ارتبط اسم فدوى طوقان بمدينتها نابلس، حيث ترعرعت في كنف عائلة محبّة للعلم والثقافة، في جوار أخيها الأكبر ابراهيم طوقان. وقد أطلّت الشاعرة الفلسطينيّة بصوتها المتفرّد، في وقت لم يكن صوت المرأة مسموعاً، فحملت هموم شعبها الفلسطيني ومشاغله، ورافقت النكبات والانهيارات والمقاومة وأحلام الحريّة والاستقلال. واليوم تكرّس ليانة بدر شريطاً تسجيلياً لهذه الشاعرة التي ترمز تجربتهاالى معاناة جيل، وتختزن ذاكرة مرحلة. فالأديبة الفلسطينيّة التي سبق لها أن أصدرت العام 1996 كتاباً عن طوقان بعنوان "ظلال الكلمات المحكيّة - حوار مع فدوى طوقان"، قررت خوض تجربتها السينمائيّة الأولى، فغاصت في ذاكرة الشاعرة وتوقّفت عند أبرز محطّاتها. وهي تكشف في فيلمها "حكاية شاعرة من فلسطين"، لحظات انسانيّة حميمة من حياة فدوى طوقان. كما تثير قضايا سياسيّة وجماليّة، وثقافيّة وانسانيّة عامة. رافقت ليانة بدر فدوى طوقان في حياتها اليوميّة الأليفة في نابلس، والتقطت بوح تلك الفتاة التي حرمت من الذهاب إلى المدرسة في مراهقتها الأولى، لكنّها رفعت التحدّي وحطمت القيود بمساعدة أخيها ابراهيم. في الفيلم تحكي فدوى طوقان الحكاية كلّها، قصّة كفاحها وقصّة كفاح المدينة، من أجل تحقيق الحريّة والحصول على حقّ الاختيار. وترتسم في الخلفيّة مدينة نابلس اطاراً للذاكرة، ومسرحاً للمواجهة، ومصدراً للوحي، وحافزاً على مواصلة الصراع... فهي المكان الذي احتضن التاريخ، وشاهد تعاقب الحضارات والغزاة. فيها يتعانق التراث الكنعاني بالتراث الروماني، وفيها تتواشج الأديان السماويّة . فيلم "حكاية شاعرة من الفلسطين" 57 دقيقة الذي قام يتوليفه قيس الزبيدي، عانى من بعض المتاعب مع البيروقراطيّة الاسرائيليّة. لكنّ الأجهزة أكّدت أن عرقلته تعود إلى أسباب تقنيّة بحتة لا علاقة لها بمضمون الشريط. وقد أخرجت ليانة بدر فيلمها أخيراً من الرقابة، وهو في طريقه إلى العرض على شاشات عربيّة وأوروبيّة.