حسم الفنلندي ميكا هاكينن سائق ماكلارين - مرسيدس الصراع الضاري على اللقب العالمي في سباقات فورمولا واحد، مع الايرلندي ادي ايرفاين لمصلحته بفارق نقطتين، وتوج بطلا للعالم للمرة الثانية على التوالي عندما أحرز جائزة اليابان الكبرى على حلبة سوزوكا بعد موسم حافل بالمفاجآت والأحداث المثيرة، علماً أن ستة سائقين فقط سبقوه الى تحقيق هذا الانجاز هم الايطالي ألبرتو اسكاري، والارجنتيني خوان مانويل فانجيو، والاسترالي جاك برابهام، والفرنسي ألن بروست، والبرازيلي ايرتون سينا والألماني ميكايل شوماخر. ولم تكن الاثارة خلال هذا الموسم وقفاً على حلبات السباق، بل تخطتها الى أروقة الاتحاد الدولي للسيارات بعدما قرر حرمان سائقي فيراري ايرفاين وشوماخر من النقاط الست عشرة التي أحرزاها في سباق الجائزة الكبرى في ماليزيا وهو السباق ما قبل الأخير لهذا الموسم. وقرار الاتحاد الدولي اغتال حظ ايرفاين في المنافسة على اللقب العالمي للسائقين هو الذي كان يتقدم هاكينن بأربع نقاط، كما اغتال آمال فيراري في المنافسة على بطولة الصانعين، وجعل من السباق الأخير للموسم الذي سيقام على حلبة سوزوكا في اليابان غير ذي جدوى. لكن الاثارة اشتعلت من جديد عندما استأنفت فيراري القرار وربحت الاستئناف، فأصبح لقب السائقين بين ايرفاين وهاكينن مشرّعاً على احتمالات شتى، شأنه شأن لقب الصانعين بين فيراري وماكلارين، اذ صار بوسع كل منهما أن يفوز باللقبين معاً. في التجارب الرسمية لسباق اليابان سجل شوماخر أفضل زمن بين المتنافسين ما أهله للانطلاق من المركز الأول في حين احتل هاكينن المركز الثاني، أما ايرفاين فقد اكتفى بالمركز الخامس. ولدى الانطلاق اقتنص هاكينن المركز الأول ونجح ايرفاين في احتلال المركز الرابع وراء بانيس وأمام كولتهارد. وهذا التبديل في مراكز الانطلاق فيما لو استمر قائماً حتى نهاية السباق يضمن لهاكينن لقب السائقين بفارق ثلاث نقاط، ويضمن لفيراري لقب الصانعين بفارق نقطة واحدة. ولا بد من الاشارة الى أن هاكينن كان يتعرض لضغوط نفسية هائلة مردها الى أمور عدة منها انه يدافع عن لقبه في السباق الأخير وهو متخلف بأربع نقاط عن منافسه ايرفاين، ومنها ان الاتحاد الدولي للسيارات توّجه بطلاً للعالم بعد سباق ماليزيا، ثم عاد عن قراره بعد ستة أيام عندما ربحت فيراري الاستئناف، ومنها انه يخوض الحرب على جبهتين: جبهة ايرفاين منافسه المباشر، وجبهة شوماخر الذي حالت اصابته على حلبة سيلفرستون دون استمراره في المنافسة على اللقب، لكنها لم تحد من قدرته على خلط الأوراق، وما حصل في سباق ماليزيا دليل قاطع على تلك القدرة، فضلاً عن ان هاكينن ينطلق من المركز الثاني، وهذا ما يقلص حظوظه في الحفاظ على اللقب. لكن هاكينن رغم ذلك كله، خاض سباقاً مثالياً، فقام بمجازفة مدروسة لحظة الانطلاق رفدت معنوياته بزخم كان في أمس الحاجة اليه وحسنت وضعه ميدانياً، وقد حافظ في لفات السباق ال53 على رباطة جأشه وهدوء أعصابه مع أنه خسر جهود زميله في فريق ماكلارين في اللفة ال34، كما حرص طوال السباق على تجنب كل ما من شأنه أن يعيق انطلاقه نحو اللقب الذي استحقه للمرة الثانية عن جدارة بشهادة المراقبين وبشهادة منافسيه. وعندما رفع هاكينن الفارق بينه وبين شوماخر الى 8 ثوان، خيّل الى المشاهدين، ولا سيما عندما دخل الفنلندي الى المرأب في اللفة ال19 لتبديل الاطارات والتزود وقوداً، ان شوماخر سيتوقف مرة واحدة، ومن المحتمل أن يؤدي ذلك الى قلب الأوضاع، لكن آمال البعض من جهة، ومخاوف البعض من جهة ثانية، تبخرت لدى دخول شوماخر الى المرأب في اللفة ال22، وذلك يعني ان السائقين اعتمدا استراتيجية تقوم على التوقف مرتين، وهذا ما حصل بالفعل فأصبحت احتمالات انتزاع المركز الأول من هاكينن ضئيلة، الا اذا خذله محرك سيارته، أو ارتكب خطأ في القيادة. أما ايرفاين الذي انطلق من المركز الخامس وتقدم موقعاً واحداً إثر الانطلاق، فقد احتل المركز الثالث بعد دخول بانيس الى المرأب في اللفة ال14، لكنه عاد الى المركز الرابع بعد توقفه الأول وراء كولتهارد، ويبدو أنه كان يعاني من آلام في الرقبة إثر اصطدامه بحاجز الأمان في التجارب الرسمية، لذا لم يبذل الجهد الذي كان متوقعاً منه في سعيه المحموم الى احراز اللقب العالمي، وأضاع فرصة العمر لأنها فرصة من الصعب أن تتكرر مرة ثانية. وتراءى للمشاهدين ان ايرفاين كان يعتمد على أداء شوماخر أكثر مما كان يعتمد على أدائه وأداء سيارته، لكن شوماخر الذي ضمن لفيراري لقب الصانعين بعد انسحاب كولتهارد، لم تكن لديه الحوافز التي تغريه بالمجازفة، فهو لا يخوض معركته بل معركة ايرفاين، وقد لا يكون في قرارة نفسه مرتاحاً إذا أحرز هذا الأخير لقب السائقين الذي غاب عن سائقي فيراري منذ العام 1979 عندما فاز به الجنوب افريقي جودي شكتر، لأنه يريد الوهج لنفسه، لا لسواه... وعلى التيفوزي مشجعي فيراري أن ينتظروا موسماً آخر لعل وعسى... وما أضيق العيش لولا فسحة الأمل. الترتيب النهائي لبطولة السائقين 1- ميكا هاكينن 76 نقطة 2- ادي ايرفاين 74 نقطة 3- هارالد هاينتس فرنتزن 54 نقطة 4- ديفيد كولتهارد 48 نقطة 5- ميكايل شوماخر 44 نقطة 6- رالف شوماخر 35 نقطة. الترتيب النهائي لبطولة الصانعين 1- فيراري 128 نقطة 2- ماكلارين - مرسيدس 124 نقطة 3- جوردان موغن - هوندا 61 نقطة 4- ستيوارت - فورد 36 نقطة 5- وليامس - سوبرتيك 35 نقطة 6- بينيتون بلاي ليف 16 نقطة