إطلاق 80 كائناً مهدداً بالانقراض في محمية الأمير محمد بن سلمان    انطلاق المؤتمر الدولي لأكاديميات الشرطة    السعودية الأولى خليجياً وعربياً في مؤشر الأداء الإحصائي    «الجناح السعودي».. ينطلق في «الصين الدولي للطيران والفضاء»    وزير الخارجية: حل الدولتين السبيل الأوحد لتحقيق السلام    «الرابطة» تُرحِّب بقرارات القمّة العربية والإسلامية    رئيس بولندا يشكر خادم الحرمين وولي العهد    الفرج يقود الأخضر أمام «الكنغر»    إحالة ممارسين صحيين للجهات المختصة.. نشروا مقاطع منافية لأخلاقيات المهنة    إسناد التغذية والنقل ل«جودة الخدمات» بإدارات التعليم    «التقني»: إلغاء إجازة الشتاء وتقديم نهاية العام    وزير الداخلية يرعى حفل جامعة نايف وتخريج 259 طالباً وطالبة    وزير الحرس الوطني يفتتح قمة الرياض العالمية للتقنية الحيوية    في بيتنا شخص «حلاه زايد».. باقة حب صحية ل«أصدقاء السكري»    ماذا لو نقص الحديد في جسمك ؟    المملكة تحذر من خطورة تصريحات مسؤول إسرائيلي بشأن فرض سيادة الاحتلال على الضفة الغربية    الأهلي يطرح تذاكر مواجهته أمام الوحدة في دوري روشن    غارات إسرائيلية عنيفة على ضاحية بيروت    الذهب يستقر قرب أدنى مستوى في شهر مع انتعاش الدولار    سعود بن نايف يستقبل أمين «بر الشرقية»    أمير الرياض يستعرض إنجازات «صحية تطوع الزلفي»    أمير القصيم يطلق مبادرة الاستزراع    تطوير وتوحيد الأسماء الجغرافية في الوطن العربي    الاتفاق يعلن اقالة المدير الرياضي ودين هولدين مساعد جيرارد    مقتل ضابط إسرائيلي وأربعة جنود في معارك بشمال غزة    نقلة نوعية غير مسبوقة في خدمة فحص المركبات    استعادة التنوع الأحيائي في محمية الأمير محمد بن سلمان    "الحج المركزية" تناقش موسم العمرة وخطط الحج    رحب بتوقيع" وثيقة الآلية الثلاثية لدعم فلسطين".. مجلس الوزراء: القمة العربية والإسلامية تعزز العمل المشترك لوقف الحرب على غزة    فوبيا السيارات الكهربائية    «نأتي إليك» تقدم خدماتها ب20 موقعًا    مجلس الوزراء يجدد التأكيد على وقوف المملكة إلى جانب الأشقاء في فلسطين ولبنان    ولادة أول جراء من نمس مستنسخ    الأخضر يحتاج إلى وقفة الجميع    المنتخب السوداني يسعى لحسم تأهله إلى أمم أفريقيا 2025    «طريق البخور».. رحلة التجارة القديمة في العُلا    السِير الذاتية وتابوهات المجتمع    أحمد محمود الذي عركته الصحافة    وفاء الأهلي المصري    للإعلام واحة    إضطهاد المرأة في اليمن    يسمونه وسخًا ويأكلونه    يأخذكم في رحلة من الملاعب إلى الكواليس.. نتفليكس تعلن عن المسلسل الوثائقي «الدوري السعودي»    «سامسونغ» تعتزم إطلاق خاتمها الذكي    «الغذاء»: الكركم يخفف أعراض التهاب المفاصل    التحذير من تسرب الأدوية من الأوعية الدموية    الرهان السعودي.. خيار الأمتين العربية والإسلامية    أسبوع معارض الطيران    جمعية يبصرون للعيون بمكة المكرمة تطلق فعاليات اليوم العالمي للسكري    إطلاق 80 كائنا فطريا مهددا بالانقراض    نائب الرئيس الإيراني: العلاقات مع السعودية ضرورية ومهمة    التوقيع على وثيقة الآلية الثلاثية لدعم فلسطين بين منظمة التعاون الإسلامي وجامعة الدول العربية ومفوضية الاتحاد الإفريقي    الرئيس السوري: تحويل المبادئ حول الانتهاكات الإسرائيلية في فلسطين ولبنان إلى واقع    الأمر بالمعروف بجازان تفعِّل المحتوي التوعوي "جهود المملكة العربية السعودية في مكافحة التطرف والإرهاب" بمحافظة بيش    البرهان: السودان قادر على الخروج إلى بر الأمان    اطلع على مشاريع المياه.. الأمير سعود بن نايف يستقبل أعضاء الشورى المعينين حديثاً    أمير الرياض يطلع على جهود الأمر بالمعروف    مراسل الأخبار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المهاجرون الأوائل أخفوا عقيدتهم خوفاً من محاكم التفتيش . المسلمون في اميركا القوة الصاعدة
نشر في الحياة يوم 14 - 03 - 1994

"اذا استطاع الأميركيون من أصول ايرلندية ان لا يتأثروا في بوسطن بانفجارات الجيش الجمهوري الايرلندي التي تقع في لندن فإن المسلمين في أميركا لن يتأثروا بما يجري في فلسطين والقاهرة ودمشق". هذا ما يقوله عبدالرحمن العامودي رئيس المجلس الاسلامي الأميركي معبراً عن مدى تعلق المسلمين الأميركيين بما يجري في بلادهم الأصلية.
بين آونة وأخرى تلاحق المسلمين في أميركا مشاكل الشرق الأوسط، ففي نيويورك تتجه العلاقة بين المسلمين واليهود نحو مواجهة يمكن أن تنفجر في أي لحظة. فمن حادث مركز التجارة العالمي الذي دين فيه أربعة من العرب المسلمين يشكو المسلمون مما يصفونه بمعاملة غير عادلة، فالاعلام يهاجمهم ومكتب التحقيقات الفيدرالي يتعقب الناشطين منهم في الوقت الذي يسكت عن المتطرفين اليهود الذين يتدربون على السلاح علناً في معسكرات في الشرق الأميركي كجيش الدفاع اليهودي الذي أسسه الحاخام المتطرف مائير كاهانا.
كما ان تعامل الاعلام الأميركي مع المسلمين يتميز بكثير من السطحية والرغبة في توجيه الاتهام لهم فالشاب اللبناني الذي أطلق النار الاسبوع الماضي على سيارة تقل عدداً من الطلبة اليهود وصف بأنه من حركة المقاومة الاسلامية "حماس" رغم انه درزي وزج بأسماء المنظمات الاسلامية الكبرى في الولايات المتحدة في قضية مركز التجارة لمجرد ان المتهمين مسلمون.
بعيداً عن هذه المشاكل السياسية التي تحتل عادة الصفحات الأولى في الصحف فإن علاقة المسلمين بالأميركيين جيدة وكذلك علاقتهم بالمسؤولين الأميركيين وبعض رجال الكونغرس والمسؤولين المحليين الذين قدروا للمسلمين "ابتعادهم عن الجريمة وانضباط جماعاتهم وحرصها على القيم التي تتفق فيها مع الأميركي المحافظ" كما يقول العامودي.
وأحياناً لا يتردد المسلمون في التعاون حتى مع اليهود كما يفعلون حالياً في قضية البوسنة. ويرى العامودي ان هذه العلاقة يمكن "ان تثمر تفاهماً في قضايا أخرى"، فالمنظمات اليهودية مؤيد قوي لقضية البوسنة التي أصبحت واحدة من أهم قضايا المسلمين في أميركا.
يتراوح تقدير عدد المسلمين في اميركا بين 600 الف شخص و10 ملايين! والسبب عدم وجود احصاءات رسمية شاملة على رغم امتلاك القوة العظمى وسائل التكنولوجيا.
وهناك من يشير الى وجود 160 الف مسلم في السجون الاميركية، حيث اعتنق السود الاسلام، فيما تشير تقديرات الى ان 25 الف شخص في الولايات الخمسين يعتنقون الدين الحنيف كل سنة.
كتب التاريخ تفيد ان سلطان المغرب كان اول زعيم اعترف باستقلال اميركا، وان المغربي استيفانيكو عبر اميركا الشمالية مع بعثة استكشاف اسبانية عام 1529.
والوجود الاسلامي في العالم الجديد يعود الى العقود الاولى التي اعقبت اكتشاف كريستوف كولومبوس الاميركتين، اذ "فتح" هذا العالم مع المستوطنين الاسبان مسلمون تنصروا وأخفوا عقيدتهم خوفاً من محاكم التفتيش. ومن بين المهاجرين الأوائل في القرن التاسع عشر كان "التركوس" عرب بلاد الشام ومعظمهم لبنانيون.
الآن اصبح المسلمون في اميركا من بين اكبر الجاليات، يشكلون "هيئة امم" توحدها الازمات وتتفرق في اوقات السلم. لكنها في كل الاحوال تكافح للحصول على اعتراف رسمي.
في هذا التحقيق تحاول "الوسط" تسليط الضوء على الجذور التاريخية للوجود الاسلامي في الولايات المتحدة، وتتبع نشاطات المسلمين هناك والتعرف الى الأسباب التي ما زالت تحول دون اعتراف واشنطن بهم قوة كبيرة.
اكثر الأديان ديموقراطية
عندما ينادي المؤذن لصلاة المغرب تقف سيارات الاجرة خارج المسجد، وينزل سائقوها لأداء الفريضة. تنظر الى داخل المسجد فتظن انك في مكان ما في العالم الاسلامي، لكنك في الجزء الشرقي من مدينة نيويورك. وسائقو سيارات الاجرة هنود وباكستانيون وأتراك، وعرب وسوفيات. اما جبريل الذي يستقبل المصلين عند باب المسجد فهو اميركي اسود يعمل في بلدية نيويورك. وجمهور المصلين من الاجناس والاعراق المختلفة مثل الأمم المتحدة التي يؤلف السفراء المسلمون فيها مجلس امناء المركز الاسلامي الذي اقيم بتبرعات من الحكومات الاسلامية.
في الجانب الآخر من المدينة، في بروكلين، يستبعد ان تجد مسجد التقوى في اي دليل معماري. فهو في منطقة فقيرة من نيويورك، وعلى زاوية لوحة تبين حلم المصلين في تعمير مسجد جديد. فهذا المسجد بناه السود في اميركا، وإمامه سراج وهاج هو اول مسلم تلا دعاء في افتتاح مجلس النواب الاميركي عام 1991.
وبين بروكلين ومانهاتن مساجد كثيرة في المتاجر وفي مباني المكاتب. وغالباً ما يكون جموع المصلين ممن يتكلمون لغة واحدة، تركية او البانية او اوردية او عربية، لكنهم جميعاً يشتركون في دين واحد على رغم اختلاف اعراقهم ولغاتهم وخلفياتهم الاجتماعية.
وبالنسبة الى اميركا يبدو الامر غير عادي. ففي هذه البلاد غالباً ما يكون للكنائس اتباعها، ابناء طبقة معينة او لون معين، ولكل كنيسة ابرشية وراع. اما المسلمون فمساجدهم مفتوحة امامهم جميعاً اياً تكن الوانهم او اعراقهم او ثرواتهم. وهذا يتناقض مع الخصوصية الاجتماعية والعرقية لدى الاميركيين الآخرين، ويجعل من الصعب جداً التعرف الى حجم المسلمين في اميركا وعددهم.
صعوبات الاحصاء
وهناك عوامل اخرى منها عدم وجود منظمات دينية وطنية تجعل من الصعب حصول الاسلام على الاعتراف في الولايات المتحدة، اذ تراوح تقديرات عدد المسلمين فيها بين رقم محدود هو 600 الف نسمة وآخر مبالغ فيه بالتأكيد هو عشرة ملايين نسمة. لكن المسلمين يقولون، وهم مصيبون في ذلك، فالاسلام هو اسرع الاديان انتشاراً في اميركا. ذلك ان عشرة في المئة على الاقل من الذين يهاجرون الآن الى الولايات المتحدة مسلمون كما يقول فريد نعمان، من المجلس الاسلامي في واشنطن، وهو اجرى دراسة مستفيضة عن الموضوع. ونسبة الولادة بين المسلمين عالية كنسبة الذين يعتنقون الاسلام.
ونظراً الى الفصل الدستوري بين الدين والدولة في الولايات المتحدة فان الاحصاءات السكانية لا تشتمل على الدين، ما يجعل معظم التقديرات تخميناً. فمعهد المعلومات الاسلامية في شيكاغو يقدر عدد المسلمين بثلاثة ملايين ونصف مليون شخص. اما "وول ستريت جورنال" فذكرت عام 1990 ان عددهم اربعة ملايين، بينما تحدد الموسوعة البريطانية العدد بپ6،5 ملايين نسمة، وتقدره صحيفة "نيويورك تايمز" بخمسة ملايين، بينما يقول وارث دين محمد وهو الامام الذي قاد حركة "امة الاسلام" الى المذهب السني ان عددهم يصل الى تسعة ملايين. وتدعي ايفون حداد استاذة الدراسات الاسلامية في جامعة مسّاشوستس ان عدد المسلمين لا يصل الى ثلاثة ملايين. ولعل افضل التقديرات هو الذي يضع العدد بين 4 - 6 ملايين شخص اي ما يماثل عدد اليهود في اميركا 9،5 ملايين شخص.
الاسلام دين وافد
والاسلام لا يزال ديناً وافداً على البلاد، والذين اعتنقوه من السكان هم سود. وفي الولايات المتحدة حوالي 5،3 ملايين من اصل عربي لكن عدداً كبيراً منهم مسيحيون هاجروا من لبنان وسورية قبل امد طويل، ثم جاء الافارقة والايرانيون والاتراك ومسلمو جنوب شرقي آسيا. ونشرت ايفون حداد كتاباً عن المسلمين في اميركا تشرح فيه المصاعب التي تواجه عملية احصائهم، فتشير مثلاً الى مسجد في هارتفورد في ولاية كونيكتكات ركزت على دراسته وهي تقول انه يجتذب في ايام الجمعة والآحاد ثلاثين مصلياً، لكن اكثر من الف مسلم ادوا فيه صلاة عيد الفطر.
وتؤكد ان "نسبة المسلمين الذين يترددون على المساجد التي يزيد عددها على 1200، وينشطون فيها، لا تتجاوز 5 - 10 في المئة". وتعتقد ان الدراسات تميل الى تقليل عدد المسلمين لأن الطفرات التي تحدث في اميركا ضد العرب والمسلمين من حين لآخر تدفعهم الى التزام الهدوء وعدم الافصاح عن دينهم احياناً، حين تشملهم تلك الدراسات واستطلاعات الرأي المتعلقة بالاديان. وتقول ايفون ان الذين يترددون على المساجد في الضواحي هم غالباً من اصحاب المهن اندمجوا الى درجة اكبر في المجتمع ويتحدثون الانكليزية بطلاقة، وهم ايضاً من اعراق متباينة. وهناك مساجد لأقارب يفدون الى البلاد ولا يجيدون تلك اللغة.
الايرانيون ... و"حزب الله"
وتشير الى مجوعات مثل الايرانيين الذين يبلغ عددهم ارقاماً كبيرة الى درجة ان لهم محطات تلفزيونية وبرامج خاصة بهم في اماكن مثل كاليفورنيا. وتصف هؤلاء بأنهم عموماً من "العلمانيين" الذين تركوا ايران بسبب الثورة الاسلامية، ويبدو ان المسجد ليس رابطاً قوياً بينهم. وأظهرت الدراسات التي اجريت في لوس انجليس ان "ليست لهم اي منظمات اسلامية، لكن ابناءهم اخذوا يبلغون سن الرشد لذلك بدأوا يفكرون في الزواج وغيره، ما دفعهم الى الشروع في تأسيس المنظمات الاسلامية والروابط المختلفة".
وعلى رغم النقص في المعلومات عن المسلمين الاميركيين فان هناك امراً واحداً واضحاً وهو ان الشيعة ليسوا اقوياء في الولايات المتحدة. اذ تقول ايفون ان هناك مسجداً واحداً لپ"حزب الله" في لوس انجليس وآخر في هيوستن في ولاية تكساس، اضافة الى المسجد في فيلادلفيا الذي يجتذب حوالي الفي مسلم من الاميركيين السود. يضاف الى ذلك ان عدد الطلاب من الدول الاسلامية الذين يدرسون في الجامعات الاميركية يزيد على مئة الف، لهم نفوذ وأثر واسعان في المجتمعات المحلية.
اما فريد نعمان من المجلس الاسلامي الاميركي فيقدر عدد المسلمين في الولايات المتحدة بما يتراوح بين 5 و8 ملايين، بينهم المسلمون السود وعددهم حوالي مليونين ومئتي الف شخص اي 42 في المئة، بينما المسلمون من جنوب آسيا حوالي مليون وربع مليون 5،24 في المئة والمسلمون العرب 620 الفاً 5،12 في المئة. ولكي يتوصل الى ارقام تناول كل مجموعة من المهاجرين على حدة "لأن من السهل توثيق المهاجرين. لذلك درست المهاجرين من الدول الاسلامية ودرست تاريخهم لتحديد نسبتهم في الولايات المتحدة. ودرست الوضع بعد عام 1965 منذ بدأت دائرة الهجرة والجنسية بالاحتفاظ بالسجلات والوثائق التي تحدد الموطن الاصلي للمهاجر. اما الذين اعتنقوا الاسلام في اميركا فيصعب على المرء ان يحصيهم، لكنني اقدر العدد بپ25 الفاً كل سنة".
فئتان من المسلمين
ويشير نعمان الى فئتين هما: "السكان المسلمون النشطون وهم حوالي 12 في المئة يؤدون صلاة الجمعة دائماً في المساجد، و75 في المئة يؤدون الصلاة احياناً لكنهم يحرصون على اداء صلاة العيد في المسجد. ونسبة الاتصال بين الجانبين تزيد على تسعين في المئة لانهم يعيشون في المجتمعات نفسها واطفالهم يذهبون الى المدارس ذاتها".
ومثلما يصعب احصاء عدد المسلمين في اميركا يصعب احصاء عدد المساجد فيها. اذ لا توجد وزارة للشؤون الدينية او وزارة اوقاف. وتقدر ايفون حداد عدد المساجد في مدينة نيويورك بحوالي خمسين، وفي شيكاغو حوالي ستين وفي لوس انجليس 25. ولكن هناك ايضاً حوالي مئة مسجد بين سان فرانسيسكو ولوس انجليس. وتقديرات عدد المساجد تتباين الى درجة كبيرة: من 600 الى 1200 مسجد. وعدد الائمة المتفرغين يتراوح بين 75 و100 لكن نعمان يضيف الى هذا العدد 75 اماماً ينصب عملهم على السجون.
3 آلاف اعتنقوا الاسلام
أثناء حرب الخليج
وعلى رغم عدم وجود اسئلة عن الانتماء الديني في اي احصاء اجتماعي، فإن القوات المسلحة تسأل المجندين عن دينهم. ووجد نعمان ان حوالي 5300 اعلنوا انهم مسلمون حين سجلوا انفسهم للخدمة العسكرية حسب احصاءات وزارة الدفاع، واعتنق ثلاثة آلاف غيرهم الاسلام في اثناء حرب الخليج. لكنه يقول ان "الكثيرين في القوات المسلحة يمتنعون عن اعلان دينهم كمسلمين".
ويخوض المسلمون منذ مدة معركة شاقة لانتزاع الاعتراف بدينهم، اذ ان القوات المسلحة الاميركية لم تعترف بالاسلام ديناً للمسلمين فيها حتى اوائل الخمسينات بعد ما قدم عبدالله انغرام، احد ابطال الحرب العالمية الثانية عريضة الى الرئيس، اتبعها بدعوى قضائية ناجحة فحقق نصراً مهماً للمسلمين في الولايات المتحدة.
المسلمون الاوائل
يعود الوجود الاسلامي في العالم الجديد الى العقود الاولى التي تلت اكتشاف كريستوف كولومبوس الاميركتين. ففي 1529 كان المغربي استيفانيكو واحداً من اول ثلاثة اشخاص عبروا اميركا الشمالية مع بعثة استكشاف اسبانية. وكان من بين المستوطنين الاسبان الاوائل مسلمون تنصروا خوفاً من محاكم التفتيش. وتذكر كتب التاريخ ان المسلمين وصلوا الى فلوريدا وساوث كارولينا في القرن الثامن عشر. واكتشف الباحثون العام الماضي "بضع مئات" من العائلات المورية العربية الاسلامية التي كانت تعيش مع العائلات الاسبانية القديمة في نيكومكسيكو. وكانت هناك عائلات اخرى يهودية تظاهرت بأنها مسيحية لكنها مارست التقاليد اليهودية ورفضت أكل لحم الخنزير ورسمت نجمة داود على قبورها.
وجاءت تجارة الرقيق بالكثير من المسلمين من غرب القارة الافرىقية الى اميركا. الا ان الظروف الرهيبة التي عاشوها وارتفاع معدل الوفيات بينهم وتشتت عائلاتهم والاضطهاد الوحشي الذي تعرضوا له جعلت بقاءهم في اطار جماعة اسلامية مستحيلاً. ومع ذلك كانت لبعض الافراد الغلبة على الاضطهاد والتعذيب. اذ ان احدهم كتب القرآن الكريم الذي كان يحفظه عن ظهر قلب ونشرت ترجمة له بالانكليزية في فيلادلفيا عام 1853. وبعد عشر سنين كان هذا المصحف المترجم الكتاب الوحيد الذي نجا من حريق جامعة الاباما في اثناء الحرب الاهلية الاميركية.
في تلك الفترة تجمعت مؤثرات اخرى. ففي 1786 كان سلطان المغرب اول زعيم اجنبي يعترف باستقلال الولايات المتحدة، وفي 1839 امر سلطان عمان سفينة "سلطانة" بالابحار الى نيويورك. وفي الثلاثينات من القرن التاسع عشر كان المسلمون ينقلون من جاوه ومن الهند كعمال. وفي 1856 جاءت وزارة الدفاع الاميركية بسائس جمال عربي هو الحاج علي، اضافة الى مجموعة كبيرة من الجمال لاستخدامها في صحراء اريزونا. وبحلول عام1893 بدأ الاهتمام عملياً بالاسلام ما دفع محمد الكسندر راسل ويب، وهو من اوائل الاميركيين البيض الذين اعتنقوا الدين الحنيف، الى الكتابة عنه والقاء المحاضرات فيه.
التركوس ... عرب الشام
ربما الحدث الحاسم في ترسيخ دعائم الجالية الاسلامية في اميركا هو مهمة الوفد الذي ارسلته الامبراطورية العثمانية الى معرض فيلادلفيا الدولي في 1876. ويرجح ان الحرفيين السوريين واللبنانيين وغيرهم من التجار الذين رافقوا الوفد ادركوا مدى الفرص الجديدة المتاحة لهم. اذ ان اعداداً كبيرة من عرب بلاد الشام هاجرت بعد ذلك الى الاميركتين الشمالية والجنوبية. وهؤلاء هم الذين اطلق عليهم "التركوس" اي الاتراك.
كان حوالي تسعين في المئة من هؤلاء المهاجرين الاوائل من لبنان، اذ لم يكن سهلاً تطبيق القيود العثمانية على الهجرة، وبخلاف المسلمين بدت اميركا للمهاجرين المسيحيين بلاداً غير غريبة. وبعدما باشر العثمانيون تطبيق قوانين الخدمة العسكرية الاجبارية عام 1908 بدأت اعداد كبيرة من المسلمين تتغلب على قوانين الهجرة وتولي وجهها نحو اميركا. وبدأ كثيرون منهم بالعمل في بيع السلع على عربات متنقلة واخذوا يلتقطون الانكليزية تدريجاً. اما الناجحون منهم فأصبحوا اصحاب متاجر ومصانع مشهورة، مثل عائلة فرح التي تصنع افضل انواع البنطلونات في العالم.
تلت ذلك موجة هجرة لاصحاب المهن والحرف والشعراء والفلاسفة، مثل جبران خليل جبران. وعلى رغم ان معظمهم كان مسيحياً، فإن كثيرين كانوا مسلمين اخفوا هذه الحقيقة كي يتمكنوا من دخول الولايات المتحدة. وفي التسعينات من القرن التاسع عشر اجاز الكونغرس تشريعاً يمنع تعدد الزوجات. لكن المسلمين تفننوا في التحايل على القانون وسجنت السلطات احد الائمة لأنه كان يدعو الى دين يسمح بتعدد الزوجات. وفي السجن استطاع بمواعظه اقناع عشرين معتقلاً باعتناق الاسلام.
كانت قوانين الهجرة في اميركا تتضمن تمييزاً ضد العرب، اذ نصت على ان الهجرة غير مسموحة الا للبيض والسود. وعلى سبيل المثال حوكم عربي اميركي في العشرينات من القرن العشرين لتقرير هل يحق له الحصول على الجنسية بسبب لونه القمحي. لكنه كسب القضية حين اعلن القاضي انه ابيض. ولا يزال كثيرون يروون قصصاً عن تستر آبائهم واجدادهم على اسلامهم كي يفلتوا من مسؤولي الهجرة وتحاملهم.
هؤلاء الرواد الاوائل هم الذين اقاموا اول مسجد في الولايات المتحدة عام 1911، وهو مسجد "روس" في نورث داكوتا الذين هدم لسوء الحظ عام 1979. وكان هذا الجيل يركز على الاندماج. وفي 1924 حددت دائرة الهجرة عدد المهاجرين من سورية بمئة. ولكن كان هناك عدد كبير من العرب والمسلمين الذين وفدوا قبل ذلك التاريخ وبدأوا بالعمل في المصانع الجديدة مثل "فورد" ولذا فإن ديربورن في ميتشغيان تضم اكبر جالية اسلامية في البلاد. وفي الثلاثينات استمرت الهجرة، لكن الحرب العالمية الثانية اوقفت هذه الموجة. وبعدها بدأ يصل جيل جديد من المهاجرين، فلسطينيين ومصريين وسوريين وعراقيين وغيرهم ممن فضلوا الرحيل عن بلادهم نتيجة الاضطرابات السياسية فيها. وكان كثيرون من هؤلاء اصحاب مهن يتكلمون الانكليزية.
وسجلت دائرة الهجرة الاميركية وصول مئتي الف عربي عام 1965، لكن هذا الرقم لا يشمل الذين جاؤوا من دول اميركا اللاتينية والدول الاوروبية. وليس مستغرباً ان يكون الفلسطينيون النسبة الكبرى بين المهاجرين العرب، لكن المشكلات الاقتصادية والسياسية دفعت كثيرين من المصريين والصوماليين والسودانيين الى الهجرة الى اميركا. ولم تكن لدى كثيرين منهم اي مؤهلات مهنية او تعليمية، والذين امتلكوها وجدوا انها غير معترف بها. لذلك توجه آلاف من هؤلاء المهاجرين الذين لم يحظوا بقسط كاف من التعليم والمؤهلات الى المجتمعات القديمة مثل اتلانتيك افنيو في بروكلين او ديربورن. وبعد 1967 وصل مزيد من المهاجرين من اصحاب الحرف والمهن الذين كان في امكانهم ان يندمجوا وينصهروا في المجتمعات بسهولة. الا ان الثقافة السياسية الاميركية في الستينات كانت تشجع الناس على التفكير من خلال جذورهم واصولهم العرقية، كذلك كانت الستينات فترة التصويت السياسي من خلال اطار التكتلات العرقية. اذ اتسع نطاق هذا التفكير من المدن ليشمل البلاد كلها خصوصاً بعد النجاح الذي اخذ يحققه السود واللوبي اليهودي. ونجم عن كل هذا تجدد الشعور بالفخر والاعتزاز بالعروبة، وفي بعض الحالات تجديد التأكيد على العقيدة الاسلامية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.