معرض "أنا عربية" يفتتح أبوابه لاستقبال الجمهور في منطقة "فيا رياض"    باكستان تقدم لزوار معرض "بَنان" أشهر المنتجات الحرفية المصنعة على أيدي نساء القرى    مطارات الدمام تدشن مطارنا أخضر مع مسافريها بإستخدام الذكاء الاصطناعي    ديوانية الأطباء في اللقاء ال89 عن شبكية العين    الحملة الشعبية لإغاثة الفلسطينيين تصل 702,165,745 ريالًا    الجبلين يتعادل مع الحزم إيجابياً في دوري يلو    "أخضر السيدات" يخسر وديته أمام نظيره الفلسطيني    حرمان قاصر وجه إهانات عنصرية إلى فينيسيوس من دخول الملاعب لمدة عام    الأهلي يتغلب على الوحدة بهدف محرز في دوري روشن للمحترفين    أمير منطقة تبوك يستقبل رئيس واعضاء مجلس ادارة جمعية التوحد بالمنطقة    مدني الزلفي ينفذ التمرين الفرضي ل كارثة سيول بحي العزيزية    مدني أبها يخمد حريقًا في غرفة خارجية نتيجة وميض لحظي    أمانة القصيم توقع عقداً بأكثر من 11 مليون ريال لمشروع تأهيل مجاري الأودية    ندى الغامدي تتوج بجائزة الأمير سعود بن نهار آل سعود    البنك المركزي الروسي: لا حاجة لإجراءات طارئة لدعم قيمة الروبل    6 مراحل تاريخية مهمة أسست ل«قطار الرياض».. تعرف عليها    «سلمان للإغاثة» يختتم المشروع الطبي التطوعي للجراحات المتخصصة والجراحة العامة للأطفال في سقطرى    المملكة تفوز بعضوية الهيئة الاستشارية الدولية المعنية بمرونة الكابلات البحرية    محرز يهدي الأهلي فوزاً على الوحدة في دوري روشن    نعيم قاسم: حققنا «نصراً إلهياً» أكبر من انتصارنا في 2006    القادسية يتفوق على الخليج    النصر يكسب ضمك بثنائية رونالدو ويخسر سيماكان    الجيش السوري يستعيد السيطرة على مواقع بريفي حلب وإدلب    "مكافحة المخدرات" تضبط أكثر من (2.4) مليون قرص من مادة الإمفيتامين المخدر بمنطقة الرياض    خطيب المسجد النبوي: السجود ملجأ إلى الله وعلاج للقلوب وتفريج للهموم    السعودية تتسلّم مواطنًا مطلوبًا دوليًا في قضايا فساد مالي وإداري من روسيا الاتحادية    والد الأديب سهم الدعجاني في ذمة الله    الشؤون الإسلامية تطلق الدورة التأهلية لمنسوبي المساجد    «الأونروا»: أعنف قصف على غزة منذ الحرب العالمية الثانية    خطيب المسجد الحرام: أعظمِ أعمالِ البِرِّ أن يترُكَ العبدُ خلفَه ذُرّيَّة صالحة مباركة    وكيل إمارة جازان للشؤون الأمنية يفتتح البرنامج الدعوي "المخدرات عدو التنمية"    وزارة الرياضة تُعلن تفاصيل النسخة السادسة من رالي داكار السعودية 2025    التشكيلي الخزمري: وصلت لما أصبو إليه وأتعمد الرمزية لتعميق الفكرة    الملحم يعيد المعارك الأدبية بمهاجمة «حياة القصيبي في الإدارة»    تقدمهم عدد من الأمراء ونوابهم.. المصلون يؤدون صلاة الاستسقاء بالمناطق كافة    طبيب يواجه السجن 582 عاماً    «كورونا» يُحارب السرطان.. أبحاث تكشف علاجاً واعداً    ذوو الاحتياجات الخاصة    انطباع نقدي لقصيدة «بعد حيِّي» للشاعرة منى البدراني    عبدالرحمن الربيعي.. الإتقان والأمانة    رواد التلفزيون السعودي.. ذكرى خالدة    اكتشافات النفط والغاز عززت موثوقية إمدادات المملكة لاستقرار الاقتصاد العالمي    فصل التوائم.. البداية والمسيرة    «متلازمة الغروب» لدى كبار السن    "راديو مدل بيست" توسع نطاق بثها وتصل إلى أبها    بالله نحسدك على ايش؟!    رسائل «أوريشنيك» الفرط صوتية    حملة توعوية بجدة عن التهاب المفاصل الفقارية المحوري    أمير تبوك يستقبل المواطن مطير الضيوفي الذي تنازل عن قاتل ابنه    وزير الخارجية يصل الكويت للمشاركة في الدورة ال 162 للمجلس الوزاري التحضيري للمجلس الأعلى الخليجي    إنسانية عبدالعزيز بن سلمان    أمير حائل يعقد لقاءً مع قافلة شباب الغد    أكدت رفضها القاطع للإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين.. السعودية تدعو لحظر جميع أسلحة الدمار الشامل    محمد بن عبدالرحمن يشرّف حفل سفارة عُمان    رئيس مجلس الشيوخ في باكستان يصل المدينة المنورة    أمير تبوك يقف على المراحل النهائية لمشروع مبنى مجلس المنطقة    هيئة تطوير محمية الإمام تركي بن عبدالله الملكية ترصد ممارسات صيد جائر بالمحمية    هنآ رئيس الأوروغواي الشرقية.. خادم الحرمين الشريفين وولي العهد يعزيان القيادة الكويتية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ايران اعترفت بحماس "ممثلاً وحيداً للجهاد الفلسطيني" ودعت الى مواجهة منظمة التحرير وقيادتها وخطها السياسي
نشر في الحياة يوم 17 - 05 - 1993

عاد المفاوضون العرب والاسرائيليون الى استئناف جلسات المفاوضات الثنائية في واشنطن، بعد انقطاع اربعة اشهر نتيجة رد الفعل الفلسطيني - العربي على القرار الذي اصدرته ونفذته حكومة اسحق رابين بطرد ما يزيد على 400 مواطن فلسطيني من وطنهم، ينتمون الى حركة حماس ومنظمة الجهاد الاسلامي، او ما اصبح يطلق عليه في لغة السياسة الدولية اسم "الاصولية الاسلامية" المعاصرة.
خلال فترة انقطاع المفاوضات تفجرت مواجهات اسرائيلية - فلسطينية دامية على الارض، سجلت رقماً قياسياً، كماً ونوعاً، في عنفها واتساعها، كما انطلقت آليات الصراع السياسي في حركات وحركات مضادة، شملت البلدان العربية واسرائيل والعالم كله، وعلى الاخص الجانب الاميركي منه، الذي كان يبرز فيه رئيس اميركي جديد شاب هو بيل كلينتون الذي لم يخف خلال حملته الانتخابية دعمه المتميز لاسرائيل داخل وخارج دائرة المفاوضات، وان كان اعلن التزامه بمواصلة العمل من اجل الوصول الى تسوية سياسية سلمية للصراع العربي - الاسرائيلي من خلال "صياغة مدريد" التي كان سلفه جورج بوش ومهندس سياسته الخارجية جيمس بيكر توصلا اليها ومارساها بالفعل.
وبدا الامر، على امتداد فترة انقطاع المفاوضات كما لو كانت "صيغة مدريد" تحتضر، وان المبعدين الفلسطينيين الاربعمئة يحفرون قبراً لدفنها في مرج الزهور حيث يضربون في خيامهم منذ طردهم، ومعاندة اسرائيل في عودتهم تطبيقاً للقرار الرقم 799 الصادر عن مجلس الامن بالاجماع.
يلفت الانتباه في هذا الصدد عدد من الظواهر، منها محاولة اسحق رابين اضفاء صفة "الاجماع" على قراره بالابعاد سواء بالنسبة الى خصومه السياسيين الاساسيين في الساحة السياسية وعلى رأسهم تكتل الليكود، او داخل معسكره في الحزب والحكومة التي تضم ممثلين عن جماعة ميريتس ذات الاتجاه السلامي المعروف والذي يصل الى حد القبول بدولة فلسطينية مستقلة بقيادة منظمة التحرير جنباً الى جنب مع اسرائيل. وهكذا رأينا، في البداية، الدعم المعلن من جانب الليكود بزعامة اسحق شامير، قبل ان يحل محله في الزعامة بنيامين نتانياهو، وكذلك من جانب الوزراء الثلاثة الممثلين لجماعة ميريتس في الحكومة، فضلاً عن الحمائم من وزراء حزب العمل ونوابه في الكنيست. لكن هذه الصورة "للدعم الاجماعي" لقرار رابين ما لبثت ان تمخضت، عن صراعات قديمة - جديدة على الساحة الاسرائيلية حول اختيار طريقة الوصول الى تسوية سلمية والثمن الواجب دفعه من اجلها. ووجد رابين نفسه بصفته رئيس الحكومة ورئيس حزب العمل، وبصفته الشخصية، محاصراً من ناحية باختيارات الليكود التي تنهج طريقة التسوية مع الجيران العرب على حساب الفلسطينيين، وان اقصى ما يمكن دفعه من ثمن هذه بعض تنازلات اقليمية في الجولان السورية وادارة ذاتية فلسطينية في الارض المحتلة، على ان تقوم الولايات المتحدة بتعويض مادي - سياسي للثمن المدفوع اسرائيلياً. ومن ناحية اخرى، هناك اختيارات ميريتس ومجموعة الحمائم في حزب العمل والتي اسهمت، اساساً، في ترجيح رابين لزعامة الحزب بدلاً من بيريز، وهي اختيارات تقوم على ان العمود الفقري للتسوية هو الوصول الى حل وسط مقبول من الفلسطينيين الذين تمثلهم منظمة التحرير بقيادة ياسر عرفات، وان الثمن الواجب دفعه اسرائيلياً، هو الجلاء عن جميع الاراضي العربية المحتلة في سورية وفي فلسطين، بهذا القدر او ذاك من تأمين الحدود وتطبيع العلاقات.
حين ذهب رابين الى واشنطن للقاء بيل كلينتون بعد انتخابه رئيساً، وجد ان الولايات المتحدة تحركت بعد هوجة الانتخابات الى موقع جديد، وهو ان مصلحتها القومية الراهنة في الشرق الاوسط باتت مرتبطة بالوصول الى تسوية سياسية للصراع العربي - الاسرائيلي بأسرع وقت ممكن، وذلك بكل الابعاد الاقتصادية والسياسية والبترولية والامنية لهذه المصلحة.
وتبين لرابين، ان استمرار الدعم الاميركي لاسرائيل مشروط بمواصلة صيغة مدريد في التقدم نحو التسوية على كل الجبهات، بما في ذلك الجبهة الفلسطينية، وان هذا يعني، ضمن ما يعني، عدم اتخاذ اجراءات اسرائيلية من شأنها وضع عقبات امام الفلسطينيين بالذات للمشاركة في المفاوضات. ومن هنا اصبح رابين مطالباً اميركياً بضرورة ايجاد حل مقبول عربياً وعالمياً بعد صدور قرار مجلس الامن الرقم 799 الخاص بالعقبة التي نشأت على الطريق، بطرد الاربعمئة فلسطيني وتغيير المناخ من حالة المواجهة والصدام الى حالة التفاوض السلمي من جديد.
اتفاق ايران وحماس
واذا كان لنا ان ننير تضاريس حركة الاحداث بأحاديث لكل من سيناتور اميركي من الحزب الديموقراطي ومسؤول اسرائيلي من زمرة الحمائم زارا القاهرة خلال هذه الفترة، فإن رابين عندما سأل كلينتون عما يمكن ان يقترحه عليه من اعمال لازالة عقبة المبعدين من الطريق، اجاب كلينتون: ليس لدي ما اقترحه عليك في هذا الشأن سوى ان تحاول التحرك في كل الاتجاهات، داخلياً وخارجياً على السواء، وليس فقط بما يتعلق بقضية المبعدين، لكني لا استطيع ان اقترح عليك اعمالاً محددة او طرقاً ووسائل معينة لهذه الاعمال، اقترح علينا ما تشاء ونحن على استعداد لمناقشته مع المصريين والفلسطينيين والسوريين".
ويقول المسؤول الاسرائيلي الحمائمي: "ان رابين ذهب الى واشنطن في زي ليكودي تقريباً، ولكنه عاد من هناك وقد لبس لباس كلينتون بعدما اصبح رئيساً للولايات المتحدة وبجانبه وارن كريستوفر وزيراً للخارجية، ولم يعد امامه الا الخيار الاميركي".
وتبرز ظاهرة ثانية من ظواهر مرحلة انقطاع المفاوضات هي في الوجه الفلسطيني الآخر لما حدث في الجانب الاسرائيلي، حتى وان تميز بتعقيدات اشد نظراً الى تعددية الجانب العربي واستمرار تسمم مناخ العمل العربي المشترك بأزمة الخليج. بمعنى ان الصورة العربية بدت كما لو كانت مقاطعة المفاوضات تجري ايضاً "بالاجماع"، حتى انه ظهر كما لو ان منظمة التحرير الفلسطينية اقتربت من موقف حماس، في لحظة من لحظات الازمة، حول عدم جدوى طريق المفاوضات وسرابية التسوية السياسية، وان هذا بشكل او بآخر، ينعكس على مواقف السوريين واللبنانيين والاردنيين.
بيد ان هذه الصورة ما لبثت ايضاً ان تمزقت، على رغم محاولة لملمة خطوطها بين هذا الطرف العربي او ذاك. وتكشف من خلال التصريحات والتحركات العربية، قبل وبعد زيارة كريستوفر الى المنطقة ورفعه شعار "الشريك الكامل" في المفاوضات، ان دمشق وبيروت وعمان تؤيد استمرارية المفاوضات، ولكن بأقصى ثمن يمكن ان تتقاضاه من اسرائيل نتيجة ازمة الابعاد وبضمانة الولايات المتحدة، وانه اذا تم قبض هذا الثمن فإنها ستلبي الدعوة لاستئناف المفاوضات، حتى ولو لم يستطع الفلسطينيون مصاحبتها في البداية.
في الوقت نفسه تحركت منظمة التحرير بكثافة في كل الاتجاهات، سواء علناً او بالطرق الديبلوماسية، وذلك بدءاً من مصر حتى الولايات المتحدة، مروراً بقواعدها داخل الاراضي المحتلة، وجماعات السياسيين الاسرائيليين المتعاطفين معها، وكذلك اوروبا والاتحاد السوفياتي. وظهر للمنظمة انه اذا كانت حقائق الواقع الموضوعية تؤكد ان لا تسوية من دونها، الا ان المفاوضات من اجل التسوية يمكن ان تستمر من دونها وتصل الى صيغة ما تكون مقبولة عربياً ومضمونة اميركياً ودولياً، تضعها امام امر واقع لم تشارك في تشكيله وتحديد ابعاده وضوابطه. من هنا طلبت المنظمة من العرب والاميركيين مهلة كافية لبلورة موقف فلسطيني - عربي مشترك حول شروط وضمانات استئناف المفاوضات مع اسرائيل، خصوصاً بعد ان تأكد لها استحالة الوصول الى قاعدة وفاق سياسي مع حماس، ليس فقط بسبب ما عرف عن حواراتها غير المعلنة مع الولايات المتحدة وفرنسا واسرائيل، وانما ايضاً بعد ان وضعت يدها على ما تسميه مسودة الاتفاق بين ايران وبين حماس، والتي تنص في أحد بنودها على ان ايران تعترف "بالمقاومة الاسلامية - حماس - ممثلاً شرعياً وحيداً لجهاد الشعب الفلسطيني والقيام بكل ما يترتب على ذلك من دعم مادي ومعنوي وسياسي وجهادي بما يكفل استمرارها في رسالتها الجهادية". وجاء في بند اخر من هذه الوثيقة "الاقرار المبدئي بأن ما يسمى بمنظمة التحرير الفلسطينية وقيادتها هو نقيض للعمل الاسلامي المتكامل وضرورة التصدي لها ولبرامجها وخطها السياسي ومؤامراتها على وحدة المسلمين".
كانت هذه هي القشة التي قصمت ظهر البعير عند منظمة التحرير في محاولتها الوصول الى "وفاق سياسي" مع حماس، والانطلاق في حركتها للتمهيد لاستئناف المفاوضات بطرح الحل التدريجي لقضية المبعدين الاربعمئة وعودتهم الى بلادهم على دفعات لا تتجاوز شهر تشرين الاول اكتوبر 1993، وكذلك عودة تدريجية للمبعدين منذ عام 1967 وتعهد اسرائيل ولو لطرف ثالث - اميركا - بعدم اللجوء مستقبلاً الى سياسة الابعاد، واتخاذ اجراءات ملموسة لاحترام حقوق الانسان الفلسطيني السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ورفع الحظر عن مشاركة فلسطينيين من القدس الشرقية او من خارج الارض المحتلة في الوفد الفلسطيني الى المفاوضات، وتطبيق القرار الرقم 242 على المرحلتين الانتقالية والدائمة للتسوية على الجبهة الفلسطينية.
ويبدو مرجحاً من خلال استقراء حركة الاحداث ان منظمة التحرير حققت نجاحاً ملحوظاً في هذا الصدد، عربياً واوروبياً واسرائيلياً واميركياً وروسياً، والاهم فلسطينياً داخل الارض المحتلة. من هنا انفكت عقدة العرب في الذهاب الى المفاوضات مع او من دون الفلسطينيين، وكذلك عقدة الفلسطينيين في الذهاب الى المفاوضات من دون ضمانات وتنازلات اسرائيلية مرئية وغير مرئية، خصوصاً بالنسبة الى المبعدين حديثاً وقديماً، وانه اذا رفضت حماس عودة المبعدين منها تدريجياً في حدود اشهر معدودة فهذا يصبح شأنها الخاص لا شأن الوطن الفلسطيني ومستقبله ككل، وان المهم في النهاية هو حصول المنظمة - واقعياً - على الحد الادنى من الشروط والضمانات التي الحت عليها لاستئناف المفاوضات.
وهكذا التأم شمل المفاوضين - مرة اخرى - في واشنطن في جولة تاسعة.
مفاوضات الكواليس
ولكن هل حدث حقاً ان انقطعت المفاوضات؟
ان الظاهر المرئي يقول ذلك، فلم يحدث منذ ان انفضت اعمال الجولة الثامنة ان اجتمع المفاوضون وجهاً لوجه مرة اخرى، الا في نيسان ابريل 1993. بيد ان السؤال - هنا - هل كانت الفترة الممتدة من الجولة الثامنة الى الجولة التاسعة مسافة زمنية جرداء ام انها في الحقيقة وعلى رغم عدم اجتماع المفاوضين كانت فترة خصبة بالمفاوضات التحتية وفي العمق؟
اعتقد انه يمكن القول ان ما يسمى فترة الانقطاع كانت هي الجولة التاسعة والمهمة في المفاوضات غير المرئية، وان ما يجري اليوم في واشنطن هو، في جوهره الجولة العاشرة، وان المفاوضين في هذه الجولة يتميزون بمواقف جديدة جرت بلورتها، خلال مفاوضات فترة الانقطاع، وبعناصر جديدة ذات وزن سياسي متميز مثل فيصل الحسيني في الوفد الفلسطيني الذي كان "دينامو" منظمة التحرير في مفاوضات الكواليس خلال فترة الانقطاع.
وفي تقديرنا ان المفاوضين جاؤوا الى جولتهم التاسعة او العاشرة حسب التعداد الظاهر او الباطن، وقد اصبح واضحاً لهم - نظرياً - الاطار العام لحدود التسوية. وان القضية المطروحة عليهم هي كيف يمكن ترجمة هذا الاطار بتفاصيل على ارض الواقع، وضماناته الدولية، ومتى يحتمل الاعلان عن الوصول الى هذه التسوية في اسرع وقت ممكن وبدء تنفيذها؟
اذا كان هذا السؤال يعكس حقيقة الجولة التاسعة او العاشرة، فإنها تكتسب ما يمكن تسميته اخطر جولات المفاوضات واكثرها حساسية وتعقيداً، وربما يمكن وصفها - ايضاً - بأنها الجولة الاخيرة المفتوحة للوصول الى شاطئ التسوية، حتى ولو لم يكن ُمَعبّداً تماماً في البداية.
* كاتب ومفكر سياسي مصري.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.