من علّم الطفلة عبير سلطان البكاء على الموتى، من أفهمها مصاب السعوديين الجلل، من أخبرها بفقيد الوطن، من أسقط اللعبة من يدها، من دفعها للبحث عمن غيّب الموت جسده، من جعلها تركن إلى زاوية غرفتها لتسمع لدموعها أن تسيل، من فتح باب العزاء في قلبها، لم يفعلها سوى الراحل «أمير الإنسانية»، الذي انتزعه الموت من أحبابه. تقول الطفلة ل«الحياة»: «بكيت وحزنت على موت الأمير سلطان بن عبدالعزيز مع أني لم ألتقه، ولم أصادفه في أي مناسبة، إلا أنني أراه على شاشات التلفزيون باسماً ومبتسماً حتى في مرضه، وأخبرني والدي كثيراً عن أفعاله الإنسانية حتى انغرس حبه في قلبي، خصوصاً معاملته ورأفته بالأطفال واليتامى». عبير البالغة من العمر 12 عاماً، والتي تسكن في تبوك الورد أو مدينة «العين الساهرة» كما يحب أن يناديها «الفقيد»، تتشابك مشاعرها مع قلوب الصغار والكبار، لتلتحم في حب «سلطان الخير» الذي يعتبره المراقبون صيدلية خيرية متنقلة في داخل البلاد وخارجها. وكأن عبير تريد أن تستحضر «شجن» الفنان المصري محمد عبدالوهاب «أيها النائمون آه لو تسمعون، أمل راحل وحب مقيم في الحنايا من ضلوعى»، لتتراجع وتستعين بالأمير خالد الفيصل في ما نطق به «يموت الشجر واقفاً وظل الشجر ما مات»، وكأنه «الزيزفون» في طيب رائحة أوراقها، وسعة ظلالها، ودواء أغصانها. مات بعد أن حفر طواعية آباراً من الخير، ليرتوي الأحياء من منابعها، راسماً لنفسه «صارية» شامخة للفقراء والمساكين، الذين توشحوا السواد على فراق من دفع بعربات الإحسان إلى المحتاجين والضعفاء، وسنّ سنّة حسنة في أفعال الخير والعطاء بعيداً عن «رئاء الناس». ل«الراحل» في عتق الرقاب حكاية، وفي سيرته ومسيرته خلاص للكثيرين من ضربة «السيّاف» في ساحات «القصاص»، بعد أن أعاد ل«اليائسين» الأمل والطمأنينة واستقرار العيش، «ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً» بوجاهته وماله. وحدهم العشاق من يعلمون أن للقلوب عيوناً تدمع على فراق أحبائها، جسّدها نبأ «سلطان في ذمة الله»، ف«عم يتساءل» العاشقون في موت حبيبهم، تنتهي عبارات التعازي ويبقى «نبأه» الحدث والحادثة.