بعد أكثر من عقدين على صدور كتاب "في الأدب السوداني المعاصر" لمؤلفه حسن أبشر الطيب، يقوم الاستاذ فضيلي جماع، وهو قاص وشاعر وكاتب مسرحي ومترجم، بإصدار كتاب "قراءة في الأدب السوداني الحديث". والكتاب الصادر على نفقة المؤلّف 252 صفحة من القطع الكبير، يضمّ 38 مقالة نقدية نشرت في الصحف والمجلات بين 1986 و1988، وتتنوع موضوعاتها ما بين القراءة النقدية للشعر، القصة القصيرة، الأدب المكتوب للأطفال، المسرح، السيرة واللغة. تغطي المقالات فترة زمنية تمتد من ثلاثينات القرن إلى أواخر الثمانينات. إلا أنها، وكما أشار الكاتب في مقدمته، خلت من الاشارة الى أعلام مهمين في مسيرة الأدب السوداني مثل البنا الكبير، أحمد محمد صالح، محمد أحمد محجوب، إدريس جماع، توفيق صالح جبريل، الطيب صالح، النور عثمان أبكر، عبدالرحيم أبو ذكرى ومحجوب شريف وآخرين! يصلح كتاب "قراءة في الأدب السوداني الحديث"، مع أنه ليس كتاب مختارات او نماذج، لتقديم الأدب السوداني الحديث لغير السودانيين واعطائهم فكرة موجزة عنه، وذلك على الرغم من قصر نفس المقالات التي يغلب عليها الطابع الصحافي. في حين أن مقالات حسن أبشر الطيب، على قلة عددها، تتسم بروح الدراسة المتأنية. ولكن هذه الملاحظات، بالطبع، لا تقلل من قيمة الكتاب ومادته التي تعطي صورة بانورامية للمشهد الأدبي في السودان في سنوات السبعينات والثمانينات. ويلاحظ القارئ أن هناك موضوعات مشتركة بين الكتابين المشار إليهما، تكاد توحي بأنه لا يمكن الكتابة عن الأدب السوداني من دون التطرق للمجذوب والعباسي وصلاح أحمد ابراهيم ومحمد المكي ابراهيم. ويعود لجماع فضل كبير في تعريف غير المتابعين بشباب الأدب السوداني من جيلي السبعينات والثمانينات، أمثال الروائي ابراهيم اسحق، القاص عيسى الحلو، القاص والشاعر بشري الفاضل، القاص محمد المهدي بشري، والشاعر عمر الطيب الدوش. ولعل في صدور مثل هذا الكتاب ما يساعد على ردم الهوة التي تزداد اتساعاً كل يوم، بين الانتاج الأدبي السوداني والقراء العرب الذين لا يعرفون من رموز الأدب السوداني إلا الطيب صالح ومحمد الفيتوري، ربّما لأن كتبهما صدرت من بيروت وليس من الخرطوم!