ينتظر الأردنيون بعد عطلة عيد الفطر، اجراء تغييرات سياسية واقتصادية كبيرة في اجهزة الدولة بكافة مستوياتها، وهي اجراءات المح اليها العاهل الأردني الملك عبدالله أكثر من مرة، وترافقت مع تأكيدات حكومية بأن رئيس الوزراء عبدالرؤوف الروابدة يستعد لاجراء تعديل على طاقمه الوزاري المشكل في آذار مارس الماضي. وتجد أوساط المحللين صعوبة بالغة في معرفة اتجاهات التغيير التي سيقودها الملك عبدالله شخصياً، كون تلك الأوساط تفتقر الى الدراسة الحقيقية لشخصية الملك الشاب الذي يفاجئ كل الأوساط بالاحاطة بفنون القيادة والمرونة في التعامل مع القضايا، إلا أن خطة التغيير في المرحلة الحالية تنحصر في شقها الاقتصادي حيث يحاول الملك منذ تسلمه السلطة في شباط فبراير الماضي الدفع باتجاه إحداث تغييرات في بنية الاقتصاد الأردني تنعكس ايجابياً ومباشرة على جيب المواطن الأردني . وعلى رغم الجهود التي يبذلها العاهل الأردني في جولاته الدولية والتي تركزت على خفض المديونية وجذب الاستثمارات الخارجية، إلا أنه لا يزال يواجه صعوبة في اقناع المستثمرين وأصحاب رؤوس الأموال الأردنيين لاطلاق استثمارات جديدة يمكن أن تحرك الوضع الاقتصادي، وتم اتخاذ اجراءات تشجيعية مثل خفض الرسوم الجمركية على مدخلات الانتاج وخفض الجمارك على السيارات وتأسيس المجلس الاقتصادي . ويبدو أن الفترة الحالية التي لا يمكن تسميتها إلا ب"الانتقالية" تتسم بالتفاؤل الذي يتركز على شخصية الملك عبدالله بالتحديد، لكن أوساط النخب السياسية والاعلامية والمجتمع المدني تختلف على ماهية التغييرات المنتظرة، حيث تشيع أوساط اعلامية منذ أشهر ان الخطوة التالية هي "عملية اصلاح سياسي شامل من أجل اعادة تأهيل الأردنيين من أصل فلسطيني واعطائهم دوراً سياسياً يتناسب مع حجمهم في المجتمع الأردني" لكن هذه المقولات لم تتعد صدور اصحابها ولم تجد تطبيقاً أو خيطاً للبدء في عملية التطبيق، وتعتقد أوساط المحللين ان المرحلة الحالية ستبقى في اطار الهاجس الأمني الذي يتولاه الملك مباشرة بمشاركة رئيس الوزراء عبدالرؤوف الروابدة، ومدير المخابرات العامة سميح البطيخي الذي يلعب دوراً بات واضحاً لدى أوساط الرأي العام الذي ترشحه لتسلم منصب رئيس وزراء في مراحل لاحقة. وهو أول مدير مخابرات يظهر علناً الى جانب الملك في معظم جولاته الخارجية. ولا تستبعد الأوساط المحلية ان تشهد العلاقات الأردنية - العراقية مزيداً من التطور بعدما تم تطويق الخلاف على تمديد اتفاقية النفط بين البلدين بزيارة مفاجئة هي الأولى من نوعها لبغداد يقوم بها وزير خارجية أردني منذ ثماني سنوات. وعلى صعيد الديوان الملكي، فإنه بات من المرجح قبول استقالة رئيس الديوان عبدالكريم الكباريتي التي قدمها منذ فترة طويلة. وتشير معلومات صحافية الى أن انسحاب الكباريتي من "ديوان الملك" جاء نتيجة لما تسميه الصحافة "الخلاف مع رئيس الوزراء على تنفيذ الأجندة" لكن الواضح ان بعض وسائل الاعلام، خصوصاً الخارجية لعبت دوراً كبيراً في تأجيج الخلاف بين الرجلين ليصل الى حد الاستقالة. وترشح التوقعات ان يتم تعيين رئيس الوزراء السابق الدكتور فايز الطراونة رئيساً للديوان الملكي، في خطوة قد تعني تقليل الاحتكاك بين رئيس الديوان ورئيس الوزراء أياً كان، وتتداول أوساط صحافية اسم مرشح آخر لرئاسة الديوان الملكي هو وزير الخارجية عبد الاله الخطيب. لقد لقيت حكومة عبدالرؤوف الروابدة منذ تشكيلها قبل تسعة أشهر ارتياحاً عاماً لدى أوساط الرأي العام المحلي قادته الصحافة الأردنية مشيدة بما يتمتع به الروابدة من ثقافة وحنكة تؤهله للتعامل مع المشاكل والقضايا المطروحة، إلا أن حالة الوئام مع الصحافة خصوصاً "المستقلة منها" لم تستمر طويلاً، فشنت عليه صحافة القطاع الخاص حملات اعلامية، متوقعة سقوطه خصوصاً في مفاصل رئيسية مثل قضية "حماس" و"شحنة القمح الأميركي" إلا أن التوقعات باتت محصورة الآن في اجراء تعديل وزاري محدود يشمل ثماني حقائب وزارية، خصوصاً ان جهود بعض اعضاء مجلس النواب فشلت في حشد عشرة تواقيع على عريضة نيابية تطالب بطرح الثقة بحكومة الروابدة. المعلومات الأولية تؤكد ان الروابدة يستعد بعد عطلة العيد لاجراء تعديل وزاري يعتبر جرعة وقائية للحد من انتقادات نيابية بعد قضيتي "حماس" و"شحنة القمح الأميركي"، وهي خطوة ساهمت في تهدئة الجبهة النيابية المرشحة للاشتعال اذا لم يشمل التعديل الحكومي اسناد بعض الحقائب الوزارية لاعضاء في مجلس النواب حيث خلت الحكومات الثلاث الأخيرة من أعضاء من مجلس النواب وهو توجه قاده الملك حسين، وترجح أوساط حكومية ان يبقى مبدأ الفصل بين النيابة والوزارة قائماً. وعلى رغم ان حديث التعديل الوزاري يدور منذ أكثر من شهر الا أن استقالة وزير النقل ناصر اللوزي زادت من حدة الاشاعات حول الحكومة، واللوزي كان سبباً مباشراً للتعديل الوزاري الأول الذي اجراه الروابدة وبدل فيه حقيبة اللوزي من الاعلام الى النقل بعد خلاف استمر أشهراً ابتعد خلاله اللوزي عن ممارسة دوره كناطق رسمي باسم الحكومة. والواضح أن التعديل الوزاري سيطيل عمر الحكومة أشهراً عدة فيما تعتقد أوساط سياسية أن مهمة تعديل قانون الانتخاب المنتظرة ستوكل للروابدة في المرحلة المقبلة وإذا ما صحت هذه التوقعات فإن الحكومة مرشحة للبقاء لسنة أخرى، قد تجرى خلالها الانتخابات النيابية مبكراً والمرتقبة دستورياً في أواخر العام 2002. وتقول أوساط حكومية ان التعديل المرتقب يأتي للتخلص من "حمولات زائدة" أو من بعض الوزراء الذين لم ينسجموا مع رئيس الوزراء وبرنامجه الحكومي الذي نالت الحكومة الثقة على أساسه أو ارتكبوا أخطاء أو لم يقدموا المستوى المطلوب منهم من الادارة الحكومية. ويتوقع ان ترافق التعديل الوزاري تشكيلات واسعة في اجهزة الدولة ووسائل الاعلام، خصوصاً الصحف التي تمتلك الحكومة جزءاً كبيراً من أسهمها