على رغم توصيته بتمديد مهمة بعثة الأممالمتحدة في الصحراء المينورسو ثلاثة أشهر أخرى تنتهي في تموز يوليو المقبل، لوح الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان بإعادة النظر في تفويض البعثة، بسبب التأخير في عملية تحديد هوية الأشخاص المؤهلين للمشاركة في استفتاء تقرير مصير المنطقة موضع النزاع بين المغرب وجبهة بوليساريو. وفي تقريره الأخير لمجلس الأمن قال أنان ان أحدث تأخير كان سببه البطء في تحديد هوية ناخبين محتملين، وعدم احراز تقدم حيال طلبات من ثلاث مجموعات قبلية ترفض بوليساريو ادراجها في لائحة المصوتين. وأكد "ان مناخ عدم الثقة المتبادل بين طرفي النزاع لم يساعد بعثة الأممالمتحدة في الصحراء"، معتبراً أن شهري أيار مايو وحزيران يونيو سيكونان حاسمين لجهة استكمال عملية تحديد هوية جميع مقدمي الطلبات وايجاد حل لمشكلة المجموعات القبلية الثلاث، لأنه يعتزم ان يوصي مجلس الأمن بإعادة النظر في جدوى تفويض المينورسو إذا لم يتحقق تقدم ملموس في هذين الشهرين. ووفقاً لتقديرات الأممالمتحدة فإن العدد الاجمالي لمن تم تحديد هوياتهم حتى الآن هو 101772 شخصاً، بينما يتعين دعوة 60 ألفاً تقدموا بطلبات تحديد الهوية، يضاف اليهم المنتمون للمجموعات القبلية الثلاث الذين يعدون حوالي 65 ألف شخص. ويأتي تقرير أنان في وقت صعَّدت فيه الرباط حملتها الإعلامية باتهام أعضاء في المينورسو بالتواطؤ مع بوليساريو وتعمدهم اقصاء مقدمي طلبات متحدرين من أصول صحراوية يقيمون في شمال المغرب، وهي الحملة التي طاولت الولاياتالمتحدة إثر تصريحات السفيرة نانسي سودربيرج المندوبة الأميركية للشؤون السياسية الخاصة للصحراء. وفيما ردت الرباط بلسان وزير الاتصال محمد العربي المساري على أنان، الذي طالب وقف الحملة فوراً، بعدم وجود قيود على الصحف ووسائل الإعلام المغربية عدا التابعة للدولة، وجهت جريدة "الاتحاد الاشتراكي" الناطقة باسم حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية الذي يتزعمه رئيس الحكومة المغربية عبدالرحمن اليوسفي انتقادات لاذعة لسودربيرج. وقالت ان الموقف الأميركي "يحاول أن يجعل من قضية الصحراء ومسلسل تحديد الهوية مجرد عملية تقنية". وكانت السفيرة سودربيرج أصدرت بياناً عقب مصادقة مجلس الأمن على قرار تمديد مهمة المينورسو ثلاثة أشهر جديدة اعتبرت فيه اتفاقيات هيوستن التي وقعها المغرب وبوليساريو في أيلول سبتمبر الماضي باشراف وزير الخارجية الأميركي السابق جيمس بيكر بمثابة "الفرصة الأخيرة لحل نزاع الصحراء"، وأكدت "ان واشنطن لا يمكنها - كما هو الحال بالنسبة الى الأممالمتحدة - دعم التمديد المتواصل لمهمة المينورسو في شكلها الحالي إلا إذا تم احراز تقدم مهم". وعلقت الصحيفة المغربية على ذلك بالقول: "ان الرأي العام الوطني لا يفاجأ بهذا المنطق، الذي يفرض على مجلس الأمن، خاصة وان عراب اتفاقية هيوستن اميركي جيمس بيكر، والممثل الخاص للأمين العام في الصحراء شارلز دنبر، هو بدوره أميركي". وزادت "ان المنطق الأميركي هو الذي أصبح يسود في التعامل مع قضية الصحراء، وهو منطق يختزل القضية في مسائل يغلب عليها الطابع التقني والإداري والمالي". ويشهد ملف الصحراء من جديد أجواء العام 1995 عندما اضطر الأمين العام السابق للأمم المتحدة الدكتور بطرس غالي الى تعليق عملية تحديد الهوية بسبب تفاقم الخلاف بين طرفي النزاع حول التعاطي مع المعايير الخاصة بها، حيث تظهر مؤشرات ميدانية استمرار هذا الخلاف وحؤوله دون تطبيق روزنامة الأمين العام الحالي التي كانت تفترض الانتهاء من عملية تحديد الهوية قبل نهاية نيسان ابريل الجاري، لتبدأ الخطوات اللاحقة المنصوص عليها في اتفاق هيوستن، وهي عودة اللاجئين والأسرى والمحتجزين وتنظيم الحملات الإعلامية للاستفتاء الذي حدد موعد اجرائه في السابع من كانون الأول ديسمبر المقبل.