ذكرت مصادر سورية مطلعة ان الوثيقة السورية التي سلمت الى الوفد الاسرائيلي في مفاوضات واشنطن تشير الى ان المفاوضات السورية - الاسرائيلية تتعلق بالجولان تحديداً في اطار التسوية الشاملة، وانها مرتبطة مباشرة بالتقدم في باقي المسارات، وان مثل هذا التقدم لا يمكن ان يتم الا بقبول اسرائيل بمبدأ الانسحاب التام على كل الجبهات. وتوضح الوثيقة - المذكرة ان سورية لن تتفاوض مع اسرائيل على الجدول الزمني للانسحاب الاسرائيلي من الأراضي الفلسطينية واللبنانية او على الترتيبات الامنية فيها، وتؤكد ان الاتفاق النهائي على اية جبهة يبقى مرتبطاً بالمسارات على الجبهات الاخرى. وأوضحت المصادر السورية ان التصريحات الاسرائيلية ما زالت حتى الآن "غامضة" ولا تقر بمبدأ الانسحاب التام، بل ان الطروحات الاسرائيلية عن تشكيل لجان ثنائية، واحدة لبحث تفسير القرار 242، واخرى لتحديد الترتيبات الامنية، وثالثة لتحديد مضمون اتفاق السلام، تشير الى ان الاسرائيليين ما زالوا بعيدين عن القبول بمضمون المذكرة السورية. وقد اكد الوفد السوري في واشنطن للادارة الاميركية ان المذكرة السورية ليست حداً تفاوضياً يمكن التراجع عنه وان سورية "ليست مستعدة للاستجابة لأية دعوة بلقاء الاسرائيليين في منتصف الطريق، لأن سورية سارت كل الطريق المؤدي الى تنفيذ القرار 242". مصادر ديبلوماسية مطلعة في دمشق اشارت الى ان واشنطن تدعم فكرة اللجان الثنائية حيث يبحث في لجنة شؤون الارض "ماذا يمكن لاسرائيل ان تقدمه لسورية في الجولان" بينما تبحث لجنة العلاقات الثنائية "ماذا يمكن لسورية ان تقدمه لاسرائيل في مجال الامن والعلاقات الثنائية". لكن سورية تعتبر ان اسرائيل "لا تقدم الى سورية بل تعيد اليها أرضها، بينما سورية ليست ملتزمة لاسرائيل سوى القبول بالترتيبات الامنية، وهو ما اقرته المذكرة السورية على ان تكون متوازنة ولا تمس السيادة". وقالت المصادر ان سورية، بطرحها قضية الترتيبات الامنية، تسحب من اسرائيل حجة الاحتفاظ بالارض من اجل الامن، وهي مستعدة لطرح افكار تفصيلية عن هذه الترتيبات التي تتضمن مناطق منزوعة السلاح وأخرى ذات وجود عسكري منخفض وقيام قوات دولية متفق عليها بالرقابة والاشراف على هذه الترتيبات. والرأي السائد في دمشق هو ان اسحق رابين يدرس الاحتمالات المطروحة بالنسبة الى الانتخابات الرئاسية الاميركية وتأثيرها على عملية السلام. فاذا كان جورج بوش سيعود الى البيت الابيض فمن الافضل لاسرائيل ان تحصل على اتفاق مع العرب بالاستفادة من الضغط الاميركي على الجانب العربي قبل الانتخابات الاميركية عندما يكون نفوذها في واشنطن في ذروته لأن الرئيس بوش قد يتحرر من هذا النفوذ بعد فوزه. اما اذا كان الرئيس بوش لن يعود الى البيت الابيض وسيفوز بيل كلينتون فمن الافضل التريث للحصول على صفقة افضل مع العرب في ظل ادارة اميركية جديدة متحررة نسبياً من الالتزام الشخصي الذي ارتبط به الرئيس بوش تجاه العرب. بين هذين الخيارين يمكن لرابين ان يسعى الى "شبه اتفاق مبادئ عامة" مع سورية والفلسطينيين يترك التفاصيل الى ما بعد الانتخابات الاميركية، وبذلك يمنح بوش الورقة الانتخابية التي يريدها من دون ان يقيد نفسه باتفاقات قد يحصل على افضل منها لو فاز بيل كلينتون. اما الموقف السوري من هذه الاحتمالات فهو واضح والمذكرة السورية هي توضيح تفصيلي لموقفها الثابت من تسوية النزاع العربي - الاسرائيلي، وهي تعتمد على الأسس الآتية: تسوية النزاع العربي - الاسرائيلي تسوية شاملة على جميع الجبهات. التسوية لا تقوم الا على الانسحاب الاسرائيلي التام من كل الاراضي العربية المحتلة وإقرار حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره فوق ترابه الوطني. المستوطنات الاسرائيلية غير شرعية وعقبة في طريق السلام. التسوية يجب ان تأخذ في الاعتبار الاحتياجات الامنية لكل الاطراف في اطار ترتيبات امنية متوازنة وشاملة لا تمس سيادة اي طرف على اراضيه. سورية مستعدة لتوقيع "اتفاق سلام" ينهي حالة الحرب مع اسرائيل يدون لدى الامانة العامة للأمم المتحدة بعد الانسحاب الاسرائيلي التام على جميع الجبهات او على الاقل برمجة هذا الانسحاب. ان انهاء حالة الحرب وتوقيع اتفاق السلام لا يعنيان تطبيع العلاقات بين سورية واسرائيل لأن هذا التطبيع شأن من شؤون السيادة. ان اية قضايا عالقة بين الجانبين، مثل المياه، تدرس في الاطار الاقليمي وفي المفاوضات المتعددة الاطراف التي تصر سورية على عدم المشاركة فيها قبل تحقيق تقدم ملموس وجوهري في المفاوضات الثنائية. فلا يمكن دراسة مستقبل المصادر المائية المشتركة قبل التوصل الى اتفاق نهائي على الحدود التي تحدد بدورها حصة كل دولة من هذه المصادر المشتركة.