هذا رجل لا يحتاج الى تعريف. قبل ربع قرن أرغم العالم بأسره على حبس أنفاسه. قبل ذلك التاريخ لم يجرؤ أحد على اقتحام مؤتمر دولي واحتجاز وزراء رهائن ونقلهم في طائرة وضعت بتصرفه الى عاصمة بعيدة. ومنذ تلك السابقة، وعلى مدى عقدين، اعتبر، بلا منازع، أشهر المطلوبين في العالم. أفردت أجهزة الاستخبارات ملفاً خاصاً به وأوكلته الى أبرز صياديها. سهر الضباط طويلاً وقطعوا آلاف الأميال لتعقب آثاره. تحول هاجساً لأنه حين يطل يضرب بقسوة وبراعة ويترك اجهزة الأمن ووسائل الاعلام غارقة في التفسير والتحليل والتساؤل عن الضربة المقبلة. كانت عداوته مكلفة. دول عدة سعت الى استرضائه ليبتعد عن تنفيذ هجمات على أراضيها. ودول أخرى سعت الى استمالته لتوظيفه أو التنصت على حركاته. عداوته مكلفة واستضافته مكلفة. الدول التي استضافته كانت تنفي دائماً وجوده في أراضيها، وهو كان يحترم قاعدة الصمت الكامل. وكان من مقرات اقامته يتابع نشاطه ك"ثوري محترف". هذا الرجل لا يحتاج الى تعريف. صورته الشهيرة تكررت أمام مئات الملايين من المشاهدين. وأخباره احتلت طويلاً صدر الصفحات الأولى في كل مكان. لكن التسعينات التي كانت قاتلة لاشياء كثيرة كانت قاتلة بالنسبة اليه. في العام 1994 تحول أشهر مطلوب في العالم الى أشهر سجين فيه. اصطادته الأجهزة الفرنسية من الخرطوم ومذذاك يقيم في السجن الفرنسي. انه اليتش راميريز سانشيز كارلوس. لا شيء يثير الصحافي كأولئك الرجال الذين يتركون على صفحة الأحداث والأيام دوياً ملفوفاً بالأسرار. الرجال الذين لا عنوان معلناً أو دائماً لهم والذين يتحركون في الظلام أو السر وبحوزتهم باسبورات مزورة وتأشيرات مزيفة واسماء مستعارة، والذين تنتظرهم في العواصم التي يتسللون اليها حقائب صغيرة تحوي مسدساً وبندقية وقنابل يحتمون بها خلال اقامتهم أو يستخدمونها في المهمة التي جاؤوا من أجلها. في بداية التسعينات راودني حلم اللقاء بكارلوس. سألت بعض عارفيه ممن عمل معهم وسرعان ما استنتجت ان المسألة التي اعيت اجهزة الاستخبارات تفوق طاقة أي صحافي. بعد اعتقاله أملنا بالتسلل الى سجنه لكن القضاء الفرنسي يفرض عليه نظام العزلة التامة ولا يسمح له الا باستقبال محاميه، فضلاً عن أن كارلوس نفسه بخيل في الكلام الا حين يمثل أمام المحكمة ويحاول ان يحاكمها. تردد اسم كارلوس مرات عدة في سلسلة "يتذكر" خصوصاً في اللقاءات مع الدكتور جورج حبش وابو داوود صاحب الدور الرئيسي في عملية ميونيخ ضد الرياضيين الاسرائيليين، والدكتور حسن الترابي، وبلغني أن حديث الأخير وبعده حديث المصدر السوداني عن ظروف اعتقال كارلوس أغضبا الأخير في سجنه. في 20 تشرين الثاني نوفمبر الماضي نجحت "الوسط" في اقناع انيس النقاش بالخروج عن صمت التزمه ربع قرن فاعترف أنه كان رفيق كارلوس في عملية احتجاز وزراء النفط في فيينا. وخلال انعقاد مؤتمر "دار الحياة" في عمان في ذلك التاريخ بلغني ان ايزابيل كوتان بيار اتصلت تسأل عن العدد الذي تحدث فيه النقاش لأنه نفد في مكتبات باريس. اعتبرنا ان من حق قراء "الوسط" ان يظفروا من أشهر السجناء بما يتخطى الرد على النقاش. ولأن اللقاء المباشر محظور تماماً كان لا بد من تمرير الأسئلة عبر المحامية التي تفضلت مشكورة بالمساعدة. درس كارلوس اسئلة "الوسط" وجاءنا الرد بخط يده وها نحن ننشره. أكد كارلوس ان النقاش كان مساعده في عملية فيينا وروى قصة العملية. وتحدث عن علاقته بوديع حداد و"الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين". شدد على أنه دخل السودان بمعرفة سلطاته وأنه وصله في طائرة كان على متنها وزير الخارجية آنذاك، وقد كان مطلعاً على الأمر على حد قول كارلوس. كشف أنه دخل الأردن بضمانة من العاهل الأردني الملك حسين وأنه غادر سورية بناء على طلب سلطاتها وبعدما فاتح الأميركيون الجانب السوري بموضوع اقامته خلال قمة بوش - الأسد. وكشف ان آخر زياراته لبيروت كانت في آب اغسطس 1991 مؤكداً أنه أقام علاقات مع "مسؤولين لبنانيين". وهنا نص الحلقة الأولى: بداية عرفنا بنفسك؟ إليتش راميريز سانشيز، الشهير ب "كارلوس". كم عمرك؟ 51 سنة مواليد 12/10/1949. جنسيتك؟ فنزويلية. هل أنت متزوج؟ نعم، متزوج من سيدتين. أنا مسلم. هل لديك أبناء؟ لديَّ ابنة شرعية واحدة. أما بقية أبنائي الآخرين، وهم يكبرونها سنا، فإنهم لا يحملون اسمي بعدُ، حرصا على سلامتهم وسلامة أمهاتهم. إذا سُئلت عن "مهنتك"، كيف تجيب؟ ثوري محترف! تمر السنوات وأنت في السجن، هل تأمل في الخروج يوما؟ وماذا تفعل لو خرجت؟ الله أعلم بالمستقبل. أنا أناضل حيث أكون، والمقاومة مستمرة. عالم اليوم على النقيض تماما من العالم الذي كنت تحلم بقيامه، هل تشعر بالإحباط أو بالهزيمة؟ عندما كنت شيوعياً، كنت دوما شديد الانتقاد، في المواضع التي تستوجب ذلك، تجاه الانحرافات السياسية للرفاق السوفيات، وتجاه دول الكتلة الاشتراكية. وانهيار هذه الكتلة يؤكد صحة مواقفي التي كانت توصف من قبل بأنها متطرفة ومغامرة وبورجوازية صغيرة. ألا تندم أحيانا على المصير الذي اخترته لنفسك؟ أبدا، على العكس... هل تأمل بأن تصدر السلطات الفرنسية عفوا عنك، كما فعلت مع أنيس النقاش؟ أنا رهينة محتجزة بشكل غير قانوني في فرنسا. وبالتالي فعلى "المسؤولين" الفرنسيين بالأحرى أن يفكروا في إجراءات عفو خاصة بهم! ثم أن فرنسا لم تصدر قط عفوا عن الاخ أنيس النقاش. وتحريره هو ورفاقه انتُزع بفضل نضالات كبرى. ما هي القوى أو التنظيمات التي تسعى اليوم للحصول على عفو مماثل لك أو لتحريرك؟ هناك رفاق ومتعاطفون يعملون على تحرير كل "الفدائيين" و"المجاهدين". أين هم أصدقاء كارلوس ورفاقه؟ ماذا يفعلون للتعاطف مع قضيتك؟ رفاقي يعبرون بشكل فاعل عن تعاطفهم مع قضيتي. بماذا تشعر حين تسمع في سجنك بنبأ تفجير سفارة أميركية أو مهاجمة مدمرة في ميناء عدن، كما حدث أخيرا؟ شعوري أن النضال سيستمر حتى الهزيمة النهائية للامبرياليين. ألا تحسد اسامة بن لادن وأيمن الظواهري وغيرهما، على الاستمرار في النجاة من شباك الأجهزة التي تتعقبهما؟ الحسد من الغرائز المتدنية، هو أحد العيوب التي ليست فيَّ. والشيخان أسامة وأيمن أعتبرهما شهداء أحياء، بحكم خياراتهما الشجاعة. بماذا شعرت حين مثلت للمرة الأولى أمام قاضي التحقيق جان لوي بروغيير؟ بالمرح والتسلية! لنعد إلى عملية فيينا، من كان وراء فكرة احتجاز وزراء النفط؟ وهل صحيح أن مسؤولا عربيا أوحى بها وشجعها؟ ومن هو؟ علمية أوبيك كانت من الأصل فكرة صدرت عن رئيس دولة عربية. والسلطات الأميركية تعرف هويته جيدا، منذ أن قام أحد سفراء هذه الدولة بالانشقاق، وكشف ل "سي. آي. إيه." أن العتاد العسكري كان قد نُقل من بلاده داخل حقائب البريد الديبلوماسي، على متن آخر رحلة جوية قبيل العملية، وأنه سُلِّم للكوماندوز يوم 19 ديسمبر 1975، في منتصف الليلة التي سبقت تنفيذ العملية، من قبل ديبلوماسي يحتل اليوم منصبا مرموقا في بلاده! قال أنيس النقاش في حديث ل "الوسط" إن تعليمات وديع حداد كانت تقضي بإعدام وزيري النفط السعودي والإيراني، بعد الحصول على "فدية". هل هذا صحيح؟ ومن هو صاحب فكرة الإعدام؟ ولأي هدف؟ ولماذا لم يتم تنفيذ الإعدام؟ تعليمات الدكتور وديع حداد أبو هاني لم تنص سوى على إعدام الشيخ أحمد زكي يماني وزير النفط السعودي في نهاية العملية.وأما حضور وزير الداخلية الإيراني جامشيد أموزغار، بوصفه "المفاوض الرئيسي باسم أوبيك"، فلم نعلم به سوى أثناء عملية الاحتجاز، وأنا الذي فطنت لوجوده! وقد قررت إعدامه فورا. ولقي قراري هذا تأييدا قويا من الشهيد ويلفريد بوسي ومن أنيس النقاش. وإعدام الشيخ يماني كان قرارا صادرا عن جهات ثلاث دولة عربية وتنظيمان عضوان في منظمة التحرير الفلسطينية، وذلك لأربع حجج مختلفة، تعكس وجهات نظر متناقضة في بعض الجوانب، من بينها: - دوره في تقديم ياسر عرفات إلى المغفور له الملك فيصل، مما أوقع منظمة التحرير تحت ثقل جارف اكتسبته منظمة "فتح" بما حصلت عليه من أموال خليجية. مما جعل منها قوة مناهضة للناصرية. - دوره بعد اغتيال الملك فيصل في تغيير السياسة البترولية القومية التي سطرها المغفور له. ... وما حدث حين عدنا إلى الجزائر، بعد الطابع الكارثي الذي اتسم به توقفنا في طرابلس، أن التعب أنهكنا، وكذلك الأمر بالنسبة إلى الطيارين النمسويين. وفي الجزائر وجدت كلا من وزير الداخلية الكولونيل محمد بن أحمد عبد الغني، ومدير الأمن العام الكولونيل أحمد دراية، ووزير الخارجية عبد العزيز بوتفليقة، وهم كانوا آنذاك أبرز ثلاثة قادة بعد الرئيس هواري بومدين في "مجلس الثورة" الجزائري، ينذرونني بأنه في حال إعدام الوزيرين فإن الجزائر لن يعود بإمكانها أن تمنحنا اللجوء السياسي. وخلافا لما رُوِّج لم تكن هناك أية "فدية" خلال العملية، بالرغم من أن كمال خير بك فكر في ذلك في البداية. لكن أبو هاني وديع حداد شرح لنا أن دول أوبيك كافة ستدفع لكن بعد انتهاء العلمية، وكان ذلك احد الانعكاسات أو النتائج المرتقبة للعملية. وهذا ما حدث بالفعل فيما بعد. ولهذا السبب رفضت الخمسين مليون دولار التي تم اقتراحها عليَّ، أثناء العملية. ولسبب أجهله تم دفع الخمسين مليون دولار باسم البلدين السعودية وإيران، رغم رفضنا. وهذه الأموال لم تصل أبدا إلى المقاومة الفلسطينية. ولذا رفض شاه إيران أن يعيد تسديد قسط بلاده من هذه "الفدية"، أي 25 مليون دولار، للطرف السعودي. هل تذكر شيئا عن اجتماع عُقد في بيروت تحضيرا لعملية فيينا؟ كان هنالك العديد من الاتصالات واللقاءات تمهيدا للعملية. وهي وفق التسلسل الكرونولوجي، تمت في بيروت عدة اجتماعات، ثم اجتماعان في دمشق، ثم زوريخ وفرانكفورت وجنيف، وأخيرا فيينا. هل يمكن أن نسمع روايتك عن تفاصيل تنفيذ العملية على الأرض، والدور الذي أنيط بكل واحد من أعضاء "الكوماندوز"؟ تمت العملية وفق المخطط الذي رسمته لها سلفا إلى غاية محطة طرابلس، وكنا قد احتطنا لكل الاحتمالات التي يمكن أن تطرأ. كنت أقود بنفسي عملية الاقتحام لضمان التحكم في الوضع وإبطال أي مقاومة دون تعريض حياة الوزراء للخطر، وكان إلى جانبي في هذه المهمة مساعدي أنيس النقاش. ثم كانت مناضلة ثالثة وخبير في التفجيرات يأخذان أماكننا في المواقع بعد التحكم فيها. أما هانس جوهاكيم كلين، ومناضل آخر كان في السابق من كومنادوز البحرية، فقد كُلفا بتغطية قواعدنا الخلفية. لكن هذا لا يمنع أن تجاذباً حصل في مواقعنا خلال بعض المراحل. ما هو تعليقك على ما قاله أنيس النقاش ل "الوسط" بخصوص أهداف وحيثيات عملية فيينا؟ وما ردك على قوله إنه كان "قائد" الفرقة التي نفذت العملية؟ أعتبر حواركم مع أنيس النقاش ضربا من التضليل! وبالنسبة لي، أنيس النقاش كان من الكوادر السياسية والعسكرية التي لا تُضاهى. كان بطلا حقيقيا. ورغبته اليوم في تحمل مسؤولية الدور المركزي أمر يشرٍّفه، ولكنني أعتبر محاولته هذه أمرا لم يعد مجدياً. إنها محاولة شجاعة، ولكنها ساذجة، لتغطيتي. ولكن هذا الأمر لم يعد يجدي، ولا أهمية له الآن. فكرة العملية كانت في الأصل من اقتراح رئيس دولة عربية. أما تصور العملية وصياغتها، فكانت من تدبير الشهيد وديع حداد. وأما التخطيط والتنسيق المركزي والإدارة السياسية والعسكرية للعملية، فكانت من مسؤوليتي المباشرة بوصفي عضوا قياديا في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين. وأنيس النقاش، بوصفه ممثلا ل "فتح" كان مساعدا لي طيلة تنفيذ العملية، وكان مكلفا بضبط الاتصالات مع السلطات في كل مطار حللنا به. وقد أصبح دوره أساسيا. بعد انتهاء العملية مررنا بمطار القاهرة، بحكم أنه معروف جيدا هناك، لأنه تخرج برتبة ملازم مساعد من أكاديمية المخابرات المصرية ضمن الفيلق الخاص بحركة "فتح". لم يكن أنيس النقاش قط "جاسوسا مندسا" في صفوفنا، بل كان كادرا نفتخر به، ويحظى بثقتنا. ولم يكن خافياً علينا أنه ملازم في "فتح"، ومن "أعين" عرفات... هذه هي الوقائع الصحيحة، أما الباقي كله فليس سوى هراء لم يصرح به سوى اليوم، بأثر رجعي، وتحت ضغوط! هل صحيح أنك التقيت بوديع حداد للمرة الأخيرة بعد عملية فيينا؟ وهل وقع "الطلاق" بينكما يومها فعلاً؟ التقيت الشهيد "أبو هاني" للمرة الأخيرة في كانون الأول ديسمبر 1977، هو مات مسموما في آذار مارس 1978. ما حدث هو أن أبو هاني انتقدني بشدة في مقديشو، على أثر علمية فيينا، لأنني لم أنفذ الإعدام بحق الشيخ يماني. ولكن لم يحدث طلاق بيننا، بل أن أبو هاني اقترح عليَّ في عدن، خلال شهر شباط فبراير 1976، أن أدخل المكتب السياسي. ولقد بكى بحرارة، يوم 15 آذار 1976، حين قدمت له رسالة استقالتي من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، التي أرسلت نسخة منها إلى الأمين العام المساعد آنذاك، أبو علي مصطفى. وكان دافعي للاستقالة حرصي على عدم الدخول كطرف في النزاع بين أبو هاني والمكتب السياسي. هل صحيح أن وديع حداد كان شديد القسوة تجاهكم، أنت وبقية العاملين تحت قيادته؟ بطبعه كان أبو هاني في غاية اللطف والطيبة. كان أكثر قساوة مع نفسه مما هو عليه تجاه الآخرين. وفي الواقع كنت أكثر حرصا منه على الانضباط في القضايا العسكرية، كما أنني كنت لا أتسامح أبدا فيما يتعلق بالإجراءات الأمنية. وبيني وبينه تشكلت علاقة معقدة هي مزيج من الأبوية والصُحبة. كان عماد هذه العلاقة الصداقة والثقة، وذلك بالرغم من أنه كانت بيننا خلافات تكتيكية أساسية حول الأسلوب الذي يجب اتباعه لاستئناف النضال مع ارتفاع أعداد المتطوعين الأجانب. ما سر الشخصية "الكاريزماتية" التي اشتهر بها وديع حداد؟ ليس هنالك سر. كل ما في الأمر أنه كان قائدا شديد الإخلاص والتفاني في خدمة القضية العربية. كان مستعدا لكل التضحيات، وله ذكاء خارق. كان يصب تركيزه بالكامل في النضال المسلح. وكانت له نظرة رائدة في ما يتعلق بالطابع الدولي للنضال الأممي الذي يتجاوز كل الحدود. متى التقيت وديع حداد للمرة الأولى؟ وكيف بدأت بالتعاون مع تنظيمه؟ التقيت أبو هاني للمرة الأولى في شهر تشرين الثاني نوفمبر 1970 في شمال الأردن، خلال المؤتمر الاستثنائي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في جبال البورمة. أما تعاوني معه فقد بدأ قبل ذلك اللقاء، منذ تشرين الثاني 1968 بموسكو، وكانت بداية تعاوني تكليفي من قبل "الجبهة الشعبية" بترجمة "استراتيجية من أجل تحرير فلسطين". متى كانت المرة الأخيرة التي زرت فيها بيروت؟ وماذا تذكر عن العاصمة اللبنانية؟ وهل ربطتك علاقة بأسماء أمنية أو حزبية هناك؟ الزيارة الأخيرة كانت في آب أغسطس 1991. وأنا أحتفظ بذكريات دافئة جدا عن بيروت وعن اللبنانيين. وخلال زيارتي التي توزعت على مدى أكثر من 20 عاما، ربطت علاقات مع الكثيرين من المسؤولين اللبنانيين . كارلوس : ليموزين وطائرة خاصة خلال فترة أعياد نهاية السنة، تم تحويل كارلوس إلى سجن "فرين"، خارج باريس، بعد قرار إداري بإخلاء "قسم العزلة" في سجن "لا سانتيه"، على إثر محاولة فرار دبَّرها عدد من نزلاء هذا القسم، تحت إشراف "السفاح" الفرنسي غي جورج، الذي اقض مضاجع سكان باريس بسلسلة شهيرة من الجرائم الجنسية البشعة التي ارتكبها في منتصف التسعينات. وحسب ما ذكرته إدارة السجن، فإن عددا من هؤلاء المساجين تمكنوا من قطع القضبان الحديدية المثبتة على نوافذ زنزاناتهم، استعدادا للهرب. لكن خطتهم تم اكتشافها من قبل الحرس، وأُحبطت في اللحظة الأخيرة. وعلى إثر ذلك، تقرر نقل كافة المساجين بهذا القسم إلى وجهات أخرى، حتى يتسنى للجهات المختصة القيام بعمليات رقابة تفصيلية في مختلف أجنحة قسم العزلة هذا. وروى "كارلوس" لمحاميته إيزابيل كوتان بيير أنه بعد إحباط محاولة الفرار التي لم يشترك فيها، وخلال عمليات التفتيش التي أتبعتها، قام الحرس بإخراجه من زنزانته لتفتيشها. وتم تحويله موقتا إلى زنزانة أخرى تحمل الرقم 3، في قسم العزلة ذاته، وكانت غير مشغولة منذ فترة طويلة. وأضاف كارلوس: لقد فوجئت بعد أن نُقلت إلى تلك الزنزانة، بأنني وجدت قضبان النافذة مقطوعة. وأعتقد بأنه تم نقلي إلى تلك الزنزانة بشكل متعمد. إذ من غير المعقول أن يغيب عن الحراس رؤية القضبان المقطوعة. كما أن كون تلك الزنزانة غير مشغولة منذ فترة طويلة زاد من شكوكي، لأن ذلك يعني أن من قطع القضبان ليس سجينا! وهذه محاولة استفزازية من قبل ادارة السجن الهدف منها إغرائي على محاولة الهرب، لتجد السلطات الفرنسية في ذلك الفرصة المثالية التي تتحينها للتخلص مني، لأن الحرس في حال محاولة الفرار يحق لهم إطلاق النار! وختم كارلوس حديثه للمحامية، قائلا: إن مثل هذه المحاولات الاستفزازية لا تنفع معي. فأنا لن أخرج من السجن إلا يوم تُوضع تحت تصرفي طائرة خاصة وسيارة "ليموزين" لأغادر السجن على متنها متوجهاً إلى المطار. الاسبوع المقبل: محطات ورسائل