سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
رأس الرجاء الصالح يجذب الناقلات العملاقة . قناة السويس عبرت الحروب لتواجه اخطار السلامرأس الرجاء الصالح يجذب الناقلات العملاقة . قناة السويس عبرت الحروب لتواجه اخطار السلام
على رغم تراجع عدد السفن التي عبرت قناة السويس خلال الثلث الاول من العام الحالي الى 5115 سفينة في مقابل 5585 سفينة في الفترة نفسها من العام الماضي، أي بانخفاض 470 سفينة وبنسبة 4،8 في المئة، واحتفاظها بالحمولة ذاتها في حدود 120 مليون طن، فإن العائدات المالية للقناة سجلت زيادة طفيفة مقدارها 21 مليون دولار بنسبة نمو 3،3 في المئة. اذ بلغت 4،647 مليون دولار، في مقابل 4،626 مليون دولار في الثلث الاول من العام 1994. وحصل ذلك في ظل اشتداد المنافسة على قناة السويس من قبل خط انابيب "سوميد"، اضافة الى تراجع كلفة النقل عن طريق رأس الرجاء الصالح، وزيادة المعروض في سوق ناقلات النفط العملاقة بمعدل يفوق الطلب عليها، مع العلم ان هذه الناقلات تبقى في حالة انتظار في الخليج لمدة طويلة من اجل استقبال شحنة من النفط من دون اعتبار عنصر الوقت، خصوصاً ان بعضها يأخذ طريق رأس الرجاء الصالح، الامر الذي دفع هيئة القناة الى منح تخفيضات كبيرة على رسوم العبور. وابتداء من 15 نيسان ابريل الماضي اصبحت الناقلات تدفع 70 سنتاً اميركياً لقاء كل طن نفط، في مقابل 34،1 وحدة من حقوق السحب الخاصة في الماضي، أي ان الخفض اقل من النصف، لكن يطبق فقط على الناقلات التي تتجه ابعد من مضيق جبل طارق الى الشمال، والتي تفرغ جزءاً من حمولتها في ميناء عين السخنة على خليج السويس، قبل ان تسترده في ميناء سيدي كرير في الاسكندرية. خط سوميد وتأتي هذه الخطوة في اطار عملية التنسيق الايجابي لحركة نقل النفط الخام عبر قناة السويس وخط سوميد بعد المنافسة الشديدة التي حصلت بينهما خلال السنوات الاخيرة، خصوصاً اثر تنفيذ الشركة العربية لانابيب النفط مشروعاً بانشاء ستة مستودعات تخزين نفط خام في منطقة "سيدي كرير" بكلفة تصل الى حوالي ثمانية ملايين دولار وبسعة 103 الاف متر مكعب، فضلاً عن سعيها مع كبريات شركات النفط، مثل موبيل واكسون، وبريتش بتروليوم، لنقل النفط الذي يضخ عبر عمليات توسيع خطوط الانابيب الجديدة التي وضعت في العمل اعتباراً من تشرين الاول اكتوبر 1994 بعدما نجحت فترة الاختبار والتشغيل. وساهمت عمليات التوسيع برفع طاقة الخطوط من 6،1 الى 4،2 مليون برميل يومياً، اي بنسبة 50 في المئة، وبلغت تكاليفها حوالي 120 مليون دولار، مع العلم ان رأسمال شركة سوميد يبلغ 400 مليون دولار. وبذلك تمكن "خط سوميد" من منافسة وسائل النقل الاخرى وزيادة حصته من السوق بمقدار 800 الف برميل يومياً. وكان هذا الخط بدأ العمل عام 1977، ويبلغ طوله 315 كيلو متراً ويمتد من البحر الاحمر في منطقة عين السخنة الى البحر المتوسط في ميناء سيدي كرير، ويتكون من خطين للانابيب يصل قطر كل منهما الى 42 بوصة وطاقته القصوى 120 مليون طن سنوياً. واذا كانت الناقلات العملاقة تشكل منافسة شديدة لخط انابيب "سوميد" وقناة السويس فإن خط سوميد بدوره يشكل منافسة في الوقت نفسه لقناة السويس، غير ان الامر الذي يخفف من الاهتمام بهذه المنافسة يعود الى أن دولة الامارات العربية تشترك مع السعودية والكويتوقطر بنسبة 50 في المئة من استثمارات الخط، في مقابل 50 في المئة لمصر. مع العلم ان مصر تستفيد بنسبة حوالي 80 في المئة من عائدات هذا الخط منها 50 في المئة من الارباح و28 في المئة رسوم عبور واثنان في المئة ضرائب تجارية وصناعية. ولكن مع ازدياد الطلب على نفط الخليج خصوصاً النفط السعودي، من قبل الدول الصناعية، يتركز الاهتمام على وسائل وطرق النقل البحري التي تشهد منافسة شديدة لجهة كلفتها، سواء كان ذلك عن طريق خطوط الانابيب، أم الناقلات، مع العلم ان هناك منافسة ايضاً بين الناقلات نفسها حسب حمولتها، نظراً الى ازدياد عدد الناقلات العملاقة، ويتوقع ان تنمو سوق النقل خلال السنوات المتبقية من التسعينات بحوالي 40 مليون طن سنوياً. وتصدر دول الخليج العربي حالياً حوالي 40 في المئة من انتاجها النفطي الى اوروبا الغربية واميركا بما يزيد عن 5،8 مليون برميل يومياً. وتشتد المنافسة بين وسائل النقل، خصوصاً بعدما اخذت طريق رأس الرجاء الصالح حصة الاسد بنقل حوالي خمسة ملايين برميل يومياً، اي ما يعادل ضعفي حصة قناة السويس وخط "سوميد" مجتمعين. ويتوقع المراقبون ان تزداد هذه الحصة تنفيذاً للسياسة التسويقية الجديدة في اعتماد ناقلات النفط العملاقة التي تراوح حمولتها بين 250 الف طن و 500 ألف طن، ويبرز في هذا المجال رواج سوق بناء الناقلات في احواض السفن في العالم حيث تبلغ حصة دول الخليج بما فيها ايران حوالي مئة ناقلة يجري بناؤها حالياً لحسابها. يمر حالياً في قناة السويس أقل من مليون برميل نفط يومياً، ولمواجهة المنافسة الشديدة التي تتعرض لها، قررت ادارة القناة تنفيذ خطة توسيع تمكنها من جذب الناقلات العملاقة للمرور فيها، نظراً لما توفره بسعر الكلفة، في مقابل انتقالها عن طريق رأس الرجاء الصالح. وبوسع القناة التي يبلغ طولها مئة كيلومتر ان تقبل سفناً لها غاطس يصل الى53 قدماً الاّ أن الحجم الاقصى للسفن المحملة التي تستطيع العبور هو 170 الف طن اجمالي، ما يمنع عبور الناقلات الضخمة المليئة بالنفط والتي تصل حمولتها الى أكثر من 500 الف طن، وحيال ذلك لا بد من العمل على تنفيذ المرحلة الثانية من توسيع القناة حتى تأخذ حصة مقبولة اقتصادياً من سوق النفط، خصوصاً انها تعتبر اهم ممر بحري في حركة التجارة العالمية. وقدر المهندس محمد عزت عادل رئيس هيئة قناة السويس كلفة مشاريع التوسيع بملياري دولار. اذا كانت قناة السويس التي مضى على تشغيلها 126 سنة قد اجتازت كل الحروب التي واجهتها، فهل تستطيع ان تواجه مخاطر مشاريع السلام؟ في الواقع هناك منافذ عدة مطروحة لايجاد طرق بديلة لقناة السويس وسوميد، وقد عرضت اسرائيل بعضها في قمة الدار البيضاء التي عقدت العام الماضي، وعرضه البعض الآخر لتأمين مصالح دول اوروبا الغربية والولايات المتحدة من اجل الحفاظ على مصادر الطاقة التي تحتاجها، وهناك منافذ مقترحة في اطار ما يسمى السوق شرق الاوسطية حيث تأمل اسرائيل ان تكون منفذاً لتجارة الشرق الاوسط على البحر المتوسط. وتقترح الدولة العبرية نقل النفط العربي بالانابيب الى غزة وكذلك نقل الغاز بالانابيب الى اسرائيل وايضاً نقل البضائع عن طريق سكك الحجاز القديمة. ومن المنافذ المقترح اقامتها: - مشروع وصل البحر الاحمر مع البحر الميت على رغم تأكيد البعض ان الهدف منه توليد الطاقة الكهربائية والتوسع في صناعة البتروكيماويات. - مشروع وصل البحر الاحمر بالبحر المتوسط وهذا سيكون منافساً للقناة و"سوميد" بلا شك. - مشروع انشاء خط انابيب قطر - اسرائيل لنقل الغاز القطري الى اسرائيل. - مشروع خط ينبع - العقبة بطول 950 كيلومتراً وهو خط مزدوج من الخليج العربي الى البحر المتوسط. - مشروع خط رأس التنورة - العقبة بطول 1550 كيلو متراً. - مشروع خط الكويت، العقبة بطول 1300 كيلومتر. - مشروع خط طرابلسلبنان - العقبة. ولكن على رغم كل هذه العوامل، يجمع المراقبون على استمرار الحاجة الى قناة السويس وخط سوميد، مؤكدين ازدياد اهميتهما خلال العشرين سنة المقبلة نظراً الى قصر الطريق الملاحي، ما يتيح للناقلة الوحدة زيادة عدد الرحلات مقارنة بطريق رأس الرجاء الصالح، غير ان تطور هذه الاهمية يبقى مرهوناً بتطور التحالفات بين الدول وصرع التكتلات الاقتصادية في العالم.