تنتهي في آذار مارس المقبل، اعمال توسيع طاقة انابيب "سوميد" التي تنقل النفط الخام من دول الخليج العربي الى البحر الاحمر، ومنها الى اسواق الاستهلاك في اوروبا بكلفة اجمالية بلغت 120 مليون دولار وفرتها "الشركة العربية لانابيب البترول" مالكة الخط بواسطة تمويل ذاتي، وفي ظل توقعات باستعادة الاكلاف بمعدل 25 في المئة في العام. ومع انجاز عملية التطوير، من المقدر ان ترتفع طاقة الخط الى 117 مليون طن من النفط الخام سنوياً في مقابل 80 مليوناً في الوقت الحاضر، الامر الذي سيسمح برفع امكانات النقل من 1.6 الى 2.5 مليون برميل يومياً، اي ما نسبته 41.6 في المئة من اجمالي الصادرات النفطية الخليجية الى اوروبا واميركا الشمالية. ومن المعروف ان الصادرات الخليجية الى الاسواق الاوروبية والاميركية تصل الى 6 ملايين برميل في الوقت الحاضر يمر مليون برميل منها عبر قناة السويس، و1.6 مليون برميل عبر خطوط "سوميد" الى ميناء سيدي كرير المصري على البحر المتوسط، ومنه بواسطة ناقلات نفطية الى دول المقصد. اما الكميات المتبقية، وهي حالياً 3.4 مليون برميل، فتنقلها السفن الى اسواق الاستهلاك عبر الرجاء الصالح الذي سيحافظ على اهميته الحيوية حتى مع انجاز اعمال تطوير خطوط "سوميد" في آذار مارس المقبل، اذ من غير المتوقع ان تقل الكميات المنقولة عبره عن 2.5 مليون برميل، اي ما نسبته 41.6 في المئة، وهي كمية مساوية للكميات التي ستنقل عبر خطوط الانابيب الى ميناء سيدي كرير. واستطاعت خطة تطوير خطوط انابيب "سوميد" التي تملك الحكومة المصرية حصة اقلية فيها، فيما تملك دول نفطية خليجية غالبية الحصص، ان تتجاوز المعارضة التي نشأت في وجه التمديد للشركة لپ27 سنة اخرى، والموافقة على زيادة طاقة الخط الى 120 مليون طن سنوياً. وكان ابرز المعترضين هيئة قناة السويس التي اعتبرت في حينه ان رفع امكانات خطوط "سوميد" ستزيد من المنافسة التي يمكن ان تتعرض لها القناة عن طريق الاستمرار في جذب الناقلات العملاقة الامر الذي يحرم الحكومة المصرية من عائدات المرور لمثل هذه السفن الضخمة. وبررت ادارة القناة في حينه ان زيادة طاقة الخط ستؤدي الى تعطيل، او على الاقل، التقليل من اهمية الجدوى الاقتصادية لمشروع تطوير مجرى القناة الذي انتهت التحضيرات الفنية له، وتصل كلفته الى 4 مليارات دولار، قد تتوافر في معظمها من قروض خارجية، على ان تسدد من موارد ذاتية ناتجة عن تحسن الحركة. ويتركز المشروع اساساً على تعميق مجرى القناة للسماح للناقلات العملاقة التي تصل حمولتها الى 350 الف طن بالعبور، الامر الذي من شأنه ان يوفر زيادة في عائدات المرور، خصوصاً للناقلات التي تشكل حالياً 25 في المئة من العائدات. ولم تنتظر هيئة القناة المباشرة بتنفيذ مشروع توسيع وتعميق المجرى، بل عمدت الى اتخاذ اجراءات اخرى لاجتذاب الناقلات الكبرى، عن طريق السماح لها بتفريغ حمولتها في بواخر اقل حجماً، كما عمدت الى اعطاء تخفيضات اخرى لتشجيع شركات الملاحة الدولية على اعتماد القناة. وبالفعل حققت القناة زيادة في عائدات العبور وصلت الى 75 مليون دولار هذا العام نتيجة رفع الرسوم بمعدل 3 في المئة، وارتفاع حجم الحمولات بمقدار 20 مليون طن. ومن المتوقع ان ترتفع العائدات في العام المقبل الى 5 مليارات دولار حداً ادنى بالمقارنة مع 1.915 مليار دولار لهذا العام، الامر الذي ىجعلها واحدة من اهم اربع قنوات للعملة الصعبة التي تحتاجها الحكومة المصرية، الى جانب تحويلات العاملين في الخارج وصادرات النفط والعائدات السياحية. وتقترح ادارة القناة حالياً مشروعاً للتكامل، او على الاقل للحد من مستويات المنافسة بين الطرفين، يقوم على مبادرة خطوط "سوميد" الى حصر التفريغ بالبواخر التي لا تستطيع عبور القناة، للمحافظة على اكبر قدر ممكن من العائدات التي يمكن ان تحصل عليها مصر. المتغيرات السياسية واياً كان مستقبل العلاقات بين الطرفين، فثمة اعتقاد متزايد حالياً في القاهرة بأن الظروف السياسية والاقتصادية الجديدة في الشرق الاوسط باتت تفرض المزيد من التنسيق لمواجهة المتغيرات التي يمكن ان تحصل، بدءاً من محاولات اسرائيل احياء مشروع خط انابيب ايلات - اشدود الذي انشئ في العام 1968، واستخدمته ايران لنقل صادراتها النفطية لمدة 9 سنوات، حتى العام 1976، عندما انشئ خط "سوميد". ويقول خبراء نفطيون ان المنافسة المقبلة لن تكون بين هيئة قناة السويس وشركة خطوط "سوميد" بل بين الاثنتين من جهة ومجموعة مشاريع اخرى في المنطقة تحاول توسيع حصتها من سوق النقل في الشرق الاوسط، اذ من المعروف انه الى جانب الكميات التي يتم تصديرها الى اوروبا 6 ملايين برميل يومياً فإن كميات اخرى تُصدر الى دول الشرق الاقصى، ويصل حجمها الى 9 ملايين يومياً. وتعتمد هذه الصادرات خطوطاً اخرى للوصول الى أسواق الاستهلاك، اضافة الى ان تركيا انجزت خط الانابيب الذي يمر عبر اراضيها وتصل طاقته الى 60 مليون طن سنوياً، في حين قد يصبح من الممكن اعادة تشغيل التابلاين الذي يمتد من السعودية الى الزهراني في لبنان، اذا ما توافرت ظروف سياسية وموضوعية لمثل هذه الخطوة. وكان الخط توقف عن العمل في العام 1967 نتيجة قيام اسرائيل باحتلال بعض المناطق التي يمر فيها في الجولان السوري. وتصل طاقة الخط الى 30 مليون طن سنوياً، وقد اوقفت الحكومة السعودية الضخ من خلاله، واهمل لبنان السعي لاعادة تشغيله لاعتبارات سياسية واقتصادية. وفي حال امكن تحقيق تقدم اساسي على صعيد مفاوضات السلام العربية - الاسرائيلية مع لبنان وسورية، فإن احتمالات اعادة التشغيل تصبح اكثر قوة، الامر الذي من شأنه ان يضيف عنصراً جديداً للمنافسة، خصوصاً ان اكلاف اعادة تأهيل الخط تصبح اكثر جدوى من الناحية الاقتصادية. وتقول ادارة "سوميد" ان الاتجاهات الحالية عالمياً تشجع على استخدام خطوط الانابيب لنقل النفط الخام، لاعتبارات عدة. من ابرزها تدني اكلاف النقل، ثم ارتفاع مستوى الامان لعملية النقل بحد ذاتها ضد التقلبات الطبيعية. وتضيف ان نقطة الخلاف الرئيسية مع هيئة قناة السويس تتركز على موضوع الناقلات العملاقة، الا ان هذه الناقلات غالباً ما ترفض الموانئ الاميركية والاوروبية التعامل معها. وقد لجأ اصحاب هذه الناقلات الى ضخ النفط الخام في ميناء السخنة على البحر الاحمر لنقله عبر خطوط "سوميد" الى البحر المتوسط. اما الحكومة المصرية التي سبق لها ان وافقت على تطوير مشروع "سوميد" فتقول انها تحرص على الاستجابة لمتغيرات الاسواق العالمية، وهي متغيرات تقوم اساساً على اعتبارات الكلفة.