كان سباق الجائزة الكبرى في بطولة العالم لسيارات فورمولا واحد على حلبة البرت بارك في ملبورن عرساً احتفالياً فاق جميع التوقعات التي كانت تحلم بها فيراري، فقد دشّنت الالفية الثالثة بثنائية هي السابعة والاربعون لها في تاريخ هذه البطولة. وما ضاعف فرحة العرس خروج منافستها ماكلارين - مرسيدس من هذا السباق صفر اليدين، واعتلاء رالف شوماخر شقيق ميكايل شوماخر سائق فيراري الاول منصة التتويج لاحتلاله المركز الثالث. وكان سائقا ماكلارين - مرسيدس الفنلندي ميكا هاكينن بطل العالم في الموسمين الماضيين والاسكتلندي ديفيد كولتهارد قد سجلا في التجارب الرسمية افضل وقتين على التوالي ما أهّلهما للانطلاق في الصدارة امام سائقي فيراري اللذين احتلا المركزين الثالث والرابع. وبعد انطلاق السباق حافظ سائقا ماكلارين على مركزيهما وتخلّف البرازيلي روبنز باريكيلو سائق فيراري الى المركز الخامس بعدما تخطاه الالماني فرنتزن سائق جوردان لحظة الانطلاق. وحافظ السائقون الخمسة الاوائل على هذا الترتيب حتى دخول كولتهارد الى المرأب بصورة مفاجئة في اللفة الحادية عشرة وبدا واضحاً من دخوله المبكر وبقائه في المرأب اكثر من دقيقة أنه يواجه بعض المتاعب وتأكد الأمر عندما خذله المحرّك في اللفة الثانية عشرة. وتكرر السيناريو مع هاكينن الذي لقي مصيراً مماثلاً ولكن بعد صموده حتى اللفة التاسعة عشرة وهذا ما اتاح لشوماخر الاكبر ان يتصدر السباق يليه فرنتزن جوردان وباريكيلو فيراري وتروللي جوردان. وظل هذا الترتيب قائماً الى ان دخل شوماخر المرأب في اللفة الثلاثين فتصدر فرنتزن السباق وحافظ على الصدارة حتى اللفة الخامسة والثلاثين حيث استعاد شوماخر زمام المبادرة. وتجدر الاشارة الى ان المنافسة المفترضة بين فيراري وماكلارين تحولت بعد انسحاب سائقي الفريق الاخير منافسة بين فيراري وجوردان ولكن هذه المنافسة خمد اوارها عندما اضطر سائقا جوردان الى الانسحاب تباعاً اذ خرج تروللي في اللفة السادسة والثلاثين ولحقه فرنتزن في اللفة الاربعين فخلت الحلبة للفريق الاحمر، الذي حقق ثنائية غالية جعلته يحصد 16 نقطة اما ماكلارين وجوردان فلم يحصدا غير الخيبة والمرارة. وبعد الوقائع التي رافقت السباق الاول من سباقات الجائزة الكبرى لسيارات فورمولا واحد يمكننا القول ان السباق كان حافلاً بالمفاجآت الا انه لم يحمل قدراً من الاثارة يوازي حجم المفاجآت التي شهدها. تقليص الفارق ويمكن تدوين الملاحظات الآتية: - حققت فيراري انتصاراً ساحقاً مرده الى الجهود التي بذلها الفريق، اداريين وفنيين وميكانيكيين وسائقين، لتقليص فارق السرعة بين محرّك فيراري ومحرّك ماكلارين - مرسيدس اذ لم يتعد الفارق بين شوماخر وهاكينن طوال مراحل السباق ثلاث ثوانٍ، وكان في المواسم الماضية يتخطى الثلاثين ثانية احياناً. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه بالحاح هو هل تستطيع فيراري في السباقات القادمة ان تحافظ على هذا الانتصار الساحق؟ - أعادت ماكلارين سيناريو العام الماضي اذ انسحب سائقاها من السباق على غرار ما حصل هذا العام، لكن الضربة التي تلقتها هذا الموسم جاءت اشد ايلاماً لأن منافستها فيراري جمعت الحد الاقصى من النقاط 16 نقطة في حين جمعت العام الفائت 10 نقاط فقط. ولعل عزاء ماكلارين الوحيد هو ان أياً من سائقي فيراري لم يستطع خلال السباق ان يتجاوز سائقيها وهذا يعني ان السيارة ما زالت تحتفظ بتفوقها وان كان هامش التفوق قد ضاق كثيراً. - حقق فريق جوردان في التجارب الرسمية نتيجة طيبة فأحتل سائقاه فرنتزن ونروللي المركزين الخامس والسادس، وكان أداء السيارة جيداً خلال السباق فتقدم فرنتزن درجة في سلم الترتيب وعجز باريكيللو عن تخطيه مع أنه ضغط كثيراً لتحقيق ذلك. وكان طموح فرنتزن الى اعتلاء منصة التتويج طموحاً مشروعاً الى حد بعيد، ولكن الرياح تجري أحياناً بما لا تشتهي السفن، وكان انسحاب ترولي وفرنتزن تباعاً جراء متاعب واجهتها سيارتاهما ضربة موجعة لفريق جوردان الذي احتل المركز الثالث في بطولة الصانعين في الموسم الماضي وهو يتطلع الى تحسين موقعه هذا الموسم أو على الأقل يريد الحفاظ عليه. - حقق فريق وليامس BMW مفاجأة من العيار الثقيل إذ احتل رالف شوماخر المركز الثالث حاصداً أربع نقاط رغم انطلاقه من المركز الحادي عشر علماً ان زميله جنسون بوتون استطاع أن يقفز من المركز الحادي والعشرين الى المركز السادس قبل أن ينسحب في اللفة ال47 بسبب عطل في المحرك. وعودة BMW الى الحلبة بعد غياب طويل وتحقيقها هذه النتيجة الجيدة ضاعفا من آلام ماكلارين مرسيدس. - حقق فريق بار - هوندا بقيادة جاك فيلنوف انتصاراً مزدوجاً فحل بطل العالم السابق فبلنوف في المركز الرابع جامعاً ثلاث نقاط علماً أنه لم يجمع طوال الموسم الماضي أي نقطة. كما حل السائق الثاني زونتا في المركز السادس برصيد نقطة واحدة. أما فريق جاغوار - فورد بقيادة ايدي ايرفاين فقد خرج من السباق الأول خالي الوفاض اذ انسحب سائقه جون هربرت في اللفة الثانية ولم ينتظر ايرفاين طويلاً للحاق بزميله اللفة السابعة. وقبل أن نختتم هذه الملاحظات لا بد من الاشارة الى أن ميكايل شوماخر الذي حقق فوزه السادس والثلاثين في سباقات الجائزة الكبرى بدا كما لو أنه يحرز فوزه الأول فقد كانت فرحته لا توصف وهو امتدح سيارته الجديدة معتبراً أنها السيارة التي كان يحلم بها منذ زمن طويل، وأشاد بأدائها ولامست ثقة شوماخر بنفسه حد الغرور عندما قال: كت أود أن تستمر المنافسة بيننا وبين ماكلارين حتى النهاية لا ثبت أن سيارتنا تتمتع بكفاءة عالية، على أي حال لن تعوزنا المناسبات خلال هذا الموسم". ومع أن فوز شوماخر جاء عن جدارة فقد لمح بعض المراقبين الى أن باريكيللو كان قادراً على انتزاع المركز الأول لو لم تأمره الادارة بالدخول الى المرأب للمرة الثانية ولم يكن في وسعه سوى الامتثال، مقدماً الفوز الى شوماخر على طبق من ذهب مكتفياً بالمركز الثاني وبتحقيق أسرع لفة في السباق