خاض ميكايل شوماخر سائق فيراري وبطل العالم مرتين، على حلبة انزو ودينو فيراري في ايمولا، سباقاً نموذجياً قاده الى احراز جائزة سان مارينو الكبرى في بطولة فورمولا واحد للسيارات، وحول مدرجات الحلبة غابة من الاعلام الحمراء، وفجّر الفرح الهستيري في قلوب الايطاليين الذين انتظروا هذه اللحظة التاريخية منذ 16 عاماً عندما فاز سائق فيراري باتريك تامباي بهذا السباق في العام 1983. وهذا الانتصار الذي دفع ميكايل شوماخر الى صدارة الترتيب العالمي للسائقين، جاء تتويجاً لقيادة الالماني الفذة، ولجهود العاملين في فريق فيراري اداريين ومهندسين وميكانيكيين، اذ عمل هؤلاء جميعاً بدقة ساعة سويسرية أتاحت لشوماخر ان يحرز فوزه الرابع والثلاثين في سباقات الجائزة الكبرى، وان يطير فرحاً كما لو كان سائقاً مبتدئاً يقطف انتصاره الأول. وتجدر الإشارة الى ان فيراري بذلت جهوداً مضنية فخاضت سباقاً ضد الزمن، وخطت خطوات واسعة الى الأمام اذ قلصت الفارق في التجارب الرسمية بينها وبين ماكلارين - مرسيدس الى حوالى عشري الثانية في اللفة الواحدة، لكن الفضل الأكبر في هذا الفوز على حد تعبير أحد مهندسي الفرق المنافسة لفيراري يعود الى شوماخر شخصياً: "عندما يكون الفارق أقل من عشري الثانية في التجارب الرسمية بين شوماخر والمتصدر، فلن يكون في وسع هذا الأخير ان يشعر بالطمأنينة في أية مرحلة من مراحل السباق". والواقع ان ميكا هاكينن سائق ماكلارين - مرسيدس وبطل العالم في الموسم الماضي الذي انطلق في المركز الأول والذي كان يعتمد استراتيجية تقضي بدخوله المرآب مرتين للتزود وقوداً وتغيير الاطارات، نجح في المرحلة من السباق ان ينهي اللفة بفارق ثانية عن منافسه شوماخر، وعندما بلغ الفارق 14 ثانية، دخل هاكينن المرآب في اللفة السابعة عشرة وخرج متصدراً، لكنه ارتكب خطأً قاتلاً عند أحد المنعطفات فخرج من الحلبة واصطدم بحاجز الأمان ملقياً على عاتق زميله في فريق ماكلارين مرسيدس دافيد كولتهارد مسؤولية الدفاع عن ألوان الفريق أمام سائقي فيراري شوماخر في المركز الثالث وايرفاين في المركز الرابع. وقد استطاع كولتهارد الذي اعتمد استراتيجية تقضي بدخوله المرآب مرة واحدة، ان يستمر متصدراً حتى اللفة الخامسة والثلاثين، لكنه تخلى عن الصدارة لشوماخر بعد خروجه من المرآب وراء فيزيكيلا سائق بينيتون وبانيس سائق بروست، وعانى الأمرين قبل ان يتمكن من تجاوزهما، واضطر دنيس روس المدير الفني لماكلارين الى التدخل لدى مسؤولي بينيتون وبروست لتسهيل مهمة كولتهارد، وقد تم ذلك، ولكن بعدما خسر سائق ماكلارين ثواني ثمينة، وبعدما ارتكب خطأ جعله يخسر أربع ثوان اضافية، أتاحت لشوماخر ان يدخل المرآب للمرة الثانية وهو مطمئن الى أنه سيخرج متصدراً. أما أداء شوماخر على حلبة ايمولا فكان مثار إعجاب النقاد والمعجبين على حد سواء، اذ عرف بحنكته ان يفرض ايقاعه على السباق من الألف الى الياء، وعرف كيف يقتنص الفرص السانحة وكيف يوظف انسحاب هاكينن في خدمته، وقرر بالتشاور مع الفريق الفني للفريق التزود وقوداً وتبديل الإطارات مرتين خلافاً للاستراتيجية التي كانت معتمدة قبل انطلاق السباق، والتي تقضي بدخول المرآب مرة واحدة. وآتى التكامل بين قيادة شوماخر المميزة، وبعد نظر الفريق الفني، ومهارة الميكانيكيين ثماره على أفضل وجه. وجاء فوز فيراري في عرينها مكافأة مستحقة للعمل الجماعي المنظم، وتكريساً لعبقرية شوماخر الفارس الملهم الذي حقق جملة من الانجازات دفعة واحدة، فأحرز السباق وتصدر الترتيب العالمي للبطولة، وحقق اسرع لفة على حلبة انزو ودينو فيراري، وأتاح لفريق فيراري ان يستمر متصدراً بطولة الصانعين بفارق مريح 12 نقطة، ولولا خروج زميله ايدي ايرفاين في اللفة ال47 بسبب عطل في المحرك وهو في المركز الثالث، لتقاسم فارسا فيراري صدارة الترتيب العالمي للسائقين برصيد 16 نقطة لكل منهما. بعد ثلاثة سباقات أقيمت حتى الآن يمكننا القول ان بطولة السائقين وبطولة الصانعين مشرعتان على كل الاحتمالات، والتنافس سيستمر محموماً ومثيراً طوال الموسم، وهو على الأرجح سيبقى ثنائياً بين فيراري وماكلارين - مرسيدس، مع ان جوردان دخلت دائرة المنافسة، ولا يجوز إغفال النتائج الطيبة التي يحققها الفريق في كل سباق، فهو حالياً يحتل المركز الثالث في بطولة الصانعين بفارق 3 نقاط فقط عن فريق ماكلارين بطل الموسم الماضي، في حين يتقاسم فرنتزن سائق جوردان المركز الثالث مع هاكينن بطل الموسم الماضي ايضاً. ملاحظة: السباق القادم سيقام في مونتي كارلو، فهل هنالك من يجرؤ على المراهنة؟ الترتيب العام لبطولة السائقين 1- م. شوماخر 16 نقطة 2- ايرفاين 12 نقطة 3- هاكينن 10 نقاط - فرنتزن 10 نقاط 5- ر. شوماخر 7 نقاط 6- كولتهارد 6 نقاط - باريتشيلو 6 نقاط.