استطاع الضغط الاعلامي المستمر منذ نحو عقد "بيع" فكرة وحدة المصير بين جميع دول العالم، ودخلت هذه الآيديولوجية الجديدة عقول الاكثرية الساحقة لسكان الكرة الأرضية الذين بلغ عددهم عشية الألفية الجديدة ستة مليارات نسمة. ولكن بين الأمل بحياة افضل وعيش رغيد، وبين الواقع الأليم لما يعترض هذا الامل، هناك مجموعة من الحقائق لا يمكن لأضواء الاحتفالات بالألفية ان تحجبها. ماذا ينتظر سكان العالم في الحقبة المقبلة؟ من هي القوى التي ستتحكم بمصير العالم في الفترة المقبلة؟ وأين هي خطوط الصراع بين الأمم التي ما زالت تكافح على رغم محاولة نفي وجودها؟ وما هي ساحات الصراع؟ هل هي حضارية ام اقتصادية؟ ومن هم المتصارعون؟ حملت الأيام الماضية اجابات مبطنة، وان كانت غير كاملة، عن هذه الاسئلة، فالتاريخ يخبئ في ثنايا الماضي جذور المستقبل، وعلى رقم الانتقال من ألفية الى اخرى فالتاريخ يخط مسلكه غير عابئ بشيء. المؤشر الاول الذي سيطغى على حياة الامم في المستقبل القريب هوالاقتصاد والمال في الدرجة الاولى. ويكفي ان نلتفت الى الاخبار الساخنة التي تصلنا من ارجاء العالم لنرى ان المال والاقتصاد اصبحا محرك السياسة العالمية في عصرنا هذا. فاذا طُرق موضوع صراع او اتفاقية سلام، نجد ان تكاليف الصراع، او مردود اتفاقيات السلام، في مقدم الطروحات على مائدة المفاوضات. واذا تحركت الأممالمتحدة للتدخل في نزاع ما فان المال وتكلفة تدخلها يتصدران اهتمام مسؤوليها. واذا اندلع صراع في مكان محدد من الكرة الارضية، نجد ان التحليلات الاقتصادية تقف وراء موجبات التحرك لحسم الخلاف او لتأجيجه. واذا كان الصراع داخلياً، وهي صفة في طريقها للانعدام، كما هو حال الحدود القومية للأمم، نجد ان البنك العالمي وصندوق النقد الدولي في طليعة فرق الانقاذ. وعلى رغم الأهمية الكبرى للاقتصاد والمال، فانه يظل عصب صراعات سياسية تقف وراءها دول، او مجموعات دول، حريصة على مصالحها القومية في الدرجة الاولى. وكشفت احداث السنتين الاخيرتين تبلور الموقف الدولي، وظهور القوى الدولية بترتيب مختلف عما كان سائداً طوال نصف القرن الماضي. ويأتي تصنيف هذه القوى ضمن خمس مجموعات متباينة الطموحات والأهداف والأساليب. تأتي الولاياتالمتحدة في مقدمها، وتضم تحت جناحها كل "الدول الجديدة"، وهي كندا واستراليا ونيوزيلندا، تليها المجموعة الاوروبية. وقد اثبتت اجتماعات مؤتمر سياتل الاخير وجود صراع عنيف بين ما تمثله اوروبا من قوة اقتصادية وما تسعى اليه الولاياتالمتحدة من هيمنة اقتصادية. ولكن هذين العملاقين الاقتصاديين تجمع بينهما مصالح متشابكة كثيرة، تجعلهما حلفاء اليوم، خصوصاً في المواجهات السياسية الاستراتيجية. ذلك ان المواجهة السياسية قائمة خارج حلقتهما. وفي هذه المواجهة نجد قوة جديدة صاعدة في آسيا تتأهب لاحتلال مركز في ادارة شؤون العالم وجني مكاسب لمصالحها القومية، وهي الصين العملاق الاقتصادي العسكري الجديد. وقد احتلت الصين، المركز الذي كانت تشغله روسيا بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، على رغم مظاهر عرض العضلات والقوة التي تخرج بها موسكو من فترة الى اخرى. اذ ان اي قوة عسكرية او سياسية لا بد ان تكون مرتكزة على قوة اقتصادية متينة، وهو ما فقدته روسيا منذ عشر سنوات، واكتسبته الصين. وأبرز دليل على ذلك ان آخر زيارة للخارج قام بها الرئيس الروسي السابق بوريس يلتسن كانت الى بكين حيث حصل على دعم زعمائها لمواجهة الضغوط الغربية بسبب حرب الشيشان. وعكس واقع مجلس الأمن حقيقة هذه القوى الثلاثية التي تتشارك في الامساك بمقاليد العالم حسبما يقول مندوب احدى الدول الآسيوية في مجلس الأمن، الذي أضاف ان الاعضاء الدائمين في مجلس الأمن يمثلون هذه القوى الثلاث. يجتمعون، يقررون، ويضعون مسودة لقرارات تصدر باسم المجلس، ولا يتردد الديبلوماسي الغاضب في اعتبار ما يجري في كواليس مجلس الأمن "اهانة للدول الاخرى". ويشير الى مجموعة الدول الخمس التي تملك حق الفيتو، ويقول ان هناك امثلة كثيرة على انفرادها بتحديد مصير قرارات مجلس الأمن من خلال جلسات خاصة. وابرز الأمثلة المخاض الذي مر به قرار المجلس الأخير المتعلق بالعراق، الذي تفاوضت عليه الدول الخمس بشكل مكثف خارج اطار الجلسات الرسمية، ووضعت الدول الاخرى امام الأمر الواقع ووجهت بقرار بريطاني يعبر عن مطالب وسياسات الدول الخمس فقط، بعيداً عن اجواء المجلس وقراراته السابقة. وعكس تركيب مجموعة الدول الخمس الكبرى ميزان القوى السياسية، في العالم، فنجد ان الولاياتالمتحدةوفرنسا وبريطانيا تمثل كتلة "شبه موحدة" في كل ما يخرج عن اطار الاقتصاد، تواجهها كتلة روسياوالصين. ولكن في بعض الفترات، خصوصاً حين يتعلق الوضع بالأمور الاقتصادية والسياسية العامة فان مثلث القوى يعود ويظهر واضحاً، ويتكون من الأضلع الثلاثة التي سبق ذكرها: الولاياتالمتحدة وأوروبا والصين مع حليفتها روسيا. ويكثر الحديث حالياً عن امكان "تحديث" هيكلية مجلس الأمن، بحيث يستقبل اعضاء جدداً، ويتم توسيع رقعة الاعضاء الدائمين. وهو مطلب عدد كبير من الدول القوية اقتصادياً او ديموغرافياً. ومنها اليابان والمانيا وايطاليا والهند وباكستان والبرازيل. ولا يتردد مراقبون عن اضافة مصر ونيجيريا لتمثيل افريقيا والكتلة العربية. وكان يتردد سابقاً اسم اندونيسيا وحجمها السكاني الكبير قبل ان تهب عاصفة تيمور الشرقية وتعصف بمكانتها الدولية، وترميها في احضان حلقات عنف لا يبدو ان لها نهاية في الأجل المنظور مما يهدد كيانها كدولة موحدة. لكن المراقبين يستبعدون اجراء اي عملية اصلاحية في مجلس الأمن في السنوات المقبلة، لعدم وحدة جهود المطالبين بالانضمام الى "نادي الفيتو"، ووجود صراع "قومي" بين عدد منها مثل باكستان والهند، او رفض فرنسا وبريطانيا لانضمام المانيا، خوفاً من فتح باب الغاء المقعدين اللذين تحتلهما اوروبا. كما ان دول العالم الثالث لا تستطيع الاتفاق على مبدأ المداورة لحسم تمثيل المناطق الجغرافية كافة. كما ان اي قرار يتعلق بتغيير هيكلية مجلس الأمن يحتاج الى قرار من مجلس الأمن من دون فيتو. ولا تكتفي الدول الخمس بفرض قراراتها السياسية على مجلس الأمن، بل تسيطر، بشكل مباشر وغير مباشر، على كل المؤسسات الدولية التابعة للأمم المتحدة او المرتبطة بها بشكل او بآخر. فدور الولاياتالمتحدة بتسيير مؤسسات التمويل الدولية، وتكييفها حسب مصالحها اضحى علنياً، ولم تعد السلطات الاميركية تتخفى لاطلاق تهديدات بحجب المعونات المالية عن انظمة تخالفها الرأي، بل ان وزيرة الخارجية مادلين أولبرايت تستخدم سياسة "الجزرة المالية" بشكل مواز لسياسة "العصا العسكرية"، ولم تتورع عن الضغط على البنك الدولي لعرقلة منح احد القروض لأندونيسيا في أوج أزمتها الصيف الماضي. وتشهد قاعة اجتماعات البنك الدولي كل انواع الضغوط من الدول الغربية عند اقرار معونات او خطط تمويل الدول الافريقية بشكل ينم عن الصراع الفرنسي الاميركي لكسب النفوذ في القارة السوداء. وفي المقابل فان الصين تتدخل بشكل غير مباشر في تسييس قرارات المنظمات الدولية عبر المساومة على مواقفها في مجلس الأمن، في سبيل الحصول على دعم مالي او ديبلوماسي. وقد دفعت مقدونيا ثمن اقامة علاقات ديبلوماسية مع تايوان، حين استعملت الصين الفيتو للمرة الاولى منذ سنوات لحجب اقرار مساعدة من الأممالمتحدة للجمهورية الناشئة. وقد تعلمت هذا الدرس كثير من الدول الافريقية وتراجعت عن خطوات انفتاح باتجاه تايوان التي تطالب الصين بعودتها الى حظيرتها. وكذلك تفعل روسيا، فهي لا تستطيع الضغط مباشرة على المنظمات المالية للحصول على تمويلات وقروض. خصوصاً بعد مسلسل الفضائح الذي شمل كل اقطاب السلطة في موسكو، فتعمد اما الى المساومة على تصويتها في المجلس، كما كان الحال إبان التصويت على القرارات المتعلقة بالعراق او كوسوفو، وإما ان تلوح بامكان انهيار الديموقراطية مما يعني ضياع القروض السابقة التي تصل قيمتها الى مئات المليارات. ويقول موظف في البنك الدولي "ان روسيا من اقوى الدول المتعاملة مع البنك الدولي وصندوق النقد، وقوتها تكمن في انها مدينة بمبالغ طائلة للمنظمتين، وعند تقديم كل طلب ترفقه بتهديد بالافلاس". ومع كل هذا فان روسيا تتمتع بكل مقومات الدولة العظمى، ويشمل ذلك حق الفيتو، ولكن هذا لا يسبب اي حرج للدول العظمى الاخرى، بل على العكس، فهي تستفيد من نقاط "الضعف - القوة" هذه للمحافظة على توازن مثلث الهيمنة المناسب لمصالحها كدول عظمى. ومن خلال دوران هذه الحلقة الفارغة تظهر القوى الصاعدة التي تجابه مثلث القوى المهيمنة على مجلس الأمن والمنظمات الدولية كافة. وفي طليعتها الدول التي تسمي نفسها "الدول التي تدفع ولا تقبض"، وأبرزها اليابان، فعلى رغم "اعطاء" طوكيو منصب المدير العام لمنظمة اليونسكو بعد منافسة حامية مع المرشح السعودي الدكتور غازي القصيبي الذي كان أوفر المرشحين حظاً، فهي تتطلع لدور اكبر في الساحة العالمية، يوازي حجم المساعدات والقروض والمساهمات التي تقدمها الى الدول الفقيرة وللأمم المتحدة. وتود طوكيو ان يعبر دورها في العالم عن قوتها الاقتصادية والمالية، وعن حجم تعاملها مع بقية العالم. كما ان اليابان لم تعد ذلك القزم العسكري الذي كانته بعد الحرب العالمية الثانية، فهي تحتل منذ عقدين مركزاً رائداً في ميزان القوى العسكرية بمباركة واشنطن ورعايتها. ولا تود اليابان ان تكتفي بدور شرطي في آسيا يواجه الصين دون اي مقدرة للتفاوض مع جارتها الكبيرة. والذي يحصل حتى الآن ان واشنطن تفاوض الصين في شأن جميع الأمور العالمية والآسيوية، معتمدة على حلفها مع اليابان. في حين لا تستطيع اليابان الانفراد بسياسة مستقلة تأخذ بعين الاعتبار مصالحها الكبيرة في المحيط الآسيوي بعيداً عن مصالح اميركا. وتود اليابان ان يكون لها دور، بسبب موقعها الاستراتيجي في المباحثات التي تدور بين واشنطنوبكين حول شبه الجزيرة الكورية. وأطراف اسيا الروسية. وكذلك الأمر بالنسبة الى الهند فهي على رغم ثقلها الديموغرافي، وكونها من اكبر الديموقراطيات في العالم، ما زالت تُعامل كدولة من العالم الثالث، تمر فوق رأسها المفاوضات مع الصينوروسيا، على رغم موقعها الرئيسي في المنطقة، وحرب طاحنة على ابوابها الغربية في كشمير وأفغانستان، لا تستطيع التأثير على مجرياتها. وكذلك الأمر بالنسبة الى باكستان التي استفادت من النزاع الاميركي - الصيني - الروسي في السنوات الماضية للحصول على مساعدات عسكرية من واشنطنوبكين، فيما اقتصر تعامل الهند مع روسيا. وعلى رغم النزاع التاريخي الذي يفرق بين الدولتين، فنيودلهي واسلام اباد متفقتان على ضرورة الاقرار لهما بدور في ادارة شؤون المنطقة. وما دخولهما نادي الدول النووية بذلك القدر من الضجة الا للمطالبة باحترام اوزانهما كدول كبرى. يعني ذلك كله ان القوة الرابعة الصاعدة تتكون، مطلع هذا القرن، من مجموعة دول متفرقة ذات مصالح متناقضة ومواقع متفاوتة على الخارطة العالمية، تجمع بينها رغبتها في شغلها مركزاً في ادارة شؤون العالم، يسمح لها ايضاً بحماية مصالحها القومية. ولا تنحصر لائحة هذه الدول في ما ذكرنا، اذ يمكن ان تشمل دولاً اخرى تبحث عن مكان في دائرة الضوء. منها جنوب افريقيا والبرازيل او الأرجنتين، وحتى اسرائيل وتركيا. ومن المفارقات ان الدول العظمى التي تشكل مثلث القوى الاول ونادي الدول الطامحة الى منازعتها على مراكز الانفراد بالقرارات المصيرية للعالم، والتي تشكل مربع القوى الحالي، تشارك في الاتفاق على الخطوط العريضة لتوجهات العالم الاقتصادية والسياسية العامة بينما تختلف على تفاصيل الوصول الى هذه الاهداف المشتركة. وتختلف مع هذا المربع "قوة خامسة" جديدة العهد على الساحة العالمية لا تشارك القوى المسيطرة على مقاليد الأمور في عالمنا الحالي لا في الأهداف ولا في السبل المتبعة. وعلى رغم انها لا تملك الصواريخ والقنابل النووية، ولا تسيطر على منظمات مالية ولا على اسواق ناشطة واستهلاكية، فهي تهدد كل الموازين السياسية والمالية التي تسعى الدول الاخرى الى تنفيذها. وتكمن فاعلية هذه "القوة الخامسة" في وجودها الممتد في كل ارجاء المعمورة، داخل كيانات الدول الكبرى وفي اطراف الدول الفقيرة. ولكن هذه القوة تحمل في طياتها نقاط ضعف كثيرة ابرزها تفرق اهداف من يؤلفها. وهذه القوة التي هي وليدة "نجاح القوى المسيطرة بجعل العالم قرية كونية" اساسها الرأي العام العالمي، فقد اثبت مؤتمر سياتل ان الرأي العام العالمي المتفرق المذاهب والمتعدد المشارب، والمتنوع اللغات والعادات والتقاليد يمكنه ان ينزل هزيمة نكراء بقوى المال والمنظمات العالمية والمالية والتجارية، ان توحّد وعَمِلَ على الوصول الى هدف مشترك. وتعريف هذه القوة المتمثلة بالرأي العام العالمي ليس فقط تمريناً او دراسة لظاهرة اجتماعية، فهي الموضوع الأول الذي تعكف سلطات معظم الدول الكبرى كلها على درس تطوره وتأثيره على سياساتها. وفي حين كان للرأي العام الغربي تأثيره في سياسات الدول الغربية، فان كل الدول اضحت تتفاعل الآن مع رد فعل شعوبها والرأي العام في مجتمعاتها. وكما تقول صحيفة برتغالية عقب اعلان استقلال تيمور، فان المستعمرة الاندونيسية مدينة للرأي العام باستقلالها. وكذلك الأمر بالنسبة الى مسلمي كوسوفو. فان الحرب تبدأ في عصرنا هذا على صفحات الصحف والمجلات وعلى شاشات التلفزة. وتمر قرارات السياسيين عبر قراءات متأنية لتوجهات الرأي العام اكثر مما تعتمد على آراء الخبراء والمحللين. ألم تمتنع فرنسا عن السماح للحوم البقر البريطانية بدخول اراضيها، على رغم قرارات مجلس الاتحاد الاوروبي والتلويح باجراءات ضدها لمخالفتها القوانين، وذلك تلبية لرغبة مواطنيها المتخوفين من مرض "جنون البقر"؟ وكيف يمكن تفسير نجاح الرئيس الروسي بالوكالة فلاديمير بوتين وهو الذي كان مغموراً لولا شعبية حرب الشيشان عند الرأي العام الروسي؟ وفي الصين حيث يعتبر الشعور الوطني القومي الاكثر شوفينية في المنطقة الآسيوية، على رغم صرامة النظام في ما يتعلق بالحريات الفردية والنقابية، الا نرى حرص الحكام ولو المتأني، على الانفتاح، على العالم بشكل يستجيب لمطالب شعوبها اكثر مما يلبي مطالب واشنطن، خوفاً من احتقان يوقف الآلة الاقتصادية التي رفعتها الى مصاف الدول المتقدمة؟ وحتى واشنطن التي تعتبر نفسها رأس حربة التحرر الاقتصادي تتخذ قرارات مخالفة لقوانين الاقتصاد الحر، حين تجد ان توجه رأيها العام يصب في هذا الاتجاه. والا فكيف يمكن تفسير قرارات منع الشركات النفطية الاميركية الضخمة من التعامل مع بعض الأنظمة السياسية في العالم، وخسارتها العديد من الاسواق، الا بكون هذا مطلباً للطبقات الشعبية التي ترى في ايران وكوبا وليبيا والعراق بعبعها اليومي؟ وهل يستطيع نظام الحكومة الدخول في حرب ما او مفاوضات صلح ما، دون ان يكون الرأي العام وراءها ومؤيداً لها؟ امثلة كثيرة تثبت ان آراء الشعوب ورغباتها باتت في ميزان القوى، وان بشكل متفاوت، عبر قدرتها على الاتصال، وعبر قوتها الشرائية الضاربة، وعبر قدرتها على اظهار عدم رضائها عما يتخذ من قرارات في شأن القضايا التي تهمها. ولكن ما يحد سطوة هذه "القوة الخامسة" في العالم عدم اتفاقها على الأهداف والأولويات. وهذا يجد تفسيره باختلاف المصالح والعادات والطباع. ومن هنا نستطيع ان نتساءل هل ينتهي القرن الحالي بانتصار قوتين فقط في قريتنا الكونية: الرأي العام العالمي ممثلاً المستهلكين العاملين اللاهثين وراء سعادة منشودة، والقوى المالية الكبرى المسيطرة على الانتاج والتصنيع واللاهثة وراء أرباحها؟