كنت جالساً في أحد مقاهي الضاحية الشمالية لتونس العاصمة التي احتضنت المقاومة الفلسطينية كلبنان، كنت بعيداً عن الضوضاء قبالة البحر، هروباً من السياسة والسياسيين وقد أخذ مني الغيظ مأخذاً، لأننا لم نتعلم من التاريخ ومصائبه شيئاً، حين وجدني ديبلوماسي من دولة مجاورة هو أيضاً أراد لحظات يشرد بها بعينيه إلى ما وراء البحار. بادرني بالتحية وقال: هل وصلك خبر جونثان بولارد الجاسوس الأميركي الذي سرب إلى إسرائيل خريطة الغطاء الجوي للطيران الحربي التونسي، مما مكن العدو الإسرائيلي من ضرب قواعد فلسطينية؟ فقلت لصديقي كتب علينا الألم، ولكن ما يجول في خاطري الآن هو ذكرى أليمة ما زال القلب ينزف دماً منها، هل تتذكر الأربعاء 18 نيسان ابريل 1996 مذبحة قانا، قضاء صور، لبنان؟ سنة مرت على المجزرة وأمامي إلى الآن أشلاء النساء والأطفال والشيوخ وقد مزقتهم إرباً إرباً قذائف عناقيد كره العروبة، قذائف حقد جيش قيل إنه عقد سلام الشجعان في أوسلو!! فضحك على ذقن السلام. ما زلت أذكر رأس طفل لبناني ملطخاً بالدم تدلى من نافذة سيارة الاسعاف، وما زلت اذكر لبنان الجريح المضرج بالدم يزورنا على أجنحة شبكات التلفزيون الأميركية التي تقطع برامجها لترجمنا بمشاهد المجزرة التي اقشعرت منها الاجسام قائلة إنه خرق لاتفاق الكاتيوشا. شعب لبنان يحترق وأجهزة أقوى دولة في العالم، قيل لنا انها تلاحق كل من لم يحترم حقوق الانسان!! تنزل بالمجزرة إلى مستوى خرق من الخروقات!! في الذكرى الأولى لهذه المذبحة ووفاء منا لقانا وأهل قانا ولبنان الحبيب نطالب الأمين العام للجامعة العربية ورؤساء الدول العربية وشعوبها وأطفال المدارس الوقوف دقيقة صمت يوم 18 نيسان وايقاف كل محركات السيارات والقطارات والطائرات ... احتراماً للأرامل والايتام ولتقرع أجراس الكنائس، وتلغى كل مقابلات الإسرائيليين في دول التطبيع. وماذا عن عدل العم سام الحاكم العالمي؟ ومتى تُدفع التعويضات عن هذه المجزرة لأهالي المذبحة من طرف العدو. وهنا قاطعني ديبلوماسي الدولة المجاورة مستشهداً بما قاله صحافي معروف "... فقط عندما يصبح للانسان العربي كرامة...". محمد علي بن رمضان تونس