«الاستثمار العالمي»: المستثمرون الدوليون تضاعفوا 10 مرات    قيود الامتياز التجاري تقفز 866 % خلال 3 سنوات    رئيسة (WAIPA): رؤية 2030 نموذج يحتذى لتحقيق التنمية    سعود بن مشعل يشهد حفل "المساحة الجيولوجية" بمناسبة مرور 25 عامًا    السد والهلال.. «تحدي الكبار»    ظهور « تاريخي» لسعود عبدالحميد في الدوري الإيطالي    أمطار على مكة وجدة.. «الأرصاد» ل«عكاظ»: تعليق الدراسة من اختصاص «التعليم»    «التعليم»: حظر استخدام الهواتف المحمولة بمدارس التعليم العام    إسماعيل رشيد: صوت أصيل يودّع الحياة    من أجل خير البشرية    وفد من مقاطعة شينجيانغ الصينية للتواصل الثقافي يزور «الرياض»    محمد بن راشد الخثلان ورسالته الأخيرة    مملكتنا نحو بيئة أكثر استدامة    نيوم يختبر قدراته أمام الباطن.. والعدالة يلاقي الجندل    في الشباك    بايرن وسان جيرمان في مهمة لا تقبل القسمة على اثنين    النصر يتغلب على الغرافة بثلاثية في نخبة آسيا    قمة مرتقبة تجمع الأهلي والهلال .. في الجولة السادسة من ممتاز الطائرة    وزير الخارجية يشارك في الاجتماع الرباعي بشأن السودان    الكرامة الوطنية.. استراتيجيات الرد على الإساءات    نائب أمير الشرقية يكرم الفائزين من القطاع الصحي الخاص بجائزة أميز    ألوان الطيف    ضاحية بيروت.. دمار شامل    «بنان».. جسر بين الماضي والمستقبل    حكايات تُروى لإرث يبقى    جائزة القلم الذهبي تحقق رقماً قياسياً عالمياً بمشاركات من 49 دولة    نقاط شائكة تعصف بهدنة إسرائيل وحزب الله    أهمية قواعد البيانات في البحث الأكاديمي والمعلومات المالية    الأمير محمد بن سلمان يعزّي ولي عهد الكويت في وفاة الشيخ محمد عبدالعزيز الصباح    تطوير الموظفين.. دور من ؟    السجن والغرامة ل 6 مواطنين ارتكبوا جريمة احتيالٍ مالي    قصر بعظام الإبل في حوراء أملج    كلنا يا سيادة الرئيس!    القتال على عدة جبهات    معارك أم درمان تفضح صراع الجنرالات    الدكتور ضاري    التظاهر بإمتلاك العادات    مجرد تجارب.. شخصية..!!    كن مرناً تكسب أكثر    نوافذ للحياة    زاروا المسجد النبوي ووصلوا إلى مكة المكرمة.. ضيوف برنامج خادم الحرمين يشكرون القيادة    الرئيس العام ل"هيئة الأمر بالمعروف" يستقبل المستشار برئاسة أمن الدولة    صورة العام 2024!    ما قلته وما لم أقله لضيفنا    5 حقائق من الضروري أن يعرفها الجميع عن التدخين    «مانشينيل».. أخطر شجرة في العالم    التوصل لعلاج فيروسي للسرطان    محافظ صبيا يرأس اجتماع المجلس المحلي في دورته الثانية للعام ١٤٤٦ه    وزير الخارجية يطالب المجتمع الدولي بالتحرك لوقف النار في غزة ولبنان    استعراض السيرة النبوية أمام ضيوف الملك    أمير الشرقية يستقبل منتسبي «إبصر» ورئيس «ترميم»    الوداد لرعاية الأيتام توقع مذكرة تعاون مع الهيئة العامة للإحصاء    أمير الرياض ونائبه يؤديان صلاة الميت على الأمير ناصر بن سعود بن ناصر وسارة آل الشيخ    أمير منطقة تبوك يستقبل القنصل الكوري    البريد السعودي يصدر طابعاً بريدياً بمناسبة اليوم العالمي للطفل    الدفاع المدني يحذر من الاقتراب من تجمعات السيول وعبور الأودية    الأهل والأقارب أولاً    الإنجاز الأهم وزهو التكريم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدورة الاخيرة استقطبت أكثر من 12 الف مشاهد في العاصمة وحدها. مدير "ايام عمان المسرحية" يرد على تهمة "التطبيع مع اسرائيل" . نادر عمران : النقابة تريد افشالنا وتتصرف بعقلية القبيلة
نشر في الحياة يوم 18 - 10 - 1999

أقدمت نقابة الفنانين الاردنيين على فصل الفنان نادر عمران مدير فرقة الفوانيس ومدير مهرجان ايام عمان المسرحية ، من عضويتها. وأُبلغ عمران قرار فصله من خلال كتاب رسمي حمل امضاء نقيب الفنانين مالك ماضي، واشتمل سبع تهم موجهة الى عمران وهي : اقامة ايام عمان من دون تصريح، والاساءة إلى نائب نقيب الفنانين، وقانون النقابة، وتهديد بعض اعضاء مجلس النقابة بالتصفية الجسدية، وكذلك التمول من جهات اجنبية، وتجاوز بيان النقابة المتضمن مقاطعة مهرجان ايام عمان المسرحية، وبيان النقابة الرافض للتطبيع مع اسرائيل.
وكان سبق قرار فصل عمران شكوى مقدمة من نقيب الفنانين الى مجلس النقابة بتاريخ 17/5/1999 تضمنت عددا من التهم، طالب النقيب في ضوئها من المجلس "اتخاذ اللازم". وبالفعل اتخذ مجلس النقابة اللازم فاحال عمران الى لجنة تحقيق برئاسة الفنان محمد العبادي، اوصت بالاكتفاء بتوجيه انذار لعمران. لكن مجلس النقابة رفض قرار اللجنة، وضرب عرض الحائط بجهودها، وقرر فصل عمران من عضوية النقابة، بعد ان امضى قرابة ربع قرن من حياته في العمل الفني، أغنى خلالها الحركة المسرحية الاردنية بالجهود الخلاقة التي صاغت رؤاها "فرقة الفوانيس" منذ تأسيسها العام 1982. أنتجت "الفوانيس" حتّى اليوم 22 عملا مسرحياً، وساهمت منذ ستة اعوام، بالاشتراك مع "فرقة الورشة" المصرية، في اطلاق "أيّام عمان المسرحية". وهذا المهرجان يستضيف الفرق المسرحية المستقلة من الوطن العربي وجميع انحاء العالم، التي تأتي لتقدم عروضها وفنونها المبتكرة في عمان، وهو بالتالي المؤسسة العربية الوحيدة التي تتمتّع بعضوية "الملتقى غير الرسمي للمسرح الاوروبي" IETM الذي يضم اكثر من 400 منتج ومسرحي وفرقة من جميع انحاء العالم. وقد استضافت ايام عمان، على مرّ دوراتها الخمس أبرز رموز المسرح العربي، ونشير بينهم إلى الفاضل الجعايبي، روجيه عساف، نضال الاشقر، توفيق الجبالي، عز الدين قنون، جواد الاسدي، جليلة بكار، هناء عبد الفتاح، رجاء بن عمار، خالد الطريفي، يوسف العاني، سهام ناصر وغيرهم...
وأثارت قضيّة فصل نادر عمران من النقابة سجالاً صاخباً في الأوساط الثقافيّة والمسرحيّة، داخل الأردن وخارجه. فصدرت بيانات تضامن واحتجاج عدّة، بينها البيان المشترك الذي صدر عن "الفوانيس" و"الورشة" راجع مقتطفات منه في مكان آخر من هذه الصفحة. وأدّت مضاعفات القضيّة إلى اعادة النظر بنشاطات "لجنة مقاومة التطبيع" التابعة للنقابة، فما كان من مجلس النقباء سوى أن قام بحلّها "لافتقارها إلى الصدقيّة، ولعدم وضوح الأسس التي تستند إليها في قراراتها، ولتعريضها مجلس النقباء للاحراج أكثر من مرّة أمام الرأي العام الأردني". وانتظرنا قليلاً كي تهدأ حدّة الصخب لننشر هذا الحوار مع الفنان نادر عمران الذي يردّ فيه على "مزاعم النقابة التي تستهدف انجازات الفوانيس ونجاحاتها". وأوضح عمران أن "جلسات التحقيق" تمت في غيابه ولم يبلّغ بها بتاتاً، كما انّه لم يطّلع على البيانات والحيثيات الموجهة ضده، ما "يشكل خرقا فاضحاً للقانون، ويشكّك بصدقيّة اجراءات التحقيق. هنا تفاصيل الحوار الذي أجري والقضيّة في أوجها، وحضره عضوا الفوانيس محتسب عارف ورائد عصفور :
بماذا ترد على التهم التي استندت اليها نقابة الفنانين لاقالتك؟
- استطيع ان اقول ان التهم كلها شكلية، باستثناء واحدة يمكن ان تكون ثابتة، وهي انني اقمت مهرجان ايام عمان المسرحية من دون اخذ تصاريح من النقابة. ولكن المشكلة في ذلك ليست محصورة فيّ، وانما في النقابة التي طالبتها بمنحي التصاريح اللازمة حسب القانون، فظلت تماطل وتماطل، حتى ايقنت ان الامر ليس اكثر من مصيدة هدفها دفعي الى اليأس وثنيي عن المضي في مغامرة ايام عمان المسرحية. وبعد ذلك اكتشفت ان النقابة ليست مخولة باصدار تصاريح بسبب عدم صدور نظامها الداخلي بعد تحولها من رابطة الى نقابة قبل نحو سنتين ما يفقدها صلاحية اصدار تصاريح وتقاضي رسوم، وهو امر قانوني لا جدال فيه. اذاً أنا احترمت القوانين، وأنا متمسّك بنص القانون وأرفض تجاوزه.
لم أهدّد أحداً!
وماذا عن موضوع تمويل المهرجان من جهات اجنبية؟
- قضية التمويل مسألة معروفة، وتتم تحت اشراف وزارة الثقافة الاردنية التي لم تعترض على ذلك. إننا نقدّم للوزارة في نهاية كل سنة موازنة تفصيلية، وهي الجهة التي تقوم بمراقبة ادائنا المالي والاداري، فما شأن النقابة في ذلك ؟
وهل صحيح انك قمت بتهديد نائب نقيب الفنانين ؟
- ضاحكاً هذا الموضوع يندرج في اطار تهديد امن الدولة، وفي ضوء هذه التهمة المضحكة اطالب بتحويلي أمام القضاء! كلاً يا عزيزي، لم اقم بتهديد نائب النقيب، ولا بتهديد أي انسان. وكيف أفعل وذلك ليس من شيمي، ويتنافى مع روح الفنّ والتقاليد السلميّة الديموقراطيّة العريقة التي نتمسّك بها وندافع عنها...؟ بل على العكس هو الذي هددني وشتمني عبر رسالة مسجلة على الهاتف، وتدخل الوسطاء بعد ذلك لحل المشكلة، وعُقد اجتماع حضره ستة من اعضاء فرقة "الفوانيس" وثلاثة من مجلس النقابة، وشهدوا جميعا بان الاجتماع المذكور كان ودياً ولم يجر فيه اي تهديد لاحد.
وماذا بشأن عدم التزامك قرار النقابة الرافض للتطبيع مع اسرائيل؟
- نحن لم نتجاوز بيان النقابة الداعي الى مناهضة التطبيع. لكننا لم نمتثل للشق الثاني من البيان الذي يحرض على مقاطعة المهرجان بسبب مشاركة اسرائيليين فيه، لاننا كنا نعلم علم اليقين ان المشاركة الاسرائيلية في المهرجان غير حاصلة وغير ممكنة ومرفوضة جملة وتفصيلاً. ولكن اذا كانت النقابة تعتبر الفنانين الفلسطينيين الذين ظلوا متشبثين باراضيهم وهويتهم العربية عشية اغتصاب فلسطين العام 1948، اسرائيليين، فهذا شأنها! ولكننا لسنا ملزمين بذلك، لاننا نعتبر اولئك فلسطينيين عرباً يتعين علينا احتضانهم وتضميد جروحهم، لا نبذهم وتشويه تاريخهم الوطني المشرِّف.
والى متى يبقى الحديث عن التطبيع مرافقا لكل مهرجان او تجمع مسرحي تقيمونه؟
- سيبقى الى ان تستقر المقاييس في ما يتعلق بهذا المصطلح الفضفاض المسمى "التطبيع". إن المعايير لا تزال مرتبكة، فكيف يمكن ان نفسر التحفظ عن مشاركة الشاعر الفلسطيني سميح القاسم في افتتاح مهرجان مؤتة الاول الذي اقيم خلال الموسم الماضي في عمان برعاية مجلس النقابات المهنية الاردنية ؟ لقد ادين القاسم بسبب حمله جواز السفر الاسرائيلي، ولم يغفر له تاريخه النضالي، ولا ميراثه الابداعي في ان يحظى برؤية جمهوره وابناء شعبه العربي في الاردن. فهل يُدان الشهيد لان في جسده رصاصاً اسرائيلياً؟
مهرجان ايام عمان المسرحية يرفض التطبيع مع العدو الصهيوني، وليس مع ابناء شعبنا. ومناهضة التطبيع لا تكون باصدار البيانات وتوزيع الاتهامات جزافاً، بل بالعمل، ولا يحق لاحد ان يزايد علينا كمهرجان: استضفنا في دورتنا السابقة مسرحية "البحث عن عايدة" لفاضل الجعايبي وجليلة بكار، التي رصد ريعها لصالح دعم مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في جنوب لبنان.
مؤامرة فاشلين
نفهم من كلامك أن التهم الموجهة اليك كلّها باطلة؟
- بالتأكيد.
ما الدوافع الى هذه الحملة إذاً ؟
- الدافع هو تحطيم الانجاز الذي حققته ايام عمان المسرحية، ورغبة الفاشلين في انتاج اشباههم. هناك في النقابة من يريد افشال المهرجان ويتصرف بعقلية قبليّة. المسألة، باختصار، صراع بين من يعملون واولئك الذين يضعون، عبثاً، العصي في الدواليب. وقد بلغ مجلس نقابة الفنانين من التخبط ما جعله يعرض مشكوراً أربع وظائف على اعضاء رابطة الكتاب الاردنيين الذين كانوا اضربوا الشهر الماضي عن الطعام بسبب البطالة، وفي الوقت نفسه يقوم المجلس الموقر بفصل 14 فناناً لأنهم عملوا في مهن اخرى كي يتجنبوا الوقوع في اسر البطالة، ويخلصوا انفسهم واسرهم من مأزق الحاجة والعوز. وهؤلاء ما كان من النقابة سوى مكافأتهم بالفصل وشطب عضويتهم. فاي منطق غريب عجيب هذا ؟
احتضان المواهب الجديدة
كيف ترى مستقبل ايام عمان المسرحية في ظل رهاناتها الثقافيّة والجمالية، الهادفة الى تأصيل التظاهرة وترسيخها كمؤسسة ثقافيّة فاعلة؟
- ايام عمان استطاعت ان ترسخ نفسها كحالة ثقافية متجذرة في الوطن العربي والعالم، حيث تستأثر نشاطاته باهتمام اكثر دوريات المسرح رصانة في العالم. وبيننا مراسلات بين مختلف الفرق والشخصيات المسرحية العربية والعالمية، واستطعنا خلال الاعوام الستة الماضية استضافة نخبة من المسرحيّات التي عرضت في اكبر التظاهرات العريقة في العالم.
واستطاع المهرجان ان ينضم الى عضوية الملتقى غير الرسمي للمسرح الاوروبي IETM، كما استقطبت الدورة الاخيرة لايام عمان اكثر من 12 الف مشاهد في العاصمة عمان وحدها، إضافة الى آلاف اخرى شاهدت عروض المهرجان التي توزعت على ثلاث مدن اردنية هي اربد، مادبا، العقبة. أما الرهانات الجمالية والنوعية التي يحرص عليها المهرجان، فسيتبلور بعضها في جعل المهرجان مستمرا على مدار العام اعتبارا من السنة المقبلة. وقد بدأنا منذ الشهر الحالي في عقد ورشة للكتابة المسرحية تستمر اسبوعاً، ويشارك فيها مجموعة من الكتاب العرب والاردنيين.
ألا يُفترض بالمهرجان، والحالة هذه، أن يدقق مستقبلا في مستوى العروض المسرحية التي يستضيفها؟ نطرح السؤال بسبب ما لمسناه في الدورة الأخيرة من وهن، إذ تفاجأنا ببعض الأعمال التي تعاني من سطحيّة الاداء وفقر الرؤية...
- المهرجان، كما تعرف، خاص بالفرق المسرحية المستقلة... ومن هذا المنطلق لا بدّ أن يكون، في جزء منه، نافذة لفرق مبتدئة نتوسم فيها خيراً. هناك فرق فلسطينية، على سبيل المثال، تشارك من اجل العرض فقط، ومن اجل اغناء تجاربها. قال لي احد المسرحيين الفلسطينيين وهو قادم من غزة : "لم ار مسرحاً الا في عمان!". هؤلاء يجب ان يجربوا، يجب ان يطلعوا على تجارب عالميّة وعربيّة ناضجة، يجب ان يرصدوا مدى تطور المسرح في العالم، فربما تتفتق مواهبهم عن شيء ما في المستقبل... هذا جزء من رسالتنا، شرط ألا يطغى هذا البعد على طبيعة المهرجان وجوهره!
ولاحظ أن كل مهرجانات العالم، حتّى أكثرها شهرة، تشهد العروض التي تستضيفها وتبرمجها تفاوتاً نوعياً في ما بينها. فالمهرجان ليس منتجا، نحن نختار من العروض العربية والعالمية ما هو متوافر، ويستحيل ان يكون المستوى ممتازاً على الدوام. ومع ذلك سندقق في دورتنا المقبلة في العروض، ونحاول ان نختار تلك التي يتوافر فيها اكبر قدر من الجمالية والابداع والجدة .
ثمة امر مهم يتعلق بكم ك "فوانيس". فمنذ بدأتم الاعداد للمهرجان تراجعت عروضكم بشكل كبير ومؤسف. لقد كسبنا في الأردن مهرجاناً عالمياً ناجحاً، لكن ألم نخسر بعض الشيء فرقة عربية محترفة كانت تعد بالكثير؟ هل يمكن التوفيق بين الابداع المسرحي والعمل الاداري والتنظيمي و"المؤسساتي"؟
- لم نخسر الفرقة، كل ما في الامر اننا حاولنا ان نثبت ل "الفوانيس" ذراعاً تقوي وجودها عربيا بالدرجة الاولى، ومن ثم عالميا، ولم يكن هذا ممكنا في ظل وجود المهرجانات الرسمية. لم يكن بالامكان اقامة مهرجان مع انتاج مسرحي لنا كفرقة في الوقت نفسه. في اول مهرجان اقمناه قبل ست سنوات كان لدينا عرض مسرحي هو "عيون ماريا والسندباد" لمحتسب عارف وسهير فهد. وقد فشلت تلك المسرحية التي كانت من اخراجي، فشلا ذريعاً، لعجزنا عن تكريس الجهد اللازم، والطاقة الضروريّة لانجاح العمل الابداعي. لم نكن قادرين على التركيز، في ظلّ وجود هم مالي واداري متصل بالمهرجان. اما الان فنستطيع، بعدما استقر المهرجان كمؤسسة، ان نفرِّغ فريقا لادارة التظاهرة ومتابعة اجراءاتها المختلفة. وسنعود الى استئناف عملنا المسرحي اعتباراً من الدورة المقبلة
"نرفض التطبيع مع العدوّ لا مع أبناء شعبنا تحت الاحتلال"، بهذه الكلمات يحسم نادر عمران النقاش الدائر منذ أسابيع في كواليس الثقافة الأردنيّة، بعد أن قرّرت نقابة الفنانين الأردنيين فصله بتهمة "استضافة اسرائيليين" في مهرجانه. ومهرجان "أيّام عمّان المسرحيّة" هو الوحيد المكرّس للفرق المستقلّة في العالم العربي، خارج أي اعتبارات رسميّة أو ديبلوماسيّة. ويردّ المسرحي الأردني - الفلسطيني، في هذا الحوار على تهم أخرى منها التمويل الأجنبي لأيّام عمّان، وعلى انتقادات عدّة أبرزها تراجع انتاج "فرقة الفوانيس" التي يديرها، منذ دخول أعضائها في مغامرة تنظيم تلك التظاهرة العالميّة. ويرى نادر عمران أن اللغط حول التطبيع الثقافي مع اسرائيل، سيبقى قائماً طالما أن المعايير"لا تزال مرتبكة" والمصطلحات فضفاضة في التعاطي مع هذه المسألة الدقيقة والحساسة...
في مواجهة التعسف
في مجتمع محافظ يرفض التغيير والتجديد، يعاني فيه الفنانون من نظرة نفور وشك تلاحقهم دائماً تتشكل بيئة صالحة وثرية لمهاجمة الفن والفنانين، يمكن استغلالها في النزاعات الشخصية. فمنذ أن بدأ المهرجان "مهرجان أيام عمّان المسرحية للفرق المستقلة" كمهرجان تقيمه هيئات المجتمع المدني، وحظي بالثبات والتقدم كمهرجان دولي مميز في دورته الثالثة، بدأت محاولات زج المهرجان في منعطف السياسة، من الأبواب الخلفية، حيث جرت محاولة لإشراك فرقة مسرحية صغيرة وغير معروفة من شمال فلسطين عرب 48، عرفنا أنها تمول من وزارة المعارف الإسرائيلية، وان اعضاءها عرب مجندون في جيش الدفاع الإسرائيلي، فرفضنا مشاركتها رفضاً قاطعاً، وأخرجناها من المهرجان، مما أثار زوبعة عظيمة لأننا "نطرد الفلسطينيين" رغم وجود فرقتين فلسطينيتين في تلك الدورة.
وفي العام الذي تلاه، قلب الأشخاص نفسهم في نقابة الفنانين الأردنيين معادلة الإتهام، ليبدأوا حملة اتهام المهرجان ب"التطبيع مع الكيان الصهيوني" لوجود فرقة فلسطينية بعض أعضائها يحملون جواز السفر الإسرائيلي، مستغلين الرفض الشعبي الحاد للتعامل مع إسرائيل، في الوقت الذي دعت فيه الجهات نفسها هذه الفرقة الفلسطينية لمهرجان تشارك في انتاجه وإدارته، ودعت هؤلاء "الإسرائيليين!" إلى حفل عشاء في أحد الفنادق - المقاطع أصلاً - لاستضافته إحدى فعاليات التطبيع الاقتصادي مع الكيان الصهيوني الإسرائيلي.
... ثم تضاعفت الحملة، حيث استغلت النقابة جهات سلفية لها موقفها من الفنون عموماً، فأصدرت بيانات مشتركة معها، عن التمويل الأجنبي ودوره في التطبيع مع الكيان الإسرائيلي، لأن هذا التمويل يأتي من الدول الغربية التي تعمل على إحلال السلام في الشرق الأوسط بين العرب وإسرائيل، متخيلين ان هذا التمويل يشكل ضغطاً غير مباشر باتجاه عملية السلام، وينتقدون هذا التمويل لأنه يرصد لمشاريع حقوق المرأة... وبدأت المضايقات والتهديدات تتوارد على أعضاء الفرقة وأصدقائها، وبدأت حملة من التشهير والاتهامات بالتآمر والخيانة والسرقة... الخ، وفيما لم تجد هذه الحملة كثيراً من النجاح، بدأت نقابة الفنانين الأردنيين، تساندها قوى رجعية وسلفية، بمحاولة منع المهرجان من الاستمرار، وكذلك منع أعضاء فرقة مسرح الفوانيس من العمل في الفن، مستندين إلى قانون النقابة الذي يتيح لهم أن يصدروا أحكاماً بالإعدام المعنوي على من لا يرغبون في وجوده... وقد أصدر مجلس النقابة أخيراً قراراً بشطب اسم المسرحي نادر عمران مدير المهرجان، من سجل النقابة، مما يعني وضعه تحت طائلة الغرامة والحبس إن هو أقدم على أي نشاط فني، ضاربين بذلك سنوات دراسته وعمله عرض الحائط... إن التهم التي ألصقها مجلس النقابة بنادر عمران ملفقة وغير مثبتة بأي دليل، كما ان مجال بحثها محاكم عمومية، وليس محكمة نقابية...
إن دور النقابة الذي يفهمه الجميع هو حماية اعضائها، وتشجيع انتاجهم وحماية ابداعهم... أما أن تمارس هذه النقابات دور محاكم التفتيش في إعدام من يخالفها الرأي، فهذا ما ندعي بأنه تعسف يتعارض مع أدنى مسميات النشاط الإنساني المتحضر، وسابقة أخرى في قمع حرية التعبير والتصدي لكل ما هو جديد أو مختلف، حيث يقوم بعض الجهات بحجب الحرية.
... فلنقف معاً في مواجهة التعسف.
البيان صادر عن فرقتي "الورشة" المصرية و"الفوانيس" الأردنية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.