ترى ما الذي يدعو العرب الى الاهتمام بالحرب الاهلية الطاحنة التي تدور في يوغوسلافيا؟ أليس لديهم ما يكفيهم من المشكلات؟ ولماذا هذا الاهتمام بأماكن نائية مثل البوسنة والهرسك وكوسوفو، علماً بأن السلام التام لم يعد حتى الآن الى منطقة الخليج، كما ان لبنان لا يزال مضطرباً، والصراع مع اسرائيل على اشده مع انه قد يكون دخل الآن مرحلة ديبلوماسية ربما تبشر بنتائج ايجابية؟ هناك جوابان مختصران: أولاً، المسلمون يتعرضون للمذابح في البوسنة والهرسك وللاضطهاد في كوسوفو. ولهذا لا يستطيع العالم الاسلامي ان يقف موقف اللامبالاة تجاه هذه الانتهاكات. ثانياً، مع انهيار الشيوعية وانحسار القوة السوفياتية اتسعت حدود الشرق الاوسط في اتجاهين: نحو الشمال الشرقي الى المرتفعات الشاسعة في آسيا الوسطى، ونحو الشمال الغربي الى شبه جزيرة البلقان. وهكذا فان ما يحدث في طشقند وألماأتا او ما يحدث في زغرب وبلغراد أو ساراييفو اصبح على قدر من الاهمية التي تفوق كثيراً ما كان في السابق، اي قبل ثلاث سنوات بالنسبة الى العرب. لا شك في ان الكثيرين يذكرون انه كان ليوغوسلافيا اهمية كبيرة في الضمير العربي في الخمسينات والستينات عندما كان زعيما حركة عدم الانحياز جمال عبدالناصر وتيتو يلتقيان في اوقات الازمات في قصر تيتو الصيفي في جزيرة بريوني. وكانت الحرب الباردة الراسخة آنذاك تشجع زعماء العالم الثالث، مثل تيتو وعبدالناصر، على محاولة انتهاج خط وسط بين الدولتين العظميين مع ان تلك المحاولات لم تكن تحقق النجاح الكامل دائماً. وكانت هناك امور كثيرة مشتركة بين تيتو وعبدالناصر، اذ انهما اعتمدا على سحر شخصيتهما في الحكم إضافة الى اعتمادهما على جهاز مخابرات قوي وجيش قوي وحركة او حزب سياسي واحد. فالجمهورية العربية المتحدة التي اقامها عبدالناصر مع سورية عام 1958 نشأت على البيروقراطية المركزية والسيطرة العسكرية المفروضة من القمة، تماماً مثلما فعل تيتو حين وحّد ست جمهوريات ومقاطعتين مستقلتين ذاتياً لتؤلف جميعها يوغوسلافيا. الا ان الجمهورية العربية المتحدة انهارت عام 1961 وتوفي عبدالناصر عام 1970، بينما توفي تيتو عام 1980، مما ادى الى فقدان حركة عدم الانحياز التي اسسها الزعيمان مضمونها في عالم لم يعد فيه سوى قوة عظمى واحدة. كما ان يوغوسلافيا نفسها لم تعد قائمة كدولة. والدرس الذي يمكن لنا ان نستخلصه من ذلك هو ان الاتحاد او الوحدة التي يتم فرضها من القمة لا تدوم الا اذا كان هناك تمثيل ديموقراطي لجميع المواطنين وحماية كافية للأقليات. وعندما اندلعت الحرب الاهلية في جمهورية سلوفينيا شمال يوغوسلافيا عام 1991، ثم انتشرت الى جمهورية كرواتيا المجاورة، لم يكد العالم الاسلامي يلاحظ ذلك. ولكن عندما اتسع نطاق القتال الى جمهورية البوسنة والهرسك هذا العام استيقظ العرب والمسلمون على حقيقة، وهي ان مسلمي البوسنة يتعرضون لاضطهاد وحشي وللقتل والذبح والطرد من ديارهم على أيدي الصرب باسم فكرة شريرة اطلق عليها الصرب اسم "التطهير العرقي". وعلى رغم القرارات التي اتخذها مؤتمر لندن الخاص بيوغوسلافيا السابقة اخيراً، وعلى رغم الوعود التي قطعها الزعماء المختلفون على انفسهم، فان القتل مستمر. لا مصالح استراتيجية للكبار تواجه مدينة ساراييفو، عاصمة البوسنة التاريخية، تحت القصف الصربي الذي لا يرحم، المصير نفسه الذي تعرضت له مدينة بيروت تحت القصف الاسرائيلي عام 1982. كما ان مفهوم "صربيا العظمى" الذي يطمع الزعيم الصربي القومي المتطرف سلوبودان ميلوسيفيتش في تحقيقه يذكرنا بأطماع مناحيم بيغن التوسعية في اقامة "اسرائيل الكبرى". ومن الأوجه الباعثة على الألم والأسى بالنسبة الى العرب والمسلمين، في عمليات القتل في البوسنة، ان الدول الغربية، التي اندفعت بسرعة كبيرة لتحرير الكويت ترفض التدخل الآن، او حتى ردع الصرب بالتهديد باستخدام القوة العسكرية ضدهم. فكل ما حدث، وبعد اشهر من التقاعس هو ان الدول الغربية وافقت على ارسال المساعدات الانسانية الى الضحايا، وفي الآونة الاخيرة على ارسال قوات لحماية قوافل الاغاثة، لكنها ترفض مواجهة المعتدين الصرب. وهكذا فان الغرب غير مستعد لأن يخوض عملية "درع الصحراء" او "عاصفة الصحراء" في البلقان. ومع ان القليلين يعترفون بذلك، فان الاسباب واضحة جداً ومعروفة للجميع: ليس هناك اية مصالح للدول العظمى تتعرض للخطر في سلوفينياوكرواتيا والبوسنة وصربيا او في اية جمهورية من جمهوريات يوغوسلافيا السابقة. اذ ليس هناك مصالح استراتيجية لأميركا وأوروبا الغربية في يوغوسلافيا لأن يوغوسلافيا لم تعد ساحة للمواجهة بين الدولتين العظميين منذ ان انهار الاتحاد السوفياتي وانتهت الامبراطورية السوفياتية. كذلك ليس هناك مصالح مالية لأن الجمهوريات اليوغوسلافية فقيرة نسبياً وليس فيها مواد خام ثمينة كالنفط. والدول تمتنع عادة عن ارسال أبنائها ليموتوا في ميادين القتال البعيدة اذا لم تكن مصالحها معرضة للخطر. فقد كان بعض المثاليين يأملون في أن يكون نظام الرئيس بوش العالمي الجديد مخطط عمل ايضاً لاخلاقيات عالمية جديدة. ولكن ذلك النظام لم يكن اكثر من ذريعة واهية لضمان المصالح الاميركية. ومع ان عواصم الدول الكبرى تنظر الى الصراعات الدموية في يوغوسلافيا بملل وضجر وفراغ صبر، فانها تبعث على اهتمام بالغ في الدول المجاورة ليوغوسلافيا، اي النمسا والمجر وبلغاريا وألبانيا ورومانيا واليونان، لأن كلاً منها لها مصالح ومطامح في المنطقة. فالنمسا مثلاً، حيث يحلم بعض القوميين بامبراطورية نمساوية - مجرية تود ان تجتذب سلوفينيا الى فلكها بل وربما ضمّها. كما ان المجر تود ان تضم بدورها المقاطعة الشمالية من صربيا، وهي مقاطعة فويفودينا، ولو لمجرد تأمين الحماية للمجريين الذين يعيشون فيها وعددهم 340 الف نسمة. كذلك ترغب بلغاريا في توسيع نطاق نفوذها الى جارتها مقدونيا مما يعني انها ستسد على صربيا باب الوصول الى بحر إيجه. وحتى البانيا الفقيرة التي تعاني من مصاعب اقتصادية حادة تحلم في انتزاع مقاطعة كوسوفو التي يقطنها مليونان من اصل الباني، من السيطرة الصربية. ومع ان صربيا تواجه هؤلاء الاعداء فانها ليست من دون اصدقاء، ولا سيما اليونان ورومانيا، نظراً الى ان الدول الثلاث من اتباع الكنيسة الارثوذكسية. وقد رفضت اليونان ورومانيا الالتزام بالعقوبات الغربية المفروضة على صربيا. بل وهناك ما يشير الى انهما تنتهكان في الواقع تلك العقوبات وتنقلان بالشاحنات ما تحتاجه صربيا من امدادات، بما في ذلك الوقود. والواقع ان اهم العوامل التي توحد اليونان وصربيا هو عداؤهما العميق لكل ما هو اسلامي، لا سيما لتركيا، اذ ان بلغراد وأثينا ترتابان نظراً الى انهما خضعتا للحكم العثماني في تركيا وتدعيان انها ترعى جماعات اسلامية تخريبية في مختلف ارجاء البلقان، في البوسنة والجبل الاسود وكوسوفو وألبانيا ومقدونيا وشمال اليونان وجنوب بلغاريا. ومن البديهي ايضاً ان دعوة تركيا الى التدخل العسكري الغربي في صربيا تلقى معارضة مريرة من اليونان. ومن المعروف ان النشاط السياسي في شبه جزيرة البلقان وجنوب شرقي اوروبا ظل مجمداً لعقود طويلة نتيجة وجود الجيش الاحمر وهيمنة مستبدين شيوعيين من امثال نيكولاي تشاوشيسكو في رومانيا وأنور خوجه في البانيا. الا ان نهاية الحرب الباردة وسقوط الطغاة الشيوعيين اعاد الحياة السياسية الى المنطقة برمتها. وفجأة ظهرت عدة قوميات متنافسة ومتعادية، مما ادى الى عواقب وخيمة على الناس الذين صدف انهم يعيشون على الجانب الخاطئ من الحدود لهذه القوميات. ميلوسيفيتش وصدام ولا شك في ان ابناء الشرق الاوسط الذين اعتادوا على الصراعات منذ القدم بين العرب واليهود، والاكراد والعرب، والمسلمين والمسيحيين وما الى ذلك، يدركون جيداً طبيعة الصراعات في البلقان. فقد عادت الى شبه الجزيرة الان تلك الصراعات التي اشتهرت بها قبل الحرب العالمية الأولى وجعلتها بؤرة للصراعات التاريخية. وهناك وجه شبه بين البلقان والشرق الاوسط وهو ان الحدود الداخلية في كل منطقة منهما كانت من رسم قوى خارجية - القوى التي انتصرت في الحرب الأولى - اذ ان الحلفاء هم الذين وضعوا او ركّبوا يوغوسلافيا عقب الهزيمة التي منيت بها الامبراطورية النمساوية المجرية، بالطريقة ذاتها التي رسم الحلفاء بها خريطة الشرق الاوسط الحديثة عقب هزيمة الامبراطورية العثمانية. وفي كلتا الحالتين لم يكن رسم الخريطة مرضياً. ان العالم اجمع تقريباً ينحي باللائمة الآن على الصرب لعدوانهم على كرواتيا والبوسنة والهرسك. والخارجان عن القانون الدولي الرئيسيان في هذا الاطار هما سلوبودان ميلوسيفيتش رئيس جمهورية صربيا، ورادوفان كاراديتش زعيم الصرب البوسنيين. فهما خارجان على المجتمع الدولي وقوانينه. وينظر العالم الى ميلوسيفيتش بالذات على انه هتلر الجديد مثلما كان ينظر الى صدام حسين اثناء احتلال الكويت. ولكن هل لدى الصرب قضية؟ ان الطريقة التي انتهجها الصرب والطريقة التي انتهجها العراقيون في متابعة قضيتهم هي التي اثارت العداء نحوهم في وسائل الاعلام الغربية وفي اوساط الرأي العام الاسلامي والرأي العام العالمي. فقبل غزو الكويت كان لدى صدام حسين عدد من المطالب. فبعد ان حارب ضد ايران لمدة ثمانية اعوام اراد ان يعترف العالم بزعامة العراق في المنطقة. ولهذا أراد مساعدات مالية ضخمة من دول الخليج، كذلك اراد الوصول الى البحر بشكل افضل. إلا ان صدام حسين نسف قضيته باللجوء الى القوة. فقد زاد غزو الكويت والفظائع التي ارتكبت هناك اضافة الى عاداته في قتل خصومه الداخليين وسجله الرهيب في مجال حقوق الانسان من كراهية الناس له ولنظامه وحرم مطالبه من اية شرعية وفتح الباب امام شن حرب ضده وضد بلده بدعم دولي واسع. كذلك دمر الصرب قضيتهم باللجوء الى القوة. اذ انهم قصفوا المدنيين العزل من السلاح، وطردوهم من بيوتهم وحشدوهم في معسكرات رهيبة، وذبحوا الاطفال والنساء. وهكذا اصبحت صورة ميلوسيفيتش مثل صورة صدام حسين. والسمعة او الصورة امر مهم جداً في العلاقات الدولية، مثلما يعرف الاسرائيليون ذلك جيداً. فالاسرائيليون يكرسون موارد هائلة للعلاقات العامة ولا يألون جهداً في محاولة اقناع العالم بأن "اسرائيل دولة وديعة محبة للسلام وأنها دولة ديموقراطية تتعرض للتهديد والخطر من العرب". وقد سمحت هذه الصورة التي نشرتها اسرائيل عن نفسها، بشن هجمات لا حصر لها على جيرانها، لقتل مواطني تلك الدول واحتلال اراضيها، ومع ذلك فقد نجت من التنديد الحقيقي الجدي من بقية دول العالم. ما هي قضية الصرب؟ ما هي اذن القضية الصربية التي أضر بها ميلوسيفيتش؟ في جوهرها هي ان الصرب يريدون ان يعيشوا في دولة واحدة. وهذا طموح طبيعي تشاطرهم فيه اقليات عرقية كثيرة. فالألمان ارادوا ان يعيشوا في دولة واحدة وهو ما سمح المجتمع الدولي لهم به. فلماذا لا يسمح للصرب؟ يضاف الى ذلك ان الصرب يعتقدون انهم كسبوا من خلال تصرفاتهم عبر القرون، حق وجود دولة لهم تجمع بين جميع الصرب في الشتات المنتشرين الآن في مختلف أرجاء الجمهوريات اليوغوسلافية. وصربيا هي القلب النابض ليوغوسلافيا، وهي ايضاً اكبر جمهورياتها وأكثرها تطوراً من حيث مفهوم الدولة. كما ان تاريخها معروف بأنه تاريخ من التحدي في وجه الضغوط مهما كانت. ففي العصور الوسطى حاولت مملكة الصرب الناشئة ان توقف الزحف العثماني في اوروبا ولكن العثمانيين الحقوا بها الهزيمة في معركة كوسوفو في الثامن والعشرين من حزيران يونيو عام 1389. وإثر ذلك خضعت للسيطرة العثمانية التركية لمدة خمسة قرون. وتحتل معركة كوسوفو في التاريخ الصربي مكانة بارزة. وقد مهدت الهزيمة العسكرية السبيل امام الشعور بنصر روحي وإحساس شديد بالهوية الذاتية. ومنذ اوائل القرن التاسع عشر واصل الصرب الثورة ضد الاتراك الى ان حصلوا على استقلالهم عام 1878 وطردوا الاتراك نهائياً عام 1912. وفي الحرب العالمية الأولى وقف الصرب الى جانب الحلفاء المنتصرين الذين كافأوا صربيا بأن اصبحت اساساً ليوغوسلافيا التي ضمت سلوفينياوكرواتيا والبوسنة والهرسك. إلا ان الصرب لم يستمتعوا طويلاً بثمار النصر. اذ ان الكروات رفضوا قبول الزعامة الصربية بين الحربين العالميتين وبدأوا يطالبون بدولتهم المستقلة. وعندما غزا الألمان يوغوسلافيا عام 1941 انضم الكروات المتطرفون الى النازيين وقتلوا اربعمائة الف صربي في كرواتيا. كذلك تعرضت أعداد كبيرة من الصرب للقتل في البوسنة. وهذه هي بصورة اساسية الخلفية للصراع الراهن. وقد علمت في الآونة الاخيرة ان رئيس هيئة الاركان الحالي في الجيش الصربي فقد ثلاثة وعشرين شخصاً من افراد اسرته خلال الحرب العالمية الثانية عندما قتلهم الكروات. ولهذا ليس من المستغرب ان يكون هذا الضابط وأمثاله قد التفوا حول زعامة ميلوسيفيتش داعية القومية الصربية الذي اعلن نفسه "حامياً لكل الصرب المضطهدين". وهناك عاملان اساسيان يساعدان على اشعال نيران الصراع الراهن: الأول هو ان اعداداً كبيرة من الصرب يعيشون خارج حدود جمهورية صربيا، لا سيما في كرواتيا والبوسنة. وكان هؤلاء سعداء بالحياة هناك ما دامت يوغوسلافيا موحدة. ولكن بعد ان اعلنت كرواتيا والبوسنة استقلالهما تمرد الصرب فيهما على الاستقلال لأنهم لم يعودوا راغبين في العيش كأقليات في بيئة معادية، ولهذا بدأوا يطالبون بالانضمام الى صربيا - وطنهم الأم. وبتأييد من بلغراد حملوا السلاح واستولوا على اجزاء كثيرة من اراضي كرواتيا والبوسنة على امل الاحتفاظ بها. وهكذا فقد خلقوا حقائق على الارض على الطريقة الاسرائيلية. وسيكون من الصعب جداً اقناعهم بالتخلي عنها. العامل الثاني الاساسي في الاحجية اليوغوسلافية هو مقاطعة كوسوفو. اذ ان الصرب يعتبرون هذه المقاطعة مهد حضارتهم. والواقع انها كانت عاصمة صربيا في العصور الوسطى. اما اليوم فلا يقطن هذه المقاطعة سوى 200 الف صربي، بينما غالبية سكانها من اصل الباني، ويبلغ عددهم اكثر من مليوني نسمة. لكن ميلوسيفيتش ضمن هيمنة الصرب في كوسوفو. اذ ان الصرب في المقاطعة يمارسون، بدعم من الجيش والشرطة وبلغراد، تمييزاً عنصرياً بشعاً ضد المسلمين الالبان الذين لا حول لهم ولا طول. وهكذا اصبح مئات الآلاف من الألبان من دون عمل وفقدوا منازلهم وهم يعيشون الآن في بؤس رهيب. وباختصار فان الازمة اليوغوسلافية تثير عدة قضايا مزعجة بالنسبة الى العرب والمسلمين: هل يستطيع المجتمع الاسلامي ان يقدم المساعدة الفعالة لأشقائه المسلمين الذين يعانون من القمع والاضطهاد والمذابح؟ هل تستطيع اية قوة على الأرض ان تنتزع كوسوفو من الصرب؟ اذا كان السلوفينيون والكروات والمسلمون في البوسنة يطالبون بحق تقرير المصير، الا يجب اعطاء هذا الحق ايضا للصرب، حتى ولو كان معنى ذلك اجراء بعض التعديلات على الحدود؟ وإذا كان شعب عربي في الشرق الاوسط، كالفلسطينيين، يطالب بحق تقرير المصير والاستقلال، هل يمكن حرمان الاكراد من مثل هذا الحق؟ وهل الموارنة والمسيحيون اللبنانيون مصيبون أم مخطئون حين يخشون على مكانتهم ووضعيتهم في دولة تهيمن عليها القوة السورية؟ ثم ما هي الحماية المشروعة التي يمكن لأية اقلية ان تطالب بها؟ ومتى يحق لأقلية ان تسمي نفسها امة او دولة؟ ان من المرجح ان تظل مثل هذه الاسئلة الصعبة مطروحة في كل من البلقان والشرق الاوسط لأجيال طويلة مقبلة.