لا اتصور ان يدير العالم غير جهة واحدة تتمثل في الهيئة الدولية الاممالمتحدة والمنظمات التابعة لها، ولكن الدور الاميركي تعاظم الى درجة الطغيان فأصبح يكيل بمكيالين، وتعاظمت بالتالي المبالغة في القوة الاميركية التي يمكنها ان تحمي وتهدد وتعقد وتبرم، مما اوقع معظم دول العالم في براثن الخوف والتردد وافسد على هذه الدول حرية اتخاذ اي قرار، الامر الذي جعل القرارات الدولية نفسها لا تنفذ الا بالرضا الاميركي. كذلك اصبح الرأي العام العالمي يستمد شرعيته من المساندة الاميركية ولا وزن له الا بها... والقوة الاميركية في حقيقتها ذائعة الصيت وقد زاد من عظمتها انهيار الاتحاد السوفياتي. ومن اللافت للنظر هذه الايام هو ما تلوح به اميركا عن تخليها عن دورها القيادي في ادارة العالم. وفي تصوري انها لا تتخلى عن هذا الدور عن طيب خاطر وانما لاحساسها ببرودة القمة. فهي تسعى في الخفاء والعلن لخلق صراعات قوية تستطيع فضها باشارة فيلمع نجمها ويتجدد دورها. وعلى سبيل المثال لقد كانت اميركا في ظل التوازن اقوى منها الآن، ذلك انه من خلال قوى متكافئة يستطيع الاقوى اثبات وجوده، وفي تقديري ان مشكلة البوسنة كان يمكن ان تحل في وجود قوة موازية لأميركا، ذلك ان الصراع بين الكبار غالباً صراع مظهري واستعراضي. اما وقد اصبحت اميركا على القمة وحدها تدير للحق ظهرها فقد باتت ضعيفة، وليس بعد القمة الا السقوط. محمود عبدالحميد مهنى بورسعيد -مصر