كشف الأمين العام ل «لجان المقاومة الشعبية» زهير القيسي (ابو ابراهيم) ان دولاً عربية عدة لم يسمها نقلت للجان رسائل من اسرائيل في اليوم الأول لأسر الجندي الاسرائيلي غلعاد شاليت تطلب فيه تسليمه فوراً والا ستدفع ثمناً غالياً لذلك، مؤكداً أنه تمت معاملة شاليت معاملة جيدة، كما تم تقديم رعاية صحية له أثناء فترة أسره منذ 25 حزيران (يونيو) عام 2006 وحتى اطلاقه أول من امس. وقال القيسي في مقابلة اجرتها معه «الحياة» أمس، إنه «منذ اليوم الأول على أسر شاليت، وصلتنا رسائل من دول عربية تطلب فيها تسليم شاليت فوراً من دون مقابل بدلاً من أن تدفعوا ثمناً غالياً وتدمير قطاع غزة». وأضاف ان الفصائل الآسرة «رفضت هذا الاسلوب والتهديد»، مشيراً إلى أن «العدو حاول الضغط علينا من خلال قتل عدد كبير من الشهداء دفعة واحدة في أعقاب أسره، لكن المقاومة والشعب الفلسطيني صمدا». وكشف أن القائد العسكري ل «ألوية الناصر صلاح الدين»، الذراع العسكرية للجان المقاومة الشعبية عماد حماد، الذي اغتالته اسرائيل مع امينها العام كمال النيرب وثلاثة آخرين من قادتها العسكريين في 18 آب (اغسطس) الماضي، رداً على عملية إيلات «كان أول من استجوب شاليت». وقال إن حماد «سأل شاليت عن اسمه وجنسيته وديانته ودوره المطلوب منه في الخدمة العسكرية على حدود قطاع غزة». وأضاف: «شاليت كان خائفاً، لكنه كان يجيب بسرعة على الأسئلة خلال الساعات الأولى التي مكثها لدى ألوية الناصر صلاح الدين، قبل أن تسلمه الى كتائب عز الدين القسام بعد التوافق مع قياداتها على ذلك، نظراً لأن لديها امكانات وقدرات تؤهلها للاحتفاظ به في مكان آمن وسري». وأكد أن «شاليت كان يُحتجز في ظروف جيدة وإنسانية أفضل من الظروف التي تحتجز فيها اسرائيل أسرانا في سجونها»، مشيراً إلى أنه «كان يشاهد التلفاز ويستمع الى جهاز الراديو، وحرصنا على المحافظة على سلامة صحته ووضعه النفسي». كما أكد أن شاليت «لم يتعرض لأي تعذيب نفسي أو جسدي أو اهانة، بل بالعكس كان هناك حرص على أن يبقى في حالة صحية ونفسية جيدة تضمن لنا مقايضته بأكبر عدد من الفلسطينيين». وعن اصابة شاليت بجروح أثناء عملية «الوهم المتبدد» التي أسر خلالها، قال القيسي إن «جروحه كانت بسيطة، وتم تقديم الاسعافات الطبية اللازمة له الى أن شفي تماماً منها». وعن الإجراءات الامنية التي كان يتطلبها حجزه، قال إن «حجز شاليت تطلب اجراءات مميزة وبالغة التعقيد وتحتاج الى الصبر والتزام الضوابط الامنية التزاماً دقيقاً لتفادي أجهزة العدو المتقدمة وطائرات الرصد عالية التقنية والعملاء المنتشرين على الأرض للبحث عنه وأجهزة الاستخبارات الاجنبية التي دخلت على الخط وسعت للحصول على أي معلومات عنه»، رافضاً الاشارة الى مكان احتجازه أو أي معلومات عن ذلك. وأوضح: «تم التوافق بين لجان المقاومة الشعبية وحركة حماس وجيش الاحتلال على ان يقوم طاقم من حماس بإجراء المفاوضات غير المباشرة» التي بدأت مع اسرائيل لمبادلته بعد نحو ستة اشهر على أسره. وقال إن «مصر كانت الجهة الأولى التي شرعت في اجراء المفاوضات غير المباشرة قبل أن تدخل فرنسا على الخط من خلال وسيط فرنسي حاول ان يتعرف على وضع شاليت الصحي وظروف احتجازه». واضاف ان «تركيا والرئيس الاميركي السابق جيمي كارتر ثم الوسيط الألماني تناوبوا على التوالي في بذل الجهد لإتمام صفقة تبادل مع اسرائيل من دون جدوى». وأضاف أن «مفاوضات مكثفة جرت مع الوسيط الالماني غيرهارد كونراد في خط مواز لجلسات الحوار الفلسطيني التي عقدت في القاهرة بين العاشر والتاسع عشر من آذار (مارس) 2009، لكنها لم تكلل بالنجاح»، لافتاً إلى ان «النجاح الوحيد الذي حققه كونراد هو إنجاز صفقة اطلاق 20 اسيرة فلسطينية في مقابل شريط فيديو ظهر فيه شاليت حياً في تشرين الأول (اكتوبر) عام 2009». وأشاد بالدور الذي لعبته مصر في المفاوضات، خصوصاً في اعقاب ثورة 25 يناير، اذ كثف المسؤولون المصريون جهودهم لانجاز صفقة مشرفة. ووصف الدور المصري بأنه «الأكثر فاعلية نظراً الى قرب مصر من الشعب الفلسطيني، وإدراكها طبيعة المطالب الفلسطينية وتفهمها لها أكثر من غيرها». واعتبر أن «الدور المصري شكل عاملاً مساعداً وحقق الإنجاز، نظراً لأن مصر معنية بإنهاء أي ازمة في فلسطين كونها الجار الأقرب للقطاع». وألمح الى أن «الفريق المفاوض استفاد من خبرة مصر الطويلة في المفاوضات، ما كان له دور بارز في إنجاح الصفقة». وقال: «كنا نشعر بوجود بُعد قومي وعروبي يحرك المسؤولين المصريين ويحدد مواقفهم تجاه القضية الفلسطينية وصفقة التبادل تحديداً التي كانت تسير وفق محددات المقاومة وشروطها». وأشار إلى أن «الفريق المفاوض (الحمساوي) كان يُجري معنا مشاورات دائمة ونقاشات جادة عن العروض التي يتم تقديمها لإنجاز صفقة التبادل». وقال إن الأمين العام السابق «الشهيد جمال أبو سمهدانة هو من وضع فكرة تنفيذ عملية عسكرية يتم خلالها أسر جندي اسرائيلي لمبادلته بأسرى فلسطينيين، نظراً لأنه كان مهموماً بقضية الاسرى ويسعى جاهداً الى تحريرهم». وأضاف أن «النيرب أكمل المشوار بعد أبو سمهدانة الذي استشهد في غارة جوية اسرائيلية في التاسع من حزيران (يونيو) 2006، اي قبل نحو اسبوعين من أسر شاليت»، مشيداً بالدور الذي لعبه الشهيد حماد في وضع خطة العملية وتنفيذها. ووصف صفقة تبادل الاسرى بأنها «إنجاز تاريخي، ومشاهد الإنجاز كانت واضحة في الاحتفال الشعبي والرسمي بالأبطال المحررين من سجون الاحتلال، وكان الفرح واضحاً على وجوه الفلسطينيين فيما كان الخزي والعار للعدو الاسرائيلي من خلال الاستقبال المخزي من جانب (رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين) نتانياهو لشاليت».