سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
"إعلان كوبنهاغن" يشعل جبهة المثقفين والسياسيين - المعارضون : هرولة جديدة تتجاهل القدس والجولان وجنوب لبنان - المؤيدون : تأكيد مبدأ الأرض في مقابل السلام وتنفيذ اتفاق أوسلو
اشتعلت جبهة المثقفين والسياسيين بسبب "إعلان كوبنهاغن"، وشاركت فيها مفردات خشنة من نوع "التفريط" و"السمسرة" و"بيع القضية العربية". ووجدت وسائل الاعلام في هذه الاشتباكات مادة مثيرة لإدارة ندوات حولها وتغطية تصريحات المؤيدين والمعارضين. لكن احتدام الجدل لم ينجح في ان يجد امتداداً له في اوساط الرأي العام. فهل تنجح جهود معارضي "إعلان كوبنهاغن" في الترتيب لعقد مؤتمر عام قريباً يدعو إلى فصل الذين شاركوا في الإعلان من أحزابهم ونقاباتهم واتحاداتهم المهنية؟ التقت "الوسط" الأمين العام لكل من احزاب العمل والتجمع والناصري، ورئيس الهيئة البرلمانية لحزب الوفد. وسجلت حيثيات اعتراضاتهم وانتقاداتهم ضد "اعلان كوبنهاغن". ثم واجهت "الوسط" الكاتب المعروف لطفي الخولي ابرز المشاركين المصريين في الإعلان، بحيثيات الاعتراض. وفي ما يأتي وجهات نظر المعارضين، والمؤيدين. العمل: أضرار الإعلان يسجل الأمين العام لحزب العمل عادل حسين ملاحظات عدة على "إعلان كوبنهاغن" ويعتقد بأنها تسببت في أضرار مباشرة بالقضية العربية. فالاعلان ساهم في محاصرة سورية ولبنان في مراحل مبكرة من المفاوضات مع اسرائيل، ووافق على خطوط للتسوية اقل بكثير من التي وافق عليها "المعتدلون" العرب، كما انه حاول اعطاء مشروعية للاتصال بالاسرائيليين والتفاهم مع ممثلين عنهم بعيداً عن الحكومات العربية وسياساتها المقررة في القمة العربية، ما سيفتح الباب من جديد للهرولة العربية إلى اسرائيل فضلا عن تجاهل الإعلان الحديث عن الدولة الفلسطينية أو القدس او الجولان أو قضية الاسلحة النووية في الشرق الاوسط واحتلال جنوبلبنان وغيرها من القضايا العالقة التي تمثل الجزء العملي من طبيعية الصراع الدائر في المنطقة. ويلفت عادل حسين إلى ان طريقة تنظيم المؤتمر وانعقاده اكدت صحة هذه الملاحظات، حيث تم إعداد الإعلان سلفا وسراً من وراء المدعوين الذين طُلب منهم الحضور والتوقيع، بدلا من عقد اجتماع للمثقفين يتداولون فيه القضايا المختلفة عبر حوار مفتوح من اجل اصدار بيان يعبر عما اسفرت عنه هذه المداولات. وفيما يخص المشاركين الإسرائيليين فلا يمكن اعتبارهم مجرد أفراد مثقفين او مستقلين يحملون وجهة نظر مخالفة لحزبي العمل أو ليكود، وإنما يعبرون عن الحكومة الإسرائيلية أجروا مفاوضات أهلية مع عدد من المصريين. ويرفض الأمين العام لحزب العمل فكرة اجراء حوار مع قوى سلام او افراد مناصرين للسلام في اسرائيل من حيث المبدأ، معيداً ذلك إلى أن أي اتصالات رسمية او أهلية لا تؤدي الى نتيجة، بل وتتسبب في الاضرار بالحقوق العربية إذا قامت واستمرت من موقع الضعف العربي. وفي رأيه ان الحديث عن تناقضات في الجانب الإسرائيلي، والتعاون مع من يعتبرهم البعض اكثر اعتدالاً كلام أجوف في ظل اختلال موازين القوى التي يجب تحسينها أولا قبل الحديث عن حوار. التجمع: الحوار بضوابط ويرفض الامين العام لحزب التجمع الدكتور رفعت السعيد عقد مؤتمر كوبنهاغن وما اسفر عنه من إعلان، ويؤيد حواراً مع قوى سلام إسرائيلية في ظل ضوابط محددة. ويرجع السعيد اسباب الرفض الى اسئلة عدة: "مع من نتحدث ولماذا ومتى؟" ويجيب: "حينما يتحقق السلام الكامل والشامل والعادل والمتكافئ ويكون الحوار مع قوى سلمية حقيقية تؤمن بهذا الموضوع وترفض التوسع والفكرة الصهيونية، وتفعل في ارض الواقع ما تعلنه من سياسات". ويؤكد ان "اعلان كوبنهاغن" صمت عن الكثير من الحق العربي. والغائب في هذا الاعلان يتمثل في حق الشعب الفلسطيني في اقامة دولته والانسحاب من الجولان وجنوبلبنان، والانسحاب الكامل من الضفة الغربية وغزة وتنفيذ القرار 242 وعودة اللاجئين والقدس، وبعد هذا فلا يوجد اعلان حقيقي. ويعود السعيد الى الحديث عن الحوار الممكن، مشيرا إلى بيان اصدره فور صدور "اعلان كوبنهاغن" قال فيه ان "اسرائيل ليست جسدا مغلقا لكن فيها عرباً من ارض 1948، وفيها قوى سلام حقيقية ترفض التوسع والمستوطنات والتوجه العنصري وتقبل بوجود الدولة الفلسطينية على اساس دولتين لشعبين وتطالب بتطبيق القرار 242 والانسحاب الكامل وعودة الاراضي المحتلة بما فيها القدس، وحيث يوجد هؤلاء نجلس معهم ونتحاور، ولا يُعد ذلك تطبيعاً، وإنما تشاور بين قوى متماثلة في المواقف". ويضيف: "ان مأساة كوبنهاغن تمثلت في استبعاد هذه القوى السلامية الحقيقية، وحولت التطبيع الرسمي الى شعبي، وتحاورت مع عناصر عنصرية تمثل اسوأ من في اسرائيل، ولا ادري سببا مقبولا وراء تلويث البعض لتاريخهم النضالي العربي، حيث تدعو عناصر منشقة عن منظماتها الفلسطينية الى مجرد عقد مؤتمر تمثيلي شعبي وهمي، وهم يعرفون ذلك جيداً". الناصري: استسلام وخداع اما الامين العام المساعد للحزب العربي الناصري حامد محمود فيطرح نسقاً متكاملاً من الافكار قائماً على رفض التفريق بين القوى المكونة للمجتمع الصهيوني وتقسيمها الى يمين ويسار وصقور وحمائم وانصار سلام ومتشددين. ويقول إن الادعاء بوجود قوى سلام شعبية في اسرائيل لها تأثير هو كلام أجوف لا معنى له، فالمجتمع الصهيوني قائم على فكرة التماسك الوطني الذي لا يسمح بأي خلاف على اهدافه القومية، وما صدر أخيرا من بيان على تلك الاهداف بين تكتل ليكود وحزب العمل يؤكد انه مجتمع تختلف القوى فيه على الاساليب وتتفق على وحدة الهدف. ويستخلص محمود من ذلك ان كل المحاولات التي تقوم بها هيئات رسمية أو شعبية لا طائل منها ولا تحقق سوى الاذعان لوجهة النظر الاسرائيلية منذ كامب ديفيد العام 1978 وحتى الاحداث الاخيرة، ويكفي نكوص رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو عن اتفاقات اوسلو وعدم التزامه بها التي تؤكد معاني عدة حول حقيقة ما جرى طوال عشرين عاما. ويستطرد محمود ان "اعلان كوبنهاغن" جاء في سياق تردٍ عربي وخط بياني هابط في التعامل مع الحقوق المغتصبة، وهو محاولة للالتفاف على صمود الشعب المصري في وجه المحاولات الرسمية، وسعى الى اعلان الاستسلام الكامل لوجهة النظر الاسرائيلية وتحقيق التطبيع الشعبي مع مصر والعرب الذي عجزت عنه اسرائيل سنوات طويلة. ويعتبر ان نصوص الإعلان لا تستحق المناقشة فهي جزء من الحبكة الدرامية للموضوع هدفها تحقيق المزيد من الخداع والتضليل حول ما يدور. ويكفي تناول المضمون بالبحث والتفكير للتيقن من أن "إعلان كوبنهاغن" يمثل محاولة لاختراق جدار الرفض العربي - الشعبي لاسرائيل. الوفد: مشكلة توقيت ومشاركة ومن موقع يختلف تماما عن الحزب الناصري، يؤكد نائب رئيس حزب الوفد ياسين سراج الدين عدم اعتراضه على مبدأ الحوار مع قوى سلام اسرائيلية، لكنه يقرر ضرورة وجود ضوابط وأسس يقوم عليها، وتحديد لنوعية العناصر المشاركة فيها. ويشير سراج الدين الى ان عملية السلام تقوم، اساسا، على الحوار والتفاوض بين مسؤولين رسميين يمثلون الطرفين المتصارعين. ومن هنا فاللقاء الشعبي يجب أن يكون مختلفا لتحقيق أهداف عجزت المفاوضات الرسمية عنها من ناحية، ويحقق قوة ضغط على الرسميين تؤدي الى استجابة لحقوق مهدرة تهدد عملية التفاوض من ناحية اخرى. ويعتبر أن مشكلة "إعلان كوبنهاغن" تمثلت في توقيت انعقاده والعناصر المشاركة فيه. لأن الحوار الشعبي في هذه المرحلة لا يحقق اي نتائج لمصلحة العرب. فالسياسات الاسرائيلية الرسمية تؤكد عدم استجابتها لأية ضغوط داخلية بل تتجه الى مزيد من التشدد ويتجاوب معها قطاع كبير من الرأي العام داخل المجتمع الإسرائيلي، ومن ثم فلا قيمة لما اعلن عنه من أن "إعلان كوبنهاغن" محاولة لتوليد الضغط الداخلي على الحكومة الإسرائيلية التي يبدو جلياً انها لا تستجيب سوى للضغوط الاميركية القادرة وحدها على تحقيق نتائج ملموسة. الخولي يرد ويسجل لطفي الخولي ملاحظة قبل الاشتباك مع ملاحظات معارضي "اعلان كوبنهاغن"، فيؤكد انه من الطبيعي، مع انشاء واقع سياسي جديد غير مسبوق في تاريخ الصراع العربي - الإسرائيلي، ان يثير ردود فعل طبيعية ومشروعة بين مَن مع ومَن ضد سواء في العالم العربي أم في اسرائيل. فالمجتمع العربي أو الاسرائيلي ليس كتلة صماء واحدة وإنما في كل منها قوى وتيارات لها مواقف واتجاهات مختلفة خصوصاً بعد حرب تشرين الاول اكتوبر والانتفاضة الفلسطينية. وهذا التحالف الدولي اعلان كوبنهاغن يأتي في اطار أن الحرب مع اسرائيل والمواجهات الخمس التاريخية كانت مع عدو، كما ان التسوية السياسية ايضا مع عدو وليس مع صديق. وحول موضوع الإعلان ذاته، يقول الخولي إن ملاحظات الزملاء المعارضين تكشف عدم اطلاعهم بدقة على نصه، إذ اكتفوا بتلخيصات او ما نشر عنه وفقاً لمنهج "العنعنة". ويقول إن المشاركة تمت بالصفة الشخصية للمثقفين الذين جاؤوا برؤاهم من منابع مختلفة ومتناقضة فكرياً وسياسياً. ولكنهم بلوروا، كما حدث في التحالف الدولي الفيتنامي- الاميركي والتحالف الجزائري - الفرنسي، تحالفاً يؤدي الى اشراك القوى الشعبية للمرة الاولى فيما يجري وعدم تركه للحكومات وحدها. فالحكومات هي التي تتفاوض لكن القوى الشعبية ومثقفيها هي التي تخلق المناخ الصحي والضاغط من اجل الوصول الى تسوية عادلة وشاملة في وقت اسرع. اما القول بعدم ملاءمة التوقيت لطرح فكرة الاعلان، فيستند إلى تصور ان علاقات القوى العربية - الإسرائيلية تضع الموقف العربي في أضعف أوضاعه. وعلى العكس أرى أن اعلان كوبنهاغن جاء في وقته تماما، وأعتقد بأن المتغيرات الدولية والاقليمية في مصلحة الموقف العربي الداعي الى تسوية سياسية سلمية عادلة، بخاصة ان هذا يصطدم بسياسات حكومة الليكود بزعامة نتانياهو التي تناور ضد الاستمرار في عمليات التسوية السياسية السلمية. وينتقل الخولي إلى انتقاد معارضي السرية التي احيطت بالاعلان، فيقول: "لا ادري عن اي سرية يتحدثون، فالمرصود من مراكز الابحاث العربية والاسرائيلية حتى الآن ان هناك ما بين 29 و32 لقاءً غير علني بين مثقفين وسياسيين إسرائيليين بمشاركة عدد من المثقفين العرب بينهم مصريون وفلسطينيون واردنيون وايضاً سوريون في اجتماعين على الاقل، وكانوا يمثلون مختلف الاتجاهات في الساحة السياسية العربية اليسارية والناصرية والليبرالية والبعثية. ومن خلال ما اتيح لي الاطلاع عليه من اعمال هذه اللقاءات غير العلنية التي تمت في اوروبا واميركا، فإن مواقف المثقفين العرب كانت واضحة ومحددة مع التسوية السياسية السلمية وبمنظور لا يختلف عن منظور كوبنهاغن. والخلاف بيننا وبين هذه اللقاءات هو اننا رفضنا عدم العلانية. ولا اريد القول بأي نوع من الاتهام فأنا ضد هذا النهج تماما، وانه من جميع هذه الاحزاب التي تحمل اراء مختلفة عن الإعلان شارك مثقفون وزملاء اقدرهم، في ما يسمى باللقاءات السرية التي اسميها غير العلنية. ويتطرق الخولي الى اتهام الاعلان بأنه نوع من التطبيع واختراق جبهة الصمود العربي في شأن عدم التطبيع، ويقول إن من يقرأ الاعلان والمناقشات التي دارت عليه في مؤتمر كوبنهاغن يكتشف انه لم يرد على الاطلاق لفظ أو موضوع التطبيع بين اسرائيل والبلاد العربية، فالموضوع لم يكن مطروحا، وهذا طبيعي لان التطبيع مرتبط بعملية اتمام السلام وبإرادات الافراد والتجمعات وقرارات الحكومات. فلا ادري من أين جاؤوا بقضية التطبيع. ويتابع: ان ذلك يتماثل مع من يقول بتحولنا من دور المثقف الى دور المفاوض ولا ادري على اي اساس يقول هذا، لاننا في الإعلان اكدنا اننا نراقب عملية المفاوضات بين الحكومات وندفع بها، وان المعيار الذي سنحاسب به الحكومات، يقوم على التزام هذه الحكومات بصياغة مدريد مبدأ الارض في مقابل السلام وتنفيذ اتفاقات اوسلو نصاً وروحا والالتزام بقرارات الاممالمتحدة. انتقادات من دون أساس وحول الانتقادات الخاصة بتجاهل الاعلان للدولة الفلسطينية وجنوبلبنان والجولان والمستوطنات والقدس وحق العودة، ومحاصرة الإعلان لسورية ولبنان في مراحل مفاوضاتهما مع اسرائيل، يقول إن تلك الملاحظة تعني عدم اعتراض اصحابها على المفاوضات السورية - اللبنانية - الإسرائيلية، ونحن ايضا في الاعلان عبرنا عن ضرورة ان تجري المفاوضات مع سورية على اساس الارض في مقابل السلام وقرارات الاممالمتحدة والامن المتبادل الى اقصى حد بالنسبة الى الطرفين. وفي شأن لبنان اكدنا أنه من الخطوط الاساسية التي يتفق عليها التحالف تنفيذ اسرائيل قرار مجلس الأمن الرقم 425 بالجلاء الكامل عن الارض اللبنانيةالمحتلة. ويضيف: كما ان الاعلان يقوم ايضا على اتفاق كل الاطراف المشاركة في التحالف على حق الشعب الفلسطيني في اقامة دولته طبقا للقانون الدولي، فلا ادري من اين جاء الاتهام بالتجاهل، وكل هذا يقطع بان الزملاء لم يقرأوا الاعلان او يتمعنوا فيه، وهو الامر نفسه في ما يخص القدس والاسلحة النووية التي تدخل ضمن اطار اسلحة الدمار الشامل، وقد اوضحنا هنا الفارق بين امرين: الاول هو المفاوضات بين السلطة الوطنية الفلسطينية وبين الحكومة الاسرائيلية على مراحل الحل النهائي التي يجب الا تتجاوز طبقا للاتفاقات 5 ايار مايو 1999، لتحل قضايا القدس والمستوطنات والامن واللاجئين والمياه والحدود. وبالنسبة الى وضع القدس الآن، والى ان يتم البت فيه، اتفق المشاركون في الاعلان على انها مدينة حساسة دينياً وحضارياً وسياسيا لجميع الاطراف، وانه لابد عند التفاوض لأجل حل لها ان تتم الاستجابة لمطالب جميع الاطراف في هذا الشأن، اي ان التحالف يرفض استئثار اسرائيل بالمدينة. وينتقل الخولي الى الاعتقاد القائل بموافقة الطرف العربي في التحالف على خطوط سياسية اقل مما يقبل به المعتدلون العرب. ويرى ان هذه الملاحظة قراءة غير صحيحة للاعلان. ويقول الخولي انه شخصيا ضد تعبير المعتدلين العرب والمعتدلين الإسرائيليين. فمع المتغيرات الاقليمية والدولية اصبحت: هناك قوى ترى إمكان ادارة الصراع نحو تسوية سياسية سلمية، وقوى اخرى ترى انه لا مفر من استمرار الصراع العسكري حتى لو اضطر هذا الطرف او ذاك للانتظار سنوات طويلة مقبلة. وفي هذا الاطار يبدي دهشته من "قول بعض الزملاء ان افراداً او مثقفين من ليكود شاركوا في اعلان كوبنهاغن. هذا تصور او توقع ذهني لكنه لم يحدث في الواقع. وفي شأن ما يراه بعض المعارضين بأن المجتمع الاسرائيلي جامد لا يتغير، فهذا تصور غير علمي او جدلي بدليل ان ما تشكو منه الحكومة الاسرائيلية الحالية ان 30 في المئة من الشباب فقط ممن ينطبق عليهم سن التجنيد يتقدمون للانخراط في الجيش، ومعظمهم لا يريد الخدمة في الارض الفلسطينية المحتلة، واكثر من هذا فلم يعد يلبي نداء الجيش لخدمة الاحتياط سوى 25 في المئة ممن يجب التحاقهم بالاحتياط. ويشير الخولي الى مشاريع عدة نوقشت، منها اردنية تحدثت عن الائتلاف العربي - الإسرائيلي من اجل السلام الدائم والشامل والعادل، وكانت هناك ورقة اسرائيلية تتحدث عن "مانيفستو" لتضامن عربي - اسرائيلي من اجل السلام. ورؤية اوروبية تتحدث عن الجبهة الدولية من اجل السلام العربي - الإسرائيلي، واتفق المصريون والفلسطينيون على ورقتين بعنوان "التحالف الدولي من اجل السلام العربي - الإسرائيلي"، وهو ما وافق عليه خلال المناقشات جميع المشاركين، وقصد به أمران: الاول الاستناد الى التجارب الدولية السابقة في فيتنام والجزائر على رغم اختلاف الظروف والملابسات، والثاني ان من يدخل التحالف لا يكون عابراً او يقول بنقطة ويستبعد الاخرى، وانما هو ملتزم قواعد التسوية والمؤشرات الاساسية الحاكمة للمفاوضات ولحركة الشعوب ايضاً. ويتساءل الخولى: لا ادري بعد ذلك ما هي الحجة الحقيقية التي يمكن ان نرفض الحوار والعمل المشترك من اجل هذه التسوية السياسية السلمية بالذات الواردة في الاعلان مع مثقفين وفعاليات اسرائيلية تقول نحن مع مبدأ الارض في مقابل السلام وتنفيذ اتفاقات اوسلو نصاً وروحا، وتنفيذ القرارات 242 و338 و425، ونحن مع حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني واقامة دولته، وضد اجراءات القمع، ومع ضرورة الحياة الطبيعية للشعب الفلسطيني على ارضه وحقوق الانسان الخاصة به. فليقل لي احد هل من مصلحة العرب تجاهل هذه القوى الموجودة التي تناضل داخل اسرائيل، وان تجري صياغة كل هذا في سياق اطار دولي يغير من اصطفاف الرأي العام الدولي - كما كان يحدث - وراء الحكومة الإسرائيلية ليصبح رقيبا وضاغطا من اجل تحقيق التسوية للاوضاع التي ذكرناها، فليتفضل احد بتوضيح وجه الخطأ او الجريمة او عدم المصلحة العربية في ذلك. الموقف الحالي لا التاريخ ويتبقى - كما يقول الخولي - ان البعض يتحدث عن ديفيد كيمحي باعتباره عضوا سابقا في "موساد"، وهذا حقيقي في تاريخه، ولو أخذنا هذا المعيار فإنه يصبح على الاقل نصف الاسرائيليين لهم مثل هذا التاريخ، لكن المهم الآن هو الموقف الذي يتخذه هذا الرجل، والذي اصبح فيما بعد سكرتيراً عاماً لوزارة الخارجية الاسرائيلية، وشارك في التفاوض مع الحكومات العربية، وهو الآن رئيس المجلس الدولي للعلاقات وهي منظمة غير حكومية. ويضيف الخولي: إذا اخذنا معيار أن التاريخ السابق للشخص العامل في الساحة السياسية الآن وانتماؤه لمخابرات بلاده، فعلينا اذن ان نُسقط من الحساب ومن التعامل رجالاً مثل جورج بوش الذي اطلق مبادرة مدريد للمفاوضات السلمية، ورونالد ريغان وغيرهما، وايضا في العالم العربي، وألاحظ ان الزميل حامد محمود وهو من قيادة الحزب الناصري، هو من خريجي مدرسة المخابرات المصرية ولا يقلل ذلك من شأنه، وهناك كثيرون مثله في الحزب والحياة السياسية المصرية عامة وفي معظم الاحزاب، ولا يقلل هذا من وطنيته وحقه في ممارسة عمله الفكري والسياسي المشروع داخل المجتمع والساحة السياسية، واذا حدث وظهرت "موسادية" كيمحي فسنقف في مواجهتها ولا ادري كيف ستظهر لأننا مع مواقف سياسية معلنة. اما العبارات والاتهامات التي آسف ان تأتي من دون تروٍ او مسؤولية او معرفة بالوقائع والمتغيرات التي حدثت في طبيعة الصراع العربي - الإسرائيلي المعقّد فلا سبيل لمناقشتها سوى باتهامات مضادة وهذا نهج ارفضه لانه يضلل الرؤية ولا يحترم العقل العربي