضي ب «تضامن تام» لديون منطقة اليورو كاملة، بفضل آليات سندات اليورو، وتسريع دور البنك المركزي الأوروبي لتمكينه من إقراض أموال ل «الصندوق الأوروبي للاستقرار المالي». وذكّر بأن هذين الحلّين رفضهما الألمان. وأبدى بيتشارد دهشته من أن البيان الختامي للقمة الأوروبية لا يأتي على ذكر دور «البنك المركزي الأوروبي» الذي كان محور خلافات كبرى بين باريس وبرلين. وأضاف محذراً: «ننتظر معلومات إضافية حول صدقية الدول، لا سيما إيطاليا وفرنسا، في شأن قدرتها على خفض عجزها المالي».