تعمل الكويت جاهدة لحماية حدودها الشمالية مع العراق، وإذا كانت أبرمت الاتفاقات والمعاهدات الأمنية مع دول عدة كالولاياتالمتحدة وبريطانيا وفرنسا، إلا أنها لم تكتف بذلك بل عملت على الفور وبعد التحرير مباشرة، على انشاء حاجز أمني على طول حدودها مع العراق، هو عبارة عن خندق ترابي يمتد من منطقة أم قصر الى منطقة السالمي، بطول 225 كيلومتراً وعرض خمسة أمتار وعمق ثلاثة أمتار، كما سيوضع ساتر ترابي على طول الحدود من جهة الكويت بارتفاع يراوح بين 3 و4 أمتار، تتخلله نقاط تفتيش عدة كما سيتم استخدام أحدث الأجهزة التقنية الأمنية على طول الحدود. وفي هذا المجال أكد وزير الدفاع الكويتي الشيخ علي الصباح "وجود خطة محكمة لتزويد القوات الكويتية على الحدود الشمالية بأجهزة رصد ومعدات عسكرية حديثة اضافة الى زيادة عدد القوات المتمركزة هناك لضمان زيادة فاعليتها". لكن، إذا كان الحاجز الأمني أو "السور الرابع" مجرد ساتر ترابي، فهل يستطيع فعلاً أن يحمي الكويت من أي اعتداء عسكري؟ سعود العصيمي رئيس اللجنة الوطنية لجمع التبرعات لبناء السور الرابع، قال ل "الوسط" رداً على هذا السؤال: "ان فكرة بناء السور الرابع جاءت تيمناً بالأسوار الثلاثة التي بناها الآباء والأجداد لحماية الكويت من أية مخاطر خارجية، وفكرة السور لا تعني بناء حاجز مثل سور برلين أو الأسوار التي بنيت في الماضي، بل اقامة حاجز أمني بيننا وبين العراق يعتمد في الدرجة الأولى على التقنيات التكنولوجية لمنع المتسللين والطابور الخامس ولمنع تهريب المخدرات والخمور وغيرها من الممنوعات التي يحاول النظام العراقي نشرها في المجتمع الكويتي، وهي عملية تعتبر نوعاً آخر من الغزو، ومن الطبيعي ان تعمل الدول على حماية أمنها الداخلي من خلال المراقبة الصارمة لحدودها، وهذا السور جزء من المراقبة". وأضاف العصيمي: "نحن نعلم تماماً ان هذا السور لن يمنع أي اعتداء عسكري أو صواريخ أو طائرات"، مشيراً الى ان السور ستكون له بوابات مفتوحة لمن يحمل النيات الحسنة تجاه الكويت. وقال العصيمي ان السور ليس بدعة مستحدثة، اذ هناك دول عدة بينها أسوار، مثل الأسوار التي أقامتها ليبيا على حدودها مع مصر وزرعتها ألغاماً، والأسوار التي بنتها الولاياتالمتحدة على حدودها مع المكسيك لمنع المتسللين. وعلى صعيد غير أمني، من المفترض ان يساعد السور الرابع أصحاب المزارع ومستثمريها في المنطقة الحدودية الشمالية على العودة الى مزارعهم وممتلكاتهم التي هجروها بسبب عدم استقرار الأمن هناك فضلاً عن أن الدخول الى المنطقة كان محرماً. لقد عرف الكويتيون الأسوار منذ زمن بعيد، اذ بنوا أول سور حول مدينتهم عام 1760 لحماية المدينة من أي هجوم خارجي، وكان من الطين، وطوله 750 متراً. أما السور الثاني فقد بني عام 1811 بطول 2300 متر، وكانت له ثلاث بوابات. وفي 14 ايار مايو 1920 وبعد معركة حمض بوشر ببناء السور الثالث خلال فترة شهرين، وهو يمتد في شكل نصف دائري خلف مدينة الكويت من البحر، بطول أكثر من خمسة أميال، وارتفاع حوالي أربعة أمتار، وكان يحيط بالكويت من ثلاث جهات وله خمس بوابات، حيث كانت المدينة مقسمة الى أربعة أقسام رئيسية، وللسور سبعة أبراج كبيرة وستة وعشرون برجاً صغيراً للمراقبة، وقد هدم عام 1957 بسبب توسع العمران، لكن أبقي على بواباته الخمس. وليست الكويت الدولة الوحيدة التي بنت سوراً على حدودها لحماية أراضيها من أي اعتداء خارجي. فهناك سور الصين العظيم الذي يمتد 2400 كيلومتر ويراوح ارتفاعه بين 5 و10 أمتار، وعرضه بين 8 و10 أمتار، ويتسع لمرور ست فرسان. وبني بين عامي 221 و210 ق.م. وهناك أيضاً سور القدس الذي بناه السلطان العثماني سليمان القانوني عام 1542، ويبلغ محيطه نحو 4 كيلومترات وله سبعة أبواب. وفي العصر الحديث انشئ سور برلين الذي قسم المدينة الى قسمين، لكنه سرعان ما انهار مع اعادة توحيد المانيا.