أصبح السيد مولود حمروش رئيس الحكومة الجزائرية السابق موضع اهتمام خاص من عدد من وسائل الاعلام المحلية. وفي مؤتمر "منظمة أبناء الشهداء" في مطلع الشهر الجاري خصصت احدى الصحف افتتاحية طويلة "للحدث"، ذهبت فيها الى اعتبار الرجل "رمزاً" لانبعاث "جبهة التحرير الوطني". وتقول مصادر مطلعة ان سبب اهتمام دوائر معينة في السلطة بحمروش يعود الى العلاقة الغامضة التي ما انفكت تربط الجيش وهو السلطة الفعلية منذ الاستقلال "بامتداده السياسي" المتمثل حتى 1989 في "جبهة التحرير الوطني"، مضيفة ان الجيش ادرك اخيراً ان فك ارتباطه بالجبهة قبل خمس سنوات ضيّع عصاه السحرية التي كان "يتوكأ عليها، ويهش بها على غنمه، وله فيها مآرب أخرى". ويتحمل مسؤولية هذا "التحول الخطير"، في نظر الجيش، السيد عبدالحميد مهري الأمين العام لجبهة التحرير، الأمر الذي يستدعي ابعاده بأي ثمن لكي يستعيد الجيش نفوذه على الجبهة. وفي هذا السياق يندرج "التحرّش" بمهري وافتعال الخلاف بينه وبين حمروش عضو المكتب السياسي "المستقيل" حسب الأصداء الاعلامية للسلطة الفعلية. وعلى رغم ان مهري نفى اكثر من مرة ان يكون هناك خلاف ما بينه وبين حمروش، الا أن بعض الأوساط الاعلامية ما تزال تتمسك بهذا الخلاف الوهمي. هل تنجح هذه الدوائر الأمنية والاعلامية في اثارة حمروش على مهري؟ كثيرون هم المراقبون الذين يشكّون في ذلك للأسباب الآتية: أولاً، في ظل الجمود السياسي الراهن من الصعب ان يتحرك حمروش في الاتجاه المرغوب منه تحركاً جدياً ومفيداً. ثانياً، ان حمروش ذو حنكة سياسية تمنعه من المغامرة بعمل ميؤوس في نجاحه، فضلاً عن كونه مؤمن باللعبة الديموقراطية، وامكان الانتصار فيها على الاسلاميين بواسطة صندوق الانتخاب. ثالثاً، ان الجيش تخلّى عن حمروش عقب "العصيان المدني" للجبهة الاسلامية في مطلع حزيران يونيو 1991 على رغم انه كان يحمل مشروعاً متكاملاً من الاصلاحات السياسية والاقتصادية، وكان بصدد قيادة "جبهة التحرير" في معركتها الحاسمة مع "الجبهة الاسلامية للانقاذ". رابعاً، ان الجيش تخلّى عن عدد من السياسيين بعده، منهم الرئيس السابق علي كافي ورئيس الحكومة بلعيد عبدالسلام ورضا مالك، وكان آخرهم عبدالعزيز بوتفليقة الذي لعب دور "المرشح البديل"، لتمرير مرشح الجيش العميد المتقاعد الامين زروال! وزعزع هذا التخلي المتكرر - اضافة الى اغتيال بوضياف وهو تحت ضمانة اللواء خالد نزار - ثقة السياسيين بالمؤسسة العسكرية. وتقول المصادر انه نظراً الى هذه الاسباب وغيرها من المستبعد ان يقوم حمروش بالدور الذي ترشحه له دوائر أمنية واعلامية معينة. ومن المفروض ان تكون هذه الدوائر توقفت مطولاً عند تصريح رئيس الحكومة السابق أمام أبناء الشهداء حيث تساءل بمرارة: "ماذا جنى الشعب الجزائري حتى تحيق به كل هذه المصائب؟" التي يتحمل مسؤوليتها طرفا النزاع: السلطة القائمة والجماعات المسلحة، سواء باسم "الاسلام" أو باسم "العلمانية"!