إذا كان القارئ لم يحجز لنفسه بعد موعداً مع الألفية القادمة، فهو يستطيع أن ينسى الاحتفال في "الريتز" في لندن، أو باريس، لأن الفنادق الكبرى المشهورة بحفلات رأس السنة، محجوزة بكاملها لحفلة السنة ألفين. وارجح ان الانسان العربي، العادي مثلنا، لا يهمه الاحتفال بالسنة ألفين، فهو يفكر بيومه فقط وشعاره "امشي الحيط الحيط، وأقول يا رب نوصل البيت"، اما نهاية هذه السنة أو سنة ألفين، فآخر همومه، أو ليست بين همومه، واهتماماته، أصلاً. العربي العادي يحجز في مطعم، أو مسرح، أو لحفلة، في آخر لحظة ممكنة، لذلك فهو عادة ما يدفع "خوّة" للحصول على طاولة، أو مقاعد، وينتهي في زاوية متواضعة، هذا الا إذا كان من أصحاب الشأن الاقتصادي، فيحصل على ما يريد بما يشبه السحر. اليوم اكتب للعربي غير العادي، أو فوق العادة، الذي يريد أن يحتفل احتفالاً لا ينسى، لذلك آخذه الى مكان بعيد، لا تصل اليه الرسائل المفخخة، ليكون أول من يرى شمس السنة ألفين. هناك جزر كثيرة تتنافس على لقب أيها أقرب من خط الوقت الدولي الذي يفصل بين يوم وآخر، في المحيط الهادي. ولعل قمة جبل غالواي في جزر انتيبود غير المأهولة، التي تملكها نيوزيلندا، أحق بهذا الادعاء، غير أن الوصول اليها صعب الى خطر فلا يوجد مطار، والبحر حولها هائج باستمرار، حتى ان الموظفين النيوزيلنديين المسؤولين عنها نادراً ما يزورونها. ومثل قمة غالواي في صعوبة الوصول شاطئ اديلي في القطب المتجمد الجنوبي. والأرجح ان غيوماً في المنطقتين ستمنع القارئ، حتى لو كان غير عادي، من رؤية بزوغ شمس السنة ألفين، لذلك انتقل به الى أماكن يسهل الوصول اليها. ثمة ثلاث مناطق تتنافس على اكتساب الزوار لرؤية فجر الألفية القادمة، هي جزيرة بيت من سلسلة تشاتام، التي تملكها نيوزيلندا، وجزر نوكو ألوفا في مملكة تونغا، وجزيرة كارولين، وهذه جزء من سلسلة كيريباتي في جنوب المحيط الهادي. وبما ان ملك تونغا لم يهدني ساعة ذهبية بعد، فانني استطيع ان أتكلم بموضوعية، فأقول ان الشمس تشرق على جزيرة بيت قبل ساعة كاملة منها على نوكو ألوفا. ولكن جزر كيريباتي تآمرت على الجميع عندما غيرت مسار خط الوقت الدولي سنة 1995 ليمر في جزيرة كارولين قبل غيرها. ولكن انصافاً لملك تونغا، حتى من دون ساعة أو دعوة الى بلاده، أزيد ان التسهيلات السياحية في تونغا هي الأفضل، ويستطيع الزائر أن ينزل في فنادق فخمة، كما ان الحكومة وعدت بحفلات خاصة احتفالاً بالعقد الجديد، والقرن الجديد، والألفية الثالثة، تشمل زيارات من المشاهير في دنيا الفن، والرقص على الشاطئ حتى الصباح حول النيران. هل يريد القارئ ان يحتفل بالسنة ألفين على خط الوقت الدولي، أو من مقعده المفضل أمام التلفزيون؟ شخصياً سأختار مقعداً أمام التلفزيون للسنة ألفين، وللسنة ثلاثة آلاف... اذا عشنا. غير أنني، للمرة الثانية، أخاطب القارئ غير العادي، وعندي له اقتراح أسهل منالاً، ومع ذلك فهو من نوع لا يقدر عليه سوى قلة قليلة جداً. يستطيع القارئ الراغب، والقادر، ان يحتفل باطلالة شمس السنة ألفين في صالون كبار الضيوف في مطار هيثرو في لندن، ثم يركب طائرة كونكورد الى نيويورك، ويسبق الشمس اليها بحوالي ساعة، فيجلس في قاعة كبار الضيوف في مطار كنيدي الدولي، ويحتفل بالسنة الجديدة مرة ثانية، عندما تبزغ شمس أول أيام الألفية الثالثة في نيويورك. وأدرك ان اقتراحاتي السابقة كلها باهظة النفقات، وربما قضى القارئ المغامر بعد ذلك الألفية في سداد حسابات بطاقات "الكريدت" البلاستيكية. والقارئ ليس مضطراً الى تنفيذ شيء من اقتراحاتي، ولكن إذا "ركبه عفريت" وفعل، فأرجو ان يأخذ بعض الصور لأتفرج عليها عندما يعود