ولد معمر محمد عبدالسلام أبو منيار القذافي في السابع من حزيران (يونيو) 1942 في قرية جهنم قرب شعيب الكراعية في وادي جارف بمنطقة سرت. حكم البلاد منذ 1969، وهو صاحب أطول فترة حكم لليبيا منذ أن أصبحت ولاية عثمانية في العام 1551. بدأ حكمه بانقلاب عسكري على الملكية الدستورية، سمّاه ثورة الفاتح من ايلول (سبتمبر) عندما كان ملازماً في الجيش الليبي، في 1 أيلول 1969 وأطاح من خلاله بحكم الملك إدريس الأول. أطلق على نفسه اسم قائد الثورة وعرف بلقب «العقيد القذافي» كما غيّر اسم بلاده من ليبيا الى «الجماهيرية» في العام 1977. أثارت أفكاره الكثير من الجدال والاستهجان من قبل الكثير داخل ليبيا وخارجها، خصوصاً بعد إستفرداه بالقرار في البلاد لمدة تزيد على أربعة عقود وإتهامه مع عائلته بالفساد وهدر مقدرات البلاد لسنين طوال وقمع الحريات العامة، على رغم ما طرحه من فكر جماهيري بالمشاركة بالسلطة. بنى نظاماً لا نظير له في العالم على الإطلاق، ليس جمهورياً أو ملكياً إنما هو مزيج من أنظمة قديمة وحديثة، ادعى أنه لا يحكم إنما يقود ويتزعم، لكن الواقع يشير إلى أنه كرس كل الصلاحيات والمسؤوليات في يديه. كان والده ارسله إلى سرت حيث حصل على الشهادة الابتدائية عام 1956، ثم انتقل إلى مدينة سبها في الجنوب، عاش في كنف أمه وتزوج من فتحية خالد وله منها ابنه البكر محمد القذافي، ثم طلقها في وقت مبكر وتحديداً بعد استلامه السلطة وتزوج من صفية فركاش، التي له منها سبعة أبناء أولهم سيف الإسلام ثم الساعدي، والمعتصم بالله، وسيف العرب، وهانيبال، وخميس وابنته الوحيدة هي عائشة القذافي. وصفته برقية صادرة من سفير الولاياتالمتحدة في طرابلس جين كريتز في العام 2009 بأنه «شخصية زئبقية وغريب الأطوار، يعاني من أنواع عدة من الرُهاب، يحب رقص الفلامنكو الإسباني وسباق الخيل، يعمل ما بدا له ويزعج الأصدقاء والأعداء على حد سواء». وتحدثت البرقية عن أن القذافي كان يصاب بنوبة من الخوف اللاإرادي ويخشى المرتفعات والطوابق العليا من البنايات، ويتشاءم من الطيران فوق الماء. عُرف عن القذافي ارتباطه القوي بالراحل جمال عبدالناصر، ودعواته القوية للوحدة العربية، حتى إنه كان من المتحمسين للوحدة الاندماجية مع جيرانه من العرب مثل مصر وتونس، لكن هذه الحماسة ما لبثت أن خبت في مراحل لاحقة، حيث تخلى عن العمق العربي لليبيا لصالح العمق الأفريقي، حتى إنه وضع خريطة أفريقيا بدلاً من خريطة الوطن العربي كإحدى الخلفيات الرسمية في الدولة، ودعا الى الوحدة الأفريقية كما فعل من قبل مع الدول العربية، قبل أن يسمي نفسه ملك ملوك أفريقيا. في العام 1976 نشر القذافي كتابه الأخضر وجعله أيقونة لجماهيريته، وعرض فيه ما سمّاها النظرية العالمية الثالثة التي اعتبرها تجاوزاً للماركسية والرأسمالية، وتستند إلى حكم الجماهير الشعبية، وتم اعتماد اللون الأخضر لوناً رسمياً في البلاد. عُرف عن القذافي تطرفه في الكثير من القضايا، ومحاولاته الخروج عن المألوف والسائد، حتى في قضايا متفق عليها، ومن بين ذلك مثلا موقفه من القضية الفلسطينية ودعوته لتأسيس دولة سمّاها «إسراطين» تجمع بين فلسطين وإسرائيل، وقراره التخلي عن التقويم الهجري، وتبني تقويم جديد وفريد لليبيا يبدأ من وفاة النبي واعتماد تسميات مختلفة عما هو سائد من أسماء للشهور. قُتل في العشرين من تشرين الاول (اكتوبر) 2011 في منطقة سرت بعد معارك طويلة في بلاده التي تحولت الى جهنم على مدى عشرة اشهر نظراً لما شهدته من مجازر. العلاقة مع الغرب بدأت علاقات القذافي مع الغرب بالصدام والتوتر بسبب تصريحاته ومواقفه ونشاطاته، التي اعتبرتها القوى الغربية معادية وداعمة «للإرهاب الدولي»، ووصل توتر العلاقات بين الطرفين ذروته حينما قصفت الطائرات الأميركية مقره صيف عام 1986، ولكنه نجا من الهجوم. وفي العام 1988 اتهمت الولاياتالمتحدة وبريطانيا جماهيرية القذافي بتدبير اسقاط طائرة شركة الخطوط الجوية الأميركية «بان أميركان» فوق بلدة لوكربي (أسكتلندا)ما أدى إلى مقتل 259 راكباً إضافة إلى 11 شخصاً من سكان لوكربي. وفرضت الولاياتالمتحدة حصارا اقتصاديا على ليبيا في العام 1992. لكن العلاقات بين الطرفين توطدت كثيراً خلال السنوات الأخيرة بعدما توصلت ليبيا إلى تسوية لقضية لوكربي في آب (أغسطس) 2003 دفعت ليبيا بموجبها تعويضات بنحو 2.7 بليون دولار، وسلمت اثنين من مواطنيها المتهمين بالتفجير وهما عبدالباسط المقرحي والأمين فحيمة الى القضاء الأسكتلندي ليحاكمهما في هولندا، فحكم على الأول بالمؤبد وتمت تبرئة الثاني، وفي العام 2009 تم ترحيل المقرحي إلى ليبيا بسبب مرضه. وتعززت علاقة القذافي بالغرب بعدما فكّك برنامجه النووي وسلّم جميع الوثائق والمعدات والمعلومات للولايات المتحدة الأميركية، كما تردد أنه قدم معطيات ومعلومات وخرائط مهمة وحساسة الى الأميركيين حول البرامج النووية لعدد من الدول الإسلامية، ومنها معلومات حول ما يُعرف باسم خلية العالم النووي الباكستاني عبدالقدير خان. ونتيجة للسياسة الجديدة التي اتبعها رفع مجلس الأمن في العام 2003 العقوبات المفروضة على ليبيا. دعا انصاره في بداية الثورة الى ملاحقة الثوار «زنقة زنقة... دار دار... شبر شبر!» كما وصف ابناء شعبه الذين انضموا الى الثورة بأنهم جرذان! وأصدرت المحكمة الجنائية الدولية بحقه وابنه سيف الاسلام وصهره عبدالله السنوسي مذكرة توقيف دولية بتهمة ارتكاب «جرائم ضد الانسانية».