مع اقتراب موعد انطلاقها في الرابع من نيسان ابريل المقبل بدلاً من موعدها السنوي في السابع والعشرين من آذار مارس، بسبب انعقاد القمة العربية في عمان في هذا الموعد، تواجه الدورة الثامنة ل"أيام عمان المسرحية" مشكلات تتعلق بتهمة "التمويل الأجنبي" التي توجهها لها نقابة الفنانين. إضافة الى ما يقال في الكواليس، في نشرات مقاومة التطبيع أن الفرقة تمارس "التطبيع"... وتقف وزارة الثقافة، التي تنبثق الفرقة منها، موقف المساءلة ل"الفوانيس" عن مضمون التهمتين، الأمر الذي يجعل من انعقاد المهرجان، هذا العام، مشكوكاً فيه. انها قصة قديمة - حديثة، لم يمر عام من دون إثارتها من جهات عدة على رأسها لجان مقاومة التطبيع في الأردن، وهي لجان ناشطة في فضح "المطبّعين" لكنها لا تتورع عن ابتداع التهم لمن لا يستحقونها تماماً! ففرقة "الفوانيس" التي يديرها رائد عصفور، والمهرجان الذي يديره نادر عمران، لا ينكران ان المهرجان يجري تمويله بمبلغ يقارب مئة ألف دولار أميركي من مؤسسة فورد فونديشن الأميركية. لكنهما يوضحان أن هذا التمويل يأتي، عادة، بطلب من الفرقة ترفعه الى وزارة الثقافة التي تقوم، بدورها، برفع الطلب الى المؤسسة المذكورة. فتقوم هذه بتقديم التمويل "غير المشروط" بحسب قول القائمين على الفرقة... وبذلك يقام المهرجان الدولي الذي لم يستضف، حتى اليوم، أي فرقة اسرائيلية، بل انه يشترط على الفرق الفلسطينية المدعوة كما يبدو من رسالة - حصلنا على نسخة منها - موجهة الى فرقة "مسرح عناد" الفلسطينية وعلى كل من يود المشاركة فيه، شرطين، أو مقياسين، لا ثالث لهما، هما: "المقياس الأول فني نتعامل به مع كل الفرق... والثاني سياسي نابع من قناعتنا ومواقفنا، فنحن لن ندعو أي فرد أو فرقة يقيم أي شكل من أشكال العلاقة مع الأفراد والمؤسسات الصهيونية، بغض النظر عن جواز السفر أو أي شيء آخر... أما ما سمعتم عن أننا نقاطع الفرق والفنانين الفلسطينيين، فهذا كلام مخالف للحقيقة تماماً، فالمهرجان يهتم ويعتز بالمشاركين الفلسطينيين دائماً، وفي حدود ما أسلفت". هذا ما يقوله القائمون على شؤون "الفوانيس" والمهرجان. وقد يكون لنا ملاحظات كثيرة على المهرجان ومستوى العروض ومضامينها... لكن السؤال الذي ينبغي التركيز عليه هو: لماذا تتحرك نقابة الفنانين هذا العام وتدعو الى مقاطعة الفرقة ومهرجانها؟ ولماذا تسأل وزارة الثقافة الفرقة، للمرة الأولى، عن "البرنامج، الفرق المشاركة وجنسياتها، أسماء العروض المسرحية، الجهة الراعية للمهرجان، الجهات المشرفة والمنفذة والجهات الداعمة مصادر التمويل... وتطلب منها مراجعة نقابة الفنانين وتزويدها الوثائق اللازمة من أجل الحصول على تصاريح ممارسة المهن الفنية للمشاركين في المهرجان لتمكينها من إجراء اللازم..."؟ في "المساءلة" ما هو طبيعي، وما هو غير طبيعي. غير الطبيعي هو أن "تتساءل" الوزارة عن مصدر التمويل مثلاً، وهي تعلم ذلك من خلال دورات المهرجان السبع الماضية. ويؤكد مدير الفرقة ومدير المهرجان ان الوثائق حول طلبات التمويل وكيفية صرفها موجودة لدى الوزارة. هذا إذا لم نتساءل نحن عن سبب عدم تمويل الوزارة للمهرجان، والذي ستكون اجابته ان الوزارة غير قادرة! ثم نتساءل عن سبب وقف التمويل الذي كانت تقدمه أمانة عمان، وهل هو التمويل الأجنبي والتطبيع أيضاً... وهما أمران لم يتغير شيء على صعيدهما، في أداء الفرقة هذا العام؟ على صعيد العروض، تبدأ بالافتتاح يوم الرابع من نيسان وتستمر حتى الرابع عشر منه، وتشارك هذا العام أكثر من خمسين شخصية مسرحية من أنحاء العالم والوطن العربي، وسبع عشرة فرقة مسرحية عربية وأجنبية، هي ومسرحياتها: فرقة القدس سورية: مسرحية "صالح العبد صالح" بمشاركة الفنان الفلسطيني زيناتي قدسية. فرقة فاميليا/ تونس: مسرحية "جنون" وهي المشاركة العربية الأولى للمسرحية خارج تونس. فرقة المسرح الوطني/ تونس: مسرحية "البحث عن المركز المفقود". فرقة المعبد/ مصر: مسرحية "الحياة حلوة". مسرح عناد/ فلسطين: مسرحية "شهادات مسرحية عن الانتفاضة". فرقة لينا الصانع/ لبنان: مسرحية "إخراج قيد عائلي". فرقة ليش/ سورية: مسرحية "بعد كل هالوقت". مسرحية "أليف": فلسطين وهولندا عرض مشترك. مسرحية "المفكرة": بلجيكا. عرض "صولو": مصر وساحل العاج. مسرح دبا الفجيرة/ الإمارات: مسرحية "شاهدة على قبر مفتوح". فرقة وشم الموسيقية: المغرب وهولندا. عرض للمسرح الإيطالي: "تياترو دو ألبا". عرض فرنسي، وعرض سويسري، وعرض بريطاني... وثمة عدد من ورشات العمل والندوات المتخصصة تعقد في إطار التظاهرة التي تشارك فيها ثلاث وثلاثون دولة. مثل هذا النشاط والبرنامج ليس فيه، برأينا، أي تطبيع. أما قصة التمويل الأجنبي فقصة ينبغي لمفكري الأمة العقلانيين أن يبحثوا فيها بموضوعية، كي لا تظل الإدانات توزع على البشر هكذا، من دون رقيب أو حسيب، ومن دون منطق محدد أو مبادئ ثابتة... خصوصاً ان الساحة تشهد تصفية حسابات بين أشخاص وتنظيمات ومؤسسات، يختلط فيها الحابل بالنابل. فمتى تكف الجهات التي لم يكلفها أحد بإصدار الفتاوى عن هذا العمل؟