في جو مشرق وتحت شمس ساطعة بايعت موناكو الألماني ميكايل شوماخر سائق فيراري "أميراً" للمرة الرابعة بعد احرازه سباق الإمارة في بطولة فورمولا واحد للسيارات. وقد رفع عدد انتصاراته مع الفريق الايطالي الى 16 انتصاراً متخطياً بذلك الرقم القياسي للسائق النمسوي نيكي لودا 15 انتصاراً الذي دافع عن ألوان فيراري في أواخر السبعينات ومطلع الثمانينات. إذا اردت ان تربح كثيراً، فعليك ان تجازف بالكثير. هذا القول يردده غالباً رواد موناكو، وقد طبق الفنلندي ميكا هاكينن سائق ماكلارين - مرسيدس في التجارب الرسمية هذا القول، فأطلق لمحرك سيارته العنان وانتزع مركز الصدارة في المحاولة الاخيرة من شوماخر بفارق ضئيل جداً. والانطلاق من المركز الاول في سباق موناكو يعطي المتصدر أفضلية لا يستهان بها، لأن التجاوز على طرقات الإمارة صعب جداً، والمجازفة في هذا المجال غير محمودة العواقب على الاطلاق. ولئن طبق هاكينن هذا القول في اللفة الأخيرة من التجارب الرسمية بكل نجاح، فإن شوماخر طبقه بنجاح منقطع النظير في اللفة الأولى من السباق بعد لحظات من انطلاقه، وهكذا رد على التحدي بالتحدي، وعرف كيف يحافظ على صدارة هذا السباق الذي يعتبر امتحاناً صعباً لمهارة السائقين وقدرتهم على التحمل. وقد حذا ايدي ايرفاين حذو شوماخر فتجاوز ديفيد كولتهارد عند المنعطف الأول، وأتاح لفيراري ان تحقق انجازاً مزدوجاً في لحظات خاطفة، وهذا الانجاز رفع من معنويات سائقي الفريق وأمدهما بشحنة من الثقة في النفس، قاما بترجمتها ميدانياً على أفضل وجه... فشوماخر استغل موقعه في الصدارة أيما استغلال فراح يعمق الفارق بينه وبين هاكينن في كل لفة من لفات السباق، وقد بلغ هذا الفارق 12 ثانية في اللفة الثامنة عشرة و19.8 ثانية في اللفة الثانية والثلاثين، وعندما دخل المرأب في اللفة الثانية والأربعين لتبديل الاطارات والتزود وقوداً، كان الفارق قد بلغ 47 ثانية. اما ايرفاين فقد راح يطارد هاكينن بإصرار وعناد، واستطاع ان يقلق راحته باستمرار، اذ بلغ الفارق بينهما في مراحل عدة من السباق اقل من ثانيتين. والخطة التي رسمها فريق فيراري لايرفاين تقضي بدخوله المرأب مرتين، وقد نفذ دخوله الأول في اللفة ال38 فوق الزيت الذي خلفته سيارة أروز بقيادة تاكاجي فأضاع ثواني عدة للسيطرة على الموقف ولاستعادة توازن السيارة. وفي اللفة الخمسين دخل هاكينن المرأب وخرج في المركز الثالث وراء ايرفاين، لكن الصراع لم يكن قد حسم بعد، اذ كان يترتب على سائق فيراري ان يدخل المرأب مرة ثانية وعندما فعل ذلك في اللفة السادسة والخمسين حبس المشاهدون أنفاسهم واشرأبت اعناقهم، لأن الصراع على المركز الثاني كان على أشده، وعندما خرج ايرفاين من المرأب مخلفاً وراءه سيارة هاكينن، بدا واضحاً ان فيراري في طريقها الى فوز تاريخي. ولم تنجح محاولات هاكينن المستميتة لتعديل النتيجة والخروج بجائزة ترضية على الأقل، فاكتفى بالمركز الثالث، في حين حل شوماخر في المرتبة الاولى وزميله ايرفاين في المرتبة الثانية. وهكذا حققت فيراري ثنائية عزيزة للمرة الأولى عبر تاريخها في موناكو. وتجدر الاشارة الى ان فيراري حققت منذ انطلاق بطولة العالم في العام 1950 ثلاثاً واربعين ثنائية في سباقات الجائزة الكبرى، كما انها احرزت 112 انتصاراً في مقابل 117 انتصاراً لماكلارين. ومما لا شك فيه ان وضع فيراري التي تتصدر حالياً ترتيب السائقين وترتيب الصانعين، خلافاً لكل التوقعات، هو افضل بكثير مما كان عليه في العامين الماضيين في مثل هذا الوقت. ففي العام 1997 كان فيلنوف سائق وليامس - رينو يحتل المركز الأول 20 نقطة بفارق 6 نقاط عن شوماخر الثاني 14 نقطة، وكانت وليامس تتصدر ترتيب الصانعين بفارق 6 نقاط ايضاً عن فيراري في المركز الثاني 24 نقطة. وفي العام 1998 كان هاكينن سائق ماكلارين - مرسيدس يتصدر ترتيب السائقين 26 نقطة بفارق 6 نقاط عن شوماخر الثاني 20 نقطة، اما ماكلارين فكانت تحتل المركز الاول في بطولة الصانعين 49 نقطة بفارق 18 نقطة عن فيراري 31 نقطة. ولا بد من الاشارة الى ان سباق الجائزة الكبرى في موناكو وقف على السائقين الذين أثبتوا جدارتهم وعلو كعبهم في الحلبات، وهو يتمتع بمنزلة خاصة لأنه جواز مرور السائق الى الشهرة والتكريس. وبين الابطال الذين توجوا في موناكو يأتي البرازيلي ايرتون سينا في الطليعة 6 مرات يليه البريطاني غراهام هيل 5 مرات والفرنسي آلان بروست 4 مرات والألماني ميكايل شوماخر 4 مرات. الترتيب العام لبطولة السائقين 1- م. شوماخر 26 نقطة 2- ايرفاين 18 نقطة 3- هاكينن 14 نقطة 4- فرنتزن 13 نقطة 5- فيزيكيلا 7 نقاط 6- ر. شوماخر 7 نقاط. الترتيب العام لبطولة الصانعين 1- فيراري 44 نقطة 2- ماكلارين 20 نقطة 3- جوردان 16 نقطة 4- بينيتون 8 نقاط 5- وليامس 7 نقاط 6- ستيوارت 6 نقاط