الموقف الاقتصادي والاجتماعي في الاراضي الفلسطينية المحتلة هو اليوم اكثر صعوبة منه في اي وقت مضى. وطبقاً للتقرير الاقتصادي العربي الموحد الذي تصدره اربع مؤسسات اقتصادية عربية، فان الفلسطينيين يعانون حالياً من ثلاثة ضغوط اساسية، اولها ارتفاع معدلات البطالة الى مستويات قياسية بلغت 298 في المئة في العام 1991. وقد زاد من حدة هذه المشكلة التي كانت احدى المشاكل التقليدية في المجتمع الفلسطيني في الاراضي المحتلة تدفق الفلسطينيين الذين كانوا يعملون في الدول الخليجية نتيجة انفجار ازمة الكويت، والاتهامات التي وجهت الى قيادة منظمة التحرير بتأييد الغزو العراقي، وما طال الفلسطينيين في بعض الدول. ويقدر عدد الذين اضطرتهم ظروف حرب الخليج للعودة الى الاراضي المحتلة بحوالي 300 الف فلسطيني، بلغت تحويلاتهم السنوية حوالي 500 مليون دولار، كان قسم كبير منها يوظف في استثمارات صغيرة، وفي إعالة آلاف العائلات. وفي ظل الاجراءات الاسرائيلية التي استغلت الانشغال العربي والعالمي بالموضوع الكويتي، فقد واجه الفلسطينيون صعوبات متزايدة في العمل وفي الاستثمار من خلال القيود التي فرضتها الحكومة الاسرائيلية. وبلغ عدد العاطلين عن العمل في الضفة الغربية وقطاع غزة 180 ألف شخص يمثلون 64.4 في المئة من اجمالي القوة العاملة للفلسطينيين. والى مشكلة وقف قسم كبير من التحويلات من الخارج، بدأت مشكلة هجرة يهود الاتحاد السوفياتي سابقاً تطرح نفسها بقوة اكبر، خصوصاً من خلال لجوء الحكومة الاسرائيلية الى مصادرة المزيد من الاراضي ومصادر المياه. وطبقاً لتقديرات التقرير الموحد، فانه لم يتبق للفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة اكثر من 46.2 في المئة من اجمالي المساحة العامة للمنطقتين، كما ان حصتهم من مصادر المياه لم تعد تتجاوز 13.7 في المئة من اجمالي الموارد المائية المتوافرة. وطبقاً للتقرير نفسه، فان حصة المواطن الفلسطيني من المياه تراجعت الى 10 امتار مكعبة سنوياً في مقابل 1800 متر مكعب للمستوطن اليهودي في الضفة الغربية، والى 123 متراً في قطاع غزة في مقابل 2326 متراً. الى ذلك، فقد أدى تدفق المهاجرين اليهود من الاتحاد السوفياتي سابقاً الى تقلص فرص العمالة الفلسطينية، إذ بات المهاجرون الجدد اكثر جاذبية للعمل لاعتبارات سياسية ودينية على رغم ان العامل الفلسطيني اكثر خبرة وكفاءة وقدرة على التأقلم مع احتياجات العمل في المؤسسات الاسرائيلية. وفي إطار هذه السياسة، فقد قلصت الحكومة الاسرائيلية عدد الفلسطينيين الذي تسمح لهم بالعمل في المؤسسات داخل اسرائيل من 105 آلاف عامل الى 50 ألفاً، وذلك لتوفير فرص افضل للعمالة اليهودية الجديدة، خصوصاً ان بعضها يهود اثيوبيا يقبل بمرتبات وأجور اقل. وبالمقابل، استمرت القيود التي فرضتها الحكومة الاسرائيلية على الصادرات الفلسطينية من الفواكه والزيتون والحمضيات. وقدر التقرير حجم الخسائر المباشرة ب27.3 مليون دولار الى جانب اضطرار مزارعين فلسطينيين الى إتلاف مواسمهم بسبب عدم التوصل الى تصريفها في الاسواق المحلية.