أخفى الترحيب المتحفظ الذي أبدته القيادات البوسنية حيال الغارات الجوية الاخيرة للحلف الاطلسي على المواقع الصربية حالة استياء بين البوسنيين الذين اعتبروا هذه الغارات "ضربات اعلامية" قبل ان تكون انتقامية او حتى وقائية. ويعتقد البوسنيون بأن الغارات الاخيرة تشبه ما قبلها عندما اغارت طائرات الحلف على مواقع صربية قرب ساراييفو فأصابت في احدها دبابة معطوبة وفي الاخرى مدفعاً قديماً لا يعمل. ويستدل البوسنيون على ذلك بأمور عدة منها ان البيان الذي صدر عن الحلف أفاد ان 39 طائرة من خمس دول شاركت في الهجوم على المطار الصربي مما يفهم منه ان المطار دمر عن بكرة أبيه، لكن المعلومات الواردة بعد ذلك من مصادر عدة افادت ان الغارة سببت فجوات في مدرجات المطار، وان القصف لم يستهدف اي منشآت ملحقة بالمطار تجنباً لوقوع خسائر في الارواح، وبالتالي فإن الأضرار يمكن اصلاحها في يومين او ثلاثة. حتى ان تلفزيون زغرب اكد ان زعيم صرب البوسنة رادوفان كارادجيتش كان على علم بموعد ومكان الغارة، وان الموفد الدولي ياسوشي أكاشي كان على اتصال هاتفي معه قبل الغارة وبعدها. وحتى اذا جرى تجاهل بعض ما اوردته المصادر البوسنية من ان الغارة كانت للاستهلاك الاعلامي ولامتصاص نقمة الرأي العام، فان الغارة لم تحدث اي تغيير او تحول يذكر على ارض الواقع، بل على العكس كانت أشبه باشارة بدء أضخم عملية عسكرية مشتركة تقوم بها ميليشيات صرب البوسنة ونظيرتها الكرواتية. ولوحظ ان كل خطوة يقدم عليها المجتمع الدولي كاجراء تأديبي في حق الصرب، يواجهها الصرب باتخاذ خطوتين تصعيديتين حيث جاء ردهم على الغارة الجوية تهديداً صريحاً على لسان كارادجيتش باتخاذ اجراءات انتقامية في حق الدول التي ساهمت طائراتها في العملية، وأعلنت قيادات صرب البوسنة وقيادات صرب كوراتيا تشكيل قيادة عسكرية موحدة "للدفاع عن الأراضي الصربية" واجتمع برلمان صرب البوسنة ليعلن حالة التعبئة العامة. غير ان الموقف الذي أثار الدهشة هو تردد كرواتيا في اتخاذ اجراءات عسكرية لمنع الصرب الذين يحتلون ثلث اراضيها من دعم صرب البوسنة، خصوصاً ان اي عملية عسكرية في مثل هذه الظروف ستلقى تأييداً دولياً، وسيضرب بها الكروات عصفورين بحجر واحد، اذ يثبتون صدقيتهم في شأن التحالف المعلن بين المسلمين والكروات، كما انهم سيحركون قضيتهم التي دخلت حيز التجميد لتتحول الى أمر واقع. ويعتقد كثيرون بأن الرئيس الكرواتي فرانيو توجمان ما زال يأمل في التوصل الى اتفاق مع نظيره الصربي ميلوسيفيتش يحفظ به ماء الوجه بالنسبة الى اراضيه المحتلة ويخلصه من اعدائه المسلمين الذين فرض عليه التحالف معهم.